Menu

العدو الصهيوني سيعض أصابعه أولا.

في المواجهة المحتدمة بين  الكيان الصهيوني وحزب الله

عليان عليان

عليان عليان.jpeg

عمان

اعتقدت قيادتا العدو السياسية والعسكرية بأن لجوئها إلى تكتيك الصدمة والترويع  المنفلت من عقاله ابتداءً من مجزرتي البيجر واللاسلكي ، مروراً باغتيال قيادات من قوات الرضوان في الضاحية الجنوبية،  ولجوئها إلى أبشع عملية قصف جوي وأكثرها كثافةً في الحروب  التي طالت كافة بلدات الجنوب والبقاع وبعلبك ونسبياً الضاحة الجنوبية ، في استهداف غير مسبوق في حروبها  ضد لبنان للمدنيين ومنازلهم  وممتلكاتهم  وللطواقم الطبية ، اعتقدت  أن هذا التكتيك ، سيحقق هدفين رئيسين هما:
1-إخضاع حزب الله لشروطه بوقف جبهة الاسناد لقطاع غزة ، وسحب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني  ، ما يمكن العدو من تحقيق الهدف المعلن من الحرب بإعادة  المستوطنين إلى  المستوطنات التي يقيمون فيها في مخلف مناطق  الجليل .
2- التفرغ لجبهة قطاع غزة  التي فشل العدو فشلاً بعد مرور حوالي عام دون تحقيق أي هدف الأهداف التي جرى تحديدها ، على أمل بائس ويائس، بأن ترضخ قيادة المقاومة لشروط العدو ومن ضمنها  توفير ممر آمن لخروج السنوار من قطاع غزة ، والإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين تتولى حكومة العدو تحديد أسماءهم .
تطورات المواجهة العسكرية وانقلاب السحر على الساحر
تطورات المواجهة العسكرية التي افتتحها العدو  بتاريخ 22  سبتمبر( أيلول ) الجاري ،بقصف سجادي شاركت ولا تزال تشارك فيه 250 طائرة حربية ( F15-F16) وألقى خلالها وعلى مدى سبعة أيام بكل إمكاناته العسكرية التدميرية ، لم تسفر عن تحقيق أي هدف من الأهداف التي حددها للحرب ، ناهيك عن فشله في دفع الحاضنة الجماهيرية لحزب الله للتمرد عليه وفشله في تهييج الشارع اللبناني بشكل عام ضد المقاومة، رغم الخسائر الهائلة  التي ألحقها  القصف الجوي بالمدنيين والتي أدت إلى استشهاد  ما يزيد عن 558 مواطناً، بينهم 50 طفلا و94 امرأة،  وإصابة ما يزيد 1835 مدنياً ، بل حدث العكس حين راحت قوى وكتل سياسية لبنانية كانت على خصومة مع حزب الله تصطف إلى جانب المقاومة ، وتتبارى في تقديم التسهيلات لاستيعاب النازحين من الجنوب.
ما فاجأ العدو أن  منظومة القيادة والسيطرة  والاتصالات لحزب الله  ظلت تعمل بكامل جهوزيتها  ما يعني أن  قوات الحزب لم تعتمد على البيجر وأجهزة اللاسلكي المستوردة  في اتصالاتها بغرفة العمليات المركزية ، بل على منظومة الاتصالات السلكية التي استخدمتها في حرب تموز  هذا (
