Menu

عن التضامن ودوره: نحو عمل فلسطيني جديد

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

تثير مناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ مسألة العامل الدولي ودوره في معادلة الصراع، وبجانب كل ما يمكن أن يقال عن ضمير العالم الفاسد، والقوى الدولية الحليفة للاحتلال وسياساتها العدوانية تجاه شعب فلسطين، هناك فلسطينيًا ما يجب أن يكون محور لمقاربة هذا الملف، وهو: ما نريده من هذا العالم؟.

منذ بداية السنة -وهذا لا يختلف عن أي عام سابق- قتلت قوات العدو الصهيوني مئات من الفلسطينيين، فيما واصلت سياسات الاقتحام والعدوان ومصادرة الأرض، وتعلن بشكل واضح نيتها حشر الفلسطينيين في معازل أضيق والتهام وضم ما تبقى من أرضهم، وهنا يجب التفكير فيما يمكن فعليًا تحقيقه على المستوى العالمي في وجه هذه المجزرة المستمرة، ودعمًا للمقاومة المستمرة أيضًا.

الحقيقة أن مسار التضامن الدولي والعالمي قد أغدق على الفلسطينيين في تعبيرات التضامن الرمزي بكافة أشكاله، فيما أغدق حلفاء الكيان الصهيوني عليه بالسلاح والمال والحصانة من الملاحقة القانونية دوليًا، سواء للأفراد أو المؤسسات، ورغم أهمية بعض الانجازات الفلسطينية خارجيًا، مثل: ذلك التقدم الجزئي الذي تحققه حركات المقاطعة، أو بعض القرارات من المؤسسات الدولية، فإن واقع الحال ما يزال في أبعاده الإجرائية؛ سلاحًا للصهاينة، وأزهارًا على قبور الفلسطينيين الذين قتلهم هذا السلاح.

عشرات القرارات والمذكرات الدولية لم يجد سطر منها طريقه للتنفيذ، وكذلك ما زالت مواقف عواصم العدوان الرئيسية مصممة على دعم وتغطية الاحتلال؛ ينسق العدو مع حلفاؤه بشكل مكثف وضمن مسارات ثابتة آليات جديدة لتشديد الحصار على الفلسطينيين وتعزيز تفوقه العسكري، وإجراءات أخرى للدعم الاقتصادي والمالي، وكما في عواصم قوى الاستعمار تحضر الطواقم المشتركة لتعمل داخل الكيان على الأرض المحتلة وفوق قبورنا؛ تعزيزًا ودعمًا للعدوان، فيما يواصل أصدقاء فلسطين -باستثناءات قليلة- ارتداء الكوفية والتقاط الصور مع العلم، وعلى أهمية هذه المشاعر الصادقة، نبدو حقًا بحاجة لبرنامج واضح ذو مطالب وأهداف محددة، فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية والتضامن الدولي؛ صحيح أن الانقسام يعيق ذلك، ولكن هذا ليس موضعًا لعمل السياسات الرسمية فحسب، بل خلق لاتجاه وطني عام في مقاربة العلاقات التضامنية والخارجية.

نحتاج للمال، والسلاح، وكفاءات نوعية مختصة على مستوى المورد البشري، ولجحافل من المختصين القانونيين في ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، ولخبراء ماليين في كسر الحصار، وأيضًا في مقاضاة جهاته المختلفة وتكبيدهم خسائر مالية، ونحتاج أدوات ورؤى فعَّالة للضغط المباشر على صناع القرار في عواصم العدوان وتهديد مصالحهم.

ما يفيد الناس في جنين ليس أزهار تزرع على قبور أبنائهم الذين يقتلهم الاحتلال تباعًا، ولكن دعم حقيقي لصمودهم، وملاحقة لمجرمي الحرب الصهاينة، ومسار لإدخال السلاح والمال لكل شبر مقاتل من أرض فلسطين، وهذه الأسئلة لن تتم إجابتها في ساحات التضامن الرمزي المفتوح، بل بإثارتها في غرف مغلقة مع شركاء حقيقيين، فلا يعقل أن ما نطلبه من قوى ثورية مسلحة هو ذاته ما نريده من طالب جامعي غربي مستفيد من مزايا الاستعمار رقَ قلبه قليلًا للضحايا الفلسطينيين.

يمكن القول: أن لا وصفة جاهزة أو ثابتة لمهام العمل في تنشيط وزيادة نجاعة التضامن، ولكن هناك اتجاه يحمل نماذج للعمل في مسارات وطبقات مختلفة، وهذا كله يبدو أنه حتى الآن ليس على طاولة العمل، ربما في نصوص ومقالات وخطط، ولكن بالتأكيد ليس على طاولة عمل القوى والجهات الفلسطينية الأكثر جدية وتأثير.

السؤال لا يتعلق بتصعيد أو خفض سقف الخطاب، ولكن بالأساس بجدوى كل هذا إذا لم يكن لدينا؛ رؤية لتحويله لأدوات وموارد حقيقية تؤثر على مجرى الصراع، وتصحح موازين المعادلات المختلة في حربنا مع العدو الصهيوني، وظيفة التضامن والعمل عليه بالنسبة لشعب يواجه حرب إبادة هو أن يسهم في ربحنا للحرب، في هزيمة الكيان الصهيوني.