Menu

في تاريخ الصراع:

يغئال آلون والقضيّة الفلسطينيّة... من الإنكار إلى الاعتراف

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

يستندُ هذا المقالُ إلى مقالاتٍ راجعت (ومن ضمنها نصوص أصليّة) كتاب رونين تراوبا حول ألون ومواقفه السياسيّة، وتحديدًا مواقفه من القضيّة الفلسطينيّة والمنشور في أيونيم، والمستند أصلًا إلى حدٍّ كبيرٍ على أجزاءٍ من أطروحة الدكتوراه للكاتب المعنونة "الحركة العمّاليّة الإسرائيليّة وعلاقتها بالقوميّة الفلسطينيّة في العقد التالي لتأسيس منظّمة التحرير الفلسطينيّة (1973-1964)" التي كتبت في جامعة بن غوريون في النقب، 2014. إضافةً إلى مقاطع من سيرته الذاتية التي كتبتها آنيت شابيرا، ومقالاتٍ أخرى تناولت شخصيّة ألون وأفكاره وخطته الشهيرة. ومناقشات الحكومة الصهيونيّة المتعلّقة بها، وبشكلٍ موسّعٍ المتعلّقة بمصير الضفة الغربيّة وقطاع غزّة بعد الاحتلال عام 1967.

تنبعُ الأهميّةُ السياسيّةُ لفكر آلون السياسي - الاستيطاني، من حقيقة أنّ أفكاره بقيت مركزيّةً في التفكير الصهيوني في مسألتي الاستيطان، والسيطرة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنع قيام دولةٍ فلسطينيّةٍ تتشكّل نتيجة تبلور هُويّةٍ وطنيّةٍ فلسطينيّةٍ مستقلّة.

كانت خطّة ألون وأفكاره بمعنى ما تسابق الزمن؛ نتيجة إدراكه للحاجة إلى تثبيت تسويةٍ سياسيّةٍ مع الأردن والعرب و"الفلسطينيين المعتدلين" قبل اكتمال تبلوّر الهُويّة الفلسطينيّة وتعميق التمثيل الوحداني للشعب الفلسطيني في منظّمة الحرير الفلسطينية.

ما زالت خطة ألون حاضرةً بقوّةٍ في التفكير الصهيوني، رغم عدم اعتمادها حكوميًّا أبدًا ، وجوهرها خفض قيمة الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني وإجباره على القبول بما تمنحه له "إسرائيل" و/أو الملك حسين، رأينا تفاصيل العناصر الأساسية لهذه الخطة في جميع مراحل عملية السلام المزعومة منذ مدريد والشروط التي قبلت بها المنظمة للتفاوض مع الكيان، حيث ومنذ ذلك الحين أصبح وصف ألون صحيحًا تمامًا "عندما تعترف المنظمة بحق إسرائيل في الوجود، وتتخلّى عن الكفاح المسلّح وتعترف بالقرار 242 يمكن أن يصبح النمر حصانًا عندها سأفكر في ركوبه".

اقرأ ايضا: مناحيم بيغن والليكود وحرب أكتوبر: المعارضةُ في الحرب و السلام

لا شكّ أنّ الحياة السياسيّة والعسكريّة لإيغال ألون (1918-1980) [قائد لقوات البلماح، ولواء في جيش العدو الصهيوني وكان أحد قادة حزب أحدوت هعفوداه وحزب العمل، ورئيس وزراء بالنيابة. وكان عضوًا في الكنيست ووزيرًا للحكومة من الكنيست الثالث إلى التاسعة] محفورة في الذاكرة الجمعية في الكيان الصهيوني، وبالتأكيد في ذاكرة الحركة العمالية، قصّةَ فشل. والسبب في ذلك أنه لم ينجح أبدًا في الوصل إلى منصب رئيس الوزراء ولا وزارة الدفاع ولا رئاسة الأركان، وهي مناصب كانت في نظر مؤيّديه جديرة به شخصًا تم تعيينه قائدًا للبلماح. في منتصف العقد الثالث من حياته.

كان ألون وزيرًا بارزًا في حكومات ليفي إشكول، وغولدا مئير، والحكومة الأولى لرابين، وشغل أيضًا منصب نائب رئيس الوزراء مدّة عشر سنوات (1967-1977)، وهو لقب، على الرغم من أنه يُنظر إليه أحيانًا على أنه تعويضٌ رمزيٌّ عن عدم حصوله على المناصب التنفيذية التي كان يطمح إليها، منحه الانخراط والتأثير في عمليات استلام القرارات في الحكومة بشأن الشؤون الخارجية والأمن. علاوةً على ذلك، منحه منصبه رئيسًا للجنة الوزارية للمستوطنات (1970) ووزير الخارجية (1977-1974) تأثيرًا مباشرًا على تنفيذ السياسة الصهيونية في هذه المجالات أيضًا.

اقرأ ايضا: مناحيم بيغن في السنوات 1942-1944: بين الصهيونية السياسية والصهيونية العسكرية

ربما كان أوضخ تعبير عن تأثير ألون في تشكيل المفهوم السياسي للحركة العمالية هو الخطة التي قدمها للحكومة في تموز / يوليو 1967، وجسدت إرثه السياسي والأمني. وقد شكلت هذه الخطة نقطة تحول في طريقه، وأكثر من ذلك في صورته، من ممثل عن حزب وبشكل رئيسي لحركة الكيبوتس (إيهيدوت هابودا-بوالي تسيون وكيبوتس هامحيد، على التوالي) نتسيم، إلى رجل دولةٍ مستقلٍّ يحملُ وجهة نظر صهيونية نسبيًا في ذلك الوقت، وشكلت الخطة سياسة الاستيطان حتى عام 1977، على الرغم من أنها لم تكن قد قبلت من الحكومة رسميًّا، وقد دأب حزب العمل رغم ذلك على إدراجها في برامجه.

تستند خطته التي يعرضها في تموز 1967 – كان وزيرًا للعمل حينها- في حكومة أشكول - إلى فكرة تسوية إقليمية تحت عنوان "مستقبل المناطق (الفلسطينية) وطرق معالجة مسألة اللاجئين".

وحسب الاقتراح هدف المشروع إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية، هي:

‌أ- إقامة حدود أمنية للكيان بينه وبين الأردن.

‌ب- وقف سيطرة الكيان على الفلسطينيين في الضفة، وذلك للحفاظ على صبغة يهودية وديمقراطية للدولة.
‌ج- تحقيق "الحق التاريخي" للشعب الإسرائيلي" في "أرض إسرائيل".

وحدد المشروع منطقة غور الأردن، من نهر الأردن وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين، لتبقى تحت السيادة الصهيونية، وضم منطقة القدس وضواحيها ومنطقة الخليل. أما بقية أراضي الضفة الغربية فتعاد إلى السلطة الأردنية مع فصل تام بينها، وإقامة معبر بين هذه الأراضي وبين الأردن بواسطة ممر في ضواحي مدينة أريحا. أما الأجزاء الأخرى من مشروع ألون فتطرقت إلى ضم قطاع غزة بأكمله إلى وتوطين اللاجئين خارج القطاع، وإعادة سيناء إلى مصر مع الاحتفاظ بالساحل الجنوبي الشرقي لسيناء، من إيلات وحتى شرم الشيخ، تحت السيطرة الصهيونية وإقامة دويلة درزية في مرتفعات الجولان.

وعلى الرغم من أن المشروع أثار المشروع معارضة شديدة من قبل قطاعات سياسية واسعة، بما فيها الحكومة. التي لمتصادق عليه إطلاقا داخل وخارجها أيضا إلا أن من المؤكد والموثق أن المخططات الاستيطانية الحكومية تجاوبت بشكل أو بآخر مع ما ورد في هذا المشروع، على الأقل حتى انتخابات 1977 وصل اليمين إلى السلطة بقيادة الليكود. وكما ذكرنا واصل حزب العمل إدراجها في رؤيته المستقبلية لحل الصراع.

يلاحظ الباحث الصهيوني في مقاله أن موقف ألون من القضية الفلسطينية جاء نتيجة لعملية مستمرة لفحص التحولات التاريخية المتعلقة بتنمية الوعي والحركة الوطنية الفلسطينية والاعتراف بتنامي القومية الفلسطينية حيث كان ألون متقدمًا على معظم زملائه في استيعاب أهمية هذه التحولات في البيئة الإقليمية والدولية، واختلف عن معظمهم في فهم الحاجة إلى المبادرة السياسية - جنبًا إلى جنب مع النشاط الأمني ​​وعمل التسوية "لتقصي الحقائق" - وفي التعامل. مع التحدي الأخلاقي والسياسي الذي تطرحه القضية الفلسطينية. وهكذا، كان المهندس الرئيسي لمفهوم الحل الذي قدمته الحركة العمالية للقضية الفلسطينية، والذي كان في قلب الخطاب السياسي والعام فيها منذ العقد الثالث لدولة الكيان الصهيوني.

مواقف ألون من القضية الفلسطينية حتى حرب الأيام الستة:

حتى منتصف الستينات، لم تحد المواقف السياسية والأمنية التي قدمها ألون عن مفهوم وحدة أرض الكيبوتس الموحّد وزعيمه الأيديولوجي يتسحاق تابنكين. على الرغم من أن الكيبوتس الموحّد لم ينكر صراحةً وجود هُويّةٍ وطنيّةٍ فلسطينيّةٍ متميّزةٍ عن الهُويّة العربيّة العامة، لكن في الممارسة العملية لم ير السكان العرب في البلاد جماعةً يحقُّ لها تقرير المصير، ودأب على التأكيد أن "الشعب اليهودي" هو الوحيد الذي يتمتّع بحقوق ملكيّة الأرض. أما العرب الذين سيتمُّ تضمينهم في حدود هذه الدولة اليهوديّة فقد وعد الكيبوتس بحقوقٍ مدنيّةٍ وليس سياسية وكأفراد وليس كشعب فلسطيني.

