Menu

اجتماع شرم الشيخ مزيد من الضياع

مصطفى ابراهيم

اجتماع أمني آخر في شرم الشيخ، بعد افشال إسرائيل اجتماع العقبة، وعدم الاعتراف بمخرجاته واستمرار جرائمها بحق الفلسطينيين.

اجتماع آخر وغياب الانصاف والمساواة بين الضحية والجلاد، وبيع الوهم ومحاولات التسوية وتهدئة الأوضاع الأمنية وخفض التوتر قبل شهر رمضان المبارك، وفقاً لتعبير المجتمعين من الرعاة والوسطاء، وأمل قيادة السلطة بتحقيق أفق سياسي لن يأتي.

لقد مرت ثلاثة أسابيع وأسبوع آخر من القتل والجرائم والاعتقالات، وهدم البيوت وتشريع القوانين العنصرية لملاحقة الفلسطينيين والمضي قدماً في فرض السيادة اليهودية، والصم الزاحف، وخطة الحسم وفرض الفوقية اليهودية.

شهر آخر على عصيان الحركة الفلسطينيّة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني، وخطواتها النضالية الجماعيّة ضدّ إجراءات إدارة سجون الاحتلال بتحريضٍ من الوزير الفاشي ايتمار بن غفير.

وأكثر من 40 يوماً على إضراب الأسير خضر عدنان، وتحدي السجان وصموده الأسطوري ومعاناته، ومساندة ضعيفة، لا ترقى إلى حجم تضحياته وتضحيات الأسرى الذين يتحدون السجان بلحمهم ودمائهم.

أيام وأسابيع وأشهر وثلاثة عقود والركض خلاف سراب التسوية، وتكرار تجارب فاشلة، لم تحقق سوى مزيد من تعميق وتعزيز الاحتلال والمشروع الاستعماري الاستيطاني.

حال من الضياع واللامبالاة، وكل شيء مضطرب وضعف السلطة، أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، تمس حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني، ولا أمل بأفق ينهي حالة الضياع والتوهان.

ويبدو أننا في كل لحظة على وشك انفجار ضد إسرائيل التي تتحمل المسؤولية عن الانفجار والقتل والدمار، أو انفجار لمزيد من اليأس والاحباط.

لا شك في اصرار المقاومين، وإصرارهم على التضحية ومقاومة الاحتلال مثير للإعجاب، ومن خلفهم التفاف الشعب الفلسطيني على خيار المقاومة. لكن هذه التضحيات والاقدام على الشهادة، بحاجة إلى ديمومة والحفاظ على حياتهم، وهذه مسؤولية الفصائل وليس الاكتفاء بالخطابات والبيانات، بل هم بحاجة للتنظيم وللحماية من الاحتلال وحماسهم والبطش والإرهاب الإسرائيلي والاستفراد بالمقاومين.

إصرارهم مشجع، بل إنه من الممكن، أن تكون المقاومة قد وصلت إلى لحظة تحول في مقاومة الاحتلال، مما يخولها إلى حالة ثورية فلسطينية جماعية، لا تعتمد على مجموعات شبابية من المقاومين فقط، وليس مجرد مقاومة مرحلية ولفترة زمنية محددة وحالة من الاستثمار من أطراف أخرى.

هي مقاومة تكشف الضعف الأساسي للفصائل التي تركت المقاومين بدون حماية حقيقية، وللقيادة السياسية وفقدانها الشرعية وانعدام الثقة فيها من الفلسطينيين، وعدم إدراكها طبيعة الشعب الفلسطيني وروحه الوقّادة، وحقه في المقاومة والتصدي للمشاريع والسياسات العدوانية الاحتلالية.

إصرار السلطة الفلسطينية على الذهاب لقمة شرم الشيخ الأمنية، وهناك شبه إجماع فلسطيني برفض المشاركة ومقاطعتها، والوثوق بالوعود الأمريكية للالتفاف على المقاومة وخفض ما يسمى التوتر والتهدئة ووقف لهيب النار، وكل المسؤولية تقع على الاحتلال.

الذهاب إلى شرم الشيخ والمسؤولين الإسرائيليين يحذروا من عمليات قد تنفذ في المدى القريب، في الضفة الغربية المحتلة، وداخل إسرائيل، عشية شهر رمضان. وهناك تحذيرات داخل أجهزة الأمن الإسرائيلية من عشرات العمليات، وبحسب ما ذكرته هيئة البثّ الإسرائيلية العامة (كان 11)، أن هناك قائمة محدّدة من المقاومين الفلسطينيين، قرّر المسؤولون الأمنيون بشأنها، أنه بحلول بداية شهر رمضان؛ يجب أن يكونوا إما خلف القضبان، أو موتى.

الادعاء أن المشاركة في الاجتماع تأتي للدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال، والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد أبناء شعبنا ووقف الإجراءات والسياسات التي تستبيح دمه وأرضه وممتلكاته ومقدساته. وكيف سيتم ذلك؟ هل بملاحقة المقاومة وإعادة زخم التنسيق الأمني، ومنع الشباب الفلسطيني من مقاومة الاحتلال والتوقف خلال شهر رمضان الذي أصبح شماعة للاحتلال بأنه شهر (الإرهاب)؟ وماذا سيكون بعد الشهر الفضيل؟

مع كل الاحترام للأمل في تحقيق المقاومة انجازات، وأنها تحدي كبير لدولة الاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكرية والسياسية. لكن حتى الآن يحقق الاحتلال انجازات لضرب المقاومة من خلال الجرائم والقتل، ولم تجرِ المقاومة جردة حساب والاستفادة من الدروس وعدم منح الاحتلال انتصارات يومية.

قد لا نكون قادرين على وقف الإرهاب الاسرائيلي وتغوله على الدم الفلسطيني، على الرغم من ذلك نستطيع التصدي له والحفاظ على المقاومين، وتحقيق انجازات، برغم الاختلاف الكبير في الظروف وموازين القوة.

ومثلما يتعلم المقاومين من التجارب السابقة، لا يوجد سبب يمنعنا من التعلم منها في محاربة الاحتلال والعنصرية، حتى عندما يبدو الوضع صعباً وتعيش القيادة الضياع، تستطيع الفصائل العمل بطرق مختلفة.

كانت هناك تجارب من المقاومة في كثير من دول العالم ولا ننسى تجاربنا السابقة خاصة في الانتفاضة الأولى، وما هو مهم بالنسبة لنا أن نتعلم منها ومن تجارب المقاومة الفلسطينية.

والأهم أن تتعلم قيادة السلطة، أنه لا يوجد أي أمل من تحقيق اي مسار أو أفق سياسي مع الحكومة الفاشية، وكل ما تريده الولايات المتحدة هو التصدي للمقاومة وما يسمى خفض التوتر لمصلحة دولة الاحتلال، والخوف من اندلاع انفجار كبير لا تستطيع السيطرة عليه.