Menu

فى ذكرى استشهاد ناجي العلي

تقريرناجي العلي: صوت الصمت المتمرد ورمز المقاومة بالقلم

الشهيد ناجي العلي

في صباح يوم 29 آب/أغسطس 1987، ترجل الفنان الفلسطيني ناجي العلي عن عالمنا، تاركاً وراءه إرثاً ثورياً يُخاطب الوجدان الفلسطيني والعربي. وُلد ناجي العلي عام 1937 في قرية الشجرة في الجليل بفلسطين، ليشهد نكبة 1948، التي كانت الشرارة التي ألهبت مشاعره ووجهت مسيرته الفنية نحو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. نُفي مع عائلته إلى لبنان، حيث عاش تجربة اللجوء بكل تفاصيلها المرة، الأمر الذي شكل الأساس لأعماله الفنية التي تمحورت حول قضايا اللاجئين والفقراء والمناضلين.

حنظلة: أيقونة الثورة والصمود

ابتكر ناجي العلي شخصية "حنظلة"، الفتى الفلسطيني الصغير الذي وُلد في العاشرة من عمره، ولم يكبر أبداً منذ ذلك الحين. حنظلة الذي يدير ظهره للعالم ويرفع يديه خلف ظهره، أصبح رمزاً للصمود والمقاومة. من خلال هذا الرمز، عبّر العلي عن إحساسه العميق بالخسارة والغضب، وعن رفضه التام لأي شكل من أشكال المساومة أو التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.

ريشة المقاومة

كانت رسومات ناجي العلي لا تقتصر على نقد الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل امتدت لتشمل النقد اللاذع للأنظمة العربية التي رآها متواطئة في قمع شعوبها وفلسطين. استخدم العلي ريشته لفضح الفساد والتخاذل والانحراف عن القضية الفلسطينية، مما جعله هدفاً للعديد من الجهات. تعرض لمضايقات وتهديدات عديدة، وأُجبر على التنقل بين الكويت ولبنان ثم لندن حيث واصل عمله رغم كل الصعوبات.

الشهادة بالقلم

في لندن، يوم 22 يوليو/تموز 1987، أُصيب ناجي العلي برصاص الغدر وهو في طريقه إلى مكتبه بصحيفة "القبس" الكويتية. وبعد خمسة أسابيع من النضال بين الحياة والموت، توفي ناجي العلي في 29 أغسطس، ليترك العالم وهو يحمل جرحه الأخير، كما كان يحمل جراح شعبه في كل لوحة رسمها.

إرث لا يموت

ناجي العلي لم يكن مجرد رسام كاريكاتير، بل كان ضميراً حياً للشعب الفلسطيني، حمل همومه وآلامه وآماله في ريشته. رغم مرور السنوات على رحيله، ما زالت أعماله تتحدث وتعبّر عن مأساة شعبه وحقه في الحرية والعودة. من خلال خطوط بسيطة وأفكار عميقة، استطاع ناجي العلي أن يجعل من رسوماته أداة مقاومة، تبقى حية في الذاكرة الجمعية للأمة العربية، ترمز إلى النضال المستمر ضد الظلم والاحتلال.