Menu

لا نريد مفاوضات عبثية

عيسى: تحقيق انتخابات مجالس الطلبة في غزة يحتاج إرادة حقيقية باتخاذ القرار وترجمته على الأرض

غزة_بوابة الهدف

أكّد مسؤول العلاقات الوطنيّة في قطاع الشباب للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق سعيد عيسى، أنّ  تحقيق انتخابات مجالس الطلبة في غزّة، يحتاج إرادةً حقيقيّةً على اتخاذ القرار مقترنةً بحسن النوايا، وقدرةً حقيقيةً على اتخاذ القرار والترجمة على اعتباره فعلًا على الأرض، ولا يحتاج  مفاوضاتٍ ماراثونيةً عبثية، واتفاقيات يجفّ حبرها مجرّد توقيعها، داعيًا للانتقال الى مربع الفعل، والبدء بخطواتٍ عملية.

وجاء حديث الرفيق عيسى خلال استضافته في برنامج المنبر الثقافي، حيث بدأه بتوجيه التحية للأمين العام للجبهة الأسير القائد أحمد سعدات، ولكل الأسرى الأبطال الصامدين في معسكرات الاعتقال، مشيرًا إلى أنّهم يسطّرون بنضالاتهم المتعددة الأشكال لوحةً من الصمود والكبرياء والإصرار والانتصار على إرادة الجلاد.

كما وجّه عيسى التحية لأبناء الحركة الطلابيّة بمختلف أطيافها وتشكيلاتها، مضيفًا أنّهم "شكّلوا على مرّ التاريخ قيادةً سياسيّةً وميدانيّةً لغالبية الأحزاب والحركات الثوريّة في دول العالم الثالث، ولا يمكن أن ننسى أنّ مؤسّسي حركة القوميين العرب، وعلى رأسهم الرفيق الجليل حكيم الثورة وضمير الأمة الدكتور جورج حبش ، قد بدأ نشاطه في تشكيل أنويتها وهو على مقاعد الدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت مع رفاقه آنذاك".

وأشار عيسى إلى أنّ الهيئة القياديّة الأولى للجبهة الشعبيّة في بداية تأسيسها، وخاصّةً أعضاء المكتب السياسي معظمهم كانوا من فئة الشباب، وأنّ هذا الأمر ساعد على أن يؤدّوا دورًا مهمًّا في صوغ مداميك الحزب التنظيمية والسياسية ورسم سياسته وبرامجه، ولذلك فهذا الأمر أسهم في أن جعل حيوية الشباب تنعكس على أداء الجبهة الراقي في الميدان، وتنفيذ عملياتها التي أدمت الكيان الصهيوني، وشكّلت انعطافةً مهمّةً في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني ولا تزال.

وتابع: "الثورة الطلابية التي عمّت دول أوروبا المتقدمة  وخاصّةً فرنسا عام 1968، فقد كانت حدّتها وضراوتها من القوّة التي تمكّنت من إماطة اللثام عن الوجه الفاشي للرأسماليّة الفرنسيّة، أعرق بلدان أوروبا ديمقراطيّة، هذا كان نتاج جهود أبناء الحركة الطلابيّة التي قادت الفعاليات والإضرابات، وحشدت فئات المجتمع وانضم إليها العمال وما الى ذلك.

وذكر عيسى أن الحركة الطلابية في المغرب وفاعليتها في الشارع السياسي قد أدخل حكومات المغرب المتعاقبة في أزمات عميقة، بل إن مجمل الإنجازات الديمقراطية ونظام الحريات قد انتزع بفعل نضال الحركة الطلابية المغربية.

وفي حديثه عن الحركة الطلابية الفلسطينية، لفت إلى أنها خَرّجت أكبر قيادات الأحزاب الفلسطينية وأهمها، جورج حبش ووديع حداد إلى فتحي الشقاقي ويحيى عياش وغيرهم من القادة والكوادر الثورية الفلسطينية.

