لهذه الدماء والتضحيات حق علينا، ومسؤولية في رقابنا، صاغتها بطولة السابع من أكتوبر، البطولة التي هزمت عمق الكيان واربكت حساباته وضربت معنوياته ففقد الإحساس بالأمان وانهيار أسطورة الردع في ساعة واحدة، افهمت الجميع أن الاستقرار يحتاج أولاً وأخيراً إلى عدم تجاهل الحقوق الوطنية الفلسطينية .
وما الهجوم الصهيوني/ الأطلسي الانتقامي لمحو صورة النصر المحقق وحماية مصالح الحلف الاستعماري المتمثلة بإعادة صياغة المعادلة السياسية في الإقليم والمساعدة في توجيه ضربة حرب إبادة قوية ترمم ولو جزئياً صورة الاحتلال.
مع الإدراك أن المحصلة الاستراتيجية تكمن في تطور الأوضاع الميدانية ومديات الحرب ومستوياتها ونتائجها الفعلية، وسيكون لها ارتدادات كبيرة على صعيد السياسات الفلسطينية والسياسات الصهيونية والإقليمية وأولويات الأجندة الدولية.
في "تغيير قواعد الصراع"، وبناء قواعد جديدة تتناسب مع المفهوم الجديد الذي قدمته معطيات الحرب الدائرة والمستمرة، الهادفة لإنهاء أي وجود للفلسطينيين على أرضهم بقتل أكبر عدد ممكن منهم وتهجير ما تبقى.
فخطة "حسم الصراع" الصهيونية هي الاسم المرادف "لتصفية القضية" والتي تطالب جهاراً بالترانسفير، لذلك باتت تشكل تحدياً سياسياً طويل الأمد لنا ول مصر والأردن كذلك واستهدافهما في عملية الترانسفير الموهومة. كما أن البحث عن فرصة للقيام بالترحيل القسري في غزة لا يستيعد منها الضفة الغربية، كانت قد مهدت لها بمشاريع الضم والاستيطان و بتآكل مبرمج للمؤسسات الفلسطينية المركزية، مما يؤدي إلى نشوء حالة فراغ يسعى لسده عبر أدواته.
ورغم إجماع التصريحات المعلنة لكل القوى الفلسطينية السياسية، ولمكونات شعبنا في كافة مواقع وجوده على رفض المخطط الخبيث لتصفية حقوقنا، وما يثبته شعبنا على الأرض من صمود أسطوري، ومقاومة باسلة، فإننا لا زلنا نعاني من غياب إداة سياسية فلسطينية موحدة لمواجهة حرب الإفناء والإبادة والتهجير ومحاولة تصفية القضية، التي تترافق مع مساعٍ وتحركات لحل دولي تشارك فيه حكومات إقليمية بدرجات متفاوتة متجاوزاً تمثيل فلسطيني موحد. بغية فرض الوصاية على شعبنا ونزع قراره الوطني. دون تحرك حقيقي يرقى لمستوى التصدي لهذا المسعى الخطير.
لذا، استحقاق ملحمة الصمود الشرف والبطولة،
يكون في مسؤولية حماية التضحيات العظيمة من خلال وضع خطة سياسية استراتيجية موحدة على المديات القريبة و المتوسطة وبعيدة المدى.. تؤكد الحاجة الماسة استحقاق تشكيل قيادة طواريء وطنية، تمتلك رؤية سياسية موحدة وتعزز الوحدة الشعبية في كل الميادين لتشمل كل أماكن تواجد شعبنا ، للتصدي للعدوان الذي يستهدف الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية برمتها .وتأخذ بعين الاعتبار موازين القوى، والتوافق على برنامج توافقي ومن أجل استنهاض القدرة الوطنية الشاملة لاسناد هذا التصدي الملحمي، ويؤكد على برنامج المقاومة وحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف أو المساومة وبإنهاء الاحتلال فوراً وممارسة شعبنا لحقه في تقرير مصيره وسيادته على أرض وطنه وبناء دولته الحرة وعاصمتها القدس .