Menu

المشروع الصهيو- أميركي لتفكيك "الأونروا" وتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين

عليان عليان

عليان عليان

خاص. - بوابة الهدف

ما أن أصدر رئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتنياهو ، بتاريخ  الخامس من مارس ( آذار)   اتهاماً  لبعض الموظفين في وكالة  الغوث بالمشاركة في  عملية السابع من أكتوبر  حتى هرعت الإدارة الأمريكية إلى  تعليق مساعداتها  للأونروا في 26 يناير ( كانون ثاني) الماضي ، ليتبعها الذنب الأوربي بتعليق (16) دولة  أوروبية مساعداتها للأونروا  قبل أن تتحقق من مزاعم نتنياهو ، ومن بين هذه الدول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وفنلندا وكندا وأستراليا  ، ما يعني أن هنالك مخطط صهيو أميركي غربي  لتصفية  لوكالة الغوث اعتقاداً من هذه الأطراف بأن تصفية الوكالة يقود إلى تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين .
 واللافت للنظر أن عملية الاتهام الإسرائيلية ، والفزعة الغربية ترافقت  مع صدور أمر من  محكمة العدل الدولية للكيان الصهيوني في 26 يناير ( كانون ثاني) الماضي ، باتخاذ تدابير استثنائية لمنع الاستمرار في عمليات الإبادة الجماعية ، ما يعني أن  الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب أرادوا أن يوجهوا رسالة للمحكمة  مفادها ، أن أي مشروع إدانة ل)إسرائيل( ،سيواجه بإجراءات عقابية ضد اللاجئين الفلسطينيين ، وأن أي إدانة لن تمر في ضوء إصرارها على بقاء  " كريم أحمد خان "- المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في منصبه - الذي شكل ولايزال يشكل حائط صد دون تفعيل أي شكوى ضد الكيان الصهيوني.
وما يجب الإشارة إليه هنا أن تراجع  معظم الدول الغربية  لاحقاً عن تعليق مساعداتها للأونروا ، لم يكن من باب تأنيب الضمير ، بل يعود إلى أن  تعليقها لهذه المساعدات يجعلها قانونياً شريكة في الإبادة الجماعية من زاوية منع الغذاء عن أبناء قطاع غزة .
لكن هذه الدول لم تحرك ساكناً حيال لجوء حكومة العدو إلى إقفال مقر الأونروا في القدس  هذا ( أولاَ)  ( وثانياً) منع هذه الحكومة وكالة الغوث من ممارسة دورها في قطاع غزة منذ مطلع مارس ( آذار) الماضي ، ما دفع مفوض الأونروا "فيليب لازاريني" لأن يعلن بأن منع الوكالة من القيام بدورها ،يؤدي إلى تفاقم  كارثة المجاعة في  القطاع وخاصةً في شمال غزة .
حكومة العدو تطالب بتفكيك الأونروا
وهذا الموقف من قبل الدول الغربية ، دفع رئيس أركان جيش الاحتلال  "هيرتسي هاليفي" لأن يتقدم بافتراح للأمين العام للأم المتحدة" أنطونيو غونتيريش" في الثالث والعشرين من مارس ( آذار )  الماضي   يقضي بتفكيك " الأونروا" على أن تقوم ( إسرائيل) بمهمة توزيع المساعدات في قطاع غزة.
وبموجب  المقترح الصهيوني ،  يتم في البداية نقل ما بين 300 إلى 400 موظف في "الأونروا" إما إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل برنامج الغذاء العالمي، أو إلى منظمة جديدة تم إنشاؤها خصيصا لتوزيع المساعدات الغذائية في غزة.
لكن هذا المقترح قوبل بالصد والرفض من قبل الأمين العام للأمم المتحدة ،  وسبق أن حذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن تفكيك الأونروا الذي تطالب به (إسرائيل) سيؤدي إلى التضحية "بجيل كامل من الأطفال" و"زرع بذور" نزاعات مقبلة (1) . 