وعلى مستوى الجبهة قال: "لا يمكن أن ننسى أن أبناء الحركة الطلابية داخل الوطن المحتل في الجامعات الأساسية أدّوا دورًا جوهريًّا في بناء صروح منظمات حزبنا، وأطره على اتساع الوطن وتوسيع قاعدته الجماهيرية، فقد شكّلت جامعات بيرزيت، والنجاح، وبيت لحم، والخليل، ركائز رفد الحزب بالكوادر التي ما زالت جزءًا أساسيًّا منها في عضوية الهيئات الأولى المركزيّة، وهذا الدور لم يتوقّف على المستوى البنائي، بل أخذ طابعة الكفاحي الميداني في شارع النضال الوطني، وعلى مر سنوات ثورتنا الفلسطينية المعاصرة ومقدّماتها التاريخيّة، فالانتفاضة الشعبيّة الكبرى كان وقودها وقادتها ومحرّكها كوادر الحركة الطلابيّة كما أن الانتشار الأفقي في مواقع الوطن كافةً شيّدته كوادر الطلاب رفاقًا ورفيقات، وعلى صعيد الرفيقات، فقد استطعن تشييد صرح بناء منظمة نسوية حزبية كان لها الدور الأبرز والأكثر تميزًا في النضالات الميدانية إبان الانتفاضة الكبرى انتفاضة 1987".

وفي ردّه على سؤال تداعيات الانقسام على الحركة النقابية، أضاف عيسى: "بعد الانتخابات عام ٢٠٠٦ كان من أسوأ المراحل التي مرّ بها المشروع الوطني، نتيجة ذلك، أحكمت حركة حماس قبضتها الأمنيّة على قطاع غزة، واستفردت حركة فتح بقراراتها في الضفة الغربية؛ تداعيات ذلك انعكست سلبًا على الحركة الطلابية ودورها المطلبي النقابي والوطني النضالي، وللأسف وصلت اليوم إلى المناكفات السياسية، ومصلحة الفصيل أو الحزب الحاكم وتدحرجت إلى أن وصلت إلى تعزيز حالات الردح في ساحات الجامعات، ومنذ ذلك إلى وقتنا هذا وهناك مطالباتٌ ومبادراتٌ من الأطر الطلابية والقيادات المجتمعية والسياسية ومراكز المجتمع المدني، لكن ظلال الانقسام ما زالت تخيّم وتعرقل ذلك".

وأكد عيسى على أن إجراء انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات، يعد تطبيقًا مباشرًا لممارسة الحق في المشاركة السياسية التي هي بالطبع مكفولةٌ وفق القانون، أهميتها تكمن في تعزيز مفهوم الانتماء لدى الطلبة، وتوطد العلاقة السوية بين الطلبة وإدارة الجامعة، وعدم ممارسة الحريات الأكاديمية فترةً طويلةً يشكل تفرّدًا بإدارة الشأن العام، وانتهاكًا للحق في المشاركة، ويسهم في تقويض ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير، ومنظومة الحقوق والحريات المرتبطة بها.

وبيّن أنّ أهمية إجراء انتخابات مجالس الطلبة في جامعات قطاع غزة تكمن في كونها تعبيرًا واضحًا عن ممارسة العملية الديمقراطية داخل الجامعات، وإعطاء مساحة لحرية الرأي والتعبير وبناء شباب يعي حقوقه، أيضًا فالانتخابات تخلق قيادات شبابية قادرة على النهوض بالمجتمع وتعكس رغبات الشباب في بناء مجتمعٍ قائمٍ على القيم والمبادئ الديمقراطية.

وحول الجهات المستفيدة من تعطيل انتخابات مجالس الطلبة، قال مسؤول العلاقات الوطنية في قطاع الشباب، إنّ المستفيد الأكبر من تعطيلها في الجامعات أوّلًا طرفا الانقسام الذين اقتسما الجامعات بينهم وكأنها غنائم، واستوليا عليها، وبالتأكيد هم غير معنيين بممارسة العملية الديمقراطية، وثانيًا إدارات الجامعات التي تستغل حالة التعطيل لمجالس الطلبة وتقوم بإصدار قراراتٍ تعسفيةٍ بحق الطلبة، مثل رفع الرسوم ورفع سعر الخدمات وغلاء الأسعار، علاوةً على سياسة الابتزاز المالي التي تستخدمها بعض الجامعات.

ورأى عيسى أن ما يعمّق الأزمة القائمة يتمثل أيضًا بتبعية الجامعات بقطاع غزة لألوانٍ سياسية، ومن ثَمَّ فهي رهينةٌ لإدارات مرجعيتها الحزبية، فهي جزءٌ رئيسٌ من تعطيل الانتخابات، داعيًا في هذا السياق إدارات الجامعات إلى اتخاذ إجراء الانتخابات الطلابية، وفق ما تم التوافق عليه وطنيًّا، على مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وليكن هذا القرار المدخل الأول تجاه استقلالية إدارات  ومهنيّتها، وإنصاف الطلبة وفق قواعد ومبادئ مهنية بحتة علي غرار الجامعات بالضفة المحتلة، كما أنّ أزمة الوعي الجمعي التي شُكّلت عند الطلبة أن يتخرج من الجامعة ولا يمارس حقه في الانتخاب.