لم تكن هذه الخطة هي المشروع الأول لألون، فقد سبق له أن قدم مبادرةً سياسيّة - استراتيجيّة مستقلّة في رسالةٍ كتبها في مارس 1949، عندما كان "بطل الجبهة الجنوبية"، إلى رئيس الوزراء بن غوريون، حث فيها "إسرائيل" على الإسراع واحتلال أراضي الضفة الغربية بأكملها، قبل وقف القتال، وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع الأردن.

تشير الوثائق كان ألون مدركًا للأسباب السياسية والأخلاقية التي تحول دون إضافة عددٍ كبيرٍ من السكان العرب إلى الدولة، وحاول ثنيهم عن طريق الادعاء بأنه " سيتم بالتأكيد إيجاد حل يسمح لهم [سكان الضفة الغربية] بالعيش معهم. بكرامة"!

وكانت وجهة نظره كما قدمها لحركة الكيبوتس "من الأفضل أن يكون هؤلاء السكان تحت سيطرتنا وتحت إشرافنا من أن يكونوا تحت تأثير العدو، وبمثابة مصدرٍ لتنظيم جيشٍ كبيرٍ ضدّ دولة إسرائيل. من قبل الدول العربية في رأيي لم يكن هناك ظلم تاريخي بالنسبة لأولئك الذين فروا عام 1949".

وفي محاضرة ألقاها في مجلس الكيبوتس الموحد في فبراير 1954، أكد أن الدول العربية تقف وراء تشجيع النشاط الفدائي الفلسطيني والتمسك بقضية اللاجئين إلى "ترك القضية الفلسطينية مفتوحة وكأنها تطالب بحل وطني غير وجود دولتنا، ولخدمة المصالح الضيقة للنخب الحاكمة التي تسعى جاهدةً للحفاظ على وضعها من خلال تشجيع الأعمال التي من شأنها "تشتيت الانتباه". وكسب قلوب جماهير الفلاحين والعمال في الدول العربية حيث نحن بالنسبة لهم عدوٌّ أجنبيٌّ يُفترض أنه يهدد سلامتهم الشخصية ووجودهم القومي".

في عام 1959، نشر ألون كتابه Screen of Sand، الذي شرح فيه نظرته السياسية والأمنية للعالم. ولم تحظ القضية الفلسطينية سوى ببضعة أسطر في الكتاب، حيث قدمها فيها ألون فقط على أنها مشكلة لاجئين، حيث: "أخيرًا، العربي الذي عاش في أرض إسرائيل، لا يشكل استيطانه في أي دولة عربية أخرى لا لجوءًا من وجهة نظرٍ وطنيّة؛ لأن العرب أنفسهم يدّعون أنهم شعب واحد، على ثقافة واحدة ودين واحد. وأي عربي من أرض إسرائيل يستقر في العراق أو سوريا مع كل كره الهجرة، سيواصل البقاء والعيش داخل حدود بلده وشعبه، ضمن نفس الثقافة والدين واللغة والعادات وبنفس الوعي الوطني ".

في نيسان / أبريل - أيار / مايو 1963، وبينما كان وألون وزيرًا فيها أجرت الحكومة نقاشًا حول إمكانية احتلال الضفة الغربية، بعد موجةٍ من المظاهرات الجماهيرية التي اندلعت في الأردن في ذلك الوقت، وادّعى ألون بشكلٍ أساسيٍّ أن سقوط الملك سيأتي بالضفّة الغربيّة". نتيجة غضب الفلسطينيين من سياسات الملك حسين، و"من أجل إقامة "كيانٍ فلسطينيٍّ جديد" في الأردن - رغم أنّه نفى حقيقة وجود "شعب فلسطيني" - بقيادة أولئك الذين "يفضلون العودة إلى وطنهم". في مثل هذا السيناريو، يجب على إسرائيل احتلال الضفة الغربية، حتى على حساب زيادة الأقلية العربية في أراضيها (ولكن في محاولة لتقليصها من خلال تشجيع الهروب إلى الضفة الشرقية)".

عدّ ألون أن السيطرة على الضفة الغربية، حتى مع وجود أقليةٍ عربيّةٍ كبيرة، هي أفضل من الناحية الأمنية من أن تكون هذه المنطقة تحت سيطرة العناصر الفلسطينية المؤيدة للرئيس المصري جمال عبد الناصر ونزعته القومية العربية، حسبما ذكر ألون في عودته إلى الحجة التي طرحها. في رسالته إلى بن غوريون عام 1949. وفي المناقشات الحكومية وقف موشيه دايان أيضًا مع احتلال الضفة الغربية، ورأى أن تغيير الحدود لا يعني تلقائيًّا أنّ "الجنسيّة الإسرائيليّة" ستكون مطروحةً لجميع سكان الضفة بشكلٍ متساوٍ، وأعرب ألون عن دعمه لموقف ديان من هذه المسألة.

طُلب من ألون شرح هذه القضية بشكلٍ صريحٍ لأول مرة في ندوةٍ مفاهيمية عقدها في تموز / يوليو 1966. وذكر هناك أنه "لم تكن هناك أبدًا وحدة وطنيّة فلسطينيّة في التاريخ. حدود فلسطين حددتها نزوة الاستعمار. وإذا تحدثنا عن الأيام التي كان فيها الشرق كله موحدًا، فإن [فلسطيني] "أرض إسرائيل" في التاريخ العربي، في تاريخ الشرق، باستثناء فترات قليلة، كانت جزءًا من دولة أوسع، ومن ثَمَّ لم يتم إنشاء وعيٍ عربيٍّ فلسطيني.

زعم ألون أنّه حتّى وقت قريب، كانوا يتحدثون عن البلد أنه جنوب سوريا. وأنه تم قبول هذا المصطلح من قبل العديد من رعايا القوميّة العربيّة في فلسطين. واقترح ألون بدلًا من مصطلح "الشعب الفلسطيني" مصطلح "الاستيطان العربي الفلسطيني" وأعرب عن استعداده، في إطار "إسرائيل" دولةً قوميّةً يهوديّة، حقوقًا جماعيّةً وليست فرديةً فقط في "الاستيطان العربي"، كما تم بالفعل في سياق التعليم العربي والوضع الرسمي للغة العربية.

هذا الاعتراف من قبل ألون بحقوق معينة للفلسطينيين جماعةً يشير بشكلٍ مباشرٍ فقط إلى مكانة الفلسطينيين الذين كانوا في ذلك الوقت مدرجين داخل حدود "إسرائيل" ويجب فهمه أيضًا في ضوء عملية إلغاء الحكم العسكري على فلسطينيي الداخل، الذي ألغي في تشرين الثاني (نوفمبر) 1966.

بعد معركة الساموع ("عملية المحطم"، 13 تشرين الثاني 1966، التي اشتبك فيها الجيش الصهيوني مع وحداتٍ أردنيّةٍ، وكان عنوانها الدعائي وجود قاعدة للفدائيين في المنطقة(، اندلعت موجة واسعة من الاحتجاجات في الضفة الغربية ضد الملك حسين، ونتيجة لذلك اتسع الخطاب العام في "إسرائيل" حول القضية الفلسطينية.

وأوضحت أعمال الاحتجاج حسب ألون عمليّة “الفلسطنة” التي مر بها سكان الضفة الغربية نتيجة للنشاط السياسي المتزايد لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، وقد نشر ألون مقالًا في شباط (فبراير) 1967 قدم فيه طريقة تحليل القضية، التي من شأنها أن تميز توجهه تجاهها في السنوات القادمة، بناءً على الاعتراف بديناميكية التطور التاريخي. كرر في المقال الوصف التاريخي الذي قدمه في يوليو 1966.

في زعمه، على الأقل حتى نهاية فترة الانتداب، "لم تكن القومية الفلسطينية موجودة". ولكنه اعترف أيضًا أن هذه الحقيقة بحد ذاتها لا تشكل عقبة أمام تشكيل "كيان فلسطيني" في المستقبل. وأن "هناك كيانًا قوميًّا يتشكّلُ نتيجةً لوجود جديد ". وهناك عدة حقائق قد تساعد في تكوين مجموعة ديموغرافية" مع إضافة عددٍ كبيرٍ من السكان غير اليهود، مع صعوبة حشد دعم دولي واسع للضم، مع تلاشي ذكرى الهولوكوست وتزايد التنافس بين القوى، وفوق كل شيء - "المشكلة الفلسطينية حادة جدا بعد أن أهملناها عشرين عامًا".

ولكنّ زميلًا آخر لألون في القيادة السياسية الكيبوتسية هو إسرائيل جاليلي، جادل في عام 1981، بعد وفاة ألون، بأنه لا ينبغي البحث عن جذور الخطة في السنوات التي سبقت حرب الأيام الستة حيث حتى وقوع الحرب لم يركز آلون على ما كان يحدث خارج الخط الأخضر. وقد تجنب باستمرار الإعلان عن دعمه الكامل لخطة ألون، على الرغم من أنه لم يرفضها صراحة، واعتبارًا من عام 1971 تبنى علنًا مبادئها الإقليمية، ولكن مع الاستمرار في التأكيد أن الترتيب السياسي الذي يجب أن يتم إعداده على أساسها لا يمكن أن يتم إلا مع المملكة الأردنية.

