Menu

أوسلو: تاريخ يميني عندما كان الجميع يتحدث عن السلام (4-4)

صورة أرشيفية.jpg

ترجمة وتحرير ومراجعة: أحمد مصطفى جابر و د. وسام الفقعاوي.

[مقدمة المحرر: فيما يلي الحلقة الرابعة والأخيرة من ترجمة نص طويل لحاجاي سيغال يستعرض فيه تاريخ اتفاق أوسلو من وجهة نظر اليمين الصهيوني، مستعرضا "كفاح " هذا اليمين، في مواجهة الاتفاق، الذي اعتبر على مثالبه وانحيازه السافر للاحتلال، تنازلا للفلسطينيين، وانهزاما أمامهم.

نشر النص كما سبق وذكرنا في صحيفة مكور ريشون اليمينية، التي لم تكن موجودة زمن أوسلو، بل ظهرت لاحقا كرد من اليمين الصهيوني على ما وصفه استئثار حكومة رابين ثم بيرس بوسائل الإعلام وعدم وجود وسائل إعلام تطرح وجهة نظر اليمين والاستيطان.

هذا النص الذي يكتبه يميني دموي متطرف وإرهابي استيطاني معروف، هو دليل دامغ على التزييف الصهيوني وخداع الفلسطينيين، أو بعضهم الذين صُوّر لهم أنهم "انتصروا" فعلا، وحققوا إنجازا، بينما الحقيقة الدامغة أن هذا الاتفاق وكما وصفه رابين "أكبر نصر للصهيونية"، إذ ببساطة اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني، مع ما في هذا من اعتراف بحقوق للمستوطنين الذين غزوا بلادنا وشردوا أهلنا ودمروا مدننا وهودوها، مقابل فتات ليس أهمه اعتراف تافه بالمنظمة كممثل منوط به التحدث باسم الفلسطينيين.

نقدم هذا النص مع تعليقاتنا عليه حيث كان ضروريا وقد وضعت التعليقات التحريرية بين قوسين [..]، وبالطبع يجب الانتباه إلى أن هذه إحدى القصص الصهيونية عن أوسلو، ولكنها تمثل اليمين بالذات، ولا تقل قصة اليسار الصهيوني كذبا وتزييفا، يبقى أننا كفلسطينيين للأسف ما زلنا بعيدين نسبيا عن تناول هذه التفاصيل وحقائقها، ولكن معرفة ما يقوله العدو، هي خطوة واحدة، وليس كل شيء، تجاه الفهم الأعمق لهذه السنوات.

الكاتب: حاجاي سيغال، رئيس تحرير مكور ريشون منذ 2014، إرهابي معروف، ولد لعضوين في الأرغون، وهو نفسه كان عضوا في الخلية الإرهابية المسماة "مترو الأنفاق" التي استهدفت رؤساء البلديات العرب عام 1976، عمل بعد سجنه مذيعا ورئيس تحرير الأخبار في القناة 7 قبل ترخيصها رسميا، ثم محررا في "نقطة" الاستيطانية، وكاتب عمود في معاريف، ويديعوت وله عدة كتب ]

الفصل السادس:

أقسم باراك في حملته الانتخابية على وحدانية القدس ، وأعلن أن بيت ايل ستبقى إلى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية وحبس نفسه في صيف عام 2000 في كامب ديفيد مع كلينتون وعرفات لوضع تفاصيل التسوية النهائية لعملية أوسلو، وعاد اليمين إلى التظاهر، ولكن هذه المرة كان أقل قلقا إزاء خطر الانتكاس، وخاصة لأنه لا يعتقد أن عرفات سيوقع الاتفاق.

[ يمكن تلخيص بيان حكومة باراك في الشأن الفلسطيني بالنقاط التالية، التي لا تختلف عمليا بشكل كبير عن خطة اليمين الصهيوني الحالية: فقد نص بيان باراك على أن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، وعلى بقاء المستوطنات، وأنه لا عودة لحدود الرابع من حزيران، وأن نهر الأردن هو الحد الشرقي للكيان، ورفض عودة اللاجئين حتى إلى مناطق الحكم الذاتي، والحفاظ على السيطرة العسكرية والهيمنة الاستراتيجية لإسرائيل والسيطرة التامة على المياه ومصادرها في الضفة الغربية. و استغلال مصادر المياه في الجولان والجنوب اللبناني و لا لدولة فلسطينية تتمتع بالسيادة الكاملة على حدودها- المحرر]

