Menu

الصراع يحتدم مع اقتراب انتخابات الرئاسة المصرية

حمدين-صباحي-والسيسي

القاهرة_ خاص بوابة الهدف

"الوقت يمر، والانتخابات اقتربت.. لهذا نفتح أيدينا لكافة القوى الوطنية للوقوف صفًا واحدًا لخلق بديل وطني يخوض الانتخابات الرئاسية.. ترشحت مرتين فى 2012 و2014، والآن أدعوكم لاختيار مرشح سأكون جنديًا في حملته."

الكلمات السابقة، غيض من فيض حديث غلب عليه الطابع الحماسي للمرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي خلال مؤتمر تيار الكرامة، وهي أيضًا كانت تلخيصًا لرؤية المؤتمر وهدفه حول ضرورة الالتفاف تحت راية واحدة.

جاءت دعوة مؤسس "التيار الشعبي" المصري، حمدين صباحي، لتشكيل "جبهة وطنية" موحدة تتوافق على مرشح للانتخابات الرئاسية عام 2018، كمن ألقى حجراً في مياه ساكنة، نتيجة الجمود الذي يعاني منه المشهد السياسي في مصر.

وشدد حمدين صباحي في مؤتمر عقد بأحد الفنادق المصرية غرب العاصمة، قبل أيام بحضور سياسيين وشخصيات من أحزاب مصرية، على أن "نظام عبد الفتاح السيسي بات خطرا على الدولة المصرية"، وقال: "آن أوان التغيير ومواجهة سلطة فاشلة عاجزة".
وأعلن المرشح الرئاسي السابق صباحي في المؤتمر ذاته، اندماج حزب الكرامة (يساري) مع التيار الشعبي المصري (تجمع سياسي ناصري أسسه صباحي)، وتغيير اسم الحزب إلى "تيار الكرامة".
وأوضح: "سيكون لي شرف أن أكون مؤيدا للمرشح الذي تتوافق عليه القوى الوطنية والديمقراطية في 2018"، دون تحديد أو تقديم توضيح مواصفات عن هذا المرشح.
دعوة صباحي جاءت لتكشف أن السيسي ومناهضيه يسيرون في مسارين متوازيين نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة. فالرئيس المصري المدرك لانخفاض شعبيته وتراجعها الحاد بعد 3 سنوات من إدارته للبلاد، يعتزم الترشح لولاية ثانية، وخصومه، على كثرتهم وعدم اتحادهم، ينتظرون هذه المناسبة كفرصة للخلاص منه، مدعومين بالسخط الشعبي المتصاعد ضده.
وبحسب معلومات لـ"صحف عديدة وقريبة من النظام المصري"، فإن السيسي لم يبد اهتماماً باعتراضات وتقارير وصلته عن رفض داخلي وخارجي لترشحه لولاية ثانية، وعلى الرغم من عدم إعلانه الترشح رسمياً، إلا أن شواهد عديدة تؤكد نوايا الرجل الإقدام على ذلك، آخرها ما قاله في مؤتمر الشباب الثالث في الاسماعيلية أواخر الشهر الماضي.

في المقابل برزت في السنوات الأخيرة الكثير من القيادات المدنية ومن التيار المدني، وقفت في وجه الحكومة والرئاسة المصرية، وعبّرت عن معارضتها لقرارات مصيرية في الجمهورية، وكان لها حضورٌ قوي، بدءًا من طارق العوضي المحامي في قضية "تيران وصنافير"، مروراً بخالد علي، وحمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وصولاً إلى شخصيات مثل المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي حصل على تعاطف وقبول شعبي بعد إطاحة السيسي به.
رئيس "حزب الكرامة" د.محمد بسيوني قال في اتصال هاتفي لمراسل "بوابة الهدف": إنّ السيسي في طريقه للرئاسة يحاول عرقلة خصومه، مستغلاً إمساكه بمقاليد الحكم وسيطرته الظاهرية على مؤسسات الدولة، عن طريق دعوات تعديل الدستور من نواب في البرلمان يخضعون في ولاءاتهم للأجهزة المحسوبة عليه.