تُعرف خطة ألون أساسًا ببعدها الإقليمي، على الرغم من تقديمها غالبًا في صيغ لفظية وليس في شكل خرائط تفصيلية. حيث اقترحت كما ذكرنا أعلاه على الكيان ضم شريط بعرض 13-24 كيلومترا على طول وادي الأردن وصحراء الخليل والبحر الميت. بالإضافة إلى غوش عتصيون ومنطقة اللطرون ومناطق متاخمة للقدس ومنطقة صغيرة جنوب جبل الخليل. بشكل عام، وفقًا للخطة، كان من المفترض أن يتم ضم حوالي ثلث الضفة الغربية إلى الكيان، حيث، وفقًا لتقدير قدمه ألون في نهاية عام 1972، كان يعيش 50000-60.000 فلسطيني في تلك المناطق، وكان تعريفه العام لترسيم الحدود الغربية لوادي الأردن التي سيتم ضمها للكيان هو: "خط بلا قرى"، أي طريق يؤدي إلى ضم أقل عدد ممكن من الفلسطينيين داخل حدود "إسرائيل".

كانت الانحرافات الاستيطانية الرئيسية عن هذه الطريق التي انحاز ألون إليها هي كريات أربع، التي أيد إنشاءها إلى الشرق من الموقع الذي تم بناؤها فيه، ومعاليه أدوميم، كان قدمها في أواخر الستينات باسم " أريحا العليا". وأثناء حكومة رابين باعتبارها "المناطق النائية للقدس وحاجزًا أمام اجتياح محتمل على محور الأردن والقدس". ومن وجهة نظره، وحسبه فإن إنشاء معاليه أدوميم سيقضي على الخطر الأمني ​​الكامن في فكرة "الممر" الذي يربط الأردن بمنطقة رام الله، والتي اقترحها لاحقًا جزءًا من خطته.

وفيما يتعلق بوضع الفلسطينيين الذين سيتم ضمهم إلى "إسرائيل"، صرح ألون عند تقديم أفكاره للحكومة، أنه " من غير المعقول، من وجهة نظر أخلاقية وسياسية، ضم الأراضي المحررة إلى دولة إسرائيل دون منحها. الحقوق المدنية للسكان، مماثلة لتلك الممنوحة لعرب الجليل في ذلك الوقت، أو لعرب القدس الشرقية اليوم ". ومن الجدير بالذكر أن ألون لم يميز بين اختلاف الأحوال المدنية الممنوحة لكلا "الشعبين".

أما بالنسبة لأجزاء الضفة الغربية التي لن يتم ضمها، فقد حدد ألون المكانة التي ستمنح لها على أنها "منطقة عربية تتمتع بحكم ذاتي مع إدارة ذاتية"، التي سيتم ربطها بإسرائيل في إطار اقتصادي مشترك وعقد دفاع متبادل واتفاقيات بشأن استقبال بعض اللاجئين من قطاع غزة "وتبادل العمل الفني والثقافي". ورفض بعض الحجج المطروحة ضد الخطة، مثل احتمال مطالبة سكان قطاع غزة بتصنيفها على أساس خطوط قرار الأمم المتحدة لعام 1947 أو أنهم سيسعون للانضمام إلى الأردن أو أي دولة عربية أخرى، لكنه اعترف أنه قد يعطي "مدخلاً للمطالبة لأنها ليست منطقة حكم ذاتي ولكنها [مستعمرة] إسرائيلية".

ومع ذلك، فقد اعتقد أنه يمكن تقديم الخطة على أنها "حل للجانب العرقي والوطني والثقافي لعرب الضفة الغربية"، واستنادًا إلى مبادئ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة لعام 1947، وهو قرار لا يزال "أخلاقيًا". قال " إذا تم تنفيذ الخطة" ستتم بالتعاون الوثيق مع قادة وممثلي ورجال الأعمال من السكان العرب ".

وكرر حجة شائعة مفادها أن الفلسطينيين تأثروا بما وصف "الخروج على القانون" لسكان قطاع غزة الذين بزعمه تعاونوا مع "إسرائيل" أثناء احتلالها في 1956-1957 وعوقبوا فيما بعد من قبل المصريين، لذلك سيوافقون على التحدث مع "إسرائيل فقط إذا كانوا مقتنعين بأنه من عقل واحد وعدم التراجع مرة أخرى”. ودعا إلى الإسراع بالموافقة على الخطة قبل أن تحبط "التطورات الأيديولوجية والنفسية والسياسية بين السكان العرب" إمكانية تنفيذها.

كشف ألون عن الأسس السياسية التي تقوم عليها خطته بالفعل في المناقشة السياسية التي أجرتها الحكومة في 18-19 حزيران / يونيو 1967. واقترح أن تحتفظ إسرائيل بوجود عسكري على نهر الأردن، لكن لا تشمل كامل منطقة الضفة الغربية داخل حدودها. وفقًا لروايته، بالنسبة للأراضي التي لن يتم ضمها إلى إسرائيل، خاصة في السامرة، سيكون من الممكن العثور على "وضع محترم وغير استعماري"، ومن الممكن أيضًا "دولة عربية مستقلة حتى مستقلة في سياستها الخارجية "، وهذا ممكن لعضو في الأمم المتحدة. مثل هذا البلد، كما ادعى،" لن تكون هناك روديسيا" والعالم بالتالي لن يعارض، وأكد أهمية الفصل الجغرافي بين أراضي هذا البلد والعالم العربي، لكنه يعتقد أنه يجب السماح لسكانها "بحقوق عبور كاملة [داخل أراضي إسرائيل]، حتى مع وجود رصيف مجاني في ميناء حيفا"، من أجل لتكون قادرة على البقاء على اتصال مع دول العالم، ورفض ادعاء الوزير مناحيم بيغن أن مثل هذه الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تقام إلا على أساس خطة التقسيم من عام 1947، وأن الحدود يتم تحديدها وفقًا للواقع العسكري وليس وفقًا للخطط السياسية. في هذه المناقشة، حث الوزراء على الترويج السريع لحل سياسي، لأن "صدمة الاحتلال ستزول، ومع اليأس وخيبة الأمل ستبدأ حركة قومية عربية [أي فلسطينية]. ما يمكن عمله اليوم مع القادة العرب [أي الفلسطينيين]، لن نتمكن من الانتهاء خلال عامين، وسنواجه مواقف صعبة للغاية ".

كان هناك عجز عن تشكيل توافق في الحكومة حول موضوع مستقبل الضفة الغربية، كما أصبح واضحًا بالفعل في هذه المناقشات، وهذا حال دون الموافقة على خطة ألون في الأشهر التالية، ولم تتبناها الحكومة رسميًّا على الرغم من محاولة أخرى على الأقل من جانب ألون للحصول على موافقة الحكومة عليها.

كما واجه ألون صعوبةً في حشد الدعم لخطته في حركته، الكيبوتس الموحد، وتمت الموافقة على مبادئها فقط في مؤسسات الحركة في يونيو 1976. وعندما قدم الخطة لأوّل مرّة أمام مركز الكيبوتس الموحد في 14 أغسطس 1967، اعترف بأنه أثارها بالفعل في الحكومة، لكنه قدمها خطّةً شخصيّةً لا تتطلب وحدة العمل والكيبوتس المتحد؛ لأنّه في بعض القضايا "يجوز السماح لأي شخص بالتصرف حسب علمه. وضميره"، وأوضح ضرورة طرح مبادرة سياسية .

قام ألون بمحاولة أخرى لإبراز النقاط الرئيسية للخطة بين أعضاء حركته، دون أن يعرضها بالتفصيل، في خريف عام 1968، بإصدار طبعة جديدة وموسعة من كتابه Screen of Sand، حيث المفاهيم السياسية والأمنية التي قدمها كان ينظر إليها من قبل الكثيرين في الكيبوتس الموحد على أنها تأكدت في حرب الأيام الستة. في الفصل الذي أضافه ألون إلى النسخة الأصلية من الكتاب، قام بتحليل الوضع الاستراتيجي بعد الحرب وتصوره للسياسة التي يجب على "إسرائيل" اتباعها، وناقش، من بين أمور أخرى، مسألة ما إذا كان هناك " كيان فلسطيني "، وقد قدم نهجًا كان بالفعل أساس موقفه: هذا غير موجود –كيان فلسطيني- في الممارسة، لكنه قد يتطور - وإلى حد كبير متوقع - في المستقبل.

تاريخيًا، كرر وأكد أن [عرب فلسطين] "عرب أرض إسرائيل" - الذي كان مفهوم تبنكين - ليسوا "انقسامًا قوميًا عربيًا في حد ذاتهم" وكانوا دائمًا يرون أنفسهم "جزءًا من أمة عربية عظيمة". زاعمًا أنه حتى عام 1967 كان لا يوجد هناك طلب "لتقرير المصير في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة] ... [يلقي بظلال من الشك على ما إذا كان حقًا يرجع إلى التسوية العربية لتقرير المصير تقسيمًا وطنيًّا منفصلًا". ومع ذلك، رأى أنه حتى تجربة لحركة الصهيونية تثبت أن "الكيان الوطني يمكن أن يتشكل حتى بدون جذور تاريخية". وأن تجربة المعاناة في مخيمات اللاجئين و "جهود المنظمات الإرهابية لخلق أسطورة البطولة والفوز بحركة التحرر الوطني" - كل هذه "قد تكون بالتأكيد حوافز لتشكيل وترسيخ الشعب العربي الفلسطيني".

أما بالنسبة للحل، فقد اكتفى ألون بتصريح غامض إلى حد ما بأن الاحتياجات الأمنية للكيان تتطلب "إدراج عدد كبير من السكان العرب في مجال نفوذنا". من الممكن تقديم "الإدارة الذاتية" إلى هؤلاء السكان، وهي فكرة أصبحت منذ ذلك الحين عنصرًا مركزيًا آخر في مقاربته للقضية الفلسطينية.

