Menu

"نتنياهو يتنازل عن 1 كم بفيلادلفيا"

تقريرصراع محور فيلادلفيا: المقاومة الفلسطينية تتحدى شروط الاحتلال في مفاوضات القاهرة

معاناة أهلنا في غزة نزوح مستمر، وكالات

خاص: بوابة الهدف الإخبارية - فلسطين المحتلة

في خضم المعركة السياسية المتواصلة، وبعد عدوان مستمر على الشعب الفلسطيني وقضيته، شهدت القاهرة مفاوضات معقدة ومشحونة منذ الجمعة 23 أغسطس وحتى السبت 24 أغسطس. هذه المفاوضات كانت ساحة صراع سياسي بين الأطراف، حيث يحاول كل طرف تعزيز موقعه على حساب الطرف الآخر، في ظل توترات وصراعات داخلية وإقليمية ودولية متشابكة.

على الجانب الصهيوني، تعكس تصريحات رئيس وزراء دولة الاحتلال نتنياهو تخبطًا كبيرًا وتناقضات واضحة. فعلى الرغم من إرساله فريق التفاوض بنفسه، لم يتوانَ نتنياهو عن توجيه انتقادات لاذعة إلى هذا الفريق، واصفًا إياهم بالضعف والتردد، متهمًا إياهم بالسعي للاستسلام. لقد حاول نتنياهو استغلال هذه اللحظة لتعزيز صورته أمام المؤسسة الأمنية والأطراف السياسية، مدعيًا أنه الوحيد الذي يدافع عن "مصالح دولة الاحتلال"، وأن الآخرين يسعون فقط لتحقيق اتفاقات تضر بما يسمى "الأمن القومي".

هذه التصريحات تكشف عن صراع داخلي حاد بين أركان المؤسسة الأمنية ودائرة المفاوضين من جهة، وبين نتنياهو من جهة أخرى. ورغم هذا التوتر الداخلي، أصرّ نتنياهو على شروطه التعجيزية، مثل التواجد العسكري على محور فيلادلفيا وإشراف قوات الاحتلال على ممر نتنساريم. ويبدو أن هذه الشروط تُستخدم كورقة للمساومة ومحاولة فرض الهيمنة على الأرض والميدان، بغض النظر عن الواقع السياسي والعسكري.

في المقابل، كان الموقف الفلسطيني حازمًا وثابتًا، حيث وقفت فصائل المقاومة الفلسطينية أمام كل محاولات الاحتلال لفرض إرادته على الأرض الفلسطينية. فصائل المقاومة، التي تدرك حجم التحديات، تعلم أن المعركة ليست فقط على طاولة المفاوضات، بل أيضًا على الأرض وفي قلوب وعقول الجماهير الفلسطينية.

كانت فصائل المقاومة الفلسطينية على دراية كاملة بأن نتنياهو يسعى لإطالة أمد المفاوضات واستخدامها كغطاء لعدوان جديد أو لفرض شروطه التعجيزية. لذا، تمسكت بمطالبها المشروعة، وعلى رأسها رفع الحصار الجائر عن غزة وفتح المعابر بشكل كامل، إضافة إلى ضمانات دولية تحول دون تكرار العدوان على القطاع الصامد. هذه المطالب ليست ترفًا سياسيًا، بل هي حقوق أصيلة لشعب يناضل من أجل حريته وكرامته.

من بين المطالب الفلسطينية الأخرى، كان هناك تركيز على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، ووقف عمليات الاغتيال والاعتقالات التعسفية في الضفة الغربية. هذه المطالب تعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال، وتظهر إصرار المقاومة على انتزاع حقوق الشعب مهما كلف ذلك من تضحيات.

ومع كل هذا الصمود، كانت فصائل المقاومة حريصة على الحفاظ على وحدتها وتماسكها في مواجهة الاحتلال. كان هناك وعي عميق بأن أي تنازل أو انقسام يمكن أن يستغله الاحتلال لتفكيك الجبهة الفلسطينية وإضعافها. لذا، كانت المقاومة تواصل التنسيق الوثيق بين مختلف الفصائل، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني موحد خلف مقاومته.

من جهة أخرى، كان الشارع الفلسطيني يترقب بحذر نتائج هذه المفاوضات. وكان هناك إدراك شعبي بأن نتنياهو يسعى لتحقيق مكاسب سياسية داخلية على حساب أي تقدم حقيقي في الملف الفلسطيني. هذا الوعي الشعبي ترجمه الأهالي في مظاهرات واعتصامات تطالب برفع الحصار وتحقيق العدالة للأسرى وإعادة إعمار غزة.

وفي ظل هذه التوترات، لعبت مصر دور الوسيط، محاولةً الموازنة بين مختلف الأطراف. القاهرة، التي تدرك خطورة التصعيد في غزة وتأثيره على أمنها القومي، كانت تسعى لتحقيق هدنة مستدامة تعزز من استقرار المنطقة. لكن في الوقت نفسه، كانت مصر حريصة على عدم تقديم أي تنازلات يمكن أن تضر بموقفها الإقليمي أو تجعلها تبدو ضعيفة أمام الاحتلال.

التحديات التي تواجه هذه المفاوضات كبيرة ومعقدة، فنتنياهو، الذي يعيش تحت ضغط داخلي وخارجي، يسعى للحفاظ على مكاسبه السياسية بأي ثمن. في حين أن فصائل المقاومة الفلسطينية تقف حائط صد ضد أي محاولة لتقويض حقوق الشعب الفلسطيني أو الانتقاص من سيادته على أرضه.

هذه المرحلة من المفاوضات، يبدو أن الوضع ما زال معقدًا، لكن المقاومة الفلسطينية أثبتت مرة أخرى أنها الرقم الصعب في هذه المعادلة. فصمودها وثباتها على مطالبها المشروعة يعكسان إرادة شعب لن يقبل بأقل من حقوقه الكاملة. وفي هذه الأثناء، تستمر القاهرة في محاولاتها لتحقيق توافق يضمن تهدئة مستدامة، لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيكون نتنياهو مستعدًا للتخلي عن غطرسته السياسية والانصياع لمتطلبات السلام العادل، أم سيستمر في عناده ودفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد؟