Menu

10 خطابات من كافكا.. لقد خبأوا حبري وأنا نعسان

Franz-Kafka-portrait-Czec-012

عن محب جميل

إلى (Oskar Pollak ,Liboch, Autumn, 1902)

الوقتُ الذي أقضيه هنا غريب، وبالتأكيد لاحظت ذلك، وحتمًا كنتُ أحتاج لوقتٍ غريب كهذا، حيث استلقى لساعاتٍ على حائطٍ كريم، وأحملقُ في السحابات الممطرة، والتي لا تود المغادرة، أو أجلس في الحقول الشاسعة التي تتسع عندما تتلون عيناي بقوس قزح، أو حيث أجلس.

إلى (Oskar Pollak, 1903)

ربما كان الأمرُ أشد حساسية بالنسبة لي؛ أن أضطر إلى الانتظار مع هذا الخطاب، حتى رأيتك وعلمت ماذا فعل بك هذين الشهرين، من أجل أشهر الصيف، دعني أتحرك، فأنا لم أفعلها منذ مدة طويلةٍ. وفي هذا الصيف أيضًا، لم أتسلم منك أكثر من بطاقةٍ بريديةٍ، وفي النصف الأخير من العام، لم أتفوّه معك بكلمةٍ واحدةٍ تستحق الخِلاف. ولذلك أعتقد أنني أرسل هذا الخطاب إلى غريبٍ سينزعج بهذا التطفل، أو إلى رجلٍ ميّت لن يستطيع قراءته، أو إلى شخصٍ ماهر سيضحك عليه. ولكن يجب أن أكتب الخطاب، ولهذا السبب لن أنتظر حتى يصبح جليًّا أنني لن أضطر لكتابته.

لذلك أريدُ شيئًا منك، ولا أريده خارج إطار الصداقة والحميمية كما يُظَنْ، لا شفافية، بعيدًا عن الأنانية، الأنانية البلهاء..
سأضع لك صُرَّة؛ تحتوي على كل شيء كتبته حتى الآن، أصلي أو مزيف.. كل ما أريدُ سماعه منك ألا أنتظر لبرهةٍ، أو أتوجهُ مباشرةً لأحرقهم جميعًا بقلبٍ بارد. في الحقيقة، لا أريد حتى أن أعرف ما هو شعورك تجاهي، لذلك يجب أن أقاوم هذا. ما أريدهُ هو شيء أيسر وأصعب، أريدك أن تقرأ الصفحات، حتى لو بحياديةٍ وعلى مضض. وستجد أيضًّا صفحاتٍ اعتيادية ومملة بينهم. لأن -هذا ما أريده- كل ما هو عزيز وصعب بالنسبة لي، هو أمرٌ لطيف، وبالرغم من الشمس، وأعرف أيضًّا أن زوجًا آخر من العيون سيجعل كل شيء أدفأ ومفعمًا بالحياة، فقط عندما تنظر إليه.

حسنًا، لماذا كل هذه الجلبة، يا إلهي، أنا أكتفي بقطعةٍ فقط، وأنا أعلم أنه يمكنني فعل المزيد، ويجب علىّ، نعم. قطعةٌ من قلبي، أخبزها بلطفٍ في صفحاتٍ قليلة لورقةٍ منقوشةٍ، وأرسلها على الفور لك.

إلى (Oskar Pollak, January 10, 1904)

إنني أضع “Marcus Aurelius” جانبًا، أضعه جانبًا بفتورٍ. أعتقد أنني لا أستطيع العيش بدونه الآن. إن قراءة ملزمة أو اثنتين له تجعلني أكثر تألفًا ونظامًا، وبالرغم من أن الكتاب بأكمله يُظهر رجلاً هادئًا، قوي الشكيمة، وطلَّة ممسوحة، يوّد أن حاله أكثر تحكمًا، صلابةً، ومنضبطًا.

