Menu

نحمي الأرض أو لننتظر الإبادة

بوابة الهدف الإخبارية

نحمي الأرض أو لننتظر الإبادة(3)

تميل الأغلبية العربية والفلسطينية في نظرتها لكل قرار إرهابي جديد صادر عن المنظومة الصهيونية، باعتباره جزء من مسار عمل هذه المنظومة منذ ما قبل إنشاء الكيان الصهيوني، وتأكيداً على سياساتها الإرهابية، وهذه النظرة صحيحة بالمجمل، ولكن ذلك لا يغني عن النظر لتفاصيل السياسة الصهيونية.

القرار الصادر مؤخراً عن برلمان عصابات التطهير العرقي الصهيونية، والذي عرف بقانون تشريع الاستيطان، يشكل فعلاً انعطافاً وتحوّل يؤثر مباشرة على كل فرد فينا، فمنذ لحظة إقرار هذا التشريع أقر برلمان العدو أنّ بيوتنا وأراضينا لم تعد لنا، وأننا لم نعد نملك شيئاً على هذه الأرض، فبموجب هذا القرار يتم إقرار عمليات استيلاء المستوطنين الصهاينة على الأملاك الخاصة بالأفراد الفلسطينيين، أي أنه في أي وقت يحلو لمستوطن الدخول لبيتك أو أرضك وتحويله لبؤرة استيطانية، أو ترغب دورية للاحتلال بطردك من بيتك وتسليمه لمستوطن فهذا أيضا مشرع، بل وربما يقاس على ذلك إعطاء أحقية كاملة للمستوطن المغتصب بقتلك إن اعترضت سبيله وهو ينفذ جريمته بسرقة بيتك، ما أقر فعلاً هو قانون استعباد واسترقاق الفلسطينيين.

حين يقرر عدوك استعباد شعبك بأكمله، وتجريده من كل شيء، وتوريث هذه العبودية لكل جيل قادم بعدك، بما يشمل الأبناء وأحفاد الأحفاد وما بعد ذلك، نفترض أن الحد الأدنى من احترام الذات، كل تلك الذوات المنتفخة، كل تلك الذوات التي تجلس في المناصب الرسمية الفلسطينية، يقتضي هنا، أنه لا مكان للجدل حول حدود الدولة التي نرغب بإقامتها، أو شكل نظامنا السياسي، أو مكتسبات سلطة لا يمتلك مسؤول فيها بيته بموجب هذا القرار الصهيوني الأخير بل يمتلك أي مستوطن يرغب به متى شاء.

كل تلك الإرادات الفلسطينية المتضاربة اليوم، يضعها العدو أمام سؤال واحد: هل ستقبل بتسليم بيتك للمستوطنين، وتواصل انشغالك بجدل داخلي ممجوج لا معنى له؟ أم أنك ستحمي أرضك وبيتك؟ هنا لا داعي لذكر أمثلة حول ما الذي سيفعله هذا الفلسطيني أو ذاك إذا ما حاول جاره أو حتى أخيه الاستيلاء على بيته، بل لنكرس هذه الإجابة وغيرها من أدوات نضالنا ومن كل تجارب الشعوب التي ناضلت ضد المستعمرين اللصوص القتلة، في مواجهة عدونا وفي مواجهة ونهضة شعبية منتفضة عنوانها حماية الأرض.

يمتلك الشعب الفلسطيني تراث كفاحي، وبرنامج نضالي حقيقي متفق عليه، ولا يقصد هنا ذلك البرنامج الذي كرسته وثيقة الوفاق الوطني "وثيقة الأسرى" فحسب، ولكن المقصود بالأساس كل تلك الادوات التي أثبتت نجاعتها في مواجهة الاحتلال، وبالتأكيد يشمل ذلك نبذ كل تلك الخيارات التي أثبتت عدم جدواها وخدمت في محصلتها الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية، فاليوم أي حديث عن العودة للمفاوضات هو حديث عن المفاوضة على شروط العبودية، مفاوضة العبد لسيده ولقاتله ولجلاده، مفاوضة تجري بينما يضع الجلاد سوطه وفوهة بندقيته على الطاولة، ويحرث الأرض بجثث أبنائنا وأهلنا.

إن حماية كل شبر من أراضينا المهددة في الضفة والقطاع والداخل المحتل عام 1948، من الهجوم الاستيطاني هو واجب هذه اللحظة، وهو برنامجنا الوطني النضالي الذي لا يختلف عليه عاقل وطني، وأي جدل حول ذلك هو جنون محض، وأي متمسك بالجدل حول مكتسبات السلطة ومواقعه فيها يجب فحص قواه العقلية، قبل الحديث عن فحص الانتماء الوطني لديه.

إن ملاحقة مشرعي سياسات الاستعباد والتطهير العرقي، ومنفذيها ومجرمي الحرب الصهاينة، هو ضرورة لحماية أي انتفاضة شعبية، ولا يرتبط برغبتنا بمعاقبة أعداءنا رغم أن هذه الرغبة شرعية وضرورية، وأي تلكؤ في هذه المهمة الوطنية يعني إفراغ كل ما حققه الشعب الفلسطيني والمتضامنين معه على الصعيد العالمي من محتواه، وتسليم لرقابنا للاستعباد، بل وجريمة تتمثل بالشراكة بشرعنة تغطية إفلات مجرمي الحرب من الملاحقة على الجرائم التي ارتكبوها.

ربما يكون العدو قد فعل خيراً بتصعيده الأخير لجريمته المستمرة منذ العام 1948، فهذا التصعيد يضعنا أمام اختبار وجودنا وهويتنا وأحقيتنا بهذا الوجود، وبحسب إجابتنا نحن سيتقرر مصيرنا ومصير الأجيال اللاحقة من أبناء شعبنا، وعلى ذلك فلنستعد لانتفاضة حماية الأرض بقيادة وطنية موحدة، وبإرادة صلبة لا تلين، أو لننتظر الإبادة الشاملة لكل أشكال وجودنا المادية والمعنوية على هذه الأرض، هذه النكبة الجديدة قد أقبلت ولا نظن أن شعبنا ينوي على هجرة أخرى.