Menu

أهالي غزة يفرون من الحرّ إلى البحر في رمضان

أهالي غزة يفرون من الحرّ إلى البحر في رمضان

فداء حلس - وكالات

قبيل دقائق من غروب الشمس تتوافد عشرات العائلات الفلسطينية إلى شاطىء بحر غزة لتناول الإفطار في رمضان؛ هربًا من حرارة البيوت في ظل استمرار أزمة انقطاع الكهرباء، وللاستمتاع بالأجواء الباردة وقضاء أوقات ممتعة مع الأهل والأصدقاء، خاصة مع ارتفاع تكاليف الفنادق والمطاعم السياحية التي لا يرتادها إلا طبقة محددة.

متنفس غزة الوحيد

شاطىء البحر بدا مكتظًا وبشدة بمئات العائلات التي ما زالت تصل حاملة معها طعامها الذي أعدته في المنزل، لتصل إلى الخيمة التي حجزتها أو تفترش "بطانية" مفرشًا منزليًا بسيطًا تجلس عليه، وتلك التي سبقتهم بالوصول فكان أطفالها يلهون ويلعبون على شاطىء البحر.

تجلس المواطنة وفاء البايض 60 عامًا برفقة أبنائها وأحفادها قبالة شاطئ بحر الشيخ عجلين يتندرون ويتجاذبون أطراف الحديث، تلتفت إلى مراسلة نوى وتقول :" أجواء الإفطار على شاطئ البحر تعطي راحة نفسية خاصة في ظل الحر والانقطاع المستمر للكهرباء".

ويعاني قطاع غزة من أزمة مستمرة في انقطاع التيار الكهربائي منذ عام 2007م، حيث تطبق شركة توزيع الكهرباء جدول 8 ساعات وصل مقابل 8 ساعات قطع، وعند اشتداد الأزمة يتم تقليص الجدول إلى 6 ساعات وصل مقابل 12 ساعة قطع، وبينما يعيش الناس حالة فقر شديد فلي قطاع غزة يعتبر شاطىء البحر متنفسها الوحيد والأرخص ثمنًا.

توضح الحاجة البايض أن الجو على البحر جميل جدًا ولكن في المنازل حر، فالأطفال هنا يجدون مساحة واسعة للجري واللعب والسباحة وقضاء أوقات جميلة تخفف عنهم ما نعانيه داخل البيوت.

ابنها رضوان البايض 26 عامًا يؤكد أن الإفطار على شاطىء البحر أصبح من الطقوس الرمضانية المعتادة في السنوات الأخيرة، فالناس تبتهج "بلمة الأسرة" في مكان سياحي على بساطته التي تناسب كل فئات المجتمع.

ويكمل البايض بغصّة حزن أن رمضان هذا العام جاء مختلفًا لفقدان الوالد الذي كان عامود السفرة الرمضانية، وبيّن رضوان أن الرحالات العائلية تقرب العائلة من بعضها، وتضفي جوًّا من السعادة وفيها كسر للروتين اليومي الذي تفرضه ساعات الصيام.

ترفيه عن الأبناء

تعود العائلة إلى البيت مساءً مع موعد وصل التيار الكهربائي الساعة 11 ليلًا كما تقول السيدة فدوى البايض "48عامًا"، والتعي تعبر عن ارتياحها لسعادة أبنائها وهم يلعبون على شاطىء البحر فالمتنزهات والأماكن العامة غالية الثمن.

وعادة تتكلف العائلات التي تفطر على شاطىء بحر غزة فقط تكلفة حجز خيمة إن أرادت أو ثمن طاولة وكراسي وهي زهيدة تناسب قدرات العائلات الفلسطينية محدودة الدخل.

على مسافة غير بعيدة من السيدة فدوى، ترسم بناتها فاطمة وأريج "18عامًا" على رمل شاطىء البحر لعبة اسمها "ادريس" والابتسامة واسعة على وجهيهما، فالصبيتنا أنهيتا قبل أيام فقط امتحانات الثانوية العامة.

تقول فاطمة وهي تتابع لعبتها الجميلة:"الامتحانات كانت صعبة جدًا، وتقديمها ونحن صائمون متعبًا، كانت الأسرة تنتظر انتهاء امتحاناتنا حتى نخرج جميعًا في "شمة هوا"، ترتاح فيها نفسيتنا ويجتمع شمل العائلة في الهواء المنعش، بعد تعب الدراسة".

في ميناء غزة تتواجد أيضًا مئات العائلات الفلسطينية التي حضرت للإفطار على الشاطىء، المواطن سمير الكحلوت جاء ومعه أسرته أسرته المكونة من أحد عشر فردًا يقول إنه قرر الإفطار في الميناء للهروب من العتمة والأجواء الحارة في المنزل, والتي يسبهها انقطاع الكهرباء، إضافة إلى الترويح عن الأطفال والتفريغ عنهم.

وأضاف الكحلوت ضاحكًا:" كنت أعتقد أن شاطئ البحر خالٍ من الناس في هذا الوقت، لكني فوجئت بهذا العدد، لا نكاد نجد مكانًا نجلس فيه، الكل يهرب من الحر إلى هنا".

أما ابنته رشا "18عامًا" والتي أيضًا أنهت امتحانات الثانوية قبل عدة أيام، فتعبر أن الامتحانات كانت معقولة ولم تشعر بصعوبة كبيرة، لكنها رغم ذلك تريد الترويح عن نفسها بالاستمتاع والتنزه في المناطق التي لم تتمكن من زيارتها طوال الشهور الماضية.

تعبّر رشا عن سعادتها بتواجدها اليوم على شاطئ البحر للإفطار وقضاء أوقات عائلية جميلة، واللعب مع إخوتها في الهواء الطلق الذي يشيع البهجة في النفوس المتعبة بسبب ضغوطات الحياة اليومية، فالبحر أيضًا يمد الناس بطاقة إيجابية.

هنا تكمل شقيقتها ريهام 19 عامًا : في هذه الظروف تصبح البيوت كأنها سجن لا ييدخله الهواء، لكن هنا الأجواء جميلة ورؤية الناس وهم سعداء يعدّل مزاج الجميع".

بعد الإفطار مباشرة تتزين الطاولات البلاستيكية البسيطة بأصناف الحلويات التي أحضروها الناس معهم من بيوتهم، وتبدأ جلسات السمر التي تستمر حتى موعد عودة التيار الكهربائي الساعة 11 ليلًا، ومنهم من يستمر حتى السحور، هكذا يجد المواطنون الفلسطينيون في غزة دومًا مخارج تخفف عنهم آلام الحصار وضيق الحال.

المصدر: شبكة نوى.