Menu

هل تتحرر الإمارات من ربقة التسلط السعودي؟!

الملك سلمان و الشيخ بن زايد

بوابة الهدف_ دبي_ غرفة التحرير:

الخلاف السعودي – الإماراتي، ليس بالأمر الجديد، ولم ينشأ فقط بعد رحيل الملك عبد الله وتسلم الملك سلمان الحكم، كانت الخلافات بين البلدين، طوال السنوات الماضية،عبر ملفات الحدود والموقف من العراق، والموقف من دور الأزهر الشريف،  والعديد من الملفات، في حقبة ممتدة لسنوات، إلاّ أن التطورات الأخيرة، في ظل تسلم الملك سلمان الحكم، والتداعيات الناجمة عن الحرب اليمن، فاقمت من هذه الخلافات، التي لم ينجح الطرفان في العديد من المواقف عن إخفائها.

وكانت الإمارات عندما أعلنت كدولة عام 1972، قد وقعت اتفاقية جدة لترسيم الحدود  مع جاراتها، بعد فشلها في ضم كل من قطر والبحرين إليها، لكي تصبح دولة الإمارات تضم تسعاً من الإمارات عوضاً عن سبعة، كما هو الأمر الآن، في ضوء تلك الاتفاقية تخلت الإمارات عن منطقتي خور العديد وحقل"شيبة" في الوقت الذي تخلت فيه السعودية عن جزء من "واحة البريمي" ، لكن ظلت مسألة الحدود بين البلدين ملفاً شائكاً، يظهر كلما تصاعدت حدة الخلافات بينهما.

وبعد تسلم المالكي رئاسة الحكومة في بغداد، واتخاذه إجراءات عنيفة ضد المناطق السنية في غرب العراق تحديداً ، ظهر التباين بين البلدين إزاء الملف العراقي،      ففي حين، اعتبرت الإمارات أن إجراءات المالكي ـ تصب في إطار الحرب على الإرهاب، رأت فيها السعودية حرباً على الطائفة السنية، والسعودية التي اعتبرت  أن الدفاع عن أهل السنة، هو أحد مرتكزات دورها الإقليمي، هو أيضاً شكل سبباً أخر للخلاف مع دولة الإمارات.

إلا أن الملف حول " دور الأزهر " شكل عنوان أساسياً للخلاف بين البلدين، فقد عبرت السعودية، أن احتفاء القادة والإعلام في الإمارات، برموز الأزهر، ووصفه بأنه المرجعية الإسلامية -الأساسية- للمسلمين، موجهاً في الأساس، لتهميش دور السعودية التي تعتبر نفسها - كما أسلفنا - المرجعية الأساسية للمسلمين، خاصة السنة منهم، وسائل الإعلام الإماراتية، كانت وما تزال، تتحين كل فرصة لشن حملة على "الوهابية" باعتبارها منبع الفكر السلفي الإرهابي، بينما احتضنت هذه الوسائل الرموز الأكثر اعتدالاً، والمنتمين للأزهر، مثل مفتي مصر السابق علي جمعة وعلي الجفري، كشكل من أشكال دعم الموقف الإماراتي إزاء هذا الملف التي يتخذ من "تجديد الخطاب الديني" عنواناً رئيسيا.

وبينما أسست ورعت السعودية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وتعيين يوسف القرضاوي رئيساً له، بعد ما فشل هذا الأخير في الوصول إلى رئاسة الأزهر، فإن إنشاء ورعاية هذا الاتحاد، اعتبر على نطاق واسع، كبديل سعودي عن الأزهر، وفي ظل المواجهة ذات الطبيعة الدينية بين السعودية والإمارات، قامت هذه الأخيرة بإنشاء " مجلس حكماء المسلمين " العام الماضي، غالبية أعضائه من المحسوبين على الصوفية، لمنح " المجلس" صفة الاعتدال وكجهة تقود عملية المراجعة في مواجهة مع اتحاد علماء المسلمين، المستند إلى الوهابية في توجهاته الفقهية.

الموقف المتباين حول الملف الإيراني، يعتبر أمراً غريباً، إذ أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية منذ العام 1974، ولم توافق إيران على التحكيم الدولي بهذا الشأن، مع ذلك فإن العلاقات الإماراتية الإيرانية شهدت تطوراً متصاعداً على كافة المجالات السياسية والاقتصادية ، خاصة بعد العقوبات الدولية على إيران على خلفية برنامجها النووي، إذ استفاد والاقتصاد الإماراتي، باعتباره من ناحية اقتصاداً وسيطاً مع إيران، وهروب الاستثمارات الإيرانية إلى دولة الإمارات من ناحية ثانية وهناك حالياً    ثمانية آلاف شركة إيرانية كبرى تعمل في الإمارات، في حين بلغ حجم الواردات الإيرانية من الإمارات، حوالي 31 % من إجمالي واردات إيران هذا البعد الاقتصادي للتعاون بين الإمارات  وإيران، ينعكس على البعد السكاني الاجتماعي إذ يشكل ما نسبته 17.5% من سكان الإمارات من الإيرانيين أو من أصول إيرانية وهم يمتلكون 15% من العقارات بما قيمته 300 مليار دولار وهناك مزاعم مسكوت عليها- في أن شركات إماراتية كانت وما تزال تزود إيران بالبضائع المهربة والأجهزة ومعدات ممنوعة وفقاً لقرار العقوبات، بما في ذلك تزويد الإمارات بالغاز رغماً عن العقوبات الأمريكية.

