Menu

كاتب إسرائيلي: "ميناء غزة لمصلحة إسرائيل"

ميناء غزة

الهدف_فلسطين المحتلة_غرفة التحرير:

كتب ألون بن دافيد في معاريف العبرية نهاية مايو، مقالاً عنونه بـ "ميناء غزة لمصلحة إسرائيل"، بدا فيه متحمسًا لانفراجة حقيقية، تتيح فرصة لغزة كي تلتقط أنفاسها بعد سنوات من تضييق الخناق والحصار.

يقول الكاتب مشيرا للصاروخ الذي أطلق على الأراضي المحتلة قبل أيم قليلة: للحظة، عندما صبغت شاشات التلفزيون باللون الأحمر، تلقينا تذكرة غير لطيفة بالصيف الأخير. ولكن يمكن إطلاق صافرة تهدئة. حتى في الحالة المذكورة أثبتت حماس أن وجهتها ليست استئناف المواجهة وأنها ستفرح لترتيب وقف نار أطول مدى. في الحكومة الجديدة لا يبدو حالياً استعداد لالتقاط التحدي ومنح الجنوب سنوات من الهدوء.

ويضيف: كان هذا صاروخ غراد الأول الذي أطلق نحونا منذ عملية الجرف الصامد والصاروخ الرابع الذي سقط في إسرائيل في الشهور التسعة الأخيرة. والجنوب لم يحظ بهدوء نسبي كهذا منذ 14 عاماً. لا الرصاص المسكوب ولا عمود السحاب جلب هدوءا كهذا.

ويرى الكاتب أنه  لا يفترض بـ "إسرائيل" أن تكبح نفسها حتى على إطلاق صاروخ واحد، ولكن أيضاً "لا ينبغي تحويل كل صاروخ إلى خطر يهدد أسس وجودنا. وحسنا فعل وزير الدفاع في اختياره الرد المدروس الذي منع تصعيداً لا أحد يريده".

ويستكمل فكرته: منذ سنوات طويلة تعجز إسرائيل عن كسر دائرة العنف مع غزة. فحكومات إسرائيل تغطس عميقاً داخل التكتيك الصغير ويتعذر عليها اتخاذ قرارات استراتيجية. وحتى عندما تتوفر لها الفرصة، كما هو الحال الآن.

الكاتب أيضا لم يتوان أن يثبت أن لحماس مصلحة حقيقية تطمح إليها من وراء المحافظة على الهدوء في القطاع: "خرجت حماس عن طورها لتثبت أن اطلاق الصاروخ ليس برضاها وأنها تعمل بفعالية لمنع إطلاقات أخرى. وتم اعتقال المسؤولين عن إطلاق الصاروخ، رغم أن ليست لحماس القدرة على ضمان أن لا تطلق صواريخ أخرى، لكن بوسعها مواصلة فرض الهدوء كما في الشهور التسعة الماضية. وتقريباً بعد عام من الجرف الصامد عاد ميزان الهجرة لمستوطنات غلاف غزة ليكون إيجابياً. الناس تواصل الشراء في الكيبوتسات والموشافيم ويعبرون عن تفاؤل بوجودهم هناك. إن حماس تعيش في ضائقة وإحساس بالحصار. وهي صاحبة السيادة الأولى والأخيرة لحركة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط وهي عازمة على الاحتفاظ بها".

أما عن حال القطاع فيقول دافيد: ضائقة القطاع شديدة يشهد عليها الشبان الذين يحاولون يوميا اجتياز السياج الحدودي مع إسرائيل. قسم منهم يأمل العثور على عمل، آخرون يحلمون بثلاث وجبات يتلقونها في السجن الإسرائيلي. وبعد أن فهموا أن إسرائيل تعيد المتسللين غير المسلحين إلى غزة، شرع قسم منهم بحمل قنبلة في جيبه ليضمن بقاءه في السجن.

كما يتوقع أن الذراع العسكري لحماس يواصل التسلح وإنتاج الصواريخ. و"التقدير هو أنه منذ الجرف الصامد أفلحوا في إنتاج 5 آلاف صاروخ بجهد ذاتي، وهي حوالي نصف الكمية التي دخلوا بها إلى المعركة. كما أنهم يرمّمون الأنفاق ويعيدون حفرها من جديد، لكنهم حذرون من اجتياز الحدود مع إسرائيل والمجازفة بعملية للجيش الإسرائيلي".

