Menu

بيت لحم: ندوة حوارية في ذكرى رحيل جورج حبش "الحكيم فكراً وسياسة.. بين الأمس واليوم"

جانب من الندوة

بيت لحم_ بوابة الهدف

نظّمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مساء أمس السبت، ندوة حواريّة، في الذكرى التاسعة لرحيل القائم المؤسس جورج حبش ، بعنوان "الحكيم فكراً وسياسة.. بين الأمس واليوم". وذلك في مقر النادي الأرثوذكسي، في بلدة بيت جالا بمدينة بيت لحم. بحضور نخبة لفيف من السياسيين، وممثلين عن البلديّات، ومؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى نخبة من المثقفين، وأساتذة جامعات ومحاميين وكتاب وفنانين ونقابيين وأطباء وصيادلة.

وتحدّث خلال الندوة كلّا من الرفيقين عمر شحادة، و رجا اغبارية ، وأدار الحوار وليد الشوملي.

وبدأت الندوة بالسلام الوطني الفلسطيني تلاه دقيقة صمت وحداد على أرواح الشهداء وروح الحكيم. ثمّ تحدثت الفنانة التشكيلية رنا بشارة عن عملها الفني، لنقل قبر الحكيم من الخارج للداخل "بصورة رمزية معنوية".

وشكر الشوملي النادي وجبهة العمل النقابي التي وفرت اللقاء، كما شكّر الحضور النوعي، قبل أن يتطرّق للحديث عن الحكيم جورج حبش في ذكرى رحيله.

وفي مُداخلته تناول الرفيق رجا اغبارية، نقاطاً أساسية في حياة ونضال الحكيم إلى أن استشهد، وعن علاقته المباشرة بالحكيم القائد الشامل والأخلاقي وعن الحوارات مع ممثلي التيارات الوطنية في مناطق 48، التي كانت تدل على النظرة الثاقبة في تفكيره وتركيزه على الداخل الفلسطيني، وانه أول وأكثر من كان مهموماً بالجماهير الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 48، وتياراتها السياسية، وكان حارساً للثوابت وكانت الوحدة الوطنية نقطة ضعفه ومقدسة عنده.

وطرح اغبارية عدّة تساؤلات، عمّا فعلته الجبهة بعد رحيل الحكيم، مُطالباً بإعادة النظر في الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية، مُستغرباً من "التمسك بالوحدة داخل منظمة التحرير بعد انهيارها من الداخل وخطفها من قبل القيادة الحالية وتخلي اتفاق أوسلو عن فلسطينيي الـ48، مُطالباً بإعطاء الأولوية للانتفاضة اليتيمة".

وعدّد مناقب الرفيق الحكيم على أساس عالميته وقوميته ووطنيته رمزاً للنضال الثوري.

تلاه ذلك، حديث الرفيق شحادة، الذي بدأه بالتحية لروح الشهيد الأسير المحرر المطران كبوشي، وجايل العرجا، وشهداء حركة القوميين العرب والجبهة والثورة.

وقال "حين نُحيِي ذكرى رحيل الحكيم؛ فنحن في الحقيقة نكرم العقل والفكر والإرادة التي شقت درب المقاومة والثورة أمام شعبنا ونستلهم تجربته ورفاقه ونقتبس من تراثهم ما ينير مسيرة شعبنا ونضاله، إننا نصغي إلى صوته وأصوات رفاقه مقاتلي الحرية الشجعان في حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية، الذين قدموا ويقدمون الغالي والنفيس على مذبح حرية الوطن والأمة، الرفاق: وديع حداد، أبو ماهر اليماني، باسل الكبيسي، أحمد الخطيب، هاني الهندي، علي ناصر محمد، أبو علي مصطفى ، غسان كنفاني، جيفارا غزة، والآلاف من الشهداء، والمناضلين الأحياء والأسرى، وفي مقدمتهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق المناضل أحمد سعدات.

وأضاف شحادة "يُمثّل الحكيم نداء الحرية والكرامة الوطنية والإنسانية، نداء التحرير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة، وإذا كانت الحرية  هي، وعي الضرورة، فالمقاومة هي الشروع في ممارستها، وهي أسلوب حفظ البقاء ووجودنا الإنساني وحماية الهوية الوطنية وكينونتها السياسية".

وتابع في كلمته أنّ "الحكيم وفي مجرى نضاله القومي والوطني، تحول إلى رمز من رموز مرحلة التحرر الوطني والعالمي وتصفية الاستعمار في القرن العشرين، واحتل مكانته قائداً وطنياً وقومياً وأممياً، وعنواناً للاستجابة والتغيير والتحول، نحو الاسترشاد بالمنهج المادي الجدلي التاريخي في قراءة وتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية ومعالجة قضايا الثورة، وكان نموذجاً للمثقف الثوري الذي انحاز للجماهير الشعبية، ورأى فيها قوة التغيير والتحرير الأساسية وضمانة الانتصار".

