نظّم ملتقى الفكر التقدّمي، شمال غزة، أمس الأحد، ندوةً حواريّةً بعنوان: "معركة الأسرى بين فاشية السجان وإرادة الإنسان"، وذلك في قاعة جمعية التراث، حيث تضمّنت ثلاثة محاور رئيسية وهي:
- دور الأحزاب والقوى في مناصرة الأسرى ودعم قضيّتهم وإسنادها، وقدّمه الدكتور جميل عليان، مسؤول ملف الأسرى والشهداء والجرحى في حركة الجهاد الاسلامي.
- دور المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية في دعم قضية الأسرى وإسنادهم، وقدمه الأستاذ حسن قنيطة، مدير عام هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
- آخر المستجدات على واقع الحركة الأسيرة في ظل الاستهداف الصهيوني وآليات المواجهة، وقدمه الرفيق عوض السلطان، مسؤول ملف الأسرى والشهداء والجرحى في الجبهة الشعبية.
وفي بداية الندوة، رحّب مسؤول الملتقى بالضيوف، وعرّف بالملتقى، لتُفتتح بعدها بالسلام الوطني الفلسطيني، ثمّ أدار الندوة الأسير المحرر الرفيق ياسين لوز.
وفي استعراضه للمحور الأول، أكد الدكتور جميل عليان على نقاط عدّة، أهمها، مشروع المجرم بن غفير تجاه الأسرى، الذي رأى أنّه مشروع الكل الصهيوني، ولا فرق بين من يوصفون بالمتطرفين أو اليساريين وغيرهم، فكلهم موغلون بالدم الفلسطيني، مشدّدًا على أن الأسرى هم رأس الحربة في المواجهة الشاملة مع المشروع الصهيوني الذي يطال الأرض والإنسان.
وأضاف عليان: "على الفلسطينيين أن يفكروا بعقلٍ جمعيٍّ لدحر المحتل، واستغلال حالة التشتت والضعف التي يعيشها الكيان، في مقابل ارتفاع منسوب القوة للشعب الفلسطيني للأمة العربية والإسلامية، والتقاط المتغيرات الدولية المحيطة على سبيل المثال، عودة العلاقات الايرانية السعودية.
كما أكّد عليان على أن معركة الأسرى معركةٌ استراتيجيّةٌ تحمل أهدافًا وشعاراتٍ استراتيجيّةً من قبيل، الحرية أو الشهادة، ما يتطلب على مستوى القوى والفصائل صياغة استراتيجية مواجهة موازية، مشدّدًا في هذا السياق على أهمية إدخال رأس المال الفلسطيني في معركة الأسرى.
وطالب عليان الفصائل الفلسطينية، وبالأخصّ طرفي الانقسام تجاوز الأزمات، وصولًا للوحدة الوطنية، مؤكّداً على ضرورة أن تبقى قضية الأسرى هي الهم الرئيس، وما يوجبه ذلك من نضالاتٍ على جميع الصعد، خاصّةً في ظل حالة تعامل الكثير من شرائح المجتمع مع قضية الأسرى بهامش الجهد وهامش الوقت، وأكّد كذلك على الدور الفاعل والمؤثر للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام ٤٨ في دعم قضية الأسرى وإسنادهم.
وتطرّق الدكتور جميل للدور المهم الذي يجب أن تؤديه غزة، وأن المقاومة حاضرة للدفاع عن الأسرى، والعمل على تحريرهم وليس فقط تحسين ظروف حياتهم داخل الأسر، والتجارب في هذا المسار كثيرة وناجحة، مثال عمليات التبادل التي قامت بها الجبهة الشعبية وغيرها، التي كان آخرها وفاء الأحرار.
وفي ختام مداخلته، أكد الدكتور جميل على "أننا شعب شاب ناجز يستحق أن تتوحد الإرادة والعمل الفلسطيني، وأن نكون على قدر المسؤولية".
وفي المحور الثاني، الذي كان بعنوان دور المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية في دعم الأسرى وإسنادهم، أكّد الاستاذ حسن قنيطة على أن المعركة المحتدمة الآن بين إدارة مصلحة السجون وبين الأسرى هي معركة الوعي.
وأوضح قنيطة أن الحكومات الصهيونية لم تترك وسيلة لقتل الإنسان الفلسطيني إلا ومارستها، وهذا نهجٌ مدعومٌ من المؤسسة الرسميّة "الإسرائيليّة"، ومن الأمثلة على الاستهداف الصهيوني للأسرى، سحب الجنسية والإبعاد وعقوبة الإعدام، وملاحقة عوائل الأسرى، بالإضافة لسياسات التنكيل الممنهج ضد الأسرى ومنجزاتهم، وفي ظل هذه الهجمة كان لا بدّ للأسرى من التحرك وتقدم الصفوف.
وأشار إلى ضرورة إعطاء الصبغة الوطنية للمؤسسات الفلسطينية التي تعمل في مجال الأسرى، وعلى وجه الخصوص هيئة شؤون الأسرى والمحررين، مؤكّدًا على أنّ الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة في ظل حالة التراجع والتطبيع، يجب أن تتقدم الصفوف لتعيد البوصلة مرةً أخرى نحو العدو.
