Menu

خيارات إجراء الانتخابات الرئاسية المصرية تتضاءل على حساب تمديد فترة الرئيس

السيسي

القاهرة - خاص بوابة الهدف الاخبارية

تواصل الحديث عن تعديل بعض مواد الدستور الذي وُضِع بالعام 2014، بالتزامن مع بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة المصرية التي تنعقد في شهر مايو المقبل، حيث بدأ يلوح في الأفق توجهٌ نحو إجراء استفتاءٍ، بداية العام المقبل على أبعد تقدير، بهدف إطالة مدة ولاية الرئيس. بالتزامن مع انطلاق  حملة لجمع 40 مليون توقيع بهدف تمديد الفترة الرئاسية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى 8 سنوات بدلًا من 4 سنوات.

يأتي ذلك وسط تمهيدٍ إعلاميّ لإدخال تعديلات موسعة على الدستور، تطال المواد المتعلقة بفترة ولاية رئيس الجمهورية وطريقة انتخابه. فيما ظهرت الأصوات الداعية لتعديل بعض مواد الدستور داخل أروقة مجلس النواب منذ بداية جلساته في يناير 2016، وكانت هناك محاولة واحدة فقط لتعديل الدستور وتحديداً فيما يتعلق بمدة ولاية الرئيس المُحدَّدة بـ 4 سنوات فقط، وسط مطالبات بأن تمتد لتصبح 6 سنوات؛ بدعوى أن المدة المحددة غير كافية لخطة الإصلاح التي وضعها السيسي.

وتجرى في الأسابيع الأخيرة مناقشات واسعة بشأن التعديل، بالإضافة إلى تمهيد إعلاميّ وسياسيّ وجماهيريّ له خلال الفترة الحالية، الأمر الذي ظهر في المقال الأخير لرئيس مجلس إدارة صحيفة "الأخبار" المصرية، ياسر رزق، المقرّب من السيسي، والذي ذكر أن هذا الملف هو قيد المناقشة.

لا يزال الرئيس عبد الفتاح السيسي المرشح الجدّي الوحيد للولاية الرئاسية المقبلة، في ظل غياب أي منافس حقيقي، فيما يبدو أن الدولة المصرية على طريق القيام باستفتاء شعبي لتعديل الولاية الرئاسية حتى تطول لسِتّ أو سبع سنوات بدلاً من أربع.

مواقف القوى إزاء القرار

تُواجه الحكومة المصرية مهمّات وتحدّيات جسيمة تحت هذا العنوان، باعتباره الملف الأكثر حساسية وسخونة لدى القوى المصرية والمجتمع المدني، لأنه يأتي كاستحقاق انتخابي ساهمت فيه قطاعات واسعة من المجتمع المصري،. وفي هذا السياق اعتبر السياسي البارز لتيار الكرامة المصري د.محمد بسيوني في حديثه لـ"بوابة الهدف"، أن "الأجواء الراهنة تشير إلى أن هناك أمراً ما يتم الترتيب له، في ظل حملة ممنهجة لإقصاء أي أسماء بارزة يمكنها خوض الانتخابات الرئاسية، وكذلك منْع نشر أي أخبار أو مواد صحافية وإعلامية عنها".

وأوضح د.بسيوني أنّ "مقترح تعديل الدستور طُرح أكثر من مرة داخل دوائر السلطة، وفي كل مرة كانت هناك آراء تتبنى تأجيله، نظراً لأنه سيضر بصورة النظام أمام الخارج"، وفق قوله.

وأضاف "أن القوى الناصرية واليسارية التي وقفت في وجه الحكومة المصرية في قضية تيران وصنافير، وستتصدى لكل محاولة لها في المساومة على الحقوق الديمقراطية والمجتمعية"، مؤكّداً بالقول "إننا نخوض صراعًا طويلاً وممتداً مع هذا النظام البوليسي".

بدوره قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة الإسكندرية، فؤاد عبد النبي، إنه بموجب المادة (226) من الدستور؛ لا يملك رئيس الجمهورية والبرلمان حق تعديل مواد الدستور المصري.

وأضاف في تصريحٍ لـ"بوابة الهدف" أنه في حالة تعديل الدستور يجب دعوة الشعب للاستفتاء على التعديلات. وبموجب المادة (157) يحق للرئيس دعوة الشعب للاستفتاء، ولكن الدستور سحب الحق من الرئيس بهذا الأمر في الفقرة (5) من المادة (226).

"وفي حال مطالبة خُمس مجلس النواب بتعديل الدستور، ثم قام الرئيس بدعوة الشعب للاستفتاء، ففي هذه الحالة ستكون هناك مخالفة صارخة لمواد الدستور"، وفق ما أكّده عبد النبي.

ردود الفعل الشعبية

في العالم الافتراضي، تباينت ردود فعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إزاء تقريرٍ نشرته صحيفة "إيكونوميست" البريطانية نصحت فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم الترشح في انتخابات الرئاسة المُزمع إجراؤها في مايو 2018.