أمام جملة التصريحات والتحدّيات آنفة الذكر، أثارت تصريحات صباحي عاصفة من الانتقادات ضده من الجانبين المعارض والمؤيد، إلا أن وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة كانت أشد وطأةً، معتبرةً رؤيته بوابة لعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى المشهد العام.

هجوم مضاد على حمدين والتيار المدني

اختلفت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين لدعوته، ومعارضين وصفوه بأنه «كومبارس»، بعدما ساهم في الوصول إلى الوضع الحالي بمشاركته في الانتخابات الرئاسية الماضية ضد «السيسي».

وشن إعلاميون مؤيدون لنظام «السيسي» هجوما حادا على «صباحي»، واتهم الإعلامي «تامر عبدالمنعم»، المرشح الرئاسي السابق، بأنه «يسعى إلى قلب نظام الحكم».

أما الدكتور «رفعت السعيد» رئيس المجلس الاستشاري لحزب «التجمع»، فقال إن «صباحي انتهى سياسيا عندما تحالف مع الإخوان المسلمين وحزب الله، ووقف ضد إرادة الشعب المصري».

كما انتقده الإعلامي «سعيد حساسين»، موجهًا حديثه إليه: «خليك فاكر إنك قلت (مش هترشح)، وأنا لو نزلت انتخابات الرئاسة هجيب أصوات أكتر منك».

وعبر وسم «كلمة لحمدين صباحي»، سخر نشطاء على موقع «تويتر»، من مبادرة «صباحي»، وشنوا هجوما حادا عليه، معتبرين أنه سيظل يترشح حتى وفاته، دون أن ينجح.

تأييد شعبي ومدني

في المقابل، قال الكاتب الصحفي «سليم عزوز»: «لا يوجد أحد هاجم حمدين صباحي كما هاجمته لكن إذا تمسك بتصريحات اليوم.. فإنه يستحق التحية والتقدير».

واتفق معه الكاتب الصحفي «جمال الجمل»، حين قال: «أويد إعلان حمدين صباحي عدم الترشح لانتخابات الرئاسة، وأتمنى لو أصدر بيانًا شافيًا يتضمن أسباب عدم ترشحه بالتفصيل، وعلاقة ذلك بأمراض العمل السياسي التي تكشفت له خلال الجولتين التي خاضهما للمنافسة».

وأضافت الكاتبة «ياسمين محفوظ»: حمدين صباحي ممكن نختلف معاه أو عليه.. لكن إيه العيب في اللي قاله.. مش احنا طول الوقت بنقول فين البديل أو على الأقل عايزين مرشح قوي منافس؟!!.

واتفق معها الصحفي «محمد الجارحي»، حين غرد قائلا «مش شايف مبرر للهجوم على حمدين صباحي.. لم يرتكب جرماً بإعلانه عدم الترشح للرئاسة حتى تطاله كل هذه السهام.. رفقا بالناس وبأنفسكم».

كما غرد الناشط السياسي المهندس «ممدوح حمزة»، بالقول: «الاندماج بين الكرامة والتيار الشعبي تحرك في اتجاه العمل السياسي الناجح وأرجو أن تستمر الاندماجات حتي يكون عندنا ٣ أحزاب قوية.. يسار، يمين، وسط».

أما الإعلامي يوسف الحسيني في برنامجه بتوقيت القاهرة، المذاع على فضائية أون لايف فاستنكر الانتقادات اللاذعة التي توجه للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي بسبب تصريحاته الأخيرة المعارضة للنظام السياسي الحاكم، قائلا: بدون المعارضة لا تحيا الأوطان، وتابع: حمدين كان رمزًا للمعارضة في وقت سابق ولا يمكن تخوينه لمجرد الإدلاء برأيه في السياسة.

رفض لمحاولات الالتفاف على القضايا الوطنية                       

المهندس محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، دعا عبر "بوابة الهدف" إلى وحدة الصف الوطني والثوري، وأضاف "نأمل أن يكون هذا الاندماج منطلقا نحو إيجاد بديل شعبي يعبر عن تطلعات جماهير شعبنا".