إلى (Max Brod, Prague, August 28, 1904)

من السهل جدًّا أن تكون مبتهجًا في بداية الصيف. الواحدُ منا لديه قلبٌ مفعمٌ بالحياةِ، مِشية معقولة، ويمكنه مواجهة المستقبل بأملٍ معين. بمجرد أن تتوقع شيئًا من “ألف ليلة وليلة”، حتى تتنازل عن أي أملٍ بمجرد قراءة فقرة هزلية مليئة بالسخرية واللعثمة في الكلام. لعبةٌ مثيرةٌ تجعل الشخص يشعرُ بالدفء والاسترخاء. أجلسُ في الفراش الملقى وأتأمل عقارب الساعة. القراءة في الصباح المتأخر. لكننا نرسم المساء بألوانٍ خافتةٍ، ووجهاتٍ بعيدةٍ تمتد مرة تلو الأخرى. ونفركُ أيدينا بنعومةٍ لأن ظلالنا تنمو بعيدًا وبوسامةٍ مخمليَّة. نزينُ أنفسنا، نأمل سرًّا أن تكون هذه الزينة فطرتنا. وعندما يسألنا الناس عن الحياة التي ننوي عيشها، نلجأ لعادتنا، في الربيع، نجاوبُ بموجةٍ ثرية من الأيدي، والتي تتقيّد بعد دقائق، كما لو أنه لم يمكن ضروريًّا أن نستحضر تلك الأشياء.
هذا الفصل الذي يمتلك نهاية واحدة فقط، وليس له بداية، سيضعنا في حالة شديدة الغرابة والاعتيادية، والتي يُمكن أن تكون نهايتنا.

إلى (Max Brod, Prague Postmark, May 1907)

عزيزي ماكس..

أنا بائس حقًا، لكن لا شيء سيغيرني. كتبت لك في أمس في الظهيرة بطاقة بريدية: هنا في محل التبغ في “جرابن” أطلب منك أن تسامحني لعدم قدرتي على المجيء لرؤيتك هذه الليلة. لدي صُداع، أسناني تتعفن، سكيني ثلم وهيئته غير مبهجة. عزيزك ف.

هذا المساء، جلست على الأريكة أفكر في اعتذاري، وهذه مسألة نظامية تتعلق بالعالم. لكن بما أفكر في ذلك، أتذكر أنني كتبت “Wladislaw” بدلاً من “Schalengasse”.

من فضلك، أشعر بالغضب تجاهها، ولا تتحدث إلىّ مجددًا. مُستقبلي ليس ورديًّا، وبهذه الدرجة بالتأكيد سأموتُ ككلبٍ. وسأكون سعيدًا أيضًا لتجنب حالي، لكن إن لم يكنْ هذا ممكنًا، سأعصر حالي كي لا أشعر بأي خسارةٍ، وعندها أضطر -على الأقل-أن أكون مغرورًا. يتوجب علينا أن نحتفل بتلك اللحظة العظيمة، أنا وأنت، أعني كعدو مستقبلي، أنت بالتأكيد مضطر للاحتفال معه.

إن الوقت تأخر. أريدك أن تعرف أنني تمنيت لك وقتًا جيدًا، هذه الليلة.

عزيزك، فرانز.

إلى (Hedwig W. Prague, August 29, 1907)

على أي حال، ليس لدي حياة اجتماعية، لا تسلية؛ أقضي مساءاتي في الشرفة الصغيرة أعلى النهر. لا أقرأ حتى “Arbeiterzeitung”، ولست شخصًا صالحًا. منذ سنواتٍ مضت كتبت هذه القصيدة:

في شمس المساء/ جلسنا بظهورٍ محنيةٍ/ على المقاعد بالحديقة/ أزرعنا مرتخية/ عيوننا تُومض بحزنٍ/ كل الناس بملابسهم/ يتبخترون على الحصى/ تحت هذه السماء الرائعة/ التي تمتدُ من/ التلال البعيدة/ وتستمر في التمدّد حتى التلال البعيدة.