 أولاً)  ( وثانياً)  أن الحزب  تصرف بعقل عسكري بارد ، حين لجأ إلى استيعاب الصدمة  وامتصاصها بعد أن ألقى العدو بكل ثقله في معارك القصف التي ضربت مساحات واسعة في لبنان ، وبدأ ينتقل من تكتيك الدفاع الاستراتيجي، إلى هجمات ذات طابع استراتيجي  في السياق المتدرج ، فوجبة الافتتاح الصاروخي فجر  22 سبتمبر ( أيلول ) الجاري في السياقين الأفقي والعامودي ، التي  طالت  طبريا وصفد وجميع مستوطنات الجليل الأعلى وإصبع الجليل  وحيفا  وما بعد حيفا   ممثلةً بقصف قاعدة رامات ديفيد الجوية ، ومجمع رفائيل العسكري للصناعات الالكترونية والعديد من المواقع في محيط حيفا بصواريخ فادي 1 وفادي 2 ، بعمق  45 كيلومتر ، ناهيك عن قصف العديد  من  المستوطنات في شمال الضفة في رسالة ذات أبعاد سياسية وعسكرية .
وفي سياق  خطته طور الحزب  مساحة القصف ليقصف  الجليل الأدنى،  مستهدفاُ المواقع العسكرية في الناصرة العليا والعفولة  بعمق 60 كيلو متر ، ثم ليطورها لاحقاُ ليعيد قصف الأهداف التي سبق وأن قصفها في حيفا ومحيطها  ، وليقصف بصواريخ فادي 3  مطارات وقواعد عسكرية جديدة مثل مطار مجدو ، وليقصف مصانع تصنيع الذخيرة في زخارون جنوب حيفا  وغيرها ، والقاعدة البحرية في عتليت في محيط حيفا،   وليقصف بعنف كافة  القواعد العسكرية وكافة مستوطنات الجليل وعلى رأسها مستوطنة كريات شمونة التي قصفها  بما يزيد عن (50) صاروخاً ،  ناهيك عن الوجبات الصاروخية الهائلة التي دكت مدينة صفد التي يقطنها (50) ألف مستوطن  ما يعني أن الحزب يعمل على تصعيد نزوح  المستوطنين من هذا المجمع الاستيطاني الكبير ، بالضد من هدف قيادة العدو لإعادة المستوطنين إلى أماكن سكنهم.
وأخيراً  ليس  آخرا ، أسقط في يد العدو ، بعد أن  ترجم حزب الله مقولة أمينه العام "إذا قصفت بيروت وضاحيتها الجنوبية سيتم قصف تل أبيب" ، حين قصف الساعة السادسة والنصف فجر يوم الأربعاء 25 سبتمبر ( أيلول) الجاري ،  بصاروخ باليستي ( قادر 1)  موقع قيادة جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد " المسؤول عن تفجيرات البيجر واللاسلكي ، في قلب تل أبيب  ،ما يعني أن حزب الله بدأ بالتدريج استخدام مخزونه الهائل من الصواريخ الباليستية والصواريخ الدقيقة والنقطية.
أبعاد سياسية وعسكرية
خلاصةً وبعد مرور ستة أيام على القصف الجوي الإسرائيلي ، وبعد مرور تسعة أيام على مجزرة  البيجر يمكن  الإشارة إلى الخلاصات السياسية التالية :