الوضع السياسي لأجزاء الضفة الغربية التي لن يتم ضمها لإسرائيل:

لم تستبعد خطة ألون في شكلها الأصلي بشكل قاطع عودة أراضي الضفة الغربية التي لن يتم ضمها من قبل الكيان إلى المملكة الأردنية، لكنها تهدف إلى إقامة كيان فلسطيني فرعي فيها، خاضعًا لوجود متحكم "إسرائيلي" كبير. في الواقع، كان ألون الوزير الوحيد الذي وقف في الأشهر الأولى بعد حرب الأيام الستة مع التسوية مع الفلسطينيين وليس مع الأردن. في أبريل 1968، تحدث ألون بقسوة ضد الملك حسين في مقابلة مع معاريف "لا استبعد امكانية تشكيل حكومة فلسطينية في الاردن سيكون لديها الشجاعة للتفاوض معنا اكثر من حكومة حسين".

في نقاش وزاري في حزيران (يونيو) 1968، اقترح إجراء محادثات مع الفلسطينيين وليس مع الأردن بناءً على خطته، حيث قدّر أن بقاء الملك حسين على المدى الطويل أمر مشكوك فيه للغاية. وكما قال يجب أن يكون الهدف من الاتصالات مع الفلسطينيين هو "إقامة إدارة ذاتية تدريجية للمجتمع العربي" في الضفة الغربية، مما يترك مسؤولية الشؤون الخارجية والأمن في أيدي "إسرائيل" ويحافظ على علاقات الضفة الغربية مع الأردن والعالم العربي.

وادّعى ألون أنه إذا فشلت هذه المفاوضات فلن يلحق أي ضرر "بإسرائيل". وإذا نجحت - فإنه سيعزّز فرص التوصل إلى اتفاق مع الدول العربية، لأنّ "الصراع برمّته مع العالم العربي ينبع من المشكلة الفلسطينية".

ومع ذلك، أصبح من الواضح تدريجيًّا لألون أن إمكانية إقامة كيانٍ فلسطينيٍّ أو شبه دولة في الضفة الغربية على أساس خطته ليست عملية، ويجب إعادة صياغتها كخطة للتسوية مع الأردن وليس مع الفلسطينيين. وفي محادثة أجراها في أغسطس 1979 أدرج ألون العوامل التي دفعته تدريجياً، نحو منتصف عام 1968، إلى إعادة صياغة خطته بهذه الطريقة. أهمها :معارضة الحكومة لفكرة الحكم الذاتي الفلسطيني وتفضيل كبار الوزراء للتسوية مع الأردن، وانطباعه عن مهارات الملك حسين الحكومية، الذي نجح في الجمع بين الإجراءات القمعية والإغراء لتثبيت حكمه وتحقيق "استيعاب حكيم للعناصر الفلسطينية شرقي الأردن" في مملكته، وعدم جدوى الاتصالات مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، التي بالقرب منها "بدأ المعتدلون يظهرون الاحترام للتطرف العنيف" و التقدير بأنه سيكون من الأصعب التوصل إلى اتفاق حول تسوية إقليمية مع دولة فلسطينية مستقلة بسبب أبعادها الصغيرة. وأخيرًا، الافتراض بأنه "إذا كان من الضروري نزع السلاح من الضفة الغربية من الأسلحة الهجومية فمن الصعب المطالبة بنزع السلاح من دولة [فلسطينية] بأكملها تشمل شرق الأردن"، ولكن من الأسهل الادعاء بأن جزءًا من أن يكون البلد [الأردن] منزوع السلاح ". وشدد ألون على أنه حتى عندما تبنى "الموقف الأردني"، أي الموقف الذي يرى أنه من الأسهل التحدث والتوصل إلى اتفاق مع الأردن منه مع الفلسطينيين، فقد رأى أنه يؤدي إلى "حل فلسطيني" داخل الدولة. إطار "وجهة نظر فيدرالية"، أي تحويل الأردن إلى اتحاد فيدرالي أردني فلسطيني. كان هذا حتى قبل أن يقدم الملك حسين خطة مماثلة.

في عام 1972. أوضح ألون كذلك أن السعي لحل القضية الفلسطينية في إطار أردني أجبره على توخي الحذر من الاعتراف العلني الصريح بمصطلح "الشعب الفلسطيني". وفقا له: "من المشاكل، وأنا أقول هذا بدون علامات اقتباس، التي عانيت منها منذ عام 1967 وحتى مرحلة متأخرة من مسيرتي السياسية، استخدام مصطلح" فلسطيني "أو استخدام مصطلح" الجمهور الفلسطيني ". أعترف أنني كنت حريصًا أيضًا على عدم التسرع في استخدام مصطلح "الشعب الفلسطيني". ليس لأنني كنت خائفًا من هذا المفهوم. لكن لأنني أردت ربطه بالأردن". و"لذا في أكثر المراحل يمكن أن تستخدم [مصطلح] "عرب الأراضي"، هنا وهناك، "الفلسطينيون"، لكن ليس "الجمهور"، وليس "المجتمع"، وليس "المستوطنة الفلسطينية". بالتأكيد ليس "الشعب الفلسطيني". ولا يهم ما قلناه. من المهم ما كان الانطباع بالخارج. حتى ما كان الانطباع في الرأي العام في إسرائيل "[...] اصطدمنا بمعارضين من الداخل والخارج. معارضة مفهوم "الفلسطينيين" ومعارضة التسوية مع الأردن. كان من المستحيل خلاف ذلك [أي، عدم توخي الحذر في استخدام مصطلح "فلسطينيون"] إذا كنت تريد حل المشكلة الفلسطينية في سياق السلام مع الأردن".

في صيف عام 1968 تم اتخاذ قرار في منتدى "شرينو" لحزب العمل لمحاولة دفع المفاوضات مع الملك حسين حول تسوية سياسية. جاء ذلك بسبب ضغوط الإدارة الأمريكية على "إسرائيل" لتقديم مواقف مفصلة حول طبيعة التسوية مع الأردن، وبعد الاتصالات الفاشلة التي أجرتها "إسرائيل" مع القادة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعلى رأسهم رئيس بلدية الخليل محمد علي الجعبري حول إقامة نوع من الإدارة الذاتية الفلسطينية في الضفة الغربية تحت الحكم العسكري "لإسرائيل".

كانت خطة ألون هي الاقتراح الوحيد في ذلك الوقت الذي تم التوحد عليه بشكل كافٍ، وقبله معظم وزراء العمل، واعتبر أنه يثير معارضة أقل بين السلطات الدولية وربما حتى في نظر حسين (على عكس "خطة ديان"، والتي سمح باستمرار السيطرة الإسرائيلية على غالبية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية دون ضم). حتى ديان صرح في نفس المنتدى أنه إذا تبين أن الملك محق في التوصل إلى اتفاق على أساس الخطوط الإقليمية لخطة ألون، وهو احتمال ادعى أن تحقيقها سيكون بالنظر إلي "مفاجأة حياتي"، "لن أعترض عليه". و كان ألون مقتنعاً بإجراء تغيير في المسار الحدودي لخطته، قبل أول لقاء له مع الملك حسين (مع وزير الخارجية أبا بن) في 27 أيلول (سبتمبر) 1968. أضاف إليه عنصر "الممر" في منطقة أريحا، والذي سيربط المنطقة المكتظة بالسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية والضفة الشرقية، في محاولة لجعل الخطة أكثر جاذبية لحسين. وقد انتهى لقاء الحسين مع ألون وإيبان بالفشل، حيث رفض الملك خريطة خطة ألون التي عرضت عليه وطالبه بالتنازل عن ثلث أراضي الضفة الغربية، والأكثر من ذلك، لم يكن واضحًا على الإطلاق ذلك إن كان لهذا الاقتراح أغلبية في الحكومة "الإسرائيلية".

حاول ألون شراء قلب الملك من خلال الوعد بضم جزء من قطاع غزة إلى الأردن - والذي كان من المفترض، وفقًا لخطة ألون وموقف الحكومة، أن يتم ضمه إلى "إسرائيل"، بينما كان يحاول إبعاد غالبية السكان اللاجئين. من أراضيها - حتى يحكم الملك في النهاية على "الغالبية العظمى" من الفلسطينيين، وهذا لم يغير رأي الملك.

في العامين التاليين اللذين تميزا بزيادة القوة العسكرية لمنظمات الفدائيين الفلسطينية في الأردن، وتآكل الشرعية السياسية للملك ثبت أن أي محاولة للترويج للتسوية مع الملك غير مجدية، لكن بعد أن تمكن حسين من هزيمة التنظيمات الفلسطينية عسكرياً في الحرب الأهلية في سبتمبر 1970 (سبتمبر الأسود).، ارتفع الأمل مرة أخرى في "إسرائيل" وكان ألون، الذي ترأس مناقشات الحكومة خلال أزمة سبتمبر 1970 في الأردن، حيث عرضت "إسرائيل" مساعدة الملك ضد سوريا، قد جادل بأنه بعد أن قمع حسين المنظمات الفلسطينية، كانت الظروف مهيأة للمحاولة مرة أخرى لتعزيز مسار سياسته. وفي اجتماع في أكتوبر 1970، عرض ألون أمامه فكرة يدعي أن الحسين أبلغه موافقته عليها لاحقا بشأن إقامة حكم ذاتي فلسطيني مؤقت ولكن طويل الأمد تحت السيادة الأردنية، سيديره القادة الفلسطينيون الموالين لحسين في الضفة الغربية، وستكون القوات الأمنية الأردنية مسؤولة عن الأمن في مناطقها وستعمل بشكل فعال، حسب تقدير ألون، لقمع المنظمات الفلسطينية هناك أيضًا.