واعتبر مُغرّدون أنّ الدعاية لنهاية رئاسة السيسي عام 2018 ما هي إلا تمهيدٌ لفكرة التمديد، مؤكدين أنّ حظوظ الرئيس في الانتخابات القادمة ليست كبيرة، ولن تتجاوز مليونيّ صوت. كما اعتبر آخرون أن مثل هذه التقارير "تحمل طابع خطط توني بلير لامتصاص الغضب الشعبي وقتل أي حراك ثوري".

من جانبٍ آخر، انتقد مصريون تدخل المجلة البريطانية في الشؤون الداخلية ل مصر بمطالبة رئيسها بعدم الترشح للرئاسة لفترة جديدة، متجاهلةً أكثر من 90 مليون مصري لهم الحق في الإدلاء بأصواتهم.

الترويج للتعديل

المادة التي يجب أن يدخل عليها التعديل بشأن انتخاب رئيس الجمهورية، هي المادة (140) من مواد الدستور، وتنص على أن يُنتخب الرئيس لمدة أربع سنوات، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة.

ويُحاول بعض المقربين من مؤسسة الرئاسة الترويج لهذه الفكرة خلال الفترة الحالية؛ تمهيداً لإدخال تعديلات مع بداية دور الانعقاد الجديد لمجلس النواب، وربما يكون هذا مدفوعاً من قبل الرئيس السيسي أو مؤسسة الرئاسة.

رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" ياسر رزق تحدّث عن الثقة في ترشّح السيسي لفترة ثانية، قبل أن يتحدّث عن فكرة تعديل الدستور وتحديداً عن مدة ولاية الرئيس.

وكتب رزق في مقاله بعنوان "حديثٌ ليس مبكراً عن انتخابات الرئاسة": أدركُ أن هناك قطاعاً لا يُستهان به من الناس مقتنعٌ بأن دورتين فقط لرئيس الجمهورية مسألة مقبولة بحكم تجارب الماضي، لكنه يتساءل: لماذا 4 سنوات فقط للمدة الواحدة؟، ويرغب في زيادتها ولو للمدة القادمة فقط، وأظن أن هذا المطلب لو عليه توافق شعبي لا بد أن يكون ضمن بعض تعديلات للدستور تستوجبها التجربة، خاصة في مسألة التوازن بين السلطات مع مراعاة أن الدستور يستشرف المستقبل فمن أدرانا مَن سيأتي بعد السيسي؟".

وقال "إن التعديلات المقترحة من قبله تتعلَّق بزيادة مدة ولاية رئيس الجمهورية لتصل إلى (6) سنوات بدلاً من (4) سنوات". مُشيرًا إلى أنّ المدة الحالية في الدستور غير كافية، ويجب تعديلها لا سيما أن تطبيق البرامج الطموحة تتطلَّب وقتاً ومدة، و4 سنوات لا تُمكّن أي رئيس من الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف.

حملة تمديد فترة الرئاسة

حملة جمع 40 مليون توقيع لتمديد الفترة الرئاسية إلى 8 سنوات بدلًا من 4، أثارت غضب عدد كبير من ناشطي مواقع التواصل، الذين أكّدوا أن هذا لم يحدث في عصر الرئيس حسني مُبارك.

وبدأت الحملة مهمتها من صعيد مصر حيث استطاعت جمع ما يصل إلى 120 ألف توقيع، وفق تصريحات القائمين عليها.

من جهته قال مُنسّق الحملة ياسر التركي، في تصريحٍ له "إنه تم تشكيل مجلس إدارة للحملة للتنسيق مع كل محافظات مصر، والحصول على توقيع المصريين على هذه الاستمارات، وإعادة تجميعها بواسطة أعضاء الحملة المنتشرين في المحافظات المختلفة".

وأكد التركي أن "4 سنوات غير كافية لإنهاء عملية بناء دولة قوية، والحكم على إنجاز رئيسٍ ومحاربٍ للإرهاب في المنطقة" على حد تعبيره.

نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية د.مختار غباشي، قال في تصريحٍ لبوابة الهدف "إن "الحملة مخالفة للدستور، لأنه لا يمكن تعديل الدستور إلا من خلال برلمان منتخب، وحتى البرلمان لا يمكنه تعديله سوى عبر آليات محددة".

وأضاف "حتى لو كان البرلمان موجودًا، لا يجوز التعديل إلا عبر عدة خطوات، منها اتفاق أكثر من نصف الأعضاء على الأمر، ثم يُعرض التعديل على المجلس للتصويت عليه، وفى حال الموافَقة على تعديله يصدر به تشريع يليه استفتاء الشعب عليه".

وقال إن "نظام مبارك استمر في الحكم 30 عامًا، وفي النهاية قامت عليه ثورة 25يناير، ويبدو أنّ السيسي يسير على نفس الخُطى".