Menu

في يوم القدس: لأجل مشروع تحرير الأرض والإنسان

بوابة الهدف الإخبارية

خاص _ بوابة الهدف

لم يعد يوم القدس العالمي يوم للتضامن مع القدس ودعم صمود الفلسطينيين دفاعا عنها فحسب، في هذا العام عايش الفلسطينيون وأنصار قضيتهم وفي القلب منهم قوى المقاومة التي تنخرط في الاشتباك مع العدو الصهيوني لتحول مهم، وهو الوحدة بين أركان المقاومة في ساحات الاشتباك، والمضي في مسار واستراتيجية موحدة، ذات هدف واضح ومحدد وهو خلق ظرف ملائم لهزيمة العدو الصهيوني.

إذا كانت وظيفة الجهد والفعل الجماهيري بما فيه يوم القدس العالمي كمحطة سنوية، هو حشد الجهود والموارد والمواقف لدعم القضية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية القدس، فإن ما تحقق على مستوى حشد المقاومة ووحدتها وتطور أدواتها ومواردها واستراتيجيتها يعزز أهمية السؤال الجماهيري، فاليوم تقف مقاومة عربية موحدة، في موضع الاشتباك مع العدو الصهيوني، والاستعداد لمعركة كبرى معه في مواجهة عدوان صهيوني شبه مؤكد، فإن استنهاض دور الجماهير العربية، والتحامها بحالة المقاومة واستراتيجيتها وقواها، باتت مهمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، كشرط أساسي لحرمان العدو من "فضاء عربي متعاون" حاول تشكيله بمجموعة الاتفاقيات التطبيعية مع بعض النظم العربية، وإذا كان أقصى خيار لمواجهة العدو وهو الكفاح المسلح والعمل العسكري فاعلًا موحدًا، فإن شروط الفعل الجماهيري تبدو مواتية أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن خيار التطبيع قد جاء منذ بدايته كتعبير عن استسلام للعدو الصهيوني، ويأس من امكانية مواجهة هذا العدو، بل وانتقال لفكرة التحالف معه من قبل بعض النظم، وهذا السياق والمنطق برمته قد ثبت عدم واقعيته، ناهيك عن كونه غير أخلاقي ويمثل خرق لكل الخطوط الحمر الهوياتية والسياسية العربية، وتفريط بالأمن القومي العربي المشترك، وبأمن كل قطر عربي لمصلحة العدو الصهيوني.

إن مسار التطبيع والاستسلام يروم لحشد عربي يحالف الكيان الصهيوني ويعادي شعوب المنطقة كافة بما فيها الشعوب في دول الحكومات المطبعة، فيما يعمل حشد المقاومة ومحورها على استراتيجية حقيقية تحقق نجاحات متعددة في مواجهة هذا العدو، ليسقط حجة استحالة هزيمة هذا العدو، ويؤكد امكانية تحقيق الانتصار، بممارسات ونماذج فعلية.

قد يكون وقت توجيه الدعوات لحكومات التطبيع لمراجعة حساباتها قد فات، ولكن المؤكد أنه حتى وفقا للحسابات المصلحية لهذه الحكومات، فإن الوقوف ضد شعوب المنطقة وقوى المقاومة، وتسليم البلاد ومواردها وجغرافيتها كقاعدة للعدوان على الدول والشعوب هو محض انتحار، فهذا بجانب كونه هدر خطير لدماء شعوبنا في معركة تعادي مصالح هذه الشعوب وهويتها وإرادتها ووجودها، فهو بالأساس تخلي عن فرصة تاريخية لمحاصرة الكيان الصهيوني وهزيمته.

أمامنا اليوم فرصة تاريخية، كعرب وكشعوب في هذه المنطقة، لنستعيد رؤيتنا وعملنا وجهدنا المشترك ووحدتنا في سياق فاعل لأجل مستقبل أفضل لنا جميعًا، وبما يضمن الحرية والازدهار والعيش المشترك والتضامن كمحددات أساسية وهوية لهذا المشروع، مشروع المقاومة لأجل الحرية والازدهار واستقلال الشعوب وكرامتها، مشروع تحمي فيه الضفة القدس وتكون بغداد درع لنابلس، وبيروت سيف يذود عن غزة ودمشق.

نحتاج جميعًا كمؤمنين بالحرية والإنسانية والعدالة، لتغذية هذا المشروع وتعميق أبعاده سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وفكريًا، والتأطير والتنظيم لأجل شبكات متصلة تقاوم الغزاة في كل ساحات الفعل وقطاعات العمل، وتنحاز للشعوب، وحقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مشروع لأوطان حرة عادلة، تتضافر فيما بينها، وتمتد شبكات النضال كنسيج حي يصل بين مجتمعاتها، شعوب متنوعة وموحدة، تعيش جدلها السياسي والإنساني بأرقى طرقه، وتصطف موحدة في وجه الغزاة والمعتدين، نحمي قدسنا وحريتنا ومستقبلنا، نكون درع للقدس والوطن والأرض والإنسان.