عرضت رئيسة الوزراء، غولدا مئير، الاقتراح للنقاش في منتدى وزاري محدود (شمل ألون، وديان، وغاليلي، ويعقوب شمشون شابيرا، وشلومو هيليل)، حيث رفض الجميع الفكرة، باستثناء ألون.

وفقًا لرواية ألون، كان دايان هو الذي قاد معارضة هذا الاقتراح وكانت الرغبة في تجنب المواجهة معه أحد الاعتبارات التي وجهت مائير عند دراسة الفكرة. رأى ألون قرار المنتدى على أنه "خطأ جوهري" على المستوى الوطني، وعلى المستوى الشخصي - دليل على محدودية سلطته السياسية، والتي نشأت أيضًا من حقيقة أنه يفتقر إلى السلطات الرسمية في مجالات الشؤون الخارجية والأمن، في تعزيز ريادة المسائل السياسية وقدر أنه حتى لو طرح الاقتراح للمناقشة في الحكومة، لكان قد حصل دعم اكبر من إيبين، ووزراء الحركة الشعبية وموشيه كول من الليبراليين المستقلين.

على الرغم من أن هذا الشكل الجديد لخطة ألون التي اقترحها ألون على الحسين لا يزال يرى ملك الأردن شريكًا في اتفاق سياسي، إلا أنه تضمن الاعتراف بأن زيادة التمكين والانتشار للوعي الوطني الفلسطيني، جنبًا إلى جنب مع مشاعر الغضب والقلق والاشمئزاز الذي يشعر به معظم الفلسطينيين تجاه حسين، لم يعد يسمح بحل يعود فيه الفلسطينيون إلى الضفة الغربية ليعيشوا تحت الحكم الأردني كمواطنين دون وضع فريد ومعلن ومضمون.

كان أحد التعبيرات عن الاعتراف المتزايد بهذا هو الاستخدام - الذي أصبح أكثر شيوعًا في الحركة العمالية بعد "أيلول الأسود" - لمصطلح "الدولة الفلسطينية الأردنية" (أو "دولة أردنية فلسطينية") في الإشارة. للتعريف الوطني للدولة المجاورة "لإسرائيل" من الشرق، بعد توقيع اتفاقية سلام معها.

في محاضرة ألقاها في ندوة الكيبوتس المتحدة في آذار / مارس 1971، ادعى أنه لا ينبغي لأحد أن يتأثر بدعم غالبية الفلسطينيين في الضفة الشرقية للملك حسين خلال أحداث "أيلول الأسود"، حيث نشأت من الاعتبارات النفعية. يجب الاعتراف بأنه "يجري أمام أعيننا تشكيل كيان وطني فلسطيني"، على الرغم من أن "الإرهاب لا يجسد القومية العربية الفلسطينية" أو "كيان وطني"، على حد زعمه "إذا كان موجودًا، فلا يمكن للجوء أن يفعله، وإذا لم يكن موجودًا - فلن يجعله أي اعتراف حقيقة".

حتى الإدارة الأمريكية بدأت في استخدام مصطلح "حل عادل للمشكلة الفلسطينية"، وبدون إيجاد "حل مبدئي"، لا يمكن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والدول العربية. تعرضت كلمات ألون في الاجتماع لانتقادات حادة من قبل مؤيدي وحدة الدولة في الكيبوتس الموحد، الذين زعموا أنهم "يمثلون ابتكارًا" في المواقف الرسمية للحركة. بعد ذلك، أوضح ألون أنه لا يؤمن بالضرورة بإقامة "دولة فلسطينية في الضفة الغربية"، لكنه يعتقد أنه "لا ينبغي استبعاد مثل هذا الاحتمال". وأشار إلى العديد من المزايا التي يمكن أن تكون لقيام دولة فلسطينية، بما في ذلك قدرة "إسرائيل" على صد مطالب عودة اللاجئين إلى أراضيها.

كان تفسيرهم أنه "عندما يتعلق الأمر بحل إنساني [لمشكلة اللاجئين] يتعلق الأمر بإمكانية العودة إلى يافا أو الحصول على تعويض، [لكن] عندما تكون نابلس جزءًا من الحل السياسي للفلسطينيين - فلا يوجد فرق بينها وبين يافا. وزعمزا كذلك أنه من المستحيل "إعادة رفع شعار العمل العبري" في "دولة ثنائية القومية"، حيث يتم تفسير ذلك على أنه تمييز ضد العرب.

في 15 مارس 1972، أعلن الملك حسين عن خطته الفيدرالية، واسمها الرسمي هو مخطط المملكة العربية المتحدة. كان جوهرها إعادة تجميع المملكة الهاشمية في شكل منطقتين: "الأردن" في الضفة الشرقية، و "فلسطين" في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) و "الأراضي الفلسطينية الإضافية" التي سيتم تحريرها والتي سيرغب سكانها في الانضمام إلى المملكة (ضمنيًا - قطاع غزة). نصت الخطة على أنه لكل منطقة محافظ و سيتم تعيين حكومة محلية من سكان المنطقة (الذين ستكون بلا سلطات في مجالات الشؤون الخارجية والأمن) وستمنح نصف التمثيل في الحكومة والبرلمان. لقد حاولت خطة الاتحاد دفع التخلص من منظمة التحرير وإخراجها من الساحة السياسية، لكنها في الوقت نفسه أدرجت لأول مرة اعترافًا صريحًا من الملك بوجود هوية وطنية فلسطينية وضرورة إعطائها تعبيرًا سياسيًا معينًا. وبينما رفضت غولدا مائير خطة حسين، زعم ألون أنها نفسها خطته التي تقدم بها للملك سابقا. وأنها هي الخطة التي حاول الترويج لها مع حسين في نهاية عام 1970. وقبل بالفعل "فكرة اتحاد أردني فلسطيني" ورأى أن خطة الملك نسخة جديدة في مقابلة مع معاريف، بعد فترة وجيزة من في عرض لخطة الملك، ادعى ألون أن فكرة الاتحاد الفيدرالي لا تتعارض مع مواقف "إسرائيل" وشدد على ضرورة إشراك الفلسطينيين في أي مهمة وعطاء، لأنه حتى من تصريحات الملك يمكن فهم ذلك 'في كل حل [حسين] سيأخذ بعين الاعتبار إرادة سكان الضفة الغربية ". وهو نفسه كان يعتقد أنه حتى "لو تمكنا من التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأردنية، ما زلنا بحاجة لمعرفة ما سيكون عليه موقف الفلسطينيين في يهودا والسامرة كجزء من تسوية سلمية كهذه. يجب ألا نتركهم لأجهزتهم الخاصة".

قدم ألون موقفه النهائي بشأن وضع الأراضي الفلسطينية التي لن يتم ضمها لإسرائيل وفقًا لخطته في مقال نشره في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية في تشرين الأول (أكتوبر) 1976. وجادل هناك بأن الحل الوحيد "الواقعي"، والذي يمكن أن يخدم كلاً من حاجة إسرائيل إلى "حدود دفاعية" (المصطلح الذي رأى أنه يجسد الجزء الرئيسي من مفهومه الاستراتيجي) والحاجة إلى إيجاد "تعبير عن الهوية الفلسطينية"، هو إقامة "دولة أردنية فلسطينية" في الأراضي التي، وفقًا لخطته، لن يتم ضمها "لإسرائيل" في الضفة الغربية، وكذلك في معظم قطاع غزة (باستثناء الجزء الجنوبي)، حيث سيتم إنشاء ميناء لتلك الدولة على البحر الأبيض المتوسط. وادعى أن هذا الحل طبيعي في ضوء حقيقة أن معظم سكان الضفة الشرقية فلسطينيون ومعظم سكان الضفة الغربية يحملون جوازات سفر أردنية.

فكرة الإدارة الذاتية ودور الفلسطينيين في المفاوضات

ظهر مفهوم "الحكم الذاتي" على أنه تحديد الوضع الذي سيتم منحه للأراضي الفلسطينية التي لن يتم ضمها "لإسرائيل" في خطة ألون عندما تم تقديمها لأول مرة، في إشارة إلى وضعها الدائم.

في صيف عام 1969، بدأ ألون في استخدام مصطلح "الحكم الذاتي"، لتعريف الوضع السياسي الذي سيُحكم في هذه المناطق كترتيب مؤقت لا يبدو أنه يحتوي على أي شيء لتحديد طبيعة الترتيب الدائم. جاء ذلك بعد أن اتضح أن تحقيق تسوية دائمة، سواء مع الأردن أو مع الفلسطينيين، غير ممكن في الإطار الزمني المنظور. أوضح لاحقًا أن تأكيده على أن خطة الإدارة الذاتية تعمل كإطار عمل. و يهدف الترتيب المؤقت (حتى لو كان طويل الأجل) أيضًا إلى حشد الدعم الدولي له، لأنه بخلاف ذلك " سيتم تحديد الأمر كمفهوم بانتوستان في جنوب إفريقيا". وكانت إحدى الحجج المعتادة لصالح فكرة الإدارة الذاتية هي أن تنفيذها سيشجع نمو قيادة "معتدلة" و "بناءة" في الضفة الغربية ويضعف قوة "المنظمات التخريبية".

