Menu

قلق "إسرائيلي" من وحدة الساحات

مصطفى ابراهيم

مع انتهاء يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان الكريم، تنفست إسرائيل الصعداء إلي حد كبير، والذي يصادف يوم القدس العالمي، من دون اندلاع تصعيد كانت احتمالات اندلاعه قائمة،  وتتوقعه إسرائيل، خاصة الأجهزة الأمنية الاسرائيلية التي وضعت في الاعتبار أنه بمثابة اختبار آخر للواقع الأمني ​​الهش، وهو من أسوأ ما مر عليها في السنوات الأخيرة. ووضعت جميع أجهزتها الأمنية والعسكرية في حالة جاهزية عالية، تحسباً لاحتمال حدوث عمل إيراني يمكن أن يتجلى في عملية ترسخ في الوعي الإسرائيلي مثل محاولة هجوم إلكتروني، أو هجوم بواسطة طائرة بدون طيار باتجاه إسرائيل، أو محاولة هجوم على هدف إسرائيلي في الخارج. كما أعلنت المقاومة عن استعداد وجهوزية عالية واحتمال قيام إسرائيل بعمل ما أو عملية غادرة، على الرغم من قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بوقف اقتحام المستوطنين اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى.

كل هذه الاستعدادات والحذر، في حال لم تتطور أحداث غير عادية في المسجد الأقصى، وعلى الرغم من التقدير والتقييم لأجهزة الأمن الإسرائيلية ​​أن فرصة التصعيد على الحدود الشمالية في لبنان أو في هضبة الجولان السورية بانها منخفضة حالياً، بالمقارنة في الساحة الفلسطينية، تظل فرص التصعيد عالية، بعد الجولة القصيرة ضد غزة، مثل تلك التي حدثت في لبنان، انتهت سريعاً، بعد أن كان رد الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة مدروسا ومنضبطاً جداً.

تنفست الأجهزة الأمنية الصعداء بانتهاء يوم القدس بدون تصعيد جاء بعد قبول المجلس الوزاري الأمي السياسي المصغر توصيات الجيش والأجهزة الأمنية باحتواء التصعيد وعدم تغيير سياسة الرد على إطلاق الصواريخ بشكل كبير، في محاولة لمنع المزيد من التصعيد والتدهور الأمني.

وبحسب بعض المحللين العسكريين الاسرائيليين أنه إذا كانت هناك عملية في قطاع غزة، فإن إسرائيل هي التي يجب أن تقرر توقيتها، وتتولى القيادة والمبادرة، وألا تنجر إلى الفخاخ التي نصبتها لها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهذه سياسة اتبعت منذ سنوات من قبل المؤسسة الأمنية عندما يستأنف إطلاق الصواريخ بعد فترات من الصمت النسبي، وأن هذا الموقف من قطاع غزة صحيح بشكل خاص هذه الأيام، وعدم تغيير طريقة الرد بشكل جذري في القطاع، وعملياً احتواء الأحداث، في غزة ولبنان، تم تحديد هدف عدم الوصول إلى حرب في هذه الساحات، ووفقاً لزعم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن حزب الله وحماس، على الرغم من التصريحات العدوانية، غير مهتمين بتصعيد  كبير من كل الساحات.

خلال السنوات الماضية ودورات العدوان المتكررة ضد قطاع غزة، وفترات الصمت الطويلة نسبياً، عندما يتكرر إطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه إسرائيل، تبدأ الساعة بالإشارة إلى الاقتراب حتى الأزمة القادمة وعدوان جديد على قطاع غزة. كما أنه وخلال السنوات الثلاثة الماضية على وجه التحديد، والحديث عن وحدة الساحات، برغم التمييز الإسرائيلي بينها خاصة غزة والضفة الغربية والقدس، عندما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى، لكن هذه المرة اختلف الأمر وكانت تصريحات أمين عام حزب حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي ل حركة حماس يحيى السنوار عن حماية القدس ووحدة الساحات ومحور القدس، وعندما يتعلق بالمسجد الاقصى. فالتصعيد الأخير يقدم إشارة جدية عن ما سيجري في المستقبل، حيث مع أي ارتفاع في درجة الحرارة في المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، وفرصة الوصول إلى رد وتصعيد كبير من جميع الساحات، خاصة من غزة وجنوب لبنان، وهي سيناريوهات قائمة ومحتملة.

لذا وفي ظل هذا الوضع الأمني وتعزيز الساحات الخارجية، وتحاول إسرائيل التمييز بينها، وردود فعلها غير المتوقعة، فإن المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تنظر بقلق شديد لجرأة المقاومة من لبنان وغزة وقدرات المقاومة الفلسطينية في لبنان وتطور قدراتها، وعجز الاستخبارات العسكرية على توقع هذه الجبهة وغياب المعلومات، فهي تستعد للعمل عند اقتراب المواجهة القادمة في قطاع غزة.

المشكلة الأكبر لدى إسرائيل هي أن جميع التهديدات نابعة ليست من الساحات  الفلسطينية فقط، بل باتت تشمل لبنان وسورية وبدعم ايراني واضح وتشكل قلق حقيقي لإسرائيل، ويتضح ذلك من خلال أعمال المقاومة في الأسابيع الماضية، وارتباطها بجميع الساحات، والمحرك الأساسي هو الاعتداءات في المسجد الأقصى، التي أشعلت الشرارة في لبنان و سوريا وغزة والضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، وهي مثال صغير لما يمكن أن تتوقعه إسرائيل في المستقبل في حرب متعددة الساحات، أو على الأقل خلال شن عدوان ضد قطاع غزة.