1-أن حزب الله استعاد زمام المبادرة وقوة الردع  وأفشل محاولات العدو لترميم ردعه الذي ضرب في الصميم  في السابع من أكتوبر وفي مراحل العدوان على غزة على امتداد ما يزيد عن (11) شهراً.
2- أن حزب الله تجاوز قواعد الاشتباك السابقة إلى مرحلة متطورة أطلق عليها نائب الأمين العام  الشيخ نعيم قاسم مسمى ( الحساب المفتوح)  في حين يسميها بعض المراقبين " قواعد اشتباك جديدة" بحيث لم تعد مساحة القتال والقتل في جبهة الجليل  الممتدة من رأس الناقورة إلى الجولان، بل باتت تشمل  عمق الكيان الصهيوني في حيفا وما بعد حيفا وصولاً إلى تل أبيب .
3- أن الحزب في تعميق ضرباته الصاروخية التي وصلت إلى حد إطلاق 400 صاروخ في يوم واحد طالت مواقع العدو العسكرية والاستيطانية  أفقياً وعامودياً، بات يؤرق العدو ، دفعت القيادات العسكرية إلى مراجعة حساباتها والتوقف عن التبجح بالانتصارات ، بعد أن وصلت إلى  مرحلة  تتماهى مع المثل الفلسطيني " ذهبت السكرة وجاءت الفكرة"، حيث بدأت تتحدث عن صعوبة هزيمة حزب الله ، وأن الحزب لا يزال يمتلك مقدرات عسكرية هائلة ، وبوسعه تجديد وتطوير هذه المقدرات ، وأنه لا حل أمام حكومة الائتلاف  سوى إنجاز صفقة مع المقاومة الفلسطينية ، تؤدي إلى وقف جبهة الاسناد في الشمال ، وتسمح بإعادة المستوطنين.
4- أن الفعل العسكري المتدرج الذي ضرب كافة المستوطنات في الشمال وفي الجليل الأدنى وصولاً إلى صاروخ (قادر1 ) في قلب تل أبيب ، عطل الحياة الاقتصادية والتعليم  في معظم مناطق الكيان الغاصب ،  وضرب الجبهة الداخلية  الإسرائيلية في الصميم حين أجبر هذا الصاروخ  ثلاثة ملايين مستوطن إلى الملاجئ ، ما دفع نتنياهو لمناشدة المستوطنين الخروج من الملاجئ وممارسة حياتهم الطبيعية ، وتأجيل سفره إلى نيويورك لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والأهم من كل ذلك ، أنه رغم حجم الخسائر في صفوف المدنيين اللبنانيين ، ورغم اغتيال عدد من القيادات العسكرية في حزب الله ، فإن حزب الله  لا يزال ثابتاُ على موقفه المبدئي في الاستمرار في مقاتلة العدو في  إطار جبهة الاسناد  لقطاع غزة ، التي تطورت  إلى جبهة " الحساب المفتوح" حتى يوقف العدو عدوانه على قطاع غزة ، وأنه وكما أعلن  الأمين العام لحزب الله في سياق تحديه لنتنياهو، بأنه لن يسمح بعودة المستوطنين إلى المستوطنات إلا بعد أن ترضخ قيادة العدو لمطالب المقاومة الفلسطينية ،وعلى رأسها وقف العدوان على قطاع غزة....وتقتضي الضرورة هنا أن نشير إلى   أن حزب  الله ألحق  بالعدو خسائر كبيرة على الصعيدين البشري  والمادي ، لم يعلن عنها ، ويخضعها بشكل صارم للرقيب العسكري .