وأنا لا أملك هذا الاهتمام بالناس الذي تطلبه. أرأيت؟ أنا شخص تافه، وإن كان لديك اهتمام بي، فتلك حسرتنا المشتركة، من جانبي أنا خائف. ما أجمل بساطة تلك اللقاءات الصغيرة في أظرف الجوابات، إنها تتلألأ بالقرب من الشاطئ بواسطة اثنين يفرقهما محيطٌ. لقد انحدر القلم على منحنيات الخطابات، والآن حان وقتُ النهايةِ. إن هذا الشيء لطيف، ويجب أن أذهب إلى سريري الخاوي.

عزيزك، فرانز.

إلى (Hedwig W, Prague, September 8, 1907)

عزيزي..
لقد خبأوا حبري وأنا نعسان. اصرف القلم ليكتب لك، كل شيء أمتلكه يمكنني مشاركتك إياه.
لو كنتِ هنا في تلك الغرفة الخاوية سوى من ذبابتين مقابل النافذة، ويصنعون تلك الجلبة، عندها كنت سأضعُ رقبتي على صدركِ.

– إلى (Hedwig W)

كم أسأت فهمي، ولا أعرف إن كانت مسألة ألا تحب شخص يتطلب كل هذه المعضلة. لن تصدقني، لكن لم أكن متهورًا لهذا الحدّ، كل الأشياء التي أردت أن تعرفها، وأرسلتها لي في خطاباتك كانت مهمة. وكل كلمة جملةٍ قلت عليها حمقاء، لم ذات معنى آخر، كانت فقط تنقل تلك الحالة المزاجية التي سمحتُ فيها ليديك أن تعانقها في أيام جميلة عدّة. أما إذا كنت تحدثتُ في تلك الخطابات عن المخبر أو باريس فكنت فقط أوّضح نقطةً ما.

مجددًّا الأرق في النهار، والآن بعد منتصف الليل مرهق جدًّا، أتابعُ: نعم. يجب أن أخذ القرار، اليوم فقط. بعض الناس نادرًا ما يتخذوا قراراتٍ وعندما يفعلوا ذلك يشعروا بالمتعة خلال تلك اللحظتين. لكني، دائمًّا أقرر، كملاكم، لكن لا ألاكم، إنها الحقيقة. إنها الطريقة الوحيدة التي تبدو عليها الأمور، آمل أن تتماشى شئوني الشخصية مع سجيتها السليمة. أنا أقيم في براغ، وخلال أسابيع قليلة، سيكون لي وظيفة محتملة في شركة تأمينات.

إلى (Otto Stoessle, Prague, January 27, 1913)

عزيزي دكتور ستوسيل..

لقد أرسل إليك السيد “RowohltVerlag” كتابي الخاص بالتأمل. أرجوك أن تعتبره حفنة من الحنان الذي أشعر به تجاه كتاباتك. أعتقد أنه من النادر عليك أن تتذكر جلوسك مع شخصٍ يحمل اسمي، ولكنك فعلتها. كانت تلك المرة في براغ، في نُزل يُدعى “على شاكلة طائرين سود”، وقتها كان صديقي ماكس برود، ودودًّا بما فيه الكفاية ليقدمني إليك. رؤيتك والحديث معك في تلك اللحظة، كان أكبر تشجيع لي، وعبارتك الأخيرة ما زالت ترن في أذني “الروائي يعرفُ كل شيء”.

عزيزك الودود، فرانز كافكا.

إلى (Max Brod, Picture Postcard, Rehobot Colony, Vienna, Spetember 9, 1913)

عزيزي ماكس، اقتل الأرق، أنا لا أمانع أن أضع يدي على جبيني، لأن الأبد ينبهني. أنا أستنفذ كل شيء، الأدب، والكونجرس فقط عندما يصبحون أكثر إثارة.

التحيات للجميع، فرانز.

(المصدر: قُل)