Menu

عن العدو والعمل الموازي أو المضاد (3)

إن التعمق والتمعن في تجربة الحركة الصهيونية، وقاعدتها "إسرائيل"، يضعنا قولاً وفعلاً، أمام عمل متداخل التخوم ومركب التفاصيل، مستند إلى استراتيجية شاملة نجد فيها: قريب المدى وبعيده، التفصيلي جداً والعام جداً، الهجومي والدفاعي، المادي والمعنوي، المباشر وغير المباشر، العام والخاص، الشيء ونقيضه، حيث أن كل واحدة مما سبق جزء من مجمل البناء الشامل والمتنوع، التي لكل منها دور ووظيفة واضحة ومحددة ومفيدة في نتائجها لاستمرار المشروع الصهيوني وضمان ليس فقط تقدمه، بل وتفوقه أيضاً. 

وهنا لا مغالاة أو مبالغة، لو قلت بأنه على الرغم مما مثلته الأيديولوجيا الصهيونية، ولاتزال تمثله، "كمرجعية ومرشد وموجه" للحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري – الاستيطاني، إلا أن "مختبر" الواقع هو الذي كان معيار الحكم على مستوى التطبيق، والقدرة على الممارسة، التي مرجعيتها الأيديولوجيا. فنجاح التجربة التي تواجهنا أو المشروع المعادي، لا يعود لقوة الأيديولوجيا فحسب، بل يعود للمنهجية المتطورة كثيراً، التي عُمل بموجبها منذ بدء انطلاق المشروع الصهيوني والمرتكزة على رؤية نظرية واضحة، واستراتيجية عملية متقدمة ومتطورة ومتجددة، بتجدد حركة الواقع، بالإضافة إلى الاستفادة من مجمل منجزات العلم والفكر البشري في مجال العلوم المختلفة، ومنها ما أُنتح على صعيد الفكر السياسي واستراتيجيات العمل، التي باتت منذ فترة مبكرة علماً قائماً بذاته، وإن كان لا علم لنا به.