Menu

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية

غازي الصوراني

(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ المفكر والباحث العربي الفلسطيني غازي الصوراني، الموسوم بعنوان: التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية. هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 228 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ نضعه بين أيدينا قراؤنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية..

نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى الباحث والمفكر القدير غازي الصوراني، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية

(الجزء السادس)

غازي الصوراني

الماركسية وموقفها النقيض من الصهيونية:

هنا، أعتقد ان من الضروري توضيح التحليل الماركسي للصهيونية، الذي يرى فيها حركة استعمارية استيطانية عنصرية تنفذ المشروع الإمبريالي في المنطقة العربية عبر تنفيذها المشروع الاستيطاني الصهيوني، بذلك، فإنها تؤدي دوراً رئيسيا في تفتيت الأمة العربية، ولجم قوى الإنتاج العربية، والحيلولة دون تشكل الأمة العربية على أساس قوى الإنتاج الحديثة، أي دون تشكل الذات العربية الحديثة، وضرب حركة التحرر القومي العربية ومنعها من استكمال تشكيلها ومن تحقيق أهدافها المتمثلة في الوحدة القومية وتحرير الموارد العربية من الهيمنة الإمبريالية لصالح الجماهير العربية (الاشتراكية والديمقراطية)، وضرب أي قوة عربية استقلالية صاعدة، ومساندة الإمبريالية الغربية في نهب الوطن العربي.

وعليه، فإن الصهيونية وإسرائيل هي آلية أساسية من آليات الهيمنة الإمبريالية على الأمة العربية وإعادة إنتاج حالة الشلل والوهن والتفتت التي تعاني منها أمتنا.

بذلك يرى الماركسيون في كل أرجاء الوطن العربي أن الكيان الصهيوني ليس مجتمعاً طبيعياً نشأ تاريخياً نشوءاً طبيعياً على أرض محددة، وإنما هو كيان مصطنع ركَّبته الإمبريالية والصهيونية لأداء أغراض عدوانية معينة، ومن ثم فهو يتحدد كليا بوظائفه الإمبريالية. إنه جزء لا يتجزأ من أجهزة العنف الإمبريالية التي يسعى الماركسيون إلى تدميرها، وعليه، فإن تحقيق الأهداف الماركسية في المنطقة العربية يستلزم بالضرورة تفكيك الكيان الصهيوني وإزالته من الوجود.

وفي هذا السياق، فإن أي تحليل علمي منصف للماركسية لا بدّ وأن يقود إلى النتيجة بأن الوطنية الفلسطينية والقومية العربية التقدمية هي النقيض الشامل والحقيقي للصهيونية، ولا يمكن للماركسي أن يعترف بحق إسرائيل واليهود في أرض فلسطين، ليس فقط لأن مثل هذا الاعتراف يعني القبول بالغزو والعدوان على شعب عريق آمن واحتلال ارضه واغتصاب حقوقه التاريخية، ارتباطاً بالمخطط الرأسمالي الاستعماري والامبريالي الذي كان العامل الرئيسي في إقامة الكيان الصهيوني، ولكن أيضاً "لأنه يعني الاعتراف بخرافات اليهود العنصرية (أرض الميعاد، شعب الله المختار، وما إلى ذلك)، تلك الخرافات التي ترفضها العقلانية الماركسية جملة وتفصيلا. فليس هناك فكر يعارض الصهيونية كما تعارضها الماركسية. إن الماركسية تعارض الصهيونية في الجوهر والصميم"[1].

لذلك فإن المهمة العاجلة أمام حركات وفصائل اليسار العربي عموما والفلسطينية خصوصاً، أن تعيد النظر في الرؤية الإستراتيجية التحررية الديمقراطية، الوطنية/القومية ببعديها السياسي والمجتمعي، انطلاقاً من إعادة إحياء وتجدد الوعي بطبيعة الدولة الصهيونية، ودورها ووظيفتها كمشروع إمبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف –بنفس الدرجة- ضمان السيطرة الإمبريالية على مقدرات الوطن العربي واحتجاز تطوره.

وهذا يعني أن الصراع مع المشروع الصهيوني هو صراع مع النظام الرأسمالي الإمبريالي من أجل تغيير وتجاوز النظام العربي الكومبرادوري الراهن كمهمة استراتيجية على طريق النضال من اجل تحقيق أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية وتواصله ضد الوجود الأمريكي، وضد الدولة الصهيونية وإزالتها وإقامة فلسطين الديمقراطية لكل سكانها وحل المسألة اليهودية ضمن هذا المنظور.

في ضوء ذلك يصبح الحديث عن السلام مع هذه الدولة العنصرية نوعاً من الوهم او نوعاً من الخضوع والاستسلام.. وبالتالي أقول لكل رفاقي لا مفر من ان نؤكد معاً أن مشاعل الحرية والعودة التي أضاءها شهداء شعبنا ومناضلوه من أبناء الفقراء والكادحين لن تنطفئ ولن تتوقف فلا خيار امامنا سوى استمرار النضال الوطني التحرري المقاوم والديمقراطي.. انطلاقاً من أن الصراع مع دولة العدو الصهيوني هو صراع عربي صهيوني بالدرجة الأساسية، عبر اطر وقيادات ثورية تقدمية قومية عربية بديلة لأنظمة الخضوع والاستسلام الكمبرادوري الراهنة، ففلسطين ليست يهودية.. ولن تكن إلا وطناً حراً مستقلاً، في مجتمع عربي حر وديمقراطي موحد.

 

[1] هشام غصيب – الماركسية هي نقيض الصهيونية – الحوار المتمدن – 18/8/2012.