Menu

روسيا تدافع عن أمنها..

الرئيس الكوبي في حوارٍ شامل يتحدّث عن علاقة هافانا مع محيطها والعالم

الرئيس الكوبي ميغيل كانيل دياز بيرموديز

هافانا _ بوابة الهدف

قال الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، اليوم الاثنين، إنّ "تقييم التحالفات في عالم اليوم يجب أن يكون في السياق الحالي، وأن يستند إلى تحليل للوضع الراهن، لذلك هناك علاقة كبيرة بما حدث في العالم، حيث يمر العالم اليوم بأزمة متعددة الأبعاد، وقد تفاقمت بسبب جائحة كوفيد 19، ما أوقع العالم في حالة من عدم اليقين".

وأوضح الرئيس الكوبي في حديثه إلى الميادين، أنّه "ببدلاً من تعزيز لغة التعاون والاحترام للآخر، لجأ العالم إلى فرض عقوبات جديدة واختار حلّ النزاعات بلغة الحرب". وتابع قائلاً: "هذا العالم ليس ما نريده وأعتقد أنه ليس العالم الذي تريده الغالبية من سكان الأرض، ونحن بحاجة إلى عالم قادر على عولمة التضامن والسلام والصداقة، عالم لديه نظام علاقات يدافع عن التعددية، وهذا العالم يجري بناؤه وفقًا لقيم مشتركة قائمة على السلام والتضامن والصداقة والتعددية، القادرة على الحفاظ أولاً وقبل كل شيء، على الجنس البشري".

وتابع: "هذه القضية أثارت قلق الرئيس الكوبي الأسبق كاسترو في وقت مبكر، وقد وردت في الكثير من رسائله إلى العالم في المناسبات الدولية المختلفة، وما تريده كوبا هو أن نتمكن من حلّ النزاعات عبر الحوار، وأن يصبح العالم أكثر ديمقراطية".

كما شدّد على "ضرورة تغيير النظام الاقتصادي الدولي الحالي، لأنه يقوم على الاستغلال وعدم المساواة، ويخدم الأغنياء على حساب غالبية الفقراء في العالم ولا يقدم بدائل للبلدان النامية، وهو خاضع لمصالح المجمّعات الصناعية العسكرية ومصالح القوى الغربية العظمى، وتمكّنا من تحقيق تحالفات تساهم في تحقيق التعددية والتفاهم واحترام الآخر والنضال من أجل السلام، فإنّ هذه التحالفات ستكون عندئذ صحيحة وداعمة".

وأشار إلى "التحالف البوليفاري لشعوب أميركا، التي كانت البديل الذي تبنته أميركا اللاتينية لمواجهة اتفاقية التجارة الحرة الـ آلكا ALCA التي تمثل مشروعًا إمبرياليًا، وأحد أهم أسباب نجاح هذه التحالفات قيامها على أساس التعاون والتكاتف والمواقف السامية والصادقة، وليس على مفاهيم تمنح الأولوية للاقتصاد والمال، وقضية كوبا الأساسية تقوم على تقاسم ما لديها مع الغير، حتى لو كان قليلاً، وهذا ما يجب أن يكون عليه مستقبل العالم".

أمّا بشأن موقف كوبا من الحرب الروسية - الأوكرانية، فقد أكّد دياز كانيل، أنّ  "لهذا الصراع عواقب خطيرة ليس فقط على شعوب البلدان المتورطة في الصراع، وإنّما على سكان العالم أجمع أيضًا، والولايات المتحدة الأميركية عملت على تحريف وتشويه أساس ومنشأ هذا الصراع مستخدمة قوّتها الإعلامية الهائلة لنشر مشاعر العداء تجاه روسيا، ووضعها في مقام الجاني، وإخفاء الأسباب الحقيقة للحرب، لذلك المذنب في هذا الصراع هو الولايات المتحدة نفسها، التي تلجأ إلى الحروب لحل مشاكلها وتجاوز أزماتها، وواشنطن تضع مصالح المجمّع الصناعي العسكري في المقدّمة، فهي تحتاج إلى الحرب لبيع الأسلحة، وبالتالي حلّ المشاكل الداخلية التي تعاني منها".

