Menu

المناضل الكبيسي.. تحدّث عن "الحرية التي لا مقابل لها إلّا الحرية"

غلاف كتاب حركة القوميين العرب للمناضل باسل الكبيسي

غزة _ خاص بوابة الهدف

يُصادف أول أمس الأربعاء، السادس من نيسان الذكرى الـ (43) لاغتيال الدكتور باسل الكبيسي، المناضل والمفكر العربي، الذي أطلق عليه عملاء الموساد "الإسرائيلي" عدة طلقات من مسدس بريتا كاتمٍ للصوت في أحد شوارع باريس من العام 1973.

القائد باسل الكبيسي من مواليد العاصمة العراقية بغداد عام 1934، وأستاذ القانون في الجامعة الأمريكية في بيروت وهو أحد مؤسسي حركة القوميين العرب وأحد كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

ينتمي الراحل لعائلة معروفة بمواقفها الوطنية والقومية، إذ مثلت عائلته القاعدة الاجتماعية لمدينة كبيسة العراقية وضواحيها، والقاعدة الاقتصادية التي كونت خطوط التجارة ما بين العراق وسوريا والأردن و السعودية وتركيا.

واستشهد القائد الكبيسي بعد ثلاثة أيام من تعرضه للاغتيال على يد عملاء الموساد في باريس.

تلقى باسل رؤوف الكبيسي دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت عام 1951م، وعلي إثر مظاهرات الطلبة التي شهدتها بيروت استنكاراً لإعلان قيام الحلف "التركي- الباكستاني" في شباط عام 1954 م، أصدرت إدارة الجامعة قراراً بفصله مع مجموعة من زملائه.

وخلال دراسته في الجامعة الأمريكية، لمع باسل الكبيسي كناشط سياسي وقائد طلابي، مكنته قدراته الثقافية والقيادية من القيام بدور سياسي مهم ليس في الجامعة فحسب، بل في كامل لبنان، وتعرّف في تلك الفترة على حكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش ، وكان من أوائل من التحقوا بحركة القوميين العرب.

وبعد طرده من الجامعة، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أتم دراسته الجامعية ونال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1955م ، ثم عاد إلى العراق وساهم في تأسيس فرع حركة القوميين العرب هناك.

وفي عام 1956م عُين باسل الكبيسي مديراً لمكتب وزير الخارجية العراقية، فاستطاع التعرف عن كثب علي تحركات النظام العراقي السياسية وتمكن من وضع عبوة ناسفة في إحدى السيارات المرافقة للوفد الأردني الى مفاوضات إعلان الاتحاد الهاشمي في آذار عام 1958م، وقد انفجرت في قصر الزهور ببغداد، واعتقل باسل على إثرها للتحقيق معه.

وأفرج عن الكبيسي أثر ثورة تموز عام 1958م، ثم أعيد اعتقاله في عهد الرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم عام 1959م رفقة عدد من أعضاء حركة القوميين العرب لمدة تزيد على العام.

وفي عام 1966م قاد باسل الكبيسي نشاط التنظيم الطلابي في عموم أوروبا، وكانت آراءه منفتحة على جميع الطلبة بمختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية، حتى نال رضى وود وتعاون الجميع.

وتزوج باسل الكبيسي من السيدة نادرة الخضيري، التي تحمل شهادة الدكتوراه في الأدب الانجليزي وتنتمي الى أرقى العائلات البغدادية.

وعندما تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في خريف عام 1967م، كان الدكتور الكبيسي من أبرز العناصر في أوساط المثقفين والطلاب العرب والأجانب في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا لدعم الثورة الفلسطينية.

الدكتور الكبيسي عُين أستاذاً في جامعة كالغاري بكندا عام 1969م، وبقي في منصبه حتى 1972م، حين عاد الى أرض الوطن، وتولى عدة مسؤوليات هامة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وتولى الدكتور الكبيسي رئاسة تحرير مجلة الوحدة الناطقة بلسان حركة القوميون العرب في العراق، ومن ثم غادر العراق إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته، حصل على شهادة الماجستير من جامعة "هوارد واشنطن" ومن ثم شهادة الدكتوراه الموسومة عن حركة القوميين العرب وتطورها ونشأتها.

عملية الاغتيال

اغتاله عملاء الموساد وهو في مهمة خاصة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يوم (6) نيسان سنة 1973.

وفي كتاب الانتقام للمؤلف (جورج جوناس) والذي صدر في كندا ونيويورك سنة 1983 بالانكليزية، قصة العملية الانتقامية للاحتلال لمن كان وراء عملية ميونيخ سنة 1972 والتي استهدفت الفريق الرياضي "الاسرائيلي".

ومما جاء في الكتاب ان المناضل العراقي الفلسطيني الدكتور باسل رؤوف الكبيسي كان واحداً من ضحايا هذه العمليات الانتقامية.

وتبدأ القصة بأن تفرغ كل من "روبرت" و"هانز" و"افنير" ، وهم من عناصر الموساد للذهاب الى باريس لاغتيال الدكتور باسل الكبيسي، بعد أن عدّوه واحداً من مخططي عملية ميونيخ، فتوجه افنير وهانس الى فندق الذي يقع في شارع شوفولاغاز الباريسي، وفي الساعة العاشرة ليلاً من مساء يوم (6) نيسان تابعوا الكبيسي وهو متوجه الى الفندق وقد أحس بأنه مراقب لكنه لم يهرب، ولم يكن هناك غيرهم في الطريق إلا روبرت الذي كان يتبعهما بحذر لملاحظة الطريق من الخلف وأخرجا مسدسيهما من طراز (بيريتا 22) وأطلقوا النار على الشهيد الكبيسي في نفس الشارع، وفي ساحة "لامادلين" ركبا سيارة كاتي التي كانت بانتظارهما لتأخذهما الى المنزل الآمن ومنه مباشرة الى المطار وفي اليوم التالي كان هانس وروبرت في أثينا وافنير في بيروت .

الشهيد الدكتور باسل الكبيسي شيّع في بغداد تشييعاً رسمياً مهيباً من بيته القريب من حي المستنضرية في بغداد الى مقبرة الشيخ معروف الكرخي، وشاركت في جنازته القيادات الحزبية في العراق وممثلي كافة الفصائل الفلسطينية، وكبار المسؤولين في الدولة.

رحل الدكتور الكبيسي وترك خلفه ثلاثة أولاد وهم أحمد، وياسر، ويعرب، وتُوفيّ ثلاثتهم بعد عام من استشهاد الأب، وتوفيت معهم والدتهم السيدة نادرة في حادث تحطم طائرة ركاب أرجنتينية فوق الأراضي السورية.

وأرّخ الدكتور الكبيسي لحركة ثورية هامة في تاريخ التحرر العالمي من قوى الشر الإمبريالية في المنطقة العربية، وهو مؤلف كتاب "حركة القوميون العرب" الصادر عن مؤسسة الأبحاث العربية عام 1985، والذي نال على إثره درجة الدكتوراه في العلوم السياسية.