Menu

فلسطين وموسمية النضال: لنخرج المعركة من أسرها

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

من المؤكد أن تحول النضال الفلسطيني لصيغة موسمية هو تهديد وفشل خطير للحركة الوطنية الفلسطينية، وعلى أي قوة تحررية أن تكون مدركة لخطورة هذا المنحى، وأيضًا أن تدرك أنه بات حاضرًا خلال السنوات الماضية، بحيث بات لدينا ولدى عدونا استعداد مسبق "لجولة رمضانية"، يرمي من خلالها العدو لكسر إرادتنا؛ عبر تصعيد أشكال القمع والإذلال والبطش والاقتحامات المتزايدة للاماكن المقدسة، ونظن بدورنا أن تكريس النضال مكانيًا في حيز القدس وسياسيًا حول قضيتها وقضية التهويد والاعتداءات على الأماكن المقدسة، يعطينا قدرة تعبوية إضافية، وهو ما ثبت أنه غير دقيق، حيث ترتبط هذه القدرة التعبوية عمومًا بوضع البنى التنظيمية والجماهيرية الفلسطينية لا بطبيعة "الموضوع المثار". وأي كان الجدل حول جدوى الموسمية النضالية، فإننا اليوم شئنا أم أبينا في قلب معركة حقيقية وجولة أخرى من هذا الصراع الممتد مع العدو، بمعنى أن تصنيف هذه المعركة وتحديد اشكاليات التوقيت والظرف لم يعد عاملًا مؤثرًا، أولًا لأن العدو هو من يبادر للتصعيد وشن حملات القتل. وثانيًا لأن هذه المعركة قد بدأت بالفعل وسيكون يوم الأربعاء القادم مفصليًا فيها، حيث يسعى العدو لتأكيد أن نهوض الفعل الفلسطيني المسلح في وجه حملة القتل الصهيونية في الضفة المحتلة، لا يشمل القدس، وأن يشطب الرهان على امكانيات تصدى جماهير الضفة المحتلة بأدوات جماهيرية وكفاحية للعدوان على المسجد الأقصى، وأن المسار الوحيد لحماية القدس وأهلها هو حرب تدخلها قوى المقاومة وتدفع ثمنها باهظًا على مستوى التدمير الذي قد يلحقه العدو بالبنى التحتية والسكان.

المؤكد أن القدس وأهلها ليسوا وحيدين في هذه المعركة، ولكن أيضًا أن محاولة العدو ابتزازنا بين خياري الحرب أو السكون يجب أن تفشل، فلدى شعبنا من أدوات وممكنات الفعل الكثير، ويمكن لهذا التحدي إذا ما قوبل بإرادة وطنية حقيقية أن يشكل مدخل لهزيمة رهانات العدو، وليس فقط رهاناته، ولكن كجزء من مسار وطني لهزيمة العدو بمعناها الكامل.

هذا يتطلب ما هو أكثر بكثير من كتابة المقالات، وما هو أسرع من جولات الحوار الوطني المتعثرة منذ سنوات؛ يتطلب قرارات شجاعة من قيادات وطنية تدعم تشكيل حالة ميدانية وحدوية ينخرط فيها كل الفاعلين الفلسطينيين في مواجهة العدو، كما يستدعي أيضًا ألا تقتصر المواجهة على حيز جغرافي محدد، أو شكل واحد من أشكال المقاومة، بل أن تعطي فلسطين لعدوها درسًا في الرعب؛ درسًا في التمرد والغضب، في كل شارع من شوارع فلسطين.

إنّ تعميم هذه المواجهة لكل فلسطين، وتعميق فعلها وبنيتها وزيادة تجذرها بين الجماهير، وتصعيد حدتها وعنفوانها، ضرورات ليس فقط لخوض هذه المواجهة، ولكن أيضًا لإخراج النضال الفلسطيني من قيود الموسمية، وأسر العزل الجغرافي، فهذا نضال شعب فلسطين لهزيمة من غزاها وعاداها وذبح أبنائها.