Menu

خلال ورشة عمل نظمها

كتاب "كيف يتغير النظام الصهيوني؟" للباحث كيّال

m2_0

بوابة الهدف - قطاع غزة

 أكد مشاركون في ورشة عمل لمناقشة كتاب "كيف يتغير النظام الصهيوني؟ نتنياهو والإعلام الإسرائيلي نموذجًا" للباحث الشاب مجد كيّال، أهمية فهم كيف نفكّر في إسرائيل، من أجل تحليل طبيعة الدولة والمجتمع الإسرائيليين، وكيفية التصدّي للمشروع الصهيوني وهزيمته. وهذا كان المدخل الذي اتبعه الباحث في دراسته.

وبين الباحث أن دراسة الشأن الإسرائيليّ لا بد أن يلازمها سؤال أساسيّ ومُلحّ: "من أين نُفكّر بإسرائيل؟"، وهذا النوع من إدراك الإدراك هو ما يضمن لنا ألا يتحوّل مجال الدراسة أوتوماتيكيًا، وألا يدخل وجود "الشأن الإسرائيليّ" في دائرة المفهوم ضمنًا، وأن تُحفظ حالة الاغتراب القائمة، إذ إن الاغتراب عن هذا الشأن هو ما يضمن موضوعيّة البحث. وينبّهنا من خطورة بحث إسرائيل "من الداخل"، ومن منظور "الخلافات الداخليّة".

جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) في مقريه بالبيرة وغزة؛ لإطلاق الكتاب الثاني ضمن سلسلة إصدارات برنامج "دراسة المشروع الصهيوني"، وأدار الحوار في البيرة رازي نابلسي، منسق البرنامج، بينما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير مكتب "مسارات" في القطاع.

وقال نابلسي: يأتي هذا الإصدار ضمن برنامج "دراسة المشروع الصهيوني"، الذي أطلقه مركز مسارات لدراسة وفهم المشروع الصهيوني، وطبيعة الدولة والمجتمع الإسرائيليين، وصيرورة تطورهما بصورة نقدية، وأصدر البرنامج حتى الآن خمسة أبحاث، اثنان منها قيد التحكيم والطباعة، وسيتبعها العديد من الإصدارات، التي تشمل بدائل سياسات فلسطينية لمواجهة السياسات الإسرائيلية ومنظومات السيطرة الاستعمارية على طريق الكفاح من أجل إحباط أهدافها وتفكيكها.

وأضاف: يهدف البرنامج الذي يشرف عليه فريق بحثي متخصص إلى تحقيق فهم معمّق لطبيعة وأهداف وديناميات سيطرة النظام الصهيوني الاستعماري الاستيطاني، وفهم التناقضات داخل المشروع الصهيوني على طريق امتلاك رؤية وطنية للمشروع التحرّري الفلسطيني.

وقدم كيال عرضًا للكتاب، بيّن فيه أن البحث يدرس ماهيّة وكيفيّة التغييرات البنيويّة في النظام السياسيّ لإسرائيل، وما تعكسه هذه التغييرات من رؤيةٍ أيديولوجيّة استعماريّة. فيربط بين رؤية نتنياهو للنظام السياسيّ والانتخابيّ من جهة، وسياسته اتجاه مبنى جهاز الإعلام من جهةٍ ثانية، وذلك في سياق أيديولوجيّ صهيونيّ أوسع وأكثر تطوّرًا. لذلك، فإنّ موضوع البحث وسؤاله هو النظام السياسيّ الصهيونيّ، أما مبنى جهاز الإعلام التلفزيونيّ، فهو نموذج وحالة تُبحث لتقفّي أثر هذه التغييرات. وعلى الرغم من أهميّتها، لا يتطرّق هذا البحث إلى مضامين الإعلام الإسرائيليّ، وإنما يتوقّف في حدود الجوانب البنيويّة في المؤسسة الإعلاميّة الإسرائيليّة. ويختار البحث مجال التلفزة لأنه المجال الأكثر قوننةً وتقييدًا رسميًا إداريًا وحكوميًا، ويجري التعامل مع الترخيص التلفزيونيّ برؤيةٍ إستراتيجيّة وأيديولوجيّة، لذلك فإن مجال التدخّل والتقييدات السياسيّة الرسميّة فيه هو الأوسع من بين كلّ الوسائل الإعلاميّة الأخرى.

