Menu

سموتريتش ينهي حق العودة

قرار حظر الأونروا: خطوة إسرائيلية لدفن قضية اللاجئين الفلسطينيين

بيسان عدوان

الطلقة الأخيرة الاستعمارية لإنهاء قضية اللاجئين

الهدف الإخبارية - فلسطين المحتلة

"يقول سموتريتش: 'إن ضمان أمن إسرائيل يتطلب إجراءات حاسمة، بما في ذلك إغلاق الوكالات الداعمة للاجئين.' بهذه الرؤية، يواصل مشروعه نحو إقامة دولة يهودية في الضفة و القدس خالية من الوجود الفلسطيني. أولى خطواته كانت بإحلال إدارة مدنية على الضفة بدلًا من السيطرة العسكرية، مع استبدال قوات الجيش والشرطة بقوات من المستوطنين أنفسهم. واليوم، يبدأ بتطبيق سياسات تهدف إلى التهجير التدريجي، سواء عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية أو من خلال القوة، كجزء من سعيه لإحكام السيطرة وتحقيق مخطط التهجير الطوعي أو القسري للفلسطينيين."

قرار دولة الاحتلال الأخير بحظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في القدس والضفة الغربية و غزة يمثل تصعيدًا خطيرًا في مواجهة الشعب الفلسطيني، ويعزز من محاولات الاحتلال في تقويض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة عبر قطع أحد أبرز شرايين الدعم لهم. هذا القرار، الذي تم اتخاذه في وقت الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال ضد أهلنا في غزة، يتماشى مع سلسلة من السياسات الهادفة إلى تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني وتهميش الهوية الوطنية الفلسطينية في القدس والضفة، فضلاً عن تصعيد الأزمة الإنسانية في غزة حيث تُمارس دولة الاحتلال حرب إبادة جماعية تدميراً وحصاراً وتجويعاً، في شمال القطاع تحديداً.

حظر الأونروا: خطوات في رؤية سموتريتش نحو ضم الضفة

يُنظر إلى قرار الحظر الإسرائيلي للأونروا باعتباره خطوة نحو تحقيق "السيطرة الكاملة" وفرض واقع سياسي جديد في الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا في القدس والضفة الغربية. الأونروا، التي كانت تعمل منذ تأسيسها عام 1949 لتقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين، تمثل رمزًا واضحًا ودائمًا لحق العودة. وبالتالي، فإن تقليص نشاطاتها يهدف إلى إعادة صياغة واقع الفلسطينيين ليصبح أقل ارتباطًا بقضية اللاجئين وأقرب إلى شؤون محلية تُعنى بظروف حياتهم اليومية فقط. من هذا المنطلق، تبرز تصريحات كل من سموتريتش وبن غفير بوصفها جزءًا من استراتيجية تحوّل قضايا الفلسطينيين من حقوق وطنية مشروعة إلى مجرد قضايا اجتماعية واقتصادية.

تأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية موسعة لترسيخ نظام الفصل العنصري الذي يعانيه الفلسطينيون، بحيث يصبح اللاجئون داخل الضفة والقدس تحت ظروف معيشية خانقة، تُفرض فيها القيود حتى على الخدمات الأساسية. مع غياب دور الأونروا، يُترك اللاجئون بدون مظلة دولية توفر لهم الحد الأدنى من الرعاية، ما يترك المجال مفتوحًا أمام دولة الاحتلال لتوسيع نطاق سيطرتها على الأراضي المحتلة.

في ظل توجّه دولة الاحتلال نحو تحقيق دولة واحدة بمعايير تمييزية، يمثل حظر الأونروا محاولة لإعادة تشكيل المشهد السكاني والاجتماعي في الأراضي المحتلة بشكل يتماشى مع رؤية دولة الاحتلال أحادية الجانب.

تداعيات قرار حظر الأونروا على الفلسطينيين

يستهدف قرار حظر الأونروا بشكل مباشر المؤسسات التي توفر الرعاية الأساسية والاحتياجات المعيشية للاجئين الفلسطينيين، حيث تلعب الأونروا دوراً مركزياً في تقديم الدعم الطبي والتعليمي والغذائي للمجتمعات اللاجئة، التي تعتمد على هذه الخدمات للبقاء على قيد الحياة في ظل التضييقات الإسرائيلية.