وبيّن أنّ "الولايات المتحدة الأميركية لطالما سعت إلى تطويق روسيا عبر توسيع نفوذ "الناتو" على حدودها وهو ما تدركه روسيا، والخاسر الأكبر في هذه الحرب هي الدول التي تورطت فيها، إذ بدأت تعاني من نقص في المواد الغذائية ومشاكل في تأمين الطاقة، أمّا أولئك الذين يشاركون على نحو مباشر في الصراع فبدأوا يفقدون الأرواح البشرية، والمستفيد الأكبر من الحرب هي الإدارة الأميركية، لذلك من الضروري أن تكون هناك مبادرات على المستوى الدولي تسهّل عملية الحوار بين الأطراف المعنيين لوضع حد للحرب".

كما جدد الرئيس الكوبي رفض بلاده "لمواصلة تأجيج لغة الحرب والاستمرار في اللجوء إلى العقوبات ضد روسيا بدلاً من الحوار، وهذه الإجراءات لا تحلّ الأزمات بل تزيد من حالة الحرب، والتعاطي الغربي مع الأزمة في شكلها الحالي قد يأخذ الصراع نحو حرب عالمية محتملة"، فيما استغرب الرئيس الكوبي، كيف أنّ "أوروبا التي كانت مسرحًا لحربين عالميتين سابقتين، ومسرحًا لبربرية الفاشية والنازية، كيف أنّها لا تتمكن من استخلاص الدروس الكافية من هذا التاريخ لتؤدي دورًا حقيقيًا في تجنّب هذا الصراع الذي يمكن أن يقود البشرية إلى حرب عالمية ثالثة".

أمّا حول العلاقات الكوبية -الصينية، قال الرئيس الكوبي إنّ بلاده والصين "تتمتعان بعلاقات تاريخية وودية، قائمة على المبادئ المشتركة التي تجمع البلدين، ونتشارك مع الصين القناعات من أجل تطوير مسارات البناء الاشتراكي في كلا البلدين مع مراعاة خصوصيات كل منهما، ناهيك عن العلاقات القوية على مستوى الحكومات والشعوب، وعلى مستوى الحزبين(الحزب الشيوعي الصيني والحزب الشيوعي الكوبي)"، فيما أشاد دياز كانيل، بالطريقة التي تتّبعها الصين في "عملية البناء الاشتراكي وتنفيذ الإصلاحات، وصولاً إلى بناء قاعدتها الاقتصادية المهمة التي حوّلتها الى إحدى القوى العظمى في العالم".

وتابع: "الصين تتبنى موقفًا مميزًا من التعاون والتضامن كما هو الحال في كوبا"، مشيرًا إلى ما "قدمه الرئيس الصيني شي جين بينغ، من مبادرات واقتراحات على المستوى الدولي لتحقيق المزيد من الانسجام على الصعيد العالمي، وخلال زيارته للصين في نهاية العام الماضي، وجد تفهّمًا وتفاعلاً كبيرين تجاه الوضع في كوبا، ورغبة صينية واضحة في دعم كوبا لمساعدتها في الخروج من أزمتها، وخلال الزيارة جرى اتخاذ قرارات تساهم في تطوير العلاقات الثنائية على المستويات كافة".

وأكَّد الرئيس، أنّ "الصين تعدّ أحد أهم الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لكوبا، وهي تشارك على نحو مباشر في مشاريع الطاقة الكوبية، وفي مشاريع النقل والاتصالات السلكية واللاسلكية، والتبادل الواسع بين الدولتين فيما يخص التعليم والثقافة والعلوم والتقنيات والابتكار شيء رائع".