الخلفية التاريخية لنشوء الأونروا
ما يجب الإشارة إليه ابتداءً أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، صادقت في الحادي عشر من كانون أول 1948 على القرار رقم 194 الذي ينص بوضوح على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ، وتعويضهم عما لحق بهم وممتلكاتهم من ضرر ، وتعويض من لا يرغبون بالعودة عن ممتلكاتهم وعن كل ما أصابهم من ضرر ،وأن الأمم المتحدة اشترطت لقبول دولة (إسرائيل) في عضويتها قبول هذا القرار وتنفيذه ، ومن أجل هذا الغرض أنشأت الأمم المتحدة لجنة توفيق ومصالحة كان على رأس مهماتها عودة اللاجئين ، وعقد مؤتمر في لوزان لهذا الغرض في آذار 1949 حيث عارضت حكومة العدو الصهيوني عودة (900) ألف لاجئ فلسطيني ، وقدمت اقتراحا بجمع شمل العائلات وبما لا يتعدى بضعة آلاف ، ولم تقبل الحل المتدرج لقضية العودة الذي رأى إمكانية عودة (100) ألف لاجئ فلسطيني كبداية (2) .
هذا ومن زاوية تكتيكية ، وحتى تضمن دولة العدو الصهيونية الاعتراف الدولي بها وافقت على القرار 194 ، لكنها لم تلتزم به بدعم من الولايات المتحدة ، ومن ثم تحولت تدريجيا قضية فلسطين من قضية شعب له حقوقه التاريخية والقومية إلى قضية لاجئين اثر صدور قرار من  الجمعية العامة  للأمم المتحدة رقم (302) في 8 كانون الأول 1949  بإنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ،  للتخفيف من  تداعيات  مأساة اللاجئين الفلسطينيين ، وبدأت الوكالة عملها في الأول من أيار (مايو) 1950، وفق تفويض إنساني وتنموي  يقضي بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين، ريثما يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم ، حيث تستمد الوكالة تفويضها من الجمعية العامة للأمم المتحدة كل ثلاث سنوات. (3) 
ونذكر هنا  أنه وبالتعاون بين الكيان الصهيوني والأمين العام للأمم المتحدة آنذاك تم حذف قضية فلسطين من دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستبدالها ببند يحمل عنوان "التقرير السنوي للمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين " واستمر الأمر كذلك حتى عام 1974.(4) 

ورغم حذف قضية فلسطين في حينه من دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، إلا أنه  استمر الربط بين  إنشاء الوكالة وبين حق العودة  وفق القرار 194  الفقرة (11)، حيث تم التأكيد على هذا الحق في معظم دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وفيما يلي بعض القرارات التي صدرت مؤكدة على الفقرة 11 من القرار رقم 194 قبل عام 1967 (5):
القرار 392 عام 1950 / القرار 512 عام 1952 /  القرار 720 عام 1953 / القرار766 عام 1957 / القرار 818 عام 1954  /  القرار 1018 عام 1957 /  القرار1191 عام1957 / القرار  1315 عام 1958 /  القرار 1456 عام 1959 /  القرار 1725  عام 1961 /  القرار 1857 عام  1963 /  القرار 1912 عام 1963 /  القرار 2052 عام 1967 . 
مخططات  تصفية الأونروا والتوطين المبكرة.
لقد عملت الإدارة الأمريكية  مبكراً ومن خلال نفوذها في الأمم المتحدة على توطين اللاجئين الفلسطينيين وتأهيلهم اقتصاديا واجتماعيا، رغم موقفها الشكلي بالموافقة على القرار 194 الذي جرى التأكيد عليه أكثر من 160 مرة منذ صدوره وحتى توقيع اتفاقات أوسلو في أيلول 1993.
