Menu

أزمة القيادة في جيش الاحتلال: تأثير الصراع بين نتنياهو وغالانت على استقرار الدولة

تحليلهل تنذر انقسامات جيش الاحتلال بنهاية عهد نتنياهو؟

بيسان عدوان

O5a4i.jpg

في العلوم الاستراتيجية، تعتبر الانقسامات داخل الجيوش تحديًا خطيرًا لقدرة الدولة على الحفاظ على أمنها واستقرارها. الصراع بين نتنياهو وغالانت يمثل نموذجًا واضحًا لانقسامات بين القيادة السياسية والعسكرية، مما يهدد بتقويض فعالية جيش الاحتلال ويعرض الدولة لمخاطر داخلية وخارجية متزايدة.

تصاعد الخلافات بين نتنياهو وقيادة جيش الاحتلال

منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، تفجرت صراعات داخلية غير مسبوقة في دولة الاحتلال، خاصة بين القيادة السياسية والمستويات العسكرية.

تصاعدت هذه التوترات بشكل حاد بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد وزير الدفاع يوآف غالانت، حيث اتهمه بالانحياز ضد الحرب على غزة، مما سلط الضوء على الانقسامات العميقة بين رؤية نتنياهو السياسية واستراتيجية غالانت العسكرية.

نتنياهو، الذي يسعى دائماً لاستغلال الأزمات لتعزيز قبضته على السلطة، وجد نفسه أمام تحديات كبرى لا تتعلق فقط بالمقاومة الفلسطينية، بل تنبع من داخل جيش الاحتلال نفسه. عملية "طوفان الأقصى" كشفت عن ضعف كبير في التنسيق بين القيادة السياسية والعسكرية، مما أدى إلى تبني قرارات غير محسوبة تعرضت لانتقادات لاذعة من داخل الجيش ذاته.

غالانت، الذي يمثل صوت المؤسسة العسكرية وضرورة اتخاذ قرارات حاسمة ومهنية بعيداً عن الحسابات السياسية، وجد نفسه في مواجهة مع نتنياهو الذي يسعى لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الاستراتيجية العسكرية.

في الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو تصعيد الحرب لتعزيز موقعه، يدعو غالانت إلى تبني نهج أكثر حذراً وتأنياً، مع التركيز على تحقيق أهداف عسكرية واضحة.هذا الصراع يعكس فجوة كبيرة بين تطلعات القيادة السياسية بقيادة نتنياهو، وضرورات الواقع العسكري الذي يديره غالانت.

وبينما يسعى نتنياهو لاستخدام الحرب كأداة للبقاء في السلطة، يرفض جيش الاحتلال أن يكون أداة في يد السياسيين، ما يخلق حالة من التوتر وعدم الثقة بين الطرفين.

التداعيات المحتملة على المستقبل السياسي والعسكري لدولة الاحتلال.

التصريحات الأخيرة لنتنياهو ضد غالانت والاتهامات المتبادلة بينهما تفتح الباب أمام احتمالات عديدة للصراع الداخلي، فمن الواضح أن هناك تناقضات جذرية بين الرؤيتين السياسية والعسكرية في كيفية التعامل مع الوضع في غزة.

إذا استمر هذا التوتر دون معالجة، قد نشهد  أزمة قيادة عميقة قد تؤدي إلى انهيار الثقة بين القيادة السياسية والعسكرية، مما يعقد اتخاذ قرارات حاسمة في أوقات الأزمات.من ناحية أخرى، هذا الصراع قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل الحكومة، وربما يمتد تأثيره إلى الكنيست والمؤسسات الأمنية الأخرى.

في حال تصاعدت الأزمة، قد يحاول نتنياهو إقالة غالانت أو تقليص نفوذه داخل الحكومة، ما يمكن أن يزيد من تعقيد الوضع الداخلي ويؤدي إلى مزيد من الانشقاقات داخل الجيش.

على المستوى العسكري، قد يؤدي الصراع إلى إعادة تقييم الاستراتيجية الحربية لدولة الاحتلال. إذا شعر الجيش بأن القرارات السياسية تهدد أمنه وفعاليته، فقد يدعو قادته إلى مزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرارات العسكرية بعيداً عن الضغوط السياسية.

هذا التحرك قد يقلل من دور الحكومة في إدارة الصراع، ويزيد من نفوذ الجيش في تحديد مسار الحرب

.في هذا السياق، هناك سيناريوهان محتملان:

تصعيد الصراع الداخلي: في هذا السيناريو، قد تتفاقم الخلافات بين نتنياهو وقيادة الجيش، مما قد يدفع نحو تصعيد الصراع الداخلي وزيادة الانقسامات داخل الحكومة. قد يتخذ الجيش موقفاً أكثر استقلالية في اتخاذ القرارات، ما يضعف من سيطرة نتنياهو على مجريات الأمور.

أما السيناريو الثاني هو تهدئة التوترات وإعادة توجيه الصراع:

في هذا السيناريو، قد يتم التوصل إلى تفاهم بين الطرفين، حيث يتم تهدئة التوترات وإعادة توجيه الصراع في غزة بناءً على توافق بين الرؤية السياسية والعسكرية.

هذا السيناريو قد يعيد بعض الاستقرار إلى الحكومة ويساهم في توحيد الصفوف أمام التحديات الخارجية.

وعليه فإن التصريحات الأخيرة لنتنياهو ضد غالانت كشفت عن أزمة عميقة داخل القيادة السياسية والعسكرية لدولة الاحتلال، وهي أزمة قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على مستقبل الحكومة وأداء الجيش في غزة.

إن استمرار هذا الصراع دون إيجاد حل قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي ويعرض  دولة الاحتلال لمخاطر كبرى. وأي انقسام قد يضعف من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها.