Menu

بيت لاهيا.. نموذج الإبادة الجماعية

خاص_بوابة الهدف

بيت لاهيا، إحدى مدن شمال قطاع غزة، أصبحت رمزًا حيًا للمعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تحت العدوان المتواصل من قوات الاحتلال الإسرائيلي. تقع بيت لاهيا في منطقة خصبة زراعيًا وتتميز بتركيبتها السكانية الكثيفة، لكنها تعيش الآن دمارًا شاملًا بفعل التصعيد العسكري المستمر. تعد المدينة، بأحيائها المكتظة وسكانها الذين يعتمدون على الزراعة والعمل المحلي، شاهدًا على سياسة التدمير والإبادة التي تمارسها إسرائيل بصفة جماعية ضد قطاع غزة.

تتعرض بيت لاهيا، كما هو حال الكثير من مدن القطاع، إلى قصف عنيف يتسبب في دمار كامل للبنية التحتية والمباني السكنية والمرافق الحيوية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من صعوبة الحياة اليومية للسكان. حيث يتعرض القطاع الزراعي الحيوي في المدينة للتدمير، فيما تهدف هذه العمليات لزعزعة الأمن الغذائي وحرمان السكان من مصدر رزقهم الأساسي.

عمليات القصف المكثف لم تستثنِ المدارس والمستشفيات، ما يؤدي إلى نقص كبير في الرعاية الصحية والتعليمية الضرورية لأهالي المدينة، فضلًا عن انقطاع الكهرباء والمياه في ظل حصار خانق يمتد لسنوات طويلة.

الواقع الحالي في بيت لاهيا يعكس سياسة منهجية تهدف إلى دفع السكان إلى التهجير القسري، سواء بترك منازلهم تحت وطأة القصف أو بسبب نقص الخدمات الأساسية وغياب الأمن الغذائي. يستخدم الاحتلال سياسة "الأرض المحروقة" من خلال استهداف المناطق السكنية والمنشآت المدنية في محاولة لإجبار السكان على النزوح القسري. وقد أدت هذه الممارسات إلى موجة نزوح واسعة داخل القطاع، مما يزيد من تكدس السكان في أماكن محدودة ويضع ضغوطًا هائلة على الموارد والخدمات الإنسانية، حيث تتعرض أيضًا المناطق المستقبلة للنازحين لظروف معيشية كارثية.

ومن ناحية أخرى، فإن بيت لاهيا تعتبر نموذجًا للإبادة الجماعية التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث لا يقتصر العدوان على الدمار المادي فقط، بل يتعداه إلى فرض حصار اقتصادي خانق يمنع دخول الغذاء والدواء والوقود. ووفقًا للتقارير الدولية، فإن هذا الحصار يترافق مع عمليات عسكرية متكررة تستهدف المدنيين بشكل عشوائي، في خرق واضح للقوانين الدولية التي تمنع استهداف السكان المدنيين وتفرض حماية للمدنيين وقت النزاعات المسلحة.

بيت لاهيا، كغيرها من مدن قطاع غزة، تمثل حالة من الإبادة الممنهجة، حيث تدفع إسرائيل بسياساتها إلى تفريغ المناطق الفلسطينية من سكانها أو إبقائهم في حالة دائمة من الفقر والجوع والتشريد.

وبشكلٍ خاص، وفضلاً عن العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، تتعرّض محافظة شمال قطاع غزّة، وضمنها مدينة بيت لاهيا، إلى عدوانٍ موسّع، يستهدف خلاله الاحتلال الشجر والحجر والبشر، ويقتل بشّتى وسائل الموت، حيث ومنذ بدء التوغل البري الأخير في شمال القطاع منذ نحو شهر، استُشهد ما يزيد عن ألف مواطن، وأُصيب أضعاف هذا العدد، عدا عن مثله من المفقودين.

وتستهدف قوات الاحتلال في عدوانها المنظومة الخدمية والصحية في المدينة والشمال بشكل عام، فأخرج مستشفى الأندونيسي في جباليا، وكمال عدوان في بيت لاهيا عن الخدمة، والذي اقتحمته قوات الاحتلا مؤخراً واعتقلت منه مواطنون وجرحى وكوادر طبية، كما استهدفت طواقم الدفاع المدني، بسياسةٍ ممنهجة لإفراغ المدينة والمحافظة من سكانها، لدفعهم لترك منازلهم وبيوتهم وتهجيرهم قسراً.