يبدو أن صعود الفصائل الفلسطينية الفدائية لتصبح المركزي في منظمة التحرير الفلسطينية اعتبارا من 1969 وسيطرتها على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في بداية عام 1969، أدى إلى تسريع إطلاق بالون الاختبار للمطالبة بفحص عملي للفكرة واستثمار الجهود من أجل اعتمادها كخطة حكومية رسمية. وقد رفض ألون باستمرار الادعاء بأن التنظيمات الفدائية الفلسطينية هي أحد مظاهر حركة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي بدأ يدركها في بداية ظهورها. وفي نقاش في سكرتارية حزب العمل في نيسان 1968، بعد شهر من "عملية الكرامة" ("عملية الجحيم صهيونيا ")، التي عززت صورة المنظمات الفدائية الفلسطينية في العالم العربي (وإلى حد ما أيضًا في الرأي العام الدولي) بصفتهم حاملي لواء حركة التحرير الوطني، ادعى ألون "أننا نتعامل مع العصابات الإرهابية التي تسعى إلى توحيد أمة حول أفعالها".

ورفض ادعاءاتهم بتمثيل حركة وطنية متماسكة وتساءل: ما الذي منعها أن تظهر حتى اليوم؟ نحن؟ أبدًا. كان يمكن أنتظهر في 18-19 سنة في المناطق التي كانت في أيدي العرب، في غزة ونابلس". ومع ذلك، فقد أقر بأن وجود الوعي الوطني الفلسطيني هو تطور محتمل، "إنها مسألة تقرير مصير لن نتدخل فيه"، لكنه ادعى أنه طالما أن الفلسطينيين يعدّون أنفسهم جزءًا من الأمة العربية. لا يمكن اعتبارهم إلا "مجتمعًا" وليس "أمة". لقد طرح فكرة الحكم الذاتي في الضفة الغربية، وهو كيان أكد أنه يتمتع بمكانة أدنى من مكانة الدولة، كعامل قد يحد من ظهور "شفقة فلسطينية" نتيجة أعمال المنظمات الفلسطينية. وكرر مواقفه بنفي كون حركة المقاومة الفلسطينية حركة تحرر مرارًا وتكرارًا.

في أعقاب أزمة "أيلول الأسود"، افترض ألون أن فرص العثور على قادة فلسطينيين معتدلين في الضفة الغربية يرغبون في التفاوض مع "إسرائيل" حول إقامة إدارة ذاتية الحكم، بعد أن يئسوا من إمكانية أن منظمة التحرير الفلسطينية قادرة على تحقيق طموحاتها، تزداد، في الوقت نفسه لم يعد يرى الملك حسين ممثلًا وحيدًا لهم. ومع ذلك، نظرًا لوضع الفلسطينيين في التسوية الدائمة كمواطنين في دولة أردنية فلسطينية، فقد قرر أن المحادثات حول إنشاء حكومة ذاتية الإدارة مع القادة، هي خطوة جيدة، فقط لأنها تقوض مكانة منظمة التحرير الفلسطينية.

وزعم أن مواصلة المحادثات مع الفلسطينيين لا تتعارض مع استمرار محاولات التوصل إلى اتفاق مع الأردن، بل وربما تكملها، لأن الفلسطينيين قد يستولون في المستقبل على السلطة في عمان وحتى لو لم يحققوا ذلك - قد يكون الموقف "الواقعي" الذي تبنوه في السنوات الأخيرة معتدلًا أكثر من موقف الملك حسين، إذا سُمح له بالتعبير عن نفسه. وحذر ألون من أن السيطرة "الإسرائيلية" المباشرة والممتدة على أكثر من مليون فلسطيني، خطيرة جدًّا، مستخدمًا مصطلحات مختلفة.

في محاضرة ألقاها ألون في معهد فان لير في يونيو 1973، قال إنه على الرغم من أنه يفضل حل المشكلة الفلسطينية في إطار "اتحاد أردني فلسطيني"، فإنه لن يكون من الصواب "ترك الاحتكار الوحيد" من أجل حل المشكلة الفلسطينية بأيدي العائلة المالكة الهاشمية "، لأنه " في أي ترتيب سيكون هناك ضرورة لمراعاة العامل الفلسطيني، وخاصة مصالح السكان العرب في الضفة الغربية". وقدم خطة ألون مخطّطًا لتسوية دائمة، لأنها "تلبي إلى حد كبير حقوق ومصالح السكان الفلسطينيين" وفي الوقت نفسه تضمن مصالح "إسرائيل" الأمنية وطابعها اليهودي ومكانتها على الساحة الدولية. في غضون ذلك، كرر اقتراحه بإقامة إدارة ذاتية لسكان الضفة الغربية في ظل الحكومة العسكرية الإسرائيلية، كترتيب مؤقت. وقدر ألون أن مثل هذا المدير "قد يتطور تدريجيًّا إلى تمثيل مؤهل ومسؤول ومعتدل لسكان المناطق"، وعلى أية حال، كما قال، فإن إنشاء مثل هذا التمثيل الفلسطيني "لا يغلق بأي حال من الأحوال خيار التسوية مع الأردن. وبعد حرب أكتوبر (يوم الغفران)، كان من الأصعب الدفاع عن موقف يرفض التمثيل السياسي الفلسطيني الذي لا يعتمد على رعاية الأردن، بما في ذلك مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات. وذلك لأن قرار القمة العربية في الرباط (أكتوبر 1974) بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، كاد يقضي على قدرة حسين على الادعاء بتمثيلهم، وبالتأكيد أولئك الذين لم يكونوا رعاياه. ويضاف إلى هذا قرار مجلس الأمم المتحدة الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل عن حركة التحرير الوطنية الفلسطينية، ودعوة عرفات (في تشرين الثاني / نوفمبر 1974) لإلقاء خطاب أمامها، وبعد ذلك بعام لمنح المنظمة صفة مراقب في المجلس.

كان الموقف الأمريكي يميل أيضا في هذا الاتجاه. في تشرين الثاني (نوفمبر) 1975، أدلى هارولد سوندرز، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، بشهادته أمام مجلس النواب بأنه لم يعد من الممكن تجاهل حقيقة أن الفلسطينيين يرون أنفسهم شعبًا له هوية فريدة ويطالبون بذلك أن يكون لهم صوت في المفاوضات حول مستقبلهم السياسي . وبعد شهر، نشر معهد بروكينغز، تقريرًا يستند إلى عمل فريق من الخبراء الأكاديميين الذين كانوا في الغالب قريبين من الحزب الديمقراطي، واعتبروا فيما بعد أساس سياسة إدارة كارتر في الشرق الأوسط، والتي بدأت الخدمة في يناير 1977. وكان استنتاجه الرئيسي أن المشكلة الفلسطينية يجب أن تحل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة أو كيان فلسطيني يتواصل وفق قرار السلطة الفلسطينية في إطار فيدرالي مع الأردن.

وذكر التقرير أنه ينبغي تمثيل الفلسطينيين في المفاوضات من خلال ممثلين مقبولين في المفاوضات بشرط استعدادهم للاعتراف بحق "إسرائيل" في الوجود. ولم يستطع ألون تجاهل هذه التغييرات في موقف المجتمع الدولي.

في محاضرة ألقاها في الجامعة العبرية في أيار 1976، قال إن أي تسوية سياسية يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالح "الجمهور الذي يعرّف نفسه بأنه فلسطيني"، وأن يتم تحديده في إطار المفاوضات بين "إسرائيل" والأردن و " تمثيل سكان الضفة الغربية، ضمنيًا تمثيل لا يختاره الأردن ولا يخضع له. ستوافق على التحدث مع منظمة التحرير الفلسطينية، إذا كانت مستعدة لتغيير ميثاقها وقبول قرار مجلس الأمن رقم 242". وقد شك ألون في احتمال أن توافق المنظمة على ذلك، لكنه اعترف بأنه إذا فعلت منظمة التحرير الفلسطينية ذلك، فلن يكون لدى "إسرائيل" سبب لمعارضة مشاركتها في المفاوضات. كما قال: 'إذا تحول هذا النمر إلى حصان، من فضلك اسمحوا لي أن أعرف وسأفكر في ركوبه".

جهود ألون لحشد الدعم السياسي لمواقفه من القضية الفلسطينية:

إن فشل محاولات ألون في تحقيق تبني خطته، ثم قبول فكرة الإدارة الذاتية في الحكومة ومؤسسات حزب العمل، يعكس ضعف موقعه في مراكز صنع القرار. ولم يكن دوره الوزاري مرتبطا بشكل مباشر بمجالات السياسة والأمن ولم تحظ خطته بدعم من الاتحاد العمالي. علاوة على ذلك، ساد الخلاف العميق داخل الحركة العمالية، ليس أقلها خارجها، حول قضايا الاعتراف بالفلسطينيين ككيان وطني وسياسي ومستقبل المناطق التي تم احتلالها في حرب الأيام الستة.

لكن مواقفه حظيت بتأييد دوائر واسعة داخل حزب العمل وخارجه. في مابام ، كانت خطته مدعومة من قبل عناصر متشددة نسبيًا، مثل يعقوب حزان وشخصيات ذات خلفية أمنية، وبعضهم دعا إلى اعتمادها صراحةً كموقف للحزب، أو للأسف كأساس لخريطة الاستيطان الكيبوتسي الوطني، من ناحية أخرى، فُسرت مواقفه في حزب العمل على أنها أصولية وحظيت بتأييد الشباب بشكل أساسي.

في آذار / مارس 1971، عُقد لأول مرة مؤتمر وطني حول "التحول الشاب" لحزب العمل، وكانت هناك دعوات لتبني موقف يعترف بالحقوق الوطنية للفلسطينيين. في ظل هذه الخلفية، امتنع معظم كبار مسؤولي الحزب عن الحضور إلى الاجتماع، باستثناء ألون، الذي كان له، بحسب تقارير صحفية، تأثير كبير على صياغة البيان الموجز للمركز. حيث جاء فيه أن "إعمال حقوق الشعب الفلسطيني شرط مهم لضمان السلام"، ويجب أن يتم هذا الإدراك "في إطار دولة فلسطينية تشمل الأردن، وهي دولة ذات أغلبية فلسطينية واضحة. والأراضي التي ستنسحب منها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة".

