Menu

تناقضات العدو لا تخل بوحدة القتلة

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف

في معسكرنا الفلسطيني درج الحديث عن "تخبط الاحتلال" والأزمات والتناقضات الداخلية في مجتمع العدو، وإقران ذلك بآمال عريضة حول إمكانية بدء انهيار عدونا من هذا الباب، والمشكلة في هذا الخطاب أنه يستدعي شواهد عديدة للقول: أن هذا الكيان غير طبيعي، وفي ذات الوقت يتوقع أن يمر بذات التناقضات التي تمر بها مجتمعات حظيت بسياقاتها الخاصة للتطور.

لعل الأزمة الحالية والتجاذب الحاد حول منظومة الإدارة السياسية لكيان الغزاة الصهاينة هي واحدة من أكثر الأحداث التي يشبه فيها الكيان الصهيوني دول ومجتمعات أخرى بحق؛ تعيش جدل وصدامات حول نظام الحكم وتوزيع الثروة، ولكن هذه الحالة وعلى أهمية تعبيرها عن تحولات كبيرة في القاعدة الاجتماعية للمنظومة الصهيونية وانعكاسات ذلك على الأوزان السياسية، بل وربما وجود بعض جوانب التأثير لها على الصراع بيننا وبين هذا العدو، لا يجب أن تخفي حقيقة أهم، أن الجدل اليوم لا يدور حول شيء أساسي حقًا، على الأقل في منظورنا، فلا أحد في هذا الكيان يناقش الاسس التي قام عليها والمنطلقات التي تجعل كل من فيه هو عدو لنا.

قد يرى المستوطنون الصهاينة أنفسهم في موقع التناقض والاختلاف مع بعضهم البعض، ولكن بالنسبة لنا نحن، من نتلقى الرصاص في صدورنا ونقلع من أرضنا ويذبح أهلنا في الشوارع؛ يبقى كل هؤلاء المختلفين المصطفين في صف قنصنا وذبحنا معسكر واحد للعدوان، وحتى إن رغبنا برؤية وفهم هذه التباينات داخل صف البنادق المصوبة لرؤوسنا، من المهم أن نفعل ذلك، دون أن نبيع أنفسنا أي أوهام، وعلى عكس ما قد يحلو للبعض أن يتخيل بأن حدود تأثير هذه التناقضات أقل بكثير مما نتخيل؛ حين يتعلق الأمر بالوظيفة الأساسية لهذه المُستعمرة.

لا يمكن نفي التناقضات البشرية، ودورها ووجودها في أي اجتماع بشري، ولكن ما لا يجب أن نغفله دور النُظم في ضبط هذه التناقضات، ووضعها ضمن أطر معينة تتعلق بما يربط هذه المجاميع معًا، في الكيان الصهيوني نتحدث عن قاعدة لغزاة معتدين حاربوا وقتلوا كل من حولهم لأكثر من مئة عام، ولم ينجو في كل يوم إلا بفضل التنظيم الدقيق والصارم والالتزام الواضح بالأهداف التي جاؤوا لأجلها والتي حددتها طبيعة العلاقة بين هذا الكيان ورعاته، هذا النظام الواضح الذي يجعل هذا الكيان أشبه بقاعدة عسكرية منه بأي شيء آخر، ما زال فاعلًا ومدركًا لأهدافه، رغم كل ما استطعناه من مقاومة ضده وما ألحقناه بموارده البشرية والمادية من أضرار وإصابات؛ م زال الكيان الصهيوني منظومة مختصة بالقتل والتهجير وبناء قوة وتقنيات القمع والقتل والهيمنة والحراسة، ما زالت منظومة غزو، تهجير، استيطان، وحراسة مشددة، لا تقبل المساومة على الوظائف الأساسية للفرد فيها وعلاقته بالمجموع من منطلق هذه الوظائف.

ما يحدث اليوم في تل أبيب ليس هو الجوهر فيما يتعلق بكيان العدو ووجوده، ولكن ما يحدث في جنين ونابلس وعلى تخوم غزة؛ فمنظومة الإبادة تعمل هناك، وفعلنا في مقاومتها يقع هناك لا في ساحات تل أبيب... رصاصنا هو الكفيل بخلق تناقضات حقيقية في هذا الكيان، وصمودنا هو القادر على تفريق جموع العدو وتمزيق كتائبه، وهو ما يدرك شعبنا ثمنه ويواصل دفعه في كل يوم؛ بعيدًا عن شراء الأوهام بشأن اختلاف القتلة حول مراتبهم في صف البنادق الموجهة لرؤوسنا؛ شعبنا يراهن على وحدة بنادقه لا على اختلاف الترتيب في صف القتلة.