.في الواقع، ستبدأ مرحلة جديدة وقديمة في نهاية العداوة المتبادلة، أوسلو سوف تنفجر لأنها مستحيلة و ستندلع الحرب على أطراف حي جيلو وضمن اختصاص المجلس الإقليمي "عيمق حيفر"، و سوف يفاجأ جيش الدفاع الإسرائيلي الكبير والقوي بوجود جيش كبير يتكون من 40.000 جندي نظامي ومئات الآلاف من الاحتياط، لماذا يحتاج عرفات إلى الكثير من الجنود لصنع السلام في الخدمة النشطة ؟

في الواقع، كانت التنازلات التي عرضها باراك في كامب ديفيد غير قادرة على تلبية شهية هائلة للفلسطينيين، حتى استعداده لتسليم جبل الهيكل. انتهى مؤتمر كامب ديفيد 2000 بأعصاب حادة. حكومة باراك تفككت.

[بخصوص قمة كامب ديفيد، قرر الرئيس كلينتون فجأة خيانة تعهده قبل المفاوضات بعد إلقاء اللوم على طرف من الأطراف وأنحى باللائمة على الرئيس الراحل ياسر عرفات ، بأنه أفشل المفاوضات، وعلى العكس من مزاعم الكاتب الصهيوني بخصوص شهية الفلسطينيين لمزيد من التنازل الإسرائيلي، كشف الصحفي الصهيوني رفيف دروكر في بحث استقصائي بعد 15 سنة من القمة كيف تم حشر الفلسطينيين في الزاوية ودفعهم إلى مساومة لا يستطيعون قبولها وقد اعترف دينيس روس لاحقا بأن هذا كان خطأ كبيرا، واعتبر دروكر أن كلينتون أراد الدفاع عن باراك وإنقاذه سياسيا فلم يجد إلا طريقا انتحاريا آخر هو إلقاء كل اللوم على الفلسطينيين، ولنستعد هنا ما كان مطروحا على الطاولة: أصر باراك على ضم 13% من الضفة الغربية، بينما طلب الفلسطينيون أن يقتصر الأمر على 4% ويتم تعويضها بأراض أخرى، وأصر باراك على وجود عسكري دائم في غور الأردن ووافق عرفات فقط على وجود أمريكي ورفض تحكم إسرائيل بالمجال الجوي والموافقة على دوريات مشتركة، رفض باراك تقسيم القدس وسمح بجسر وصول فلسطيني إلى الأقصى بينما أصر عرفات على القدس الشرقية عاصمة فلسطينية، رفض باراك عودة أي لاجئ بينما اقترح الوفد الفلسطيني إقامة لجنة تستقصي اللاجئين وتخيرهم بين العودة أو التعويض المناسب، ورغم حدوث تغييرات على المواقف نهاية النقاش إلا أن الموقف الإسرائيلي لم يتزحزح بشكل مرض- المحرر]

عندما أشعل عرفات الانتفاضة الثانية [ كعادة الكيان الصهيوني يتجاهل الكاتب مقدمات الانتفاضة الثانية وقيام أحد زعماء معسكره اليميني أريل شارون باستفزاز كبير للفلسطينيين ثم المجزرة التي ارتكبها العدو بعد الزيارة، ويأس الفلسطينيين من نوايا الكيان وجدية المسار التفاوضيٍ- المحرر]. وجدت إسرائيل نفسها مترددة تجاهه واستغرق الأمر عدة أشهر لتعود إلى رشدها، وكتب يوئيل ماركوس في هآرتس "لا أحد توقع أن الأسلحة التي أعطيناها لـ (عرفات) ستوجه ضدنا مع الإرهاب القاتل وقذائف الهاون"، و داخل الخط الأخضر، انفجرت الحافلات الإسرائيلية في سلسلة جديدة من الهجمات، وقتل أيضا الوزير رحبعام زئيفي، سقط في المعركة.

[طبعا يتجاهل الكاتب الصهيوني مقدمات إعدام الإرهابي زئيفي، وهي مشاركته في قرار الكابينت الصهيوني بالاغتيال الجبان للشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لم يسقط زئيفي في أي معركة، أعدمه فدائيو الجبهة الشعبية جزاءً ما ارتكبت يداه-المحرر].