وقد شاركت رئاسة الأونروا  الإدارة  الأمريكية   وبريطانيا  ، في  خمسينات القرن الماضي ومطلع الستينات ،  في  طرح مشاريع  لتوطين اللاجئين  بهدف تصفية  الأونروا  كمقدمة لتصفية قضية اللاجئين ،  والمصادرة على حقهم في العودة وأبرز هذه المشاريع التي تم طرحها على امتداد  النصف الثاني من القرن العشرين : (6)
1-مشروع حسني الزعيم عام 1949 / مشاريع (الأونروا ) للتوطين  1952-1954 /  مشاريع دالاس   1953 ، 1956 / مشاريع جونستون   1955 ، 1961/ مشروع ايدن 1955 /   مشروع ايرنهاور    1957 ، 1958/ مشروع ارئيس جون كنيدي عام 1957/ مشروع  الأمين العام للأمم المتحدة "همرشولد"   1959/ مشروع الرئيس  بيل كلينتون  عام 2000م.
يضاف إلى ذلك المشاريع الاسرائيلية مثل : مشروع ليفي أشكول 1965 / مشروع إيجال آلون 1968 / مشروع شلومو جازيت 1994 .
وقد تم إفشال هذه المشاريع جميعها بسبب رفض الشعب الفلسطيني لها رغم أن بعض القوى الإقليمية أبدت استعدادا لقبولها.

الثورة الفلسطينية رافعة لحق العودة وإفشال مشاريع التوطين
رغم نكسة 1967 ومرارتها ، إلا أن مؤشرات إيجابية بدت تلوح في الأفق لوضع قضية اللاجئين الفلسطينيين في إطارها السياسي والقانوني الصحيح بوصفها جوهر الصراع الفلسطيني _ الصهيوني ولب القضية الفلسطينية .
وقبل ان نتوقف امام هذه المؤشرات تشير الى إن قرار مجلس الأمن رقم 242 ، الذي تضمن في جوهره من ناحية نظرية الاعتراف الرسمي العربي ( بإسرائيل)،  واعطى شرعية زائفة للكيان الصهيوني على 78 في المائة من فلسطين التاريخية متجاوزاً المساحة المخصصة له في قرار التقسيم ، أكد لأول مرة على تحقيق تسوية عادلة لقضية اللاجئين لكن دون الإشارة لقرار 194 ، الأمر الذي يخضع قضية عودة اللاجئين للمساومة، مع ضرورة الإشارة هنا إلى ملاحظة تستدعي التوقف أمامها وهي ان القرار 242 أشار إلى حل عادل لقضية اللاجئين دون أن يقرنها بكلمة "فلسطينيين"  .
وقد تمثلت المؤشرات الايجابية بما يلي :
1-بروز المقاومة الفلسطينية المسلحة كرد على هزيمة 1967 والتي انطلقت بشكل رئيسي من مخيمات اللجوء في الضفة الغربية والقطاع وسوريا ولبنان و الأردن ... وكان لهذه المقاومة الباسلة الفضل ولأول مرة في إعادة طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين بقوة على الصعيد العالمي ، حيث اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 2535 في ديسمبر /كانون أول 1969 "أن مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين ناشئة عن إنكار حقوقهم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ".
-2جرى التأكيد على هذه الحقوق في قرارات لاحقة نذكر منها : القرار 2628 في تشرين الثاني 1970/  القرار 2627 في كانون أول 1970 /  القرار 2787 في كانون أول 1971 /  القرار 2949 في كانون أول 1971 /  القرار 3089 في كانون أول  1973 (7)
مع اكتساب م. ت. ف صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من قبل الجامعة العربية وقبولها كعضو مراقب في الأمم المتحدة ودعوتها لحضور اجتماعات الأمم المتحدة ، أصبح من الممكن إعادة الاعتبار لقضية فلسطين كقضية شعب له حقوقه الوطنية المشروعة ، وأن قضية اللاجئين جزء لا يتجزأ من هذه الحقوق غير القابلة للتصرف ... حيث تجلى ذلك في قرار الأمم المتحدة الشهير رقم 3236 الصادر بتاريخ 22/11/1974 ، الذي جاء فيه في البند (2) ما يلي : " ونؤكد من جديد أيضا حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم الذين شردوا منها واقتلعوا منها وتطالب بإعادتهم". (8) 

ومنذ ذلك التاريخ باتت قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية حق عودة فردي وجماعي لكل الفلسطينيين خارج وطنهم.
