Menu

أصدقاء فلسطين: نحو التضامن المفيد

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

شكّلت قضية فلسطين ونضال شعبها رافدًا ملهمًا لحركاتٍ عدة في كفاحها ضد الاستعمار والهيمنة الإمبريالية والديكتاتوريات، ولدى القوى المناهضة للإمبريالية يعتبر الموقف من القضية الفلسطينية عنصرًا ركائزيًا، وندر أن تغيب أي من هذه القوى عن التضامن مع شعب فلسطين في أي محطةٍ رئيسيّة أو موجةٍ عدوانيّة، ولكن حدود هذا التضامن وقدرته على التأثير أمر آخر.

وفي مقابل حضورٍ ثابت لعشرات ومئات الآلاف المؤيدين لفلسطين، لم تستطع عصب العدوان والنهب المتحالفة مع الصهاينة أن تحشد الآلاف في شوارع أي مدينة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، وخارج دول المركز الرأسمالي، ومع ذلك ما زالت السياسات الرسمية لحكومات دول تملك شعوبها، هذا الموقف دون حدود الدعم المفيد للحقوق الفلسطينيّة، بل إن وصول قوى تقدميّة يساريّة واضحة في رفض الصهيونيّة وعدوانها على شعب فلسطين، للحكم في بلادها، لم يتكفل بتحقيق إزاحات كبرى في السياسات الرسمية تجاه الكيان.

هنا الأمر لا يتعلق بجدية وصدق مواقف هذه القوى، ولكن بالأساس بقدرتها وقدرتنا كفلسطينيين على إحداث تحوّل في سياسات دولها، وأن يكون هذا التحول ذو فائدة حقيقيّة في دعم نضال الفلسطينيين، فهذه القوى ذاتها لم تنجح خلال وجودها في السلطة رسميًا في حماية حقوقها، أو حقوق الجماهير التي اختارتها للحكم، ولنذكّر هنا أنّ الرئيس البرازيلي المنتخب مؤخرًا، قد تعرّض للسجن بتهم ملفقة ضده صنعتها العصبة اليمينيّة المتحالفة مع منظومة الهيمنة الأمريكيّة والصديقة أيضًا للكيان الصهيوني، وكذلك أنّ معظم القوانين والمشاريع التي تم سنها لحماية حقوق الفقراء في البرازيل وغيرها من قبل القوى التقدميّة؛ سرعان ما كان يتم تعطيلها بفعل أجهزة الدولة وخضوعها لسلطة رأس المال، أو عودة حلفاء رأس المال لموضع الحكم، وفي بلدان أخرى مثل فنزويلا نُظّمت الانقلابات العسكريّة وحوصرت البلاد فقط، لإسقاط نظام حكم رفض الخضوع للهيمنة الإمبرياليّة وحاول إطعام فقراء بلاده.

تحويل الشراكة في المعاناة من ظلم وهيمنة المنظومة الإمبرياليّة، إلى تحالفٍ مفيد بين شعب فلسطين وشعوب أمريكا اللاتينية وغيرها من الشعوب الصديقة؛ أمر يتطلب أولًا تحديد مطالبنا كفلسطينيين من هذه الشعوب والقوى، وصياغة رؤى تفصيليّة حول الإزاحة الواجب تحقيقها في مواقف كل دولة، ودور ذلك في إطار عمل كبير؛ يرمي لحصار وعزل الاحتلال ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة على طريق هزيمة المشروع الصهيوني وإنهاء الغزو الواقع على فلسطين. إلى حينه علينا أن ندرك أن كل نقطة تقدّم يحققها لولا دا سيلفا ورفاقه في تحسين حياة البرازيليين هي مصلحة صافية لفلسطين وقضيتها، وأن إسقاط حلفاء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من مواقع الحكم، يعني الكثير من التحسن بالنسبة لشعوب هذه البلاد وللغالبية العظمى من سكّان هذا الكوكب، من يرغب برؤية بولسونارو في موضع سلطة في هذا العالم، بالتأكيد يعاني من خلل ما في حكمه على الواقع، ولكن من يترك فرصة وجود صديق لفلسطين مثل لولا دا سيلفا في موقع الحكم في البرازيل، دون إحداث نقلة نوعية في موقف هذه البلاد من القضية الفلسطينيّة، يجب أن يدرك أن موقعه ليس نسج السياسات نيابة عن الفلسطينيين، وليبحث عن مقعد في صفوف المتفرجين والجماهير وربما مقاعد التضامن.