مؤخرا قال اللواء عاموس جلعاد، "أقول صراحة: عرفات كان يريد حمام دم، ما لم يقبلوا مفهومه للسلام، الذي كان يهدف أيضا إلى القضاء علينا في النهاية". ووفقا لوثيقة كوبر فاسر، كانت السلطة الفلسطينية تستعد لسنوات الحرب. عند إنشائها، ومع وصول عرفات إلى إسرائيل في عام 1994، أشار إلى نفسه على أنه حصان طروادة، وهي كلمات استخدمها فيصل الحسيني صديق اليساريين الإسرائيليين فيما بعد.

كانت نقطة الانهيار لكثير من مؤيدي أوسلو هي إعدام الجنديين الاحتياطيين في أكتوبر 2000، على بعد بضع مئات من الأمتار من مكتب عرفات في رام الله، كان ذلك في وضح النهار، في وجود الآلاف، وألقيت الجثث من إحدى النوافذ، وأثبت للإسرائيليين أن الرغبة في التدمير لا تقتصر على مجموعة هامشية من الفلسطينيين بل كل المجتمع الفلسطيني.

[هناك العديد من الروايات "إحداها فلسطينية على الأقل" حول الإعدام الشعبي للجنديين الصهيونيين في مركز شرطة رام الله، لعل أبرزها من الجانب الصهيوني التقرير الذي بثته القناة العاشرة في شهر أيار/مايو 2013 التي أجرت مقابلات مع مسؤولين أمنيين صهاينة كانوا في موقع المسؤولية يوم الحادث، توصل التحقيق إلى نتيجة مفادها ان إسرائيل وأجهزتها الأمنية عجزت عن إنقاذ الجنديين على الرغم من مرور 37 دقيقة على وصول الحشد الجماهيري إلى مركز شرطة رام الله واقتحامه وتنفيذ العملية. وزعم العدو أن الجنديين ضلا الطريق من معسكر عوفر إلى دوار المنارة حيث اصطدما بحشد فلسطيني غاضب بسبب سقوط شهداء حينها، وأن الشرطة الفلسطينية أنقذت الجنديين ونقلتهما إلى مركز رام الله، غير أن الجماهير الغاضبة الراغبة بالثأر لدماء الشهداء سرعان ما اقتحمت المركز، وكان الكيان لاحق جميع من زعم أنهم تورطوا في قتل الجنديين وأكثرهم شهرة رامي المصري الذي يظهر في الصورة الشهيرة مطلا من نافذة مركز الشرطة، والذي حكم أربعين عاما في السجن الصهيوني غير أنه خرج بعد ست سنوات في عملية التبادل.]

وحتى هذا اليوم، لم يتم الإعلان رسميا عن إلغاء اتفاقية أوسلو، وهناك أيضا بعض التعاون الأمني ​​بين الجانبين، ولكن منذ خريف عام 2000، كان الاتفاق ميتا سريريا، كانت المحاولات العديدة للإنعاش في العقد التالي مفيدة مثل الحجامة للموتى، لا شيء يمكن أن يدفع لاستئناف عملية - وليس خريطة الطريق اتفاق شارون وأبو مازن لا شبردزتاون أولمرت ولا أبومازن ونتنياهو في عهد أوباما.

توفي عرفات عام 2004 بعد أن سجنه أريل شارون تحت الإقامة الجبرية في مبنى الإدارة العسكرية السابق في رام الله (المقاطعة)، بدا لبعض الوقت لدى دوائر السلام هنا أنه مع أبو مازن، الوريث، يمكن الوصول إلى تسوية دائمة، لكنه كان خطأً بصرياً، الرئيس الثاني للسلطة الفلسطينية يحتقر اليهود تماما مثل سلفه، متجنبا أي فرصة لإبرام صفقة معهم، منحنى الهجمات انخفض بشكل حاد، ولكن فقط بعد أن عاد الجيش فعلا إلى مدن يهودا والسامرة في عملية السور الواقي.

ينفذ قطاع غزة، الذي سقط في أيدي حماس، السيناريوهات اليمينية القاتمة في منتصف التسعينات. فمكان التجربة الأولى لعملية أوسلو هو اليوم برميل متفجرات بمعنى أبسط من هذا المصطلح، غزة لم تغرق في البحر، كما تمنى إسحق رابين بصوت عال، فقد حفرت عميقا في الرمال، و منذ حرب الأيام الستة إلى أوسلو لم تطلق النار من صاروخ أو قذيفة مورتر على هدف إسرائيلي واحد