كانت العقبة الرئيسية داخل حزب العمل أمام تعزيز المواقف النقابية، مثل تلك التي قدمها ألون، هي معارضة دايان. كان الخوف الدائم لقمة الحزب هو أنه إذا لم يتبنَّ، وكذلك التشكيل المشترك بينه وبين الحركة الشعبية للحزب، المواقف بروح نهج وزير الدفاع الشعبي المتشدد، والذي حظي بتأييد شعبي كبير، فإنه سينسحب من صفوفها ويعمل بشكل مستقل أو ينضم إلى إطار سياسي آخر. وازدادت هذه المخاوف استعدادًا لانتخابات الكنيست الثامنة، التي كان من المقرر إجراؤها في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 1973.

الادعاء الرئيسي لديان هو أن الحزب سيقدم خطة مفصلة للعمل في المناطق في السنوات الأربع المقبلة. وطرح سلسلة من المقترحات كأساس لصياغتها. وقد كلفت غولدا مئير إسرائيل جاليلي، المسؤول الرئيسي عن صياغة مواقف الحزب والحكومة، بفحص الوثائق التي قدمها لها ديان وبناءً عليها جمعت ما أصبح يُعرف باسم " وثيقة غليلي ''، والتي تم إحضارها إلى سكرتارية حزب العمل للموافقة عليها. في 3 سبتمبر 1973 كجزء من برنامجها الانتخابي.

تناولت "وثيقة جليلي" في الغالب المخططات الاستيطانية "الإسرائيلية" في المناطق، والتي اقتصرت على المناطق التي كان من المفترض أن يتم ضمها "لإسرائيل" وفقًا لخطة ألون (دون تحديدها على وجه الدقة)، لكنها وسعت ملامح الاستيطان التي كانت كانت معتادة حتى ذلك الحين (وبالتالي، على سبيل المثال، تم التركيز على الاستيطان الحضري ومنح لأول مرة تصريحًا لمشاركة رواد الأعمال". وحظي الفلسطينيون باهتمام محدود في الوثيقة، وكان تركيزها الأساسي على ما تم تعريفه على أنه توفير فرص "للنشاط الذاتي لسكان يهودا والسامرة"، وقد تضمن هذا الإطار التزامًا مبهمًا لم يظهر سابقًا في انتخابات عام 1969. بإنشاء منبر لتمثيلهم في مؤسسات الحكم المحلي، واضح في اتجاه اقتراحه]. .. [للسعي من أجل إقامة إدارة ذاتية في المناطق، خطة أخرى عارضها ديان، خارج نطاق البلديات. سعى شركاء ألون إلى تفسير هذا القسم في الوثيقة على أنه "تقدم مهم في اتجاه اقتراحه] ... [السعي من أجل إقامة إدارة ذاتية في المناطق]، خطة أخرى عارضها دايان.

أدت حرب أكتوبر إلى تآكل مكانة دايان العامة وقضت بشكل شبه كامل على الخوف من الضرر الانتخابي الكامن في انسحابه المحتمل من الحزب. وسُمعت ادعاءات كثيرة بأن "وثيقة جليلي" كانت تعبيرًا دقيقًا عن الموقف السياسي الصارم للحكومة وقبولها أقنع العرب أنه بدون تحرك عسكري من جانبهم لن يكون من الممكن تحقيق مرونتها. من هنا تعددت المطالب بإلغاء الوثيقة أو تغييرها استعدادًا للانتخابات التي حُدد موعدها الجديد في 31 ديسمبر 1973.

وكان ألون الشخصية الرئيسية في قمة حزب العمل الذي دعا إلى إعادة صياغة برنامجه السياسي. حيث في اجتماع مركز الحزب في 5 كانون الأول (ديسمبر) 1973، ادعى أن "وثيقة جليلي" ظهرت فقط بسبب "تمارين الجلوس على السياج" لديان وأصدقائه في حزب رافي (قائمة عمال إسرائيل التي أسسها ديفيد بن غوريون)، بينما تمت صياغة خطة جليلي فقط لتقليل الضرر الذي لحق بالمخططات البعيدة المدى التي حاول دايان فرضها على الحزب فقط لهذا السبب دعمه، ألون، باعتباره "ضررا لا مبرر له".

وزعم أن النقاط الرئيسية للوثيقة "كانت موضع شك فيما إذا كانت ذات صلة بوضعنا السياسي في ذلك الوقت، خاصة أنها ليست ذات صلة الآن"، وبما أن المواقف المختلفة حول القضايا السياسية قد تم الكشف عنها أيضًا في حزب رافي، لم يعد هناك أي مجال للاحتفاظ بالوثيقة فقط من أجل وحدة الحزب الداخلية. لم يتم إلغاء قرار أمانة الحزب الذي اعتمد "وثيقة جيليلي" بالفعل، لكن الوثيقة لم تعد جزءًا من منصته الانتخابية.

أُطلق على الفصل السياسي في البرنامج الانتخابي لحزب العمل (والتشكيل) الذي تمت الموافقة عليه في ذلك الاجتماع اسم "الوثيقة المكونة من 14 نقطة" (أو "النقاط الأربع عشرة الرئيسية"). وذكر القسم 10 من الوثيقة، مع الإشارة بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن اتفاق السلام مع الأردن يقوم على أساس "وجود دولتين مستقلتين – "إسرائيل" وعاصمتها القدس الموحدة ودولة عربية إلى الشرق منها. وفي الدولة الأردنية الفلسطينية المجاورة، يمكن التعبير عن الهوية الذاتية للعرب الفلسطينيين والأردنيين بشكل كامل، بسلام وحسن جوار مع "إسرائيل". حيث أن "إسرائيل تستبعد إقامة دولة عربية فلسطينية أخرى غربي الأردن".

تكرر الوثيقة الصيغ المعروفة من "وثيقة الجليلي" حول موضوع النشاط السياسي للفلسطينيين في المناطق: "سيتم تشجيع العمل المستقل لسكان المناطق في مجالات الإدارة والتعليم والتعلم. الثقافة والدين وتعزيز الأنماط الديمقراطية في الحياة الاجتماعية العامة والبلدية "(القسم 12.) أعرب آلون عن دعمه الحماسي من خلال إدراج القسم 10 في البرنامج. قال: "من الجدير التعليق بارتياح، لأن هذه هي المرة الأولى في تاريخ منصتنا التي يتم فيها الاعتراف [بـ] الهوية الذاتية للعرب الفلسطينيون".

وأكد أنه بدون حل القضية الفلسطينية لن يكون من الممكن التوصل إلى سلام مع الدول العربية. وأضاف في إشارة ضمنية إلى مقترحاته التي لم تقبلها الحكومة:" من المؤسف أننا لم نشجع إقامة حكم ذاتي في المناطق في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي ربما عزز موقف المعتدلين والرصين بين الجمهور الفلسطيني، بل وجعلك عاملًا مركزيًا ومعترفًا به. عندما حان وقت المحادثات. وكان من الممكن إقامة مثل هذه الإدارة دون حرمان خيارات مفاوضات السلام مع المملكة الأردنية".

مكنت استقالة غولدا مائير وموشيه ديان الصقور من الحكومة، وتشكيل حكومة إسحاق رابين الجديدة في حزيران / يونيو 1974، من محاولة طرح قرارات جديدة بشأن القضية الفلسطينية. بدأ ألون، وزير الخارجية الجديد، نقاشًا حكوميًا حول القضية الفلسطينية (وفقًا لروايته، وهي الأولى التي تعقدها الحكومة على الإطلاق حول الجانب السياسي للقضية) في 21 يوليو 1974، وادعى أن المواقف الرسمية للحكومة بشأن هذه القضية تجعل من الصعب عليها حشد الدعم الدولي.

وجدد قرار الحكومة التأكيد على معظم المواقف من القضية الفلسطينية التي ظهرت في "وثيقة الـ14 نقطة". وكان التجديد الرئيسي مقارنة بتلك الوثيقة هو تجنب الإنكار القاطع لإمكانية قيام دولة فلسطينية منفصلة، على الرغم من دعم حل المشكلة الفلسطينية في إطار دولة أردنية فلسطينية. وكان ألون هو من دعا الوزراء لتجنب مثل هذا النفي، خلافا لموقف رابين ووزير الدفاع شيمون بيريز. في مقابلة تلفزيونية بعد قرار الحكومة، طرح ألون سلسلة من الأسباب ضد إقامة دولة فلسطينية، لكنه برر تجنب ذكر المعارضة لها في القرار على أساس أن هذا سيعطي صورة غير مرغوبة عن موقف إسرائيل وتصلبها على الساحة الدولية (حسب قوله، تشبه صورة موقف إسرائيل العرب بعد قرارات مؤتمر الخرطوم عام 1967). وفي ذلك الاجتماع الوزاري - اقتراح بأن تعلن "إسرائيل" عن استعدادها للتفاوض مع أي كيان فلسطيني يعترف بحقها في الوجود ويتخلى عن طريق الكفاح المسلح ضدها. وزعم أن تبنيها كان سيُفسر في العالم على أنه "تنازل إسرائيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية"، حتى قبل أن تغير المنظمة أي شيء في مواقفها.