وقال الرفيق شحادة "لو طُلب مني أو أجيز لي أن أُلخص رؤية الحكيم السياسية بكلمتين، فلعلّي أقول إنهما: المقاومة والوحدة؛ مقاومة التجزئة والتبعية والجهل والفقر والمرض، مقاومة الاحتلال وإرهاب دولة الاحتلال والاستيطان، مقاومة الصهيونية والاستعمار والرجعية، مقاومة الفساد والاستبداد والاستغلال بكل أشكاله، أما الوحدة؛ فوحدة الشعب والأرض والقضية والمصير، وحدة النضال الوطني والقومي والإنساني، وحدة وترابط النضال الوطني والديمقراطي والاجتماعي، وحدة البرنامج ووحدة القيادة ووحدة الأداة؛ أداة التحرر الوطني والديمقراطي في المرحلة التي نعيش، وحدة التنوع وصراع الأضداد والتقدم ، وليس وحدة الركود والسكون والجمود والتحجر".

ونوّه إلى أنّ "المقاومة والوحدة" هما جوهر وصية الحكيم إلى رفاقه وأبناء الحركة الوطنية وشعبنا، التي قالها وهو على سرير الموت قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، إذ قال "وصيتي لكم أن تتمسكوا بالمقاومة وأن تستعيدوا الوحدة الوطنية".

وأكد أنه "بفضل هذه المقاومة والوحدة في أعقاب هزيمة حرب حزيران 1967 باتت منظمة التحرير الفلسطينية أهم منجز وطني لشعبنا ولقضيته وحقوقه ليس فقط بوصفها ممثلا شرعيا وقائدا موحدا له في كل مكان، تعكس برنامج الاجماع الوطني في صيغة جبهوية تشمل قوى شعبنا السياسية والاجتماعية، بل وقبل كل شيء  كونها الحاضنة السياسية والقانونية لحق شعبنا في العودة التي تمثل جوهر القضية الفلسطينية".

وأوضح أنّ "اتفاق أوسلو شكّل انعطافة نوعية في النضال الوطني مس كل ما مثلته منظمة التحرير وألقى بها على الرف لحساب السلطة الفلسطينية، وبات يُوظّف للاستخدام السياسي في المفاوضات، ما شل فعاليتها ومؤسساتها، وأكد بأن استعادة مكانتها اليوم أداة للتحرر الوطني وقائدا موحدا وممثلا شرعيا وحيدا، هو الرد على التحديات التي تهدد بتصفية القضية الوطنية".

وعن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، قال شحادة "إن ترامب ليس هو المشكلة، فهو بمثابة نتاج الأزمة الاقتصادية والمالية والأخلاقية للرأسمالية في مركزها الأول بالولايات المتحدة، وأزمة نظامها السياسي السقيم وحزبه الوحيد الحاكم برأسيه الديمقراطي والجمهوري، وهو عنوان لسياسة الابتزاز السياسي والمالي في منطقتنا العربية وحليف وشريك لحكومة الاحتلال والاستيطان التي تضع تصفية حقوق شعبنا ومنظمة التحرير وقوى المقاومة المسلحة في غزة وحزب الله في دائرة الاستهداف السياسي والعسكري المباشر". 

وأكّد أنه "لا يمكن ولا يُجدي، الرد على تحديات وسؤال اليوم بإجابات الأمس، فحركة شعبنا وشعوبنا العربية من أجل التغيير لن تتوقف رغم كل الظروف المجافية والأحداث الجارية، وستغدو جزءًا من حركة النهوض الشعبي المدني والاجتماعي التي نسمع إرهاصاتها في الولايات المتحدة ودول العالم وستبقى الحراكات الشعبية العربية والثورتين التونسية والمصرية بمثابة بوصلة الحركة والتغيير، ومعها شعار "الشعب يريد تغيير النظام" مرفوعاً، تغيير حكم الفرد ودستوره بدستور وحكم الشعب.

وأشار إلى أنّ "مسألة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية، دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية، في سياق أهداف التحرر والعدالة والوحدة، والانضواء في مواجهة المشروع الصهيوني ودولته اليهودية وعاصمتها القدس الموحدة، باتت منطلقاً ونهجا ومعياراً لوطنية ومصداقية أي نظام عربي ولأي قيادة رسمية أو شعبية".

وختم الرفيق شحادة حديثه بالقول: اليوم ونحن نحيي ذكرى حكيم الثورة وضميرها، وكلما ابتعدنا عن ذلك اليوم الذي ودّعناه فيه، نستشعر وندرك كم كان نافذ البصر والبصيرة وكم كانت رؤاه صائبة، إن الحكيم لم يمت ورؤاه تحيا بيننا وستنتصر". 

وشاركت عدّة شخصيات بمُداخلات وآراء خلال الندوة، أكّدت على صدق الحكيم وثباته على المبادئ. ووجّه بعض الحضور نقداً للجبهة الشعبية بسبب علاقتها بالسلطة الفلسطينية، ووضعها داخل منظمة التحرير.

وتخلّلت الندوة الحوارية، مشاركات هامة من الحضور، ومن الرفاق، منهم الرفيق محمود فنّون، والرفيق الكاتب الصحفي حمدي فراج، وأكّدت هذه المداخلات على أن مشروع الجبهة هو مشروع الحكيم بأفقه التحريري والتنويري الرحب، والوطني القومي الأممي والإنساني، وبرغم الظروف المجافية فإن الجبهة الشعبية ورجالها وأنصارها، هم المؤتمنون على هذا المشروع الذي لن يتوقف مهما تكالبت الصعاب، والذي بات ملكاً للجماهير.

وبعد الاستماع للمداخلات، أجاب المحاضران اغبارية وشحادة على أسئلة الحضور.