ورغم أن التضييق على إيران، يأتي لصالح الإمارات، إلى أن هذه الأخيرة، تتخذ موقفاً مسانداً من الناحية العملية غير العلنية لإيران .. وهو الأمر الذي بات أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة، وهو الملف الأكثر قرباً من بين كافة الملفات، والذي يتخذ من الخلاف حول الحرب على اليمن والتحالف السعودي في إطار ما يسمى بعاصفة الحزم، عنواناً له.

بعد تسلم الملك سلمان دفة الحكم في السعودية بعد وفاة الملك عبد الله أجرى الأول وفي اليوم الأول لحكمه سلسلة تعديلات سياسية كبيرة على الديوان الملكي وفريق المستشارين ، وتم استبدال عدداً من الشخصيات السعودية الصديقة للإمارات، بشخصيات بديلة، أكثر قرباً من قطر، ويقال أن هذا الإجراء، دفع بالإمارات إلى المشاركة في التعزية بوفاة عبد الله ، بوفد محدود شمل حكام إمارات الشارقة ورأس الخيمة وعجمان، بينما لم يحضر بن زايد ورئيس وزرائه محمد بن راشد الجنازة، كرد فعل على إزاحة المقربين منهما، والإطاحة بمتعب عبد الله وإزاحة خالد التويجري، صديقي آل زايد، الأمر الذي اعتبر خلافاً يتعدى المسائل الشخصية إلى مسائل أكثر خطورة، ترتب عليها بروز التعارض في السياسات العربية والإقليمية بينهما.

أثر إقدام الحوثيين على السيطرة على العاصمة اليمنية وعدد من المدن اليمنية، والإطاحة بالرئيس عبد ربه هادي، أقدمت الإمارات على صياغة مقترحات من شأنها إيجاد حل سلمي للأزمات الداخلية في اليمن، وتوفر على الشعب اليمني ويلات حرب كانت محتملة في إطار التهديدات السعودية، من بين هذه المقترحات، تشكيل مجلس رئاسي مؤقت برئاسة الرئيس المخلوع على عبد الله صالح وبمشاركة كافة الأحزاب والفعاليات اليمنية،رفض الحوثيين كما السعودية هذه المقترحات التي اعتبرتها الرياض حماية إماراتية لعبد الله صالح، وهو ما دفع بعض وسائل الإعلام السعودية إلى اتهام الإمارات فيما بعد بتسريب موعد بدء هجوم عاصفة الحزم لعبد الله صالح، الأمر  الذي شكل بدايات الخلاف حول عاصفة الحزم التي انضمت إليها الإمارات، مع أقل قدر من الفاعلية العسكرية، ويقال أن الإمارات كانت قد وسطت كل من الأردن ومصر، للحيلولة دون البدء بعاصفة الحزم، وتأييد الإمارات فيما يتعلق بتسوية داخلية يكون فيها عبد الله صالح، رئيساً مؤقتاً لمجلس رئاسي، إلاّ أن ليس هناك ما يؤكد مثل هذا الأمر، رغم ملاحظة التوافق الضمني في الموقف من عاصفة الحزم بين مصر والإمارات.

في هذا السياق، لوحظ أن قناة العربية المملوكة للسعودية، والتي كانت تشير إلى الغارات العدوانية السعودية على اليمن ب " التحالف العربي" أخذت في الأيام الأخيرة، تميز عندما تقوم الطائرات الإماراتية بمثل هذه الغارات، بالإشارة إلى قيام " الطيران الإماراتي" وليس " التحالف العربي" كما جرت العادة، لتأكيد تورط الإمارات في هذا العدوان.

وهناك ملفات عديدة، مجالاً للخلاف بين البلدين، خاصة حول الدور التركي في المنطقة والموقف من الرئيس السيسي وحركة الإخوان المسلمين، إلاّ أن كافة هذه الخلافات الرئيسية والهامشية منها، تشير إلى المسعى السعودي للعب دور رئيس في المجال الإقليمي والدولي، ولو كان ذلك، بالتحالف مع إسرائيل، كما ظهر في الأسابيع الأخيرة، وهو الأمر الذي تناولناه في أكثر من تقرير سابق!!