تبدو أهداف هذا القرار أبعد من مجرد حظر نشاط الأونروا؛ فهو جزء من خطة أشمل لتصفية قضية اللاجئين وإسكات الصوت الفلسطيني من خلال فرض سياسات تفرض الأمر الواقع التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للقدس والضفة الغربية، مما قد يشجع على تهجير تدريجي للفلسطينيين من مناطقهم التاريخية.

التأثير على الهوية الفلسطينية

في القدس، يتمثل تأثير القرار في محاولة تهجير غير مباشرة، حيث يسعى الاحتلال إلى تهويد المدينة وتغيير طابعها التاريخي. إن حظر نشاط الأونروا في القدس يعني أن آلاف العائلات الفلسطينية ستحرم من خدمات أساسية، ما يزيد من الصعوبات الحياتية ويزيد الضغط على الفلسطينيين للمغادرة. هذا الحظر يضاف إلى سلسلة طويلة من السياسات القمعية التي تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في القدس.

أما في الضفة الغربية، فيعمل القرار على تكثيف الضغوط على اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، حيث يعتمد العديد منهم على الخدمات التعليمية والصحية التي توفرها الأونروا، خاصة في ظل تدهور الاقتصاد المحلي وقلة الفرص الوظيفية. بدون دعم الأونروا، سيتعرض المجتمع الفلسطيني للمزيد من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، مما يفتح الباب أمام زيادة معدلات الفقر والبطالة وتفاقم التحديات اليومية التي يواجهها الفلسطينيون.

بينما يشهد قطاع غزة كارثة أخرى لا تقل ضراوة، حيث تُمارس الإبادة الجماعية والقتل والتدمير والتجويع الممنهج لشعبنا. هذا القرار يمثل امتداداً للحصار الخانق الذي تعيشه غزة منذ سنوات، ويزيد من حجم الكارثة الإنسانية التي تهدد حياة السكان. فالأونروا تُعد مصدر الحياة لمئات الآلاف من اللاجئين في القطاع الذين يعتمدون عليها للحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، ومع استمرار العدوان والحصار، يُمثل حظر نشاطها ضربة قاسية للأهالي.

حظر الأونروا بين الدعم الأمريكي والدولي

لا يمكن فهم هذا القرار الإسرائيلي بدون الإشارة إلى التحولات في موقف المجتمع الدولي تجاه الأونروا، خاصة مع خفض التمويل من الولايات المتحدة ودعمها المباشر لخطط تقليص خدمات الأونروا. في السنوات الأخيرة، شهدنا سياسة أمريكية مباشرة نحو تقليص الدعم المادي للأونروا، وهي خطوة تتماشى مع توجهات الإدارة الأمريكية السابقة في دعم دولة الاحتلال ضمن مشاريعها للتوسع الاستيطاني.

يمثل قرار الكنيست بحظر الأونروا ضربة كبيرة للوجود الفلسطيني في القدس والضفة وغزة، ويُعد جزءًا من مشروع إسرائيلي ممنهج يهدف إلى تقويض الهوية الوطنية الفلسطينية وتجريد الفلسطينيين من حقوقهم. إن هذا القرار لا يُعتبر إجراءً قانونيًا فقط، بل هو استمرار لحرب إيديولوجية وسياسية تسعى لتصفية الشعب الفلسطيني من أرضه، وإحكام السيطرة على كل الجوانب الحياتية له.

غياب الضغط الدولي

في ظل غياب أي ضغط دولي حقيقي لإلغاء القرار أو إعادة النظر فيه، يتعزز الاعتقاد بأن المجتمع الدولي يقف متفرجًا أمام مأساة تتزايد يومًا بعد يوم. ليبقى الفلسطينيون وحدهم في مواجهة آلة الاحتلال التي لا تزال تمعن في القمع والتدمير وتحدي القوانين الدولية، وسط صمت دولي يساهم في مفاقمة الكارثة الإنسانية.