Menu

طريق العودة: يا وحدنا؟

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

مع كل تراجع أو اخفاق شهدته المسيرة النضالية الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني، يعلو صوت وخطاب بمقولات حول خذلان الأخوة والأشقاء، أو مقولات بأننا نخوض هذا الصراع وحدنا في مواجهة العدو الصهيوني وحلفائه، ولكن هذا التوصيف يبدو مجافيًا للواقع اليوم، وأيضًا في كل مراحل الصراع مع الغزو الصهيوني والاستعماري منذ لحظته الأولى.

صحيح أننا خسرنا معظم أراضي فلسطين بفعل هزيمة مشينة منيت بها الجيوش العربية الرسمية في العام ١٩٤٨، وأفضى ذلك لتهجير الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني، وأن النظم العربية غالبًا ما اختارت التحالف مع الكيان الصهيوني، وتبني مواقف وسياسات تضييق على الفلسطينيين كشعب وبنى نضالية، ولكن المؤكد أن الغالبية من الجماهير العربية وشعوب المنطقة اعتبرت المعركة مع العدو الصهيوني معركتها الأساسية، وفلسطين وقضيتها بوصلتها ومركز اصطفافها، وأن آلاف من أبناء الأمة وشعوب المنطقة قد قاتلوا بجانب الفلسطينيين واستشهد منهم كثر على هذا الدرب وفي صفوف الثورة الفلسطينية أو على جبهات القتال مع العدو الصهيوني، وملايين من العرب ومن أبناء شعوب المنطقة وأحرار العالم قاطعوا الكيان الصهيوني وما زالوا متمسكين بذلك.

هذا الخطاب أو الشعور بالخذلان قد يكون مصدره سياسات العديد من حكومات ونظم التطبيع التي غالبا ما اختارت النقيض لإرادة الشعوب، والتصدع والخرق في الجبهة العربية ما بعد إطلاق مسارات التسوية، ولكن هذه القراءة أو الخطاب يغفل مسار تصاعدت فيه قدرات وجهود قوى المقاومة في المنطقة، وما سجلته هذه القوى في مواجهة العدو الصهيوني والمشروع الاستعماري، وهي قوى وإن تشكلت بالأساس من حركات مقاومة ذات صفة شعبية تمارس فعل كفاحي عسكري في مواجهة العدو؛ فقد باتت اليوم محور يستند لدول مركزية وقوى أساسية أثبتت قدرتها على مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني والقوى الإمبريالية في المنطقة، وتجاوزت تحديات كبرى وتصدت لهجمات عاتية أطلقها معسكر العدوان، بل وأسقطت عديد من مشاريعه التي استهدفت المنطقة وشعوبها.

نعم نحن الآن أقوى، وهنا المقصود بكلمة "نحن" هو مجموع القوى والمكونات التي تصطف في مواجهة المشروع الصهيوني والقوى الاستعمارية وعدوانها على المنطقة وشعوبها؛ صحيح أن هذا الصراع يتخذ منحى أكثر تعقيدًا وتركيبًا مع استخدام معسكر العدوان لأدوات وسياسات جديدة، ولجوئه لأدوات محلية ارتضت أن تلعب أدوارها في تمزيق مجتمعاتنا، ولكن المؤكد أن الفلسطيني ليس وحده.

خطوط امداد السلاح، والدعم بأشكاله المختلفة، والموقف السياسي، الذي تقدمه قوى المقاومة ومحورها لشعب فلسطين وقوى المقاومة داخل فلسطين وعلى تخومها، تؤكد أن الفلسطيني لم يعد وحيدًا أو مكشوف الظهر كليا، وأن مسار العودة والتحرير والتخلص من المشروع الصهيوني وإنهاء وإزالة اثار العدوان والنكبة لن تمضي فيه قوى المقاومة الفلسطينية وحدها، بل جبهة من القوى المناهضة للمستعمر محصنة بامتداد جماهيري هائل من شعوب المنطقة.

حفظ تماسك هذه الجبهة وترسيخ مشروع هزيمة العدو الصهيوني وصد الهجمة الاستعمارية، يتطلب ما هو أكثر من "التضامن والتنسيق" بين قوى المقاومة، بل تطوير المفاهيم المشتركة للهوية السياسية لهذه الجبهة المقاومة، باتجاه يدرك التنوع في مكوناتها ويستفيد منها، ويرتبط برؤية مشتركة لمستقبل للمنطقة يخلو من الهيمنة الاستعمارية، وتعيش فيه شعوبها مفاهيمها للاستقلال والحرية والكرامة والإخاء بين الشعوب، وعلى درب فلسطين، وفي طريق ومسار تحريرها سترتسم ملامح مستقبل أفضل لهذه الشعوب.