ومع ذلك، في وثيقةٍ سريّةٍ كتبها في أغسطس 1974، اعترف بأنه على الرغم من الجهود التي تبذلها إسرائيل من أجل " وقف، وكبح، ودحر زخم منظمة التحرير الفلسطينية ''، من بين أمور أخرى من خلال اتفاقية الفصل مع مصر، استمر المجتمع الدولي في دعمها بشكل أكبر".

تجلت مصاعب ألون في الحصول على دعمٍ سياسيٍّ كبيرٍ لمواقفه بوضوح في قضية سبسطية كيدوم، حيث سمحت الحكومة، المنقسمة في مواقفها السياسية، لأول مرة، تحت ضغط سياسي وعام، بالاستيطان خارج حدود خطة ألون. . في نقاش عاصف عقدته كتلة التشكيل في الكنيست، في ذروة القضية في كانون الأول (ديسمبر) 1975، اعترف ألون أنه حتى الآن في التعامل مع هذه القضية " أخطأت بصمت لا داعي له ''، ولكن من الآن فصاعدًا "لن أصمت بعد الآن"، وهاجم المستوطنة كخطوة تؤدي إلى إغلاق الخيارات السياسية مع الأردن. ومع ذلك، حاول ألون التأثير على تصميم السياسة في الهيئات التي كانت تحت مسؤوليته، وفي نهاية عام 1975 أعلن عن تعيين البروفيسور شلومو أفنيري، الذي عُرف عن مواقفه النقابية، ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية (بما في ذلك الدعم). لإجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، إذا كانت ستعترف بدولة إسرائيل وتتجنب الإرهاب، وفقًا لـ "صيغة الخصم الجيد"، إلى منصب المدير العام لوزارة الخارجية. هذه الخطوة التي كان رابين لم يكن متحمسًا لها، وتعرض آلون لانتقادات شديدة من قبل الأحزاب اليمينية، وفي مناظرة في الكنيست عقدت بناءً على طلبهم بشأن هذه المسألة في فبراير 1976، نفى ألون الادعاء بأن التعيين يشير إلى أرضية مشتركة مع أفنيري، ولكنه اعترف بأنه بين مواقفه ومواقف أفينيري "هناك الكثير من القواسم المشتركة"، رغم أنهما غير متطابقين تمامًا.

حتى في حركته، الكيبوتس الموحد، لم يكن الحصول على الدعم لمواقف ألون سهلًا، على الرغم من أنه خلال السبعينات وبعد وفاة تابنكين في عام 1971، تراجعت قوة مؤيدي وحدة البلاد تدريجياً. إسرائيل جليلي، الذي كان على علم بتزايد عدد الأصوات في الحركة الداعية إلى مرونة الموقف الرسمي من القضية الفلسطينية، نشر في يونيو 1976 رسالة أرسلها إليه رابين في مارس 1975، والتي أوضح تفسير قرار الحكومة في يوليو 1974 بشأن القضية الفلسطينية: "في هذه الحكومة لم يتم اقتراح أو اتخاذ قرار بألا نأتي في محادثات مع المسؤولين الفلسطينيين الذين سيعترفون بدولة إسرائيل. إذا تم اقتراح الدخول في مفاوضات مع كيان فلسطيني، فإننا سنناقش ذلك. أرى ضررًا في محاولة أن تنسب للحكومة أنها قررت عدم الدخول في محادثات مع كيان فلسطيني يعترف بدولة إسرائيل ". رفض جليلي خطة ألون صراحةً أيضًا على أساس الادعاء بأن حتى الأمريكيين لا يعدّونها أساسًا محتملًا للتسوية مع العرب.

وذكر في مقال نشره في يونيو 1976 أنه لا يوجد عامل عربي مناسب للقبول. جادل ألون بأن هذا الادعاء غير صحيح، وأخبر لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست في ذلك الشهر أن الإدارة الأمريكية ما زالت تبحث عن خيارات للتسوية مع العرب على أساس مبادئ خطته. كحل وسط بين الحمائم والصقور، تبنى الكيبوتس الموحد في مؤتمره في يونيو 1976 قرارًا لصالح "التنازلات الإقليمية" لأول مرة دون الاستناد صراحة إلى خطة ألون، بينما كرر معارضته لإنشاء "دولة ثالثة" بين البحر والصحراء.

كانت الاختلافات في المقاربة السياسية بين ألون وجليلي واضحة أيضًا خلال عام 1976 في مناقشة "خطة واكمان" (خطة "الجادة المزدوجة")، التي اقترحت أن تنشئ "إسرائيل" مشروعًا استيطانيًا كبيرًا في قطاع طولي شرقي يمتد من مرتفعات الجولان إلى جنوب سيناء، التي ستضمها إلى أراضيها، مع نقل المنطقة الجبلية الوسطى إلى السيادة العربية. رفض ألون 'خطة واكمان' (التي اعتبرت منافس لخطته) على أساس أن "إسرائيل" لا يمكنها تبرير ضم الأراضي إلا لأسباب أمنية واضحة، و نظر إليها غاليلي بشكل إيجابي، بل ووجه إعداد خطة استيطانية مفصلة على أساس مبادئها.

كما أن محاولة آلون لإحداث المزيد من الصيغ السياسية في برنامج حزب العمل (والتشكيل) لانتخابات الكنيست التاسعة لم تكلل بالنجاح، مرة أخرى بسبب الخوف من استقالة ديان. وقد تم تقديم البرنامج للناخبين في كرر مايو 1977 معادلات السياسة المدرجة بالفعل في "وثيقة من 14 نقطة".

ملخص:

أراد إيغال ألون تقديم خطته كإطار عمل لتحقيق رؤية وحدة الأرض بشكل أساسي والحفاظ على الاحتياجات الأمنية للكيان الصهيوني بالطريقة المثلى، لكنه واجه صعوبة في الإقناع بأنها تروج لهذين الغرضين بطريقة مميزة. في الجانب الإقليمي، وصفها إسرائيل جاليلي بأنها "إحدى محاولات تجسيد رغبة الروح. كيف يمكن في ظل ظروف السبعينيات تحقيق رغبة روح الكيبوتس الموحد، وهي وحدة الأرض مع الاستيطان [ودمجها] في الحسابات السياسية الاستراتيجية '". في الجانب الأمني​​، لم يتم العثور على خبراء انحازوا إلى آلون لأسباب أمنية بعد تقديمها.

كانت خطة ألون في الأساس خطة سياسية، مصممة للتعامل مع الضغوط الدولية والتحديات الأخلاقية التي تنطوي على السيطرة على دولة أخرى، والتي استمرت لتشكيل وعي وطني والمطالبة بتقرير المصير الفلسطيني. وقد زعم ألون نفسه بأن خطته كانت تهدف بشكل أساسي إلى إيجاد "حل قائم على تسوية سياسية عادلة" في "الظروف الجغرافية الاستراتيجية الموجودة في الشرق الأوسط"، وهو "حل وسط من شأنه أن يمنح إسرائيل الحد الأدنى من الحدود القابلة للدفاع عنها مستحيل على الجمهور الفلسطيني ".81 بدونهم، دون إلحاق ضرر كبير بالمصالح الأساسية للطرف المقابل، بما في ذلك مصالح الجمهور الفلسطيني".

من وجهة نظر اعتبرت أن هذه الحدود هي الأساس لأي نظام سياسي، رفض ألون فكرة الحكم الذاتي التي طرحها بيغن في عام 1978، لأنها كانت استقلالًا ذاتيًا "شخصيًا وليس إقليميًا". وفي نقاش في مكتب حزب العمل في مارس 1979، أوضح أنه "مع فكرة الاستقلالية كفكرة" فهو "كامل"، نظرًا لأننا "اقترحنا في كثير من الأحيان الاستقلال الذاتي"، لكن الشكل المقترح لن يسمح ضمان حدود يمكن الدفاع عنها. وشدد على أن الحكم الذاتي الذي يدعمه يجب أن يكون "جماعيًا وديمقراطيًا وإقليميًا على أساس ترتيب يتوافق بشكل أو بآخر مع تصورنا للتسوية الإقليمية".

على الرغم من أن ألون أنكر بإصرار، حتى وفاته في شباط 1980، فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن هذا الإنكار جاء في ظل شروط مطالبة الأردن بإعادة الضفة الغربية إلى سيطرتها وتمثيل الفلسطينيين الذين يعيشون فيها.

ورفض منظمة التحرير الفلسطينية الكامل الاعتراف "بإسرائيل" وإجراء مفاوضات معها، وإنكاره لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة والحوار مع منظمة التحرير مرهون بالظروف وليس على المبدأ. وزيعم الباحثون في فكر ألون أن خطته صممت في البداية كنسق لتسوية مع الفلسطينيين وليس مع الأردن نتيجة لاضطراره على ما يبدو للاعتراف بصمود الهوية الفلسطينية موضوعيًّا بغض النظر عن الرغبة والإرادة الإسرائيلية أو الأردنية (الملك حسين).

حيث كان اعترافه بعملية تكوين الهوية الوطنية الفلسطينية تدريجيًّا ومستمرًّا. وكانت خطته قد حاولت تحديد مكونات التسوية الدائمة من مفهوم أنه كلما تقدمت عملية تشكيل حركة وطنية فلسطينية، كلما كانت الظروف الأقل ملاءمة التي ستتمكن "إسرائيل" من تحقيقها في الاستقرار بصفة نهائية. كانت فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني التي حاول ألون الترويج لها، معتبرًا أنه من المستحيل تحقيق تسوية دائمة في المدى القريب، تهدف إلى تشجيع نمو قيادةٍ فلسطينيّةٍ معتدلة، من خلال منحها مكانةً وصلاحياتٍ رسميّة. قبل استكمال ترسيخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ممثّلًا وحيدًا للفلسطينيين.