وأكد رئيس الحزب لمراسل "الهدف" أن "ما تمر به مصر من محاولات إرجاعها للخلف والرِدّة عن تضحيات شعبها -حسب وصفه- تستوجب أن نتوقف لنقول كلمتنا وهي أننا لن نقبل العودة إلى الخلف ولن نوافق على بيع الأرض ولا التفريط في حبة رمل من ترابنا الوطني. وإنّ تيران وصنافير أرض مصرية تمثل الحد الفاصل مع هذا النظام وأي نظام"

وأضاف: نحن نستشعر أن هناك محاولات لتمرير هذه الاتفاقية من خلال مجلس النواب، موجها حديثه للرئيس عبد الفتاح السيسي قائلاً: أنت تمثل اعتداءً صارخًا على الدستور وهذا الإصرار يمثل جريمة جنائية تستوجب المحاكمة.

وأكد على أنه لا تفريط في هذه القضية، وقال "لن يمر الأمر حتى لو استخدم رئيس الجمهورية بعض من يعتبرهم وسيلة لتمرير هذا القانون.

ترحيب حذر

أستاذ العلوم السياسية، د.حسن نافعة، قال إن دعوة صباحي أمس ليست الأولى من نوعها فقد سبقه إليها الكثير؛ لأنها الطرح الوحيد للتغيير السلمي.

وأضاف "في تصريحات صحفية سابقة للعربي الجديد"، أن استمرار هذه الأوضاع يؤدي إلى كارثة مما يستوجب أن تسمو كافة القوى الوطنية عن صراعاتها، وأن تبحث عن بديل قادر على منافسة السيسي.

وردًا على من يرون أن الأولى توفير ضمانات لنزاهة الانتخابات قبل الاتفاق على مرشح بعينه، رأى أستاذ العلوم السياسية أنه لا تناقض بين الرؤيتين.

ويرى بعض المعارضين أن خوض صباحي الانتخابات السابقة منحها شرعية لم تكن لتحصل عليها لو أحجم عن ذلك مثلما فعل غيره من المرشحين السابقين.

القيادي الناصري والسفير السابق، معصوم مرزوق، أشار لـ"بوابة الهدف" إلى ضرورة أن تسير القوى الوطنية في اتجاهين: أولهما الاتفاق على مرشح مدني واحد، وثانيهما توفير ضمانات انتخابات نزيهة من خلال الإصرار على الإشراف الدولي والمحلي عليها.

ولفت معصوم إلى أن الدفع بأكثر من مرشح مدني ضد النظام القائم سيُمكّن الأخير من تزوير الانتخابات.

وحول إمكانية استجابة القوى والأحزاب، قال "لا يزال  الوقت مبكرًا إلا أنه هناك ترحيب حذر. 

مستقبل مجهول للسياسة في المحروسة

حازم عبدالعظيم، أمين لجنة الشباب بحملة ترشح الانتخابات السابقة، قال ردًا على سؤال "بوابة الهدف" حول ما طرحه صباحي بشأن التوافق حول مرشح مدني للانتخابات القادمة بأنّ "أيّة محاولات للاصطفاف خلف مرشح واحد في الانتخابات القادمة أمر محمود، وأن الهجوم الذي شنّه البعض على حمدين صباحي كان خلفه  تعليمات أمنية من أجهزة بعينها.

وتابع عبد العظيم أن مؤتمر حزب الكرامة الأخير حرك المياه الراكدة، حتى إن كان مستقبل الطرح مجهولاً، إلا أنّه أتى في وقت يُضيّق فيه السيسي الخناق العام على كل الأحزاب والحركات.

ولفت الناشط السياسي والصحفي، أحمد سامح من "تيار الكرامة" خلال حديثه لـ"بوابة الهدف" إلى ضرورة أن تخلق المعارضة والقوى المدنية نوافذ إعلامية جديدة في مواجهة الإعلام الذي تسيطر عليه الدولة.

وأكد على أهمية أن تعمل القوى الوطنية على رفع يد الرئيس عن مؤسسات الدولة أثناء عملية الانتخابات.