ونبّه قنيطة إلى أهداف هيئة شؤون الأسرى والمحررين منذ نشأتها ودورها في إسناد الأسرى والمحررين ودعمهم ضمن جملة من البرامج، كما عدَّ أن الهيئة شكلت حاضنةً لكل المؤسسات الشبابية الداعمة للأسرى، مطالبًا باستنهاض دور المؤسسات الدولية والعربية في هذا الإطار رغم حالة الضعف الذي يلازم دورها ارتباطًا بمصالح وتوازنات دولية.
وفي الختام أكد قنيطة على أن الحركة الوطنية الأسيرة تراهن على أبناء شعبنا، وخاصة المحررين منهم لمواجهة السياسات الصهيونية بقيادة بن غفير بحق الأسرى، والسعي لتعزيز مكانة الأسرى النضالية في وجدان أبناء شعبنا والعالم، كما يجب أن يتوحد أبناء شعبنا وقواه وفصائله انسجامًا مع هيئات الأسرى الوحدوية.
وفي السياق، استعرض الرفيق عوض السلطان المحور الثالث الذي جاء بعنوان آخر المستجدات المتعلقة بمعركة الأسرى وقضية الأسرى بشكلٍ عام، حيث قدم الرفيق عرضًا تفصيليًّا عن آخر المستجدات المتعلّقة بمعركة الأسرى في مواجهة سياسات إدارة مصلحة السجون، وقرارات المجرم وزير الأمن القومي لدى الاحتلال بحق الأسرى.
وفي هذا السياق أكّد السلطان، على أن هذه الهجمة الصهيونية على الأسرى تأتي في ظل هجمةٍ مستعرةٍ يمارسها الاحتلال بحق الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني والمقدّسات الفلسطينيّة، وتشكّل الحركة الأسيرة الخندق الأمامي المتقدّم في هذه المجابهة التي يرفعون فيها شعار الحرية أو الشهادة.
وشدّد على أن شراسة الهجمة بدأت بعد عملية نفق جلبوع بسياسات العزل والقمع والتنقل وزيادة وتيرة الاعتقالات الإدارية وملف الأشبال والأسيرات وملف الإهمال الطبي، الذي أدى لاستشهاد ما يقرب ٢٣٤ شهيدًا، كان آخرهم الشهيد خالد أبو علي، وكذلك تزايد الإجراءات العقابية بعد زيارة بن غفير لسجن نفحة، مثل منع المياه الساخنة والتفتيش الليلي وغيرها من القوانين التي تسمح بإعدام الأسرى، وإبعادهم وسحب جنسياتهم خاصة فلسطينيي ٤٨.
وأوضح السلطان أن هذه الإجراءات سرّعت من إجراءات المواجهة من قبل الأسرى، وقد اجتمعت لجنة الطوارئ الفصائلية، واتخذت قرارات بالعصيان الجماعي، وهي خطواتُ تمرّدٍ تحدث للمرة الأولى بهذا الشكل، كالإرباك الليلي الأسبوعي، والامتناع عن تناول الدواء، والاعتصام في الفورة، ولبس زي مصلحة السجون.
وتابع السلطان: "وقد أصدرت لجنة الطوارئ بيانها السابع الذي يؤكد على أن إدارة مصلحة السجون ما زالت ماضيةً في سياساتها القمعية بحق الحركة الوطنية الأسيرة، وأن الحركة الأسيرة ماضيةٌ في المواجهة، وصولًا للإضراب المفتوح عن الطعام إجراءً أخيرًا".
ورأى أن مصلحة السجون ستتراجع عن كثيرٍ من الإجراءات بحقّ الأسرى قبل الوصول للإضراب عن الطعام، ولكن سيبقى الإضراب سلاحًا استراتيجيًّا إذا لم تتراجع إدارة مصلحة السجون عن إجراءاتها، مؤكّدًا أن الحركة الأسيرة ومن خلال بيان لجنة الطوارئ تراهن على شعبنا ومقاومتنا في الوقوف إلى جانب الأسرى ونضالهم في وجه آلة القمع الصهيونيّة، مشدّدًا على ضرورة أن يكون هناك برنامج جامع للكل الفلسطيني في المواجهة الشاملة مع الاحتلال وصولًا لتحرير الاسرى.
وفي ختام مداخلته، أكّد الرفيق عوض السلطان على أهمية دعم الأسرى في معركتهم إذا ما استمرت وصولًا للإضراب المفتوح عن الطعام بكل الوسائل المتاحة وعلى جميع المستويات.
وفي نهاية الندوة، قدّم العديد من الحضور مداخلاتٍ في الإطار ذاته، منها ما هو نقديّ لضعف حالة التضامن مع قضية الأسرى وغياب البرنامج الموحد لمناصرة معركة الأسرى، والمطالبة بإعادة اللحمة والوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، ومطالبة المقاومة الفلسطينية بأخذ دورها على هذا الصعيد، وكذلك اقتراح للملتقى بأن تتم عقد لقاءاتٍ من هذا القبيل مع طلاب الجامعات؛ لأنهم مغيبون عن عديدٍ من القضايا الوطنية، من أهمّها قضية الأسرى.