أكاذيب نتنياهو تكشفها حقائق انتصارات المقاومة


لن نتوقف كثيراً أمام أكاذيب وترهات  وزير الحرب الصهيوني " يو آف غالانت" ورئيس أركان الاحتلال هاليفي  بأن جيشه قضى على نصف المنظومة الصاروخية لحزب الله ، وأن حزب الله قبل أسبوع ليس هو حزب الله بعد أسبوع ، فهي نوع من "البرو جاجندا" لرفع الحالة المعنوية للجبهة الداخلية الإسرائيلية .
 كما أن هذه التصريحات الرسمية الإسرائيلية- وفقاً للعديد من المحللين- تتناقض تماما مع واقع تعرض مواقعه العسكرية والاستخبارية والاقتصادية لضربات قاتلة من قبل صواريخ المقاومة  اللبنانية ، وتتناقض  مع ما يقوله كبار المعلقين الإسرائيليين، سواء في الصحف أو في وسائل الإعلام المرئية، فهم يطالبون بنيامين نتنياهو بخفض توقعاته وطموحاته حتى لا يقع في الحفرة نفسها التي وقع فيها في قطاع غزة.
الحرب البرية : العدو سيعض أصابعه أولاً
  لكن ما يجب التأكيد عليه أن العدو الصهيوني  بات  يقدم قدماً ويعيد أخرى، بشأن الدخول في حرب برية ، لإبعاد  قوات الرضون  لمسافة 40 كيلو متراً إلى ما وراء نهر الليطاني الله ، بعد أن أدرك أن القصف الجوي لن يحقق أهداف الحرب ، فالحرب البرية  محفوفة بالمخاطر اذا ما أقدم عليها وتنسف الإنجازات التكتيكية  التي حققها بالاغتيالات وبالقصف الجوي على امتداد الأيام السابقة ، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي :
 أ1-ن جيش الاحتلال  في حال قرر القيام بهجوم بري ، سيحارب على  أرض حزب الله، وفي هذه الحرب – كما يؤكد العديد من الخبراء العسكريين – سيفقد مزايا التكنولوجيا  والاستخبارات   التي وظفها في القصف الجوي وعمليات الاغتيال ، كما سيفقد الطيران ميزته أثناء التلاحم القتالي بين الطرفين .
2- أن المقاومة في عقدها القتالية المنتشرة على طول الجبهة ، ستلحق بقوات الاحتلال خسائر هائلة في إطار حرب العصابات ، على الصعيدين العسكري والبشري ، وستشهد جبهة جنوب لبنان مجازر هائلة للدبابات الصهيونية - وفي الذاكرة مجزرة الميركافا في وادي حجير في 12 أغسطس ( آب) 2006 - وذلك  في ضوء امتلاك الحزب لأسلحة متطورة  لتدمير الدروع مثل الكورنيت المطور  أو صواريخ الماس ألماس" ، الذي هو "نسخة معكوسة من صاروخ سبايك الإسرائيلي ، الذي ألقت بها قوات العدو أثناء هربها  في حرب تموز 2006 ، وعمل الحزب على إعادة تصنيعها عبر الهندسة المعكوسة.
3- أن حزب الله لن يكتفي باستخدام الكمائن في إطار الحرب غير المتناظرة ، بل من المؤكد أنه سينقل المعركة إلى مواقع العدو ، عبر دوريات وسرايا تخترق عمق العدو لضربه وإيقاع الخسائر به وفي مؤخرة قواته .
4- أن قوات الاحتلال ( خمس فرق) التي ستخوض الحرب البرية غير جاهزة للحرب البرية على صعيد العدد  والتجهيزات ، ناهيك أنها منهكة جراء ما لحق بها من ضربات وخسائر في قطاع غزة.
5- هذا  كله ناهيك عن جاهزية ما يزيد عن (40) ألف مقاتل من جبهات الإسناد اليمنية والعراقية ،  بانتظار إشارة من أمين عام حزب الله ، للانضمام إلى جانب المقاومة في مواجهة  جيش الاحتلال .
6- والأخطر من ذلك أن حزب الله سيعمل على استخدام  مخزونه الهائل من الصواريخ  لدك العمق الصهيوني ، التي تقدر بحوالي 200 ألف صاروخ ، نسبة عالية منها من الصواريخ  الدقيقة النقطية  طويلة المدى.

  في خضم هذه المواجهات العسكرية على مدى أسبوع من القتال تقريبا ، فإن الجانبين  الإسرائيلي وحزب الله  يواجهان معركة عض أصاب ، ولا نبالغ إذ نقول أنه  في ضوء معطيات ومخرجات الحرب،  يمكن أن نستنتج " أن  العدو هو من سيعض أصابعه أولاً" وسيكون مضطراً لمراجعة حساباته، وتدوير الزوايا  للوصول إلى صفقة مع المفاوض الفلسطيني  ، تستجيب لشروط ومطالب المقاومة الواردة في ورقة 2 تموز (يوليو) الماضي   وذلك  خشية من تطور الأمور إلى حرب شاملة ، خاصةً وأنه بات يواجه فشلاً مزدوجا في جبهة جنوب لبنان وجبهة قطاع غزة.