Menu

عمليات المقاومة الأردنية: من معركة القسطل إلى معبر الكرامة – إرث لا ينكسر

الشهيد الأردني ماهر الجازي.jpeg

خاص: الهدف الإخبارية

أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، استنادًا إلى مصادر أمنية، أن الأردني ماهر الجازي (39 عامًا) هو منفذ عملية إطلاق النار على معبر الكرامة صباح الأحد، التي أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين. وُلد الجازي في 28 نيسان/أبريل 1985 وينحدر من محافظة معان في الأردن، حيث تنتمي عائلته إلى عشيرة الحويطات في قرية أذرح. يُذكر أن الجازي ينتمي إلى عائلة ذات تاريخ نضالي، حيث يُعد من أحفاد الشيخ هارون الجازي الحويطي، قائد سرية متطوعي أبناء الحويطات في معركة القسطل عام 1948، واللواء مشهور الجازي، أحد القادة الرئيسيين في معركة الكرامة عام 1968.

عملية إطلاق نار في معبر الكرامة.jpg
 

 العمليات الأردنية ضد الاحتلال الإسرائيلي:

شهدت الحدود الأردنية الفلسطينية على مدار التاريخ المعاصر، خاصة بعد فك الارتباط الأردني بالضفة الغربية في عام 1988، عمليات مقاومة نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي. على الرغم من تراجع التنسيق العسكري الرسمي بين الأردن والمقاومة الفلسطينية بعد فك الارتباط، إلا أن الحدود الأردنية الفلسطينية ظلت معبراً للمقاومة الفردية والجماعية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويُظهر هذا المسار استمرارًا في النضال الفلسطيني الأردني المشترك الذي يهدف إلى التصدي لممارسات الاحتلال، وتأكيد الهوية الوطنية والوحدة التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والأردني.

فك الارتباط الأردني بالضفة الغربية

في يوليو 1988، أعلن الملك الحسين فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، مما عنى انتهاء السيادة الأردنية على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. جاء هذا القرار استجابة للضغوط السياسية الداخلية والخارجية والتطورات على الساحة الفلسطينية، وأبرزها الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في عام 1987، والتي عززت المطالب بإدارة فلسطينية مستقلة للأراضي المحتلة. 

رغم فك الارتباط، بقي الأردن مرتبطًا بالقضية الفلسطينية، سواء على مستوى العلاقات الشعبية أو حتى في الأطر السياسية. حافظ الأردن على دوره الداعم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وواصل التنسيق مع السلطة الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس .

استمرارالعمليات العسكرية عبر الحدود

منذ التسعينيات، ورغم الابتعاد السياسي الرسمي، استمرت العمليات العسكرية الأردنية الفلسطينية عبر الحدود. وكانت تلك العمليات ذات دلالات عدة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الاجتماعي، إذ عكست استمرارية العداء للاحتلال واستمرار الروابط العميقة بين الشعبين الفلسطيني والأردني. من بين هذه العمليات، برزت عمليات فردية نفذها مقاومون أردنيون وفلسطينيون في مواجهة الاحتلال. 

أبرز العمليات بعد عام 1990

- عملية العوجا (1990): بعد مجزرة الحرم القدسي، نفذ مجموعة من المقاومين، منهم سالم وخالد أبو غليون وأمين الصانع، عملية تسلل عبر الحدود الأردنية واشتبكوا مع قوات الاحتلال قرب العوجا. أسفرت العملية عن مقتل ضابط إسرائيلي واستشهاد أحد أفراد المجموعة وأسر الباقين. جاءت هذه العملية كرد مباشر على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في القدس، وأثبتت قدرة الفلسطينيين والأردنيين على توحيد الجهود لمواجهة الاحتلال رغم القيود السياسية.

- عملية سلطان العجلوني (1990): في نفس العام، نفذ الأردني سلطان العجلوني عملية إطلاق نار عبر الحدود أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلي. العملية التي نفذها العجلوني وهو شاب في السابعة عشرة من عمره، عكست روح التضحية والإصرار على استهداف الاحتلال، حتى في ظل الإمكانيات المحدودة.

- عملية مروان عرندس (1991): قام عرندس وزملاؤه بعملية تسلل عبر الحدود الأردنية واستهداف حافلة تقل جنودًا إسرائيليين. رغم سقوطهم شهداء، إلا أن هذه العملية كانت رسالة على أن النضال الفلسطيني الأردني لم يتوقف بعد فك الارتباط، وأن الحدود الأردنية كانت وستظل مسرحًا لعمليات مقاومة متعددة.

- عملية سونا الراعي (1996)

 في ذكرى استشهاد شقيقها، نفذت سونا الراعي عملية إطلاق نار ضد جنود الاحتلال عند معبر الكرامة. كانت هذه العملية تحديًا مباشرًا للاحتلال واستمرارًا لمسار المقاومة الفردية التي تحاول اختراق الحصار والتواجد العسكري الإسرائيلي.

دلالات العمليات عبر الحدود

- استمرارية النضال الشعبي: أظهرت هذه العمليات أن فك الارتباط لم يكن نهاية للتعاون الشعبي بين الأردنيين والفلسطينيين في مواجهة الاحتلال. فالعمليات الفردية كانت تعبيرًا عن استمرار النضال الشعبي ضد إسرائيل، وعدم التنازل عن القضية الفلسطينية رغم التغيرات السياسية.

الحدود كمسرح دائم للمقاومة:

 الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة كانت ولا تزال مسرحًا دائمًا لعمليات المقاومة. ورغم الجهود الإسرائيلية المكثفة لتأمين هذه الحدود، إلا أن العمليات التي نفذت عبرها أو بالقرب منها مثلت خرقًا مباشرًا للسيطرة الإسرائيلية.

الطابع الفردي والرمزية الوطنية: العمليات التي نفذت منذ التسعينيات حملت طابعًا فرديًا في معظم الأحيان، وهو ما يبرز رمزية المقاومة الفردية كجزء من النضال الوطني الشامل. فالمقاومون، سواء كانوا أردنيين أم فلسطينيين، كانوا يعتبرون أن مقاومتهم جزء من واجبهم الوطني في مواجهة الاحتلال، حتى لو لم يكن لهم ارتباط تنظيمي مباشر مع الفصائل الفلسطينية.

تحولات في النضال والمقاومة

شهدت فترة ما بعد التسعينيات تحولات كبيرة في أساليب النضال الفلسطيني الأردني. فبعد توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية (وادي عربة) في 1994، تراجعت العمليات العسكرية عبر الحدود نتيجة للضغوط الدولية والإقليمية. إلا أن المقاومة لم تختفِ، بل اتخذت أشكالًا فردية وجماعية جديدة، وكان للأردنيين دور بارز في هذه العمليات.

تُظهر العمليات التي وقعت عبر الحدود بعد عام 1990 استمرارية النضال الشعبي ضد الاحتلال، كما تؤكد أن فك الارتباط لم يكن نهاية للتعاون الشعبي بين الأردن وفلسطين في هذا السياق. لا تزال الحدود الأردنية الفلسطينية تحمل رمزية كبيرة، ويظل النضال الأردني والفلسطيني ضد الاحتلال جزءًا من النسيج التاريخي المشترك الذي يربط بين الشعبين.