Menu

قناع بلون السماء مع محمد ناصر الدين

موقع أكاديمة دار الثقافة

عندما تتحول القضبان إلى أسئلة، يحاور المخيم حكايته الأصيلة لحوار فلسطين ووعي تراثها وفكرها وأدبها معاً، ويشكل أدب الأسرى عامة واحد من الانتاجات المعرفية المتعلقة بالنكبة والقضية الفلسطينية.

ولأن معركة الوعي تتطلب أن نحفز التفكير والوعي الثقافي والسياسي على حد سواء، استكمل نادي القراءة في أكاديمية دار الثقافة جلساته الثقافية بالتعاون مع دار الآداب، وذلك في قاعة الأكاديمية في مخيم مار الياس بحضور الشاعر الزميل د. محمد ناصر الدين ومديرة دار الآداب الأستاذة رنا ادريس والفنانة مصممة الغلاف نجاح طاهر، والأستاذ المناضل والروائي مروان عبد العال وثلة من المثقفين والصحفيين  والشباب في نادي القراءة.

بدأ الشاعر محمد ناصر الدين بالإشارة إلى أهمية رواية قناع بلون السماء، وبأنها رواية تستحق الاشادة لأنها عمل عظيم، وليس فقط تضامناً مع كاتبها الأسير. وبين الناقد والشاعر أن الرواية كالشعر هي مسدس يطلق رصاصه في وجه الموت، كما أكد أهميتها في أدب ما يسمى بأدب الأسرى والذي يختلف كثيراً عن أدب السجون، لأن أدب السجون هو ما كتب عن السجن دون أن يكون الكاتب سجيناً. وعرض الشاعر تجارب حية من فلسطين والعالم . كما أكد ردا على أسئلة المحاورة والحضور أن الأدب الفلسطيني قد بدأ مع ثلاثة شكلوا مثلث الرواية الفلسطينية والتي تقوم عليها حتى اليوم، وهم جبرا ابراهيم جبرا و غسان كنفاني واميل حبيبي.

وأشار أن غسان كنفاني هو الأحب على قلبه، فغسان كان قريباً من الناس العاديين ومؤمنا بعلاقة الثقافة والسياسة، فارتبط أدبه بالنضال، أما جبرا فكانت شخصياتها أرستوقراطية، وكان يؤمن بالثقافة كثورة ورغم ذلك فقد أدباً مهماً لا سيما روايته: البحث عن وليد مسعود والسفينة وصراخ في ليل طويل. أما اميل حبيبي فقد كان لخصوصية وجوده في الداخل الفلسطيني ميزة خاصة في أدبه وخصوصا روايته المتشائل.

ووضح الشاعر كيف يتقاطع باسم خندقجي مع غسان كنفاني خصوصا في ثنائية دوف وخلدون والحوار حول الهوية، وأيضا في تقاطعه مع جبرا في خصوصية الثقافة وأهميتها وأن البطل أيضا روائي وأيضا مع اميل حبيبي، بأن شخصيات من الناس العاديين. وباسم خندقجي أيضاً امتاز بأنه كان متفائلا ولم يكن عن السجن بل كانت هناك جغرافيات متعددة داخل روايته.

ورداً على سؤال المحاورة عن أهمية هذه الرواية بين ما يحيط بها من روايات للأسرى، فكان جوابه أنه فعلا ترك بصمة خاصة في أدب السجون، وستترك وعياً عميقاً داخلنا، وخاصة أن الصهاينة يقولون ويدعون أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت، لأن السؤال:" لماذا يحكم الصهاينة على الفلسطيني بسبع مؤبدات وخمس مؤبدات، وكأن هناك احساس بأنه خالد او اعتراف بذلك، ولا يعيدون الجثة الا بعد انتهاء هؤلاء المؤبدات فتحول السجن إلى مصنع للأدب، في حين أن الصهاينة كانوا يريدونها "مستوطنة للعقاب" كما هي عنوان رواية كافكا.

وتطرق الحضور إلى سؤال كيف وصلت الرواية إلى دار الآداب؟ فتحدث الروائي مروان عبد العال عن "الكبسولة" وهي طريقة للمراسلات بين الأسرى ومعارفهم. فيتم طوي الأوراق وحشوها في كبسولة دواء، وابتلاعها من قبل الزائر وعند اخراجها تفتح وتقرأ وأشار أن هناك رواية تحمل هذا الاسم.

وتحدثت مديرة دار الآداب: "رنا ادريس" عن قراءتها للرواية منذ وصولها وشعورها بأهميتها. وكما هي طريقة عمل الدار فإن لجنة القراءة لا تعرف اسم الكاتب ويتم تقييم العمل بموضوعية، فأعجبت اللجنة كثيرا بها. وتقول أنها تؤمن أن الأدب الجيد هو انتصار، في حين أن الأدب السيء سيجعلنا ننحدر الى الأسفل.

وأضافت أنها رشحت الجائزة بعد استشارة عائلة باسم خندقجي والأسير نفسه، الذي كانت فرحته كبيرة بالفوز وقال لها:" لقد حققت حلمي". وسئلت الأستاذة رنا  عن الاضافة التي أعطتها بوكر للرواية، حيث كانت مقروءة من قبل وكتب عنها الكثير، فأجابت مديرة الدار أن هناك الكثير من دور النشر العالمية تود ترجمة العمل إلى لغات عديدة بعد نيلها الجائزة. وكان سؤال الصحفية ملاك خالد عن توقيت الجائزة وهل أثر طوفان الأقصى على اعطائها بوكر؟ فكانت الإجابة أن الأمر ليس مستبعداً خصوصاً وأن ذلك يترسخ في لاوعي القراء في اللجنة على الرغم من أهميتها الأدبية.

وأما الفنانة نجاح طاهر فأكدت أنها استوحت الغلاف من فكرة الأمل، فمعظم روايات الأسرى يكون غلافها حزيناً، وتحضر القضبان لذلك كان اللون الأخضر حاضراً، وحضر  في اللوحة شخصان ليمثلا تلك الثنائية كما هو في الرواية. وقالت أنها قرأت الرواية وأحبتها وحاولت أن تقدم رموزها بشغف. وكان هناك سؤال للفنانة حول النظارات التي يرتديها الشابين فقالت أنه يعكس فكرة القناع لكن بأسلوبها الخاص.

وأكد الحضور أن الرواية فتحت لهم أفقاً لقراءة تاريخ المسيحية في فلسطين، ومريم المجدلية وأن باسم خندقجي ومعرفته في التاريخ وحفره فيه قد حفز فيهم ذلك الشغف، وأن الثنائية بين نور وأور  قد توجت بالمواجهة  لأن هناك قناع مزق في النهاية بفعل البحث والحب.

وفي الختام، دعا الشاعر محمد ناصر الدين الجميع لقراءة ثلاثة كتب مهمة في الرواية الفلسطينية، هي الرواية الفلسطينية في التاريخ، وكتاب ثلاثة علامات في الرواية الفلسطينية لفاروق وادي وكتاب جديد للباحث بشير أبو منة بعنوان الرواية الفلسطينية وصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.