Menu

شعراء بموافقة العائلة

عامر بدران

عامر بدران

لا بد أنكم تعرفون نكتة الغبي الذي قال لأصدقائه: سأتزوج من نانسي عجرم، وأنا شبه متأكد من ذلك لأن الإحتمال أصبح 50% أن يتحقق هذا الحلم، وهذه نسبة عالية.

سألوه: وكيف تأكدتَ من هذه النسبة؟ فقال: أنا وعائلتي موافقون، بقي أن توافق نانسي وعائلتها.

بالإمكان إدراج هذه النكته كمثال على الزواج من الشعر والأدب عموماً، بل ومن الثقافة نفسها في تعريفها العريض.

ففي بلادنا يمكنك أن تصبح شاعراً لمجرد موافقتك أنت وعائلتك على ذلك، ويمكنك أن تعرّف نفسك روائياً لمجرد انك وضعت لنا "حدوتة" بين دفتي كتاب، وأشار لك احدهم على الطريق إلى المطبعة.

وفي بلادنا يمكنك أن تصبح فناناً لأن جارك الذي انتقل إلى بيت جديد أهداك العود الذي ورثه عن جاره السابق.

وبإمكانك ان تصبح ممثلاً لأن ممثلاً مثلك تماماً غاب عن العرض، فاختارك المخرج، والذي لا يختلف كثيراً عنكما، لتؤدي دوراً من جملتين.

لا نقد لدينا، ولا سقف ولا معايير، ولا يحكمنا إلا التهريج والفوضى والمجاملات الفارغة والمتبادلة.

سيدتي، قفي أمام الكاميرا لساعتين واندبي باسم فلسطين، لكن لا تسمي ما تفعلينه فناً، إنه ندبٌ لا اكثر.

سيدي، اجلس أمام شاشة حاسوبك واملأ مئات الصفحات بهذيانك ولغتك الركيكة، لكن لا تطلق على ذلك شعراً أو رواية. إنه كلام لا اكثر، كلام من نوع ما تستطيع جدتي قوله أمام عتبة بيتها.

دعكم مما تقولونه انتم وعائلاتكم، واستمعوا مرة واحدة لرأي نانسي عجرم. ساعتها ستنخفض نسبة تحقق أحلامكم إلى الصفر. فلا حلم يتحقق دون عمل جدي وتعب جدي. والأهم من كل ذلك: عدم رضى دائم عن النفس.