Menu

سنوات الجمر وثمن الصمود

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

مع نهاية العام 2008، وفي مثل هذه الأيام شنت قوات العدو الصهيوني سلسلة من الغارات على قطاع غزة، لتبدأ حرب جديدة على غزة آنذاك؛ هدفت الغارات وما تبعها من قصف مدفعي وبحري وغارات أخرى وتوغل بري، إلى إذهال الفلسطينيين في غزة وإحداث صدمة تذهب بوعيهم وتدفعهم للاستسلام، الصدمة حدثت بالفعل ومن باب المكابرة فقط. ما زال معظم الجيل الذي وعى ذلك الهجوم الغادر ينكرها، ولكن الاستسلام أبدًا لم يكن على قائمة خياراتهم.

كل ما حدث من العدو تجاه غزة بعد هذه الحرب، هدف لتحديد عتبة الألم التي سيشهر عندها أهل غزة استسلامهم؛ هدم ومجازر أكثر فأكثر، لكن بيان أو فعل الاستسلام لم يصدر ولم يحدث، ولم ينل العدو ما أراده بالحرب، ولكن هذا الدمار كله والحصار المستمر كان مادة لألم متزايد يقاسيه الغزيين يوميًا، ويرونه في عيون أطفالهم المحرومين، وأبناؤهم الذين ضاعت سنوات أعمارهم بانتظار الفرج ونيل نصيب ولو يسير من مستقبل ربما يكونوا قد حلموا فيه يومًا.

الفرج لم يأتِ والحصار لم ينتهِ؛ جاءت الطائرات القاذفة لتقتل الغزيين جولة تلو أخرى، وارتفعت أسوار الحصار المفروض من الخارج، وانضمت له إجراءات الحكم وفهمه القاصر لمعنى قيادة شعب في معركة بهذا الحجم؛ لم تأتِ قوافل الانقاذ أو جموع المتضامنين لتنقذ الغزيين؛ جاءت أشياء كثيرة من بينها سيارات لأثرياء جدد، وحجارة لتزيين واجهات منازلهم، وزخارف أو سجاد لتزيين مقر جديد، لكن لا شيء من هذا جاء ليدق باب الفقير الصامد.

معادلة الصمود التي يتغنى بها الكل الفلسطيني بشأن غزة؛ لم تكن كافية ليدرك أصحابها أن الصمود يتطلب موارد وإدارة لهذه الموارد؛ لم تأتِ الموارد ومن يفترض أن يديرها دعنا نقول بألطف تعبير ممكن: أنه فعل كل شيء آخر؛ لا ينتمي لمفهوم إدارة موارد شعب يعاني الحصار والاحتلال... من يجول في شوارع غزة وينظر للكثير من أوجه الامتيازات يدرك ذلك جيدًا.

اليوم امتدت معركة غزة لمساحة أوسع من فلسطين، لتظهر المؤشرات أن ظهر من يقاتل الاحتلال غالبًا سيبقى مكشوفًا، في ظل هذه المنظومة الاقتصادية والسياسية القائمة، وأن فرص هذا الشعب في خوض معاركه؛ دون طعنات في الظهر؛ تتطلب كثير من أعمال التنظيف في البيت.

عام جديد نأمل أن يكون أكثر عدالة للمقاتلين الصامدين المحاصرين، في القدس والنقب وغزة ومخيم جنين وشوارع البلدة القديمة في نابلس ومخيم بلاطة وغيرها... عام ينكفئ فيها الجبان المرتزق ويتقدم الصامد المضحي الشجاع... عام يخسر فيه العدو ويربح شعبنا... نكون فيه أكثر وحدة وأمل.. بغد أفضل لنا جميعًا.