اتفاقيات أوسلو فتحت الباب أمام مشاريع  تصفية حق العودة
يمكننا التأريخ لبداية التنازل عن حق العودة  والعودة إلى مشاريع التوطين  ومن ثم المطالبات الصهيو أميركية  بإلغاء دور وكالة غوث اللاجئين ( الأونروا) بلجوء  القيادة المتنفذة في منظمة التحرير إلى توقيع اتفاقيات أوسلو ، وما نجم عنها من اتفاقيات لاحقة ..وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي :
1-اتفاقات اوسلو 1993 : شكلت اتفاقات اوسلو خطرا كبيرا على قضية حق العودة من خلال ترحيل قضية اللاجئين الفلسطينيين الى مفاوضات الحل النهائي دون اسنادها بالقرار 194 ، وقد بات واضحا ومعلنا ان المرجعية القانونية لاتفاق اوسلو الموقع بين الكيان الصهيوني بزعامة حزب العمل وقيادة م.ت.ف هو قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 وقرار 338 وذلك انسجاما مع اطار مؤتمر مدريد التفاوضي ، كما ورد صراحة في ديباجة "الاتفاقية الاسرائيلية –الفلسطينية " المرحلية حول الضفة والقطاع الموقعة في واشنطن 28/09/ (1995. (9) 
2-- تراجع الولايات المتحدة عن قرارات الأمم المتحدة : أدى إغفال اتفاقيات أوسلو  المتعمد للقرار (194) –رغم الملاحظات على هذا القرار جراء ارتباطه  بقرار التقسيم  -  إلى تراجع الولايات المتحدة عن قرارات الأمم المتحدة وخاصة  القرار (194) – حيث لوحظ  في دورة الجمعية العامة الخامسة بنهاية عام 1995 امتناع الولايات المتحدة عن التصويت عليه، واعتراض الكيان الصهيوني على هذا القرار (10) .
كما طالبت الولايات المتحدة باعادة النظر في كافة قرارات الامم المتحدة المتعلقة بقضية الشرق الاوسط ما دامت هذه القضايا احيلت الى المفاوضات ومن ضمنها قضية اللاجئين بحجة انه من الأفضل عدم استباق الاحداث والتأثير على المتفاوضين .
3- خطة خارطة الطريق الأمريكية 2003 : حيث توضح المرحلة الثالثة من هذه الخطة حجم التآمر على حق العودة ، وتتضمن هذه المرحلة حلا متفقا عليه عادلا ومنصفا لمسألة اللاجئين بدون أي اشارة لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194.
4-وثيقة جنيف 2003 : التي وقعها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على رأس وفد فلسطيني بشكل غير رسمي مع وفد صهيوني برئاسة يوسي بيلين وشكلت قمة التآمر على حق العودة واستبداله بالتوطين والتعويض من خلال مختلف بنوده ومواده ، ومن ضمن ما تناولته الوثيقة أن تحل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين. وإعادة تأهيل واستيعاب اللاجئين في دول وامكنة إقامتهم (11).