وأردف قائلًا: "إن حالة التعطيل قائمة ولوبيات الفساد ما زالت تستوحش أبناء الحركة الطلابية، والأطر الطلابية طالبت ولا تزال/ ولكن المطالبة وحدها لا تعفيها من المسؤولية، فنحن نرى أن المسؤولية جمعية والكل يتحمل، والمطالب بحاجة إلى ترجمةٍ بأفعال، وكانت هناك العديد من المحاولات التي باءت بالفشل، ولعل أبرزها مبادرة النائبين الخضري والمجدلاوي، وبيان القوى الست الذي نص على ضرورة إجراء الانتخابات في جامعات غزة ومبادرة أطلقها مركز الدكتور حيدر عبد الشافي، ومبادرات قدمتها جبهة العمل الطلابي؟

وحول المطلوب من أجل تحقيق الانتخابات،  وجّه عيسى رسالةً لأطراف الانقسام، شدد فيها على ضرورة إعلاء المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الآنية، وتحييد الجامعات عن الخلافات السياسية.

كذلك دعا في الإطار نفسه الجامعات وإدارتها بالعمل الجاد والحقيقي على تطبيق مبادئ الديمقراطية والسماح بحرية العمل النقابي، وطالب بالعمل على غرس مفاهيم الديمقراطية لدى مختلف فئات المجتمع ولأبناء الحركة الطلابية، وعدم تسييس الجامعات والحفاظ عليها باعتبارها جامعات وطنية، وعدم تلويثها بالانقسام.

وأكّد عيسى على ضرورة توحيد جهود كل الأطر الطلابية بغض النظر عن اختلافاتها ومرجعيّاتها؛ لأنّها القادرة على الضغط على الجامعات التي تتهرب من استحقاق الانتخابات، وتتغوّل على حقوق أبناء الحركة الطلابية.

وفي هذا الإطار، ختم الرفيق عيسى رسالته بالقول: "أخيرًا، علينا الانتقال الى مربع الفعل والبدء بخطواتٍ عمليةٍ أولها عقد حوار مع إدارات الجامعات والفاعلين ومؤسسات المجتمع المدني وتوفير ضمانات حقيقة لتفعيل الانتخابات، فنحن لا نريد مفاوضات ماراثونية عبثية، واتفاقيات يجف حبرها مجرد توقيعها، بل تحتاج الى إرادةٍ حقيقيةٍ مقترنة بحسن النوايا وقدرة حقيقية على اتخاذ القرار والترجمة فعلًا على الأرض.

ووجّه عيسى رسالةً لجموع الحركة الطلابية، قال فيها: "الوطن بحاجة إلى فعل وعطاء كل الشرفاء ، وإن المسؤولية الملقاة على عاتق أبناء الحركة الطلابية مزدوجة، فكما هو مطلوب منكم قوةً طلابيةً التمسك بالأهداف الوطنية، وحشد كل القوى وتعزيز الوحدة الوطنية واستمرار آليات عمل الانتفاضة والمقاومة وأساليبها وتطويرها، فإنّه المطلوب وبقوة لا تقل عن الأولى، الاهتمام بالدراسة والسعي نحو التميز والإبداع، والحفاظ على المسيرة التعليمية والارتقاء بمستواها كمًّا ونوعًا، واحترام الهيئات التدريسيّة، بهذا فقط نكون شعلةً مضيئةً في طريق النضال الوطني والديمقراطي لشعبنا ، وبهذا نكون ركيزةً أساسيةً من ركائز التحدي والانتصار".

وشدّد على أن "العمل الطلابي هو عملٌ نضالي يتطلب قرع جدران الخزان والنضال من أجل حقوقنا باعتبارنا طلبة وأطرًا طلابية لها مطالب أو حقوق، فالحقوق تنتزع انتزاعًا بالنضال الديمقراطي الوطني التقدمي، وبالإرادة الحقيقية للتغير مقترنةً بحسن النوايا، دون ذلك لا يمكن أن نحدث التغيير، وعلينا أن نتفق تمامًا أن الأساس في نضالنا النقابي هو مصلحة الطالب، وعلينا أن نعمل لأجل مصلحة الطالب"