أمّا بشأن العلاقة الكوبية - الروسية، قال الرئيس الكوبي إنّ لدى "هافانا وموسكو مستوى راقيًا من العلاقات على المستوى السياسي والاقتصادي والتجاري، وروسيا حاضرة في أكثر القطاعات استراتيجية التي جرى وضعها ضمن الخطّة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كوبا حتى عام 2030: أي في قطاع الطاقة والنقل والاتصالات والأمن السيبراني وقطاع المعادن والقطاع الصناعي، وفي إنتاج الغذاء..، وهناك مجموعة كاملة من المشاريع قيد التطوير بالاشتراك مع روسيا"، وتحدّث دياز كانيل عن "كيفية تقديم روسيا المساعدة لبلاده أثناء جائحة كوفيد-19، حيث أرسلت طائرة وضعتها بتصرف هافانا، لتنقل فيها كميات الأوكسيجين التي جرى استيرادها من أماكن مختلفة في أميركا اللاتينية والكاريبي، وبينما كانت كوبا تعيش أكثر اللحظات تعقيدًا، تبرّعت روسيا بالكثير من المصانع لإنتاج الأوكسيجين، والكثير من أجهزة تكثيفه، وكذلك فعلت الصين".

كما تطرّق الرئيس الكوبي إلى زيارته الأخيرة إلى روسيا، لافتًا إلى أنّ "بلاده تلمّست تفهمًا من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمشاكل الكوبية، وإرادة سياسية وحكومية من موسكو للمساعدة في تخفيف المشاكل التي تعاني منها، ومنذ تلك الزيارة وكوبا تتلقّى على نحو دائم معلومات بشأن تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه مع موسكو خاصة في قضايا الطاقة والغذاء، وبالنسبة لنا فإنّ الصين وروسيا دولتان صديقتان، والرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، أظهرا التفهم والإرادة بتجسيد الصداقة الحقيقية مع كوبا".

وتابع الرئيس الكوبي: "بوتين يستخلص الدروس من التاريخ باستمرار من أجل إعادة التشديد على ما يحدث في الوقت الحاضر، وما هو مطلوب فعله في المستقبل، ولا أعتقد أن بوتين هو من تسبب بالنزاع مع أوكرانيا، كانوا على وشك وضع الاتحاد الروسي في حالة حصار، ومن خلال هذه الحرب يدافع بوتين عن مصالح روسيا وأمنها، لذلك الحوار مع الرئيس الروسي ليس مستحيلاً بل ممكنًا، شريطة أن يرتبط بإرادة صادقة، ومن دون فرض شروط مسبّقة".

أمّا عن العلاقة الكوبية - الإيرانية، وصف الرئيس الكوبي إيران "بالأمّة الشقيقة لبلاده، وأسس العلاقة بين البلدين قائمة على التاريخ والاحترام المتبادل، وكذلك المقاومة الهائلة التي خاضها الشعبان في وجه الحصار والعقوبات الإمبرياليّة، والشعبين الكوبي والإيراني يشتركان في مفهوم المقاومة والشجاعة والبطولة والكرامة وعدم الخضوع لمخططات القوة الإمبريالية".

وأعرب الرئيس الكوبي عن "تقديره لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي كرجل سياسي وكقائد للثورة الإيرانية، لأنه شخصية تمتلك قدرة هائلة على التحليل والتفكير المنطقي"، مُشيرًا إلى أنّ "البلدين يعملان على مشاريع مشتركة تخدم التنمية الاقتصادية لكليهما، خاصة في مجالات الطاقة والغذاء، وهناك زيارة محتملة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بلاده".

كما أكّد أنّ "هذا العام، سيشهد المزيد من تعميق العلاقة بين البلدين، وتجسيد مجموعة كاملة من المشاريع ذات المنفعة المشتركة"، موضحًا أنّ "بلاده تشاركت مع إيران مشاريع في البحث العلمي والتكنولوجيا والطاقة"، مُعربًا عن "إعجابه بثقافة إيران وحضارتها ومقاومتها للعدوان، والتطور التكنولوجي الذي حققته إيران رغم الحصار والعقوبات أمر بالغ الأهمية، وله أبعاد كبيرة، والاطلاع على تطور هذا البلد يمكن أن يساهم أيضًا في اكتساب معرفة ستكون مهمة بالنسبة لهافانا".