5- وثيقة أبو مازن –بيلين :
  وهي خلاصة مباحثات ، بين كل من محمود عباس ويوسي بيلين ¬وزير العدل في حكومة إسحق رابين¬، عقب توقيع  اتفاقيات أوسلو ،وصفت بأنها غير رسمية ، وكان يفترض أن يعلن عنها رئيس  وزراء  الكيان الصهيوني الأسبق إسحق رابين لاحقا ضمن البرنامج الانتخابي لحزب العمل المقرر في الانتخابات التشريعية لسنة 1996، لكن حادث اغتيال رابين سنة 1995 ساهم في بقاء الاتفاق قيد الكتمان ،  وتعترف (إسرائيل) بموجبها  بأن العودة حق مبدئي للفلسطينيين، بالإضافة إلى التعويض عن الخسائر الناتجة عن حربي 1948 و1967 ، لكن بشرط اعتراف الجانب الفلسطيني أن العودة كما نص عليها القرار 194 صارت أمرا غير عملي، وتضمنت  التوافقات  الإشارة إلى تشكيل لجنة دولية للإشراف على تأهيل اللاجئين وإدماجهم حيث يكونون.
5-مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002 :  اانطوت  المبادرة على نص مساوم على قضية حق  العودة على نحو " حل عادل متفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين   وفقاً للقرار (194)"، إذ أن عبارة " متفق عليه" تعني أن أن يخضع هذا الحق للمساومة، وأن يكون  الكيان الصهيوني طرفاً في هذه المساومة بشأن ، عدد اللاجئين الفلسطينيين  الذين يمكن إعاادتهم  إلى مدنهم وبلداتهم.
صفقة القرن الترامبية والتزام بايدن بمعظم  بنودها:
التنازلات سالفة الذكر  دفعت الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب  " إلى الانتقال إلى خطوة خطيرة لتصفية حق العودة ، من بوابة العمل الجدي لإلغاء وكالة غوث اللاجئين ، وحل القضية الفلسطينية في سياق اقتصادي بعيداً عن طروحات الدولة  وغيرها.
 والصفقة  التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي عام 2020 جرى التمهيد لها منذ عام 2017  هي مشروع يستهدف إنهاء الصراع  الفلسطيني الإسرائيلي في الداخل من بوابة الحل الاقتصادي وتحسين الأحوال  المعيشية للفلسطينيين ، بعيداً عن حق تقرير المصير ، وحل مشكلة اللاجئين  الفلسطينيين  في الخارج من خلال  عمليات التوطين  وشطب وكالة غوث اللاجئين  كشرط رئيسي لتصفية حق العودة.
وتركزت بنود الحل من وجهة نظر الرئيس الأمريكي، على إنهاء حق العودة وحرمان اللاجئين 
من أية تعويضات مالية، وتوطينهم في الدول العربية التي يقيمون فيها. "صفقة القرن"..  
خيارات مجحفة لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.(12)
وقد تضمنت  الصفقة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المقيمين فيها، وهي سوريا ولبنان والأردن صاحب حصّة الأسد من الأعداد المقيمين على أرضه ، ووفقاً لبنود الصفقة ستحصل لبنان والأردن على فوائد جمّة من المشروع ثمناً لما ستقدّمه لتوطين الفلسطينيين ، لكن الأردن وبقية  الدول المضيفة رفضت مشاريع  التوطين جملةً وتفصيلا .. 
وكانت   إدارة ترامب قد  حسمت موقفها وقررت يوم 31 أغسطس/آب 2018، وقف التمويل كليًا عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ،وقبل أن تحسم قرارها بشكل نهائي  ، قامت في مطلع  عام 2018 بتخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليونا،  لكنها لم تقدم منها سوى  60 مليونا فقط.
وكان التمويل الأميركي للوكالة يمثّل سابقًا ثلث ميزانيتها السنوية البالغة 1.24 مليار دولار، وهو ما يؤثّر جذريًّا على حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين المعتمدين على خدمات الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان.
ما يلفت الانتباه أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ،تلتزم بمعظم بنود صفقة ترامب  خاصةً تلك  المتعلقة بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ، ورفض حق العودة  وهي رغم  تخليها عن قرار الرئيس الأمريكي بشأن وقف الدعم عن وكالة الغوث ، إلا أن موقفها الأخير بشأن وقف تمويلها ثم تراجعها التكتيكي عنه ، يدل على نواياها المضمرة  باتجاه العمل على  إلغاء الأونروا في مرحلة لاحقة .