ويستعرض البحث في قسمه الأول من خلال الانتخابات الإسرائيليّة التي جرت في العام 2015 إشكاليّة النظام الانتخابيّ الإسرائيليّ، ويدّعي أن السياسة الإسرائيليّة ترى بنظام التعدّدية الحزبيّة أحد الأسباب المركزيّة لعدم استقرار الحكم في إسرائيل، وأن تقليص عدد الأحزاب المتنافسة وصولًا إلى نظام ثنائيّ الحزب هو من الخيارات المطروحة بجديّة في السياسة الإسرائيليّة. إضافة إلى كيفيّة استخدام نتنياهو لمسألة النظام الانتخابيّ في حملته الانتخابيّة العام 2015، مفسّرًا أهميّة التصويت لحزب "الليكود" من خلال تفسيره لإشكاليّة تعدد الأحزاب، وإمكانيّة خسارة اليمين أمام "اليسار" بسبب تشتت أصواته بين أحزاب اليمين المختلفة. وكيف خلقت هذه الحملة حالةً من تجاوز للنظام الانتخابيّ القائم، ومقدّمة لفرض واقع نظام الحزبين. من هذه العمليّة، يقترح البحث وجود منهج عمل يتّبعه نتنياهو في مجالات عدّة، وهو منهج من شأنه إحداث تغييرات بنيويّة عميقة في الدولة، من خلال تجسيدها بالطرح السياسيّ اليوميّ.

ويشرح القسم الثاني من الكتاب التغييرات البنيويّة في جهاز الإعلام الإسرائيليّ وعلاقتها برؤية نتنياهو للإعلام. ويطرح قضيّة اتحاد البثّ العام، ومن خلاله يبيّن توجّهات نتنياهو التي تشجّع التلفزيون التجاريّ، وتطلب فتح سوقه والمنافسة فيه، بما يخالف التوجّه الذي ساد في إسرائيل لسنوات طويلة، والذي يعزز من شأن التلفزيون الحكوميّ والبث العام غير التجاريّ. كما يتناول القسم كيفيّة تطبيق نتنياهو لتوجهاته الإستراتيجيّة هذه من خلال منهجيّة عمله التي اقترحها البحث في قسمه الأوّل. وكيف تخدم هذه الإستراتيجيّة رؤية نتنياهو السياسيّة اليمينيّة من خلال حالة "القناة 20"، التي تمّ افتتاحها بعد مخاضٍ طويل بدأ في العام 1997، وأقر فيه افتتاح عدد من المحطّات التجاريّة على أثر "تقرير بيليد" الذي أوصى بتشجّيع التلفزيون التجاريّ.

ويطرح القسم الثالث من الكتاب رؤية نتنياهو للتغيير في النظام الإسرائيليّ في سياق تجدد الرؤية الأيديولوجيّة الاستعماريّة باتجاه صياغة نظامٍ نيوليبراليّ يتأسس على تركيز واحتكار القوّة السياسيّة، مقابل "تعدّديّة ثقافيّة" استهلاكيّة مُفرغة من التأثير السياسيّ، تشبّهًا بنماذج استعماريّة تمكّنت من تحقيق ما تسعى إليه إسرائيل –استدامة وجودها غير المفهومة ضمنًا– ومنها النظام الأمريكيّ. ويعرض كيف سيؤثر هذا التجدد على مستقبل النضال الفلسطينيّ، ويحوّل النظام الصهيونيّ إلى نظامٍ غير حسّاس لضغوطات رأيه العام، وبالتالي تقليص المساحات التي من خلالها يستطيع النضال الفلسطينيّ (من العنف الثوريّ وحتّى "الحوار") ليضغط على إسرائيل من خلال رأيها العام. وكيف تُضعف هذه التغييرات إمكانيّات نضال الفلسطينيين في الداخل.

واقترح كيّال في ختام كتابه خطوطًا سياسيّة عريضة لا بد من التنبّه إليها في سياق تجدّد الاستعمار. وأهمها خطورة التعاطي مع الثقافة المعزولة عن المضمون السياسيّ التحرّري، والتعامل مع السياسة الداخليّة الإسرائيلية باعتبارها مضامين خلافيّة وليست ديناميكيّات استعماريّة في نظامٍ واحدٍ، وما لذلك من إسقاطات على الإنتاج الفلسطيني في الإعلام والثقافة أولًا، وفي العمل السياسيّ ثانيًا مع الانتباه للاختلافات بين سياقات وطنيّة مختلفة.

وأكد الحضور أهمية فهم المشروع الصهيوني وكيف تفكر إسرائيل، مشيدين بالكتاب وما يحمله من معلومات وتحليل وسياسات، وبدور مسارات الذي يعطي المساحة لباحثين شباب لتقديم مقاربات جديدة لفهم المشروع الصهيوني. وطرح بعض الحضور أسئلة تتعلق بموضوعات تناولها الكتاب، بينما تساءل آخرون عن إمكانية تعميم مقاربة الإعلام لفهم المتغيرات التي طرأت على إسرائيل.