ويشدد أن "قادة الذراع العسكري لحماس، محمد ضيف ومروان عيسى يتوقون لاستئناف القتال ضد إسرائيل، لكنهم حتى الآن يقبلون إمرة الذراع السياسي الذي يفضل إيجاد تسوية. وحماس تواقة لمنفذ إلى العالم وستوافق مقابل ذلك على أن تضع جانباً الصراع ضد إسرائيل لسنوات طويلة. وهم لم يغدوا أنصاراً للصهيونية لكنهم براغماتيون، وإذا نالوا أفق أمل سيذهبون نحو وقف نار لعقد من الزمن أو أكثر".

وعن الدور ال قطر ي، يحاول الكاتب أن يثبت أن اقتراحها ينطوي على تحقيق "مكاسب لإسرائيل" ولكن كيف؟

يجيب الكاتب: قطر تمنح القطاع مشروعاً وطنياً على شاكلة ميناء سيشغلهم لسنوات كثيرة، ويمنح حماس شيئاً لا يرغبون في خسارته أو تعريضه للخطر. في نهاية المطاف هذا يحرر إسرائيل من الحاجة والمسؤولية عن مواصلة إطعام غزة، ويكمل خطوة الانفصال عنها".

ولكنه مع ذلك يتساءل: هل ستستغل حماس الوقت لمواصلة التسلح؟ بالتأكيد نعم! لكن إسرائيل لم تطمح أبداً لمنع تسلح أعدائها أو نجحت في ذلك. كما أن المطالبة باعتراف حماس بإسرائيل كشرط للتفاوض معها ـ صبيانية وعديمة الصلة. فقد أدارت إسرائيل مفاوضات لوقف النار مع سوريا و مصر في 1949 و1967 و1974، من دون أن تعترف هذه الدول بإسرائيل أو توافق على وقف التسلح. ولكن المنطق الذي كمن خلف اتفاقيات الهدنة كان منح إسرائيل سنوات هدوء وأمناً نسبياً.

ويضيف: الصهيونية التقليدية تطلعت دوماً للسلام، لكن في ظروف المحيط المعادي غير المتقبّل لوجودها، بحثت عن سبل لتأجيل الحرب المقبلة قدر الإمكان والسماح بوجود مزدهر في ظروف هدوء نسبي.

كما يرى: "على ما يبدو فإن مليوناً و800 ألف فلسطيني يعيشون في غزة لن يصيروا جيراناً جيدين لإسرائيل، على الأقل في حياتنا. كما أنهم لن يتحولوا إلى سنغافورة الشرق الأوسط. في الظروف الحالية، قدر إسرائيل أن تواصل إدارة النزاع معهم والإقرار بأن النزاع لن يُحلّ، وأن تحرص على أقصى حد من الهدوء والأمن لمواطنيها".

وينهي مقاله: في تأبينه لروعي روتنبرغ من ناحال عوز الذي قتله غزيون العام 1965 قال موشي ديان: «ماذا لدينا لنتهمهم بكراهيتهم الشديدة لنا؟ منذ ثماني سنوات وهم يقيمون في مخيمات لاجئين في غزة، وأمام أنظارهم يرون كيف نحوّل أرضهم وقراهم التي أقاموا فيها وآباءهم إلى أرض لنا».

ويؤكد مراده من المقال بالقول: إن لإسرائيل مصلحة في أن لا يبقى هؤلاء الجيران، مهما كان عداؤهم، جوعى. فغزة الجائعة ستقتحم الحدود نحونا. ومصلحتنا هي أن يتوفر لهم أفق أمل. لقد حاول رئيس الدولة التلميح لذلك هذا الأسبوع ولكن تصعب ملاحظة أحد في حكومة نتنياهو الرابعة مؤهل لاكتشاف الفرصة واستغلالها. إذا كان حرص الوزراء على أهالي الجنوب حقيقياً، فينبغي على الحكومة انتهاز الفرصة وترتيب علاقاتنا مع غزة على الأقل للسنوات المقبلة".