Menu

البلديات والتحرير!

بوابة الهدف الإخبارية

الانتخابات المحلية

التوافق الفلسطيني على إجراء انتخابات المجالس المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من شأنه أن يشيع نوع من التفاؤل بكونه أول خطوة عملية تفتح على إنهاء الانقسام عبر آليات ديمقراطية تفضي لتجديد المؤسسات الفلسطينية وتوحيدها.

وكي تكون هناك آفاق لمثل هذا التفاؤل فإن الأمر يحتاج إلى اتفاق وطني على ميثاق شرف تحتكم إليه جميع القوى السياسية والمجتمعية، وتلتزم به السلطتين في غزة والضفة، باحترام نتائج الانتخابات وعدم الانقلاب عليها، وبعدم استخدام سلطاتها في التأثير أو التوجيه لعملية الانتخابات بأي شكلٍ من الأشكال.

 بناء المؤسسات الفلسطينية على أساس وحدوي وديمقراطي بدءًا من تلك المؤسسات الأكثر صغراً واحتكاكاً بحياة الناس هو خيار دعا إليه الكثيرون في ظل انسداد أفق الوصول لتطبيق عملي لما تم الاتفاق عليه مسبقاً بخصوص إنهاء الانقسام عبر توحيد رأس الهرم السياسي، أصحاب هذا الطرح جادلوا بالأساس بأن الإرادة السياسية غير متوفّرة لدى طرفي الانقسام، وأن بدء اجراءات التوحيد في المؤسسات الأصغر أو الأدنى سيكون أقل حساسية وإثارة للاعتراضات التي يبديها طرفي الانقسام عند أي محاولة للتوحيد قد تمس بالأوضاع القائمة والتي يبدو أنّ كلا الطرفين يرتاح لها لحدٍ كبير.

رغم أن التجربة القاسية للفلسطينيين في نكوص المنقسمين عن معظم اتفاقاتهم السابقة تثير الخشية وتكبح هذا التفاؤل الحالي، إلا أنه لا يجب إغفال كون هذه الانتخابات بالذات تحمل فرصة عظيمة للفلسطينيين. لا على صعيد إنهاء الانقسام في جسم السلطة الفلسطينية فحسب، ولكن الأهم على صعيد التعامل مع التحديات السياسية الماثلة أمامهم، ولهذا يصبح الاتفاق الوطني على هدف الانتخابات المحلية أمرا في غاية الاهمية حتى لا تتحول الى ميدان جديد من الصراع السلبي الذي يعزز الانقسام و يفاقم من الازمة الوطنية.

أزمة الفلسطينيين الناتجة عن الارتهان العميق لمعظم مؤسساتهم لشروط المانحين السياسية، حوّلت الكثيرين منهم إلى جمهور متلقي وغير فاعل، بدلاً من استكمال فعلهم الوطني والتحرري ضد الاحتلال، هذا الوضع يلزم الفلسطيني المسيس بالتعامل مع هذه الانتخابات باعتبارها نقطة يمكن تحويلها لمحطة فارقة في التاريخ الفلسطيني ونقطة انطلاق للفكاك من القيود السياسية التي تُكبّل الحالة الفلسطينية.

المطلوب اليوم هو تعزيز قوة البنى التحتية المؤسساتية الفلسطينية، بقالب تحرري ووطني وديمقراطي، وأن تتحول هذه البلديات والمجالس المحلية لعنوان حقيقي للصمود الفلسطيني ومجابهة الاحتلال بالمعنى الوطني الكُلّي، وبالمعنى اليومي، فهذه المؤسسات تقع بالفعل على خط التماس أولاً مع فعل الآلة الاحتلالية الصهيونية ومشروعها الاستيطاني وتمدد هذا المشروع عبر مصادرة الاراضي وتهجير الفلاحين الفلسطينيين وضرب منظومة الخدمات في المناطق المهددة والمصادرة، وهذا لا يمكن مواجهته إلاّ بتحويل كل مجلس محلي وبلدي إلى خلية نضالية تختص بدعم صمود الجمهور، وتُسهم بالفعل النضالي الجماهيري في مواجهة اجراءات الاحتلال سواء كان حصاراً لغزة أو تغولاً للاستيطان وجيش الاحتلال في الضفة.

الجمهور الفلسطيني وكذلك الصحافة والعاملين في صناعة الرأي العام عليهم مسؤولية واضحة في ايصال رسالة لا لبس فيها، بأنه لا مجال لقبول استمرار الوضع القائم من الانقسام، ولا بقبول أن يكون المتصارعين على السلطة عنواناً لهذا البناء الضروري إذا ما استمروا على ذات السياسة الاقصائية والانقسامية، وأن ذهاب الجمهور الفلسطيني على أساس الانقسام السياسي أو الانتماء العشائري لن يكون إلاّ تعميقاً للازمة الداخلية.

المخرج الحقيقي هو بتصويت كثيف لتلك الشخصيات والقوائم الديموقراطية الوطنية، التي تتبنى برنامج الوحدة والنضال والديموقراطية، لا لمن يتمترسون أمام استخدام المحليات لأغراض فئوية، وإخضاعها لسياسات غابت معها الخدمات رغم تعدد أشكال الجباية التي أنهكت المواطن الفلسطيني الذي يعاني أصلاً من تبعات الاحتلال وسياساته.

من هذه القاعدة لتكن الانتخابات فرصة للمضي بطريق العودة الفلسطيني. منتصرين عائدين محررين.