Menu

القدس و"أحمر القفا - Redneck " الكاو بوي نيكي هايلي!

نصّار إبراهيم

يلقب الأمريكيون "رجل البقر" (الكاو بوي)؛ بـ"أحمر القفا"، ( Redneck ريد نِك)، وذلك نظرا لأنه يقضي ساعات طويلة يشتغل في الحقول، تحت حر الشمس اللافحة؛ مما يؤدي إلى احمرار قفاه، ومن ثم فإن معظم نكت الأمريكيين تبدأ بعبارة "ذات يوم كان أحمر القفا..."

و"راعي البقر" الأمريكي لا يعترف بالأحجام الصغيرة، فالأكل المقدم في المطاعم يأتيك في صحون ضخمة، وبكميات هائلة، والعربات المتنقلة على طرق تكساس أغلبها كبيرة الحجم، ورباعية الدفع؛ حتى أن حجم البشر ضخم، فلا مجال للحديث عن قامات قصيرة، وغالبا ما تصادفك لوحات إشهارية مكتوب عليها: "العب كبيرا، أو امكث في بيتك".

"الكاوبوي – راعي البقر" لا يعترف بشئ سوى مسدسه، ليس له علاقة بالمنطق والحوار، والمسدس قد يكون "ريفولفر سميث ويسون" أو طائرة أباتشي أو F16، أو حاملة طائرات أو صواريخ توما هوك أو قنابل ذرية، أو الدولار... لا يهم.. المهم أن يأخذ ما يريد بقوة السلاح والتهديد... بالضبط كأي قاطع طريق أو قرصان بحار...

في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الثلاثاء 20 شباط 2018 تصرفت نيكي هايلي، مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن بالضبط كراعية بقر أصيلة... وذلك حين خاطبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي غادر الجلسة، وحسنا فعل، قبل أن تلقي نيكي كلمتها قائلة"ليس مطلوبا من الفلسطينيين أن يقبلوا أو يرفضوا قرار الاعتراف ب القدس عاصمة لإسرائيل... قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لن يتبدل سواء أحببته أو كرهته".

منطق رعاة البقر هذا لا يعترف بالقانون الدولي والعلاقات الديبلوماسية وحقوق الشعوب والبشر، فما دام بمقدور "الريد نِك" هذا أن يشهر مسدسه ويفرض حدوده وقوانينه فلا مجال للتفاوض والمساومة والنقاش... إنه يحترم فقط راعي بقر مثله.. لهذا لم تجد نيكي هايلي بجانبها سوى راعي البقر "داني دانون" مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة... الذي اشهر بدوره مسدسه وراح يطلق النار: "إن عباس "لم يعد جزءا من الحل بل بات هو المشكلة والسلطة الفلسطينية تنفق نصف المساعدات المقدمة لها على تدريب الإرهابيين ودعمهم"... هذا ما قاله بالضبط.

هكذا حسمت نيكي هايلي النقاش وكانها في إحدى مزارع تكساس، "القدس عاصمة إسرائيل أعجبكم أيها الفلسطينيون والعرب هذا أم لم يعجبكم!".

هذه هي المعادلة، ليس هناك ما هو مطروح للنقاش... وبالتالي فإن المناشدات واستعطاف راعي البقر لن تزيده إلا غطرسة... إنه في الحقيقة لا يناقش ولا يفاوض، فهو لا يعترف أصلا بالنقاش أو المنطق أو الحوار أو الحقوق أو مجلس الأمن أو ميثاق الأمم المتحدة... ذلك لأنه يتحدث فقط بمنطق المسدس والقوة.

وفق منطق الكاوبوي "أحمر القفا" فإن القدس خارج النقاش... كما أن كل الشهداء والأسرى الفلسطينيين هم مجرد "إرهابيين"...

إذن، هذه هي المعادلة إما أن نقبلها أو لنبحث عن بديل آخر يجعل هذا الكاوبوي يفكر مئة مرة قبل أن يهين فلسطين وشعبها وشهداءها وأسراها أو يتطاول على حقوق شعب فلسطين في القدس وغيرها...