Menu

معركة فلسطين: هذه الحرب لن تنتهي بمؤتمر

بوابة الهدف الإخبارية

خاص _ بوابة الهدف

شرم الشيخ، العقبة، طابا، هذه ليست أسماء لتشكيلات معادية في جيش العدو، أو غرف قيادة وسيطرة على قواته المعتدية، ولكن هذه أسماء عربية لبقاع حررتها وحفظتها دماء وتضحيات الشهداء من أبناء الشعب العربي، وإن كانت لا ترد في نشرات الأخبار إلا مرتبطة بمؤتمرات معادية لحقوقنا ووجودنا وللمقاومة.

يبدو أن الحكومات العربية، رغم خفوت الحراك الجماهيري العربي إجمالًا، ما تزال تختار البقاع النائية من أرضنا لعقد مثل هذه المؤتمرات؛ مدركة لحقيقة موقف الجماهير من هذه المؤتمرات، وحجم الشرخ بين الانحياز لدمنا النازف ومقاومة شعبنا أو الانحياز لمنطق الاستسلام والخضوع للهيمنة.

أسوأ من ذلك، أن الاستسلام الرسمي العربي والفلسطيني، لم يعد كافيًا في معايير القوى الاستعمارية كمساهمة من قبل النظام الرسمي العربي بما فيه شقه الفلسطيني، بل باتت هذه السلطات؛ مطالبة على الدوام بالانخراط في ترتيبات أمنية لوأد أي شكل من أشكال المقاومة التي يبديها شعبنا ضد العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية، وأكثر من ذلك تغطية العدوان والمجازر التي يقوم بها العدو.

إن ما يحدث في فلسطين ليس اضطرابًا أمنيًا ناشزًا؛ ناتجًا عن ظروف استثنائية، بل جزءًا من سياق وتاريخ طويل من الصراع لأجل وقف مجازر غزاة لم يروا طريقة لتثبيت وجودهم وغزوهم لأرضنا إلا بمواصلة ارتكاب الجرائم ضد شعبنا في فلسطين؛ مثبتين حقيقة أساسية أن لا امكانية لوقف هذه المجازر وحملة القتل المسعورة الممتدة منذ أكثر من ١٠٠ عام، إلا بمواجهة الترسانة الحربية للغزاة القتلة وهزيمتهم.

لقد بتنا جميعًا ندرك ماهية الغزاة والتي لا تقتصر فقط على كونهم عدونا، ولكن أي نوع من الأعداء هم؛ مجتمع من عدة ملايين أغلبيتهم الساحقة مسلحة ومدربة على القتل، بل ومارست هذا القتل ضمن خدمة عسكرية منظمة، سواء دائمة أو احتياطية مؤقتة في جيش العدوان، مجموع قيمه وقواعده الأساسية تبيح له قتل أي فلسطيني؛ بسبب وبلا سبب في أي وقت، فيما يجري تنظيم وتدريب جيشه كآلة قتل مصممة لتعمل داخل المدن والأحياء والمنازل الفلسطينية، هذا ليس جيشًا للحرب بمفهومها كقتال بين عسكريين يهدف لهزيمة العدو، بل جيشًا للقتل الإبادة؛ مهماته القتالية ودورياته وتدريبه وأعماله الروتينية وأوامره العسكرية كل منها يمثل جريمة حرب بحد ذاتها وقرارات لقتل وإبادة الفلسطينيين.

لأسباب معلومة هناك من قرر إقناعنا، أنه ذاهب ليفاوض هؤلاء على ترتيبات أمنية، وأن لنا مصلحة في هذه الترتيبات، وكأن هناك أصلًا على الطاولة أجندة غير القضاء على أي فرصة لنا بممارسة حقنا في مقاومة العدوان والتصدي لعمليات القتل اليومي؛ جدول أعمال عنوانه الأساسي: ساعدونا لنقتل شعبكم بهدوء، والأسوأ من ذلك شاركونا بالمعلومات والإجراءات والاعتقالات لأجل تحديد سريع لمن يبدي مقاومة للقتل ليتم تصفيته أولًا، أو ليزاح عن الطريق باتجاه تصفية وجودنا بأكمله.

نكون مخطئين جدًا لو اعتبرنا أن هذه الاجتماعات والمؤتمرات هامشية، أو أن تأثيرها علينا معدوم؛ فهناك على الطاولة مشروعًا يريد تصعيد وزيادة تشغيل فريق من الفلسطينيين ضد حقوق شعبهم، بل وضد وجوده؛ مشروعًا لحرب أهلية فلسطينية تبدأ بأوهام حول إمكانية القضاء على حالة المقاومة العسكرية بمساهمة أمنية فلسطينية.

بعيدًا عن الموقف الوحيد المعقول وهو مساندة حق شعبنا في المقاومة، وباعتبار مصلحي بحت، ألا تدرك قيادة السلطة الفلسطينية، أننا في مرحلة جديدة، وأن شعبنا لن يلقي السلاح أو يترك ساحات المواجهة، وأن ما تفعله في أفضل التوقعات و أكثرها تفاؤلًا يعني فقط زيادة الأعباء والأثمان المدفوعة من شعبنا في هذه المعركة وزيادة نزيف الدم، وأن أكثر التوقعات منطقية أنها ستذهب للانتحار في مواجهة مع شعبها ضد عدو شطب كل معاني وجود هذه السلطة، ويسعى لاستخلاص قطر ات أخيرة من دورها الأمني الذي رفضه شعبنا و قوانا ومؤسساتنا الوطنية؟! ألا يوجد من يدرك أن من ذهبوا للعقبة، ليس بوسعهم إعادة شعبنا لقيود ارتضوها أرادوا فرضها علينا؟

فلا الصهاينة يوجد لديهم ذرة تردد في التمسك بإكمال المجزرة ولا شعبنا مستعد لإلقاء السلاح والاستسلام والموت بصمت.