لماذا تريد إسرائيل التخلص من الأونروا؟ 
وأخيراُ يبقى السؤال : لماذا يواصل العدو جهوده للتخلص من " الأونروا"؟
يعود  هذا  الإصرار الصهيوني لتصفية  الأونروا وفق العديد من المصادر    لعدة اعتبارات وأبرزها:
-1البعد الديمغرافي الفلسطيني :
يرى الكيان الصهيوني أن الأونروا تساهم في إدامة قضية اللاجئين، بل وتضخيمها مع زيادة عدد اللاجئين المسجلين بها من 700 ألف شخص في عام 1948 إلى 5.5 ملايين شخص حاليا نظرا لمنح أبناء وأحفاد اللاجئين في عام 1948 صفة اللاجئ.
ويعتبر الكيان الصهيوني أن عودة اللاجئين تمثل تهديدا ديمغرافيا للأغلبية اليهودية في (إسرائيل)، وبالتالي فهي قضية غير قابلة للحل في أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين. ولذا تدفع باتجاه دمج اللاجئين في أماكن إقامتهم؛ وبالأخص في دول الجوار.( 2-البعد التعبوي في  المناهج التعليمية 
2-لأن الأونروا   تطبق  المناهج  التعليمية ا في  الدول المضيفة  التي تشدد على حق العودة وتندد بالمشروع الصهيوني في فلسطين، حيث يمثل الصرف على مدارس ومعاهد الأونروا  58% من ميزانيتها الإجمالية،. 

 


المراجع
1-صحيفة الجارديان البريطانية ، نقلاً عن مصادر في الأمم المتحدة ، 1-4- 2024 حول مقترحات  إسرائيلية لتصفية الأونروا.
-2 اللاجئون الفلسطينيون قضية تاريخية ، جذرية ، حاضرة " ص 11 -12 ، منشورات مركز المعلومات البديلة ،ِ القدس ، اذار 1996.
-3 نفس المصدر السابق.
4 -نفس المصدر  السابق.
-5حمد سعيد موعد ، "اللاجئون الفلسطينيون : رؤية مستقبلية " ص 242 – دار الموعد للدراسات والنشر
-6 المعرفة – توطين اللاجئين الفلسطينيين.
7 -عليان عليان ، السياق التاريخي لقضية اللاجئين الفلسطينيين والسيناريوهات التي تهدد حق العودة، ورقة مقدمة للندوة الفكرية والسياسية في الذكرى 62 لاحتلال فلسطين التيينظمها الملتقى الوطني للنقابات المهنية واحزاب المعارضة الوطنية الاردنية بتاريخ 17/05/2010
-8 القرار 3236 (1974) | مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
-9ورقة عمل مقدمة لمؤتمر اللاجئين في منطقة بيت لحم تحت عنوان "مؤتمر اللاجئين الفلسطينيين : لماذا الان ؟ الدوافع والتساؤلات" – صلاح عبد ربه الناطق الاعلامي باسم مراكز الشباب في الضفة الغربية ، ص 44 -45 من الكتاب الخاص بالمؤتمر تحت عنوان " اوراق عمل مؤتمر اللاجئين في بيت لحم " بتاريخ 14/7/ 1999 .
-10 عبد الحميد صيام  ، المحاولات الدؤوبة للالتفاف على حق العودة ، القدس العربي ، 25 مايو 2023
-11 مخاطر وثيقة جنيف " من ادبيات لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع مع العدوالصهيوني " – مجمع النقابات المهنية عام 2004 /  أنظر المعرفة – توطين اللاجئين الفللسطينيين .
-12 مركز العودة الفلسطيني ، متابعات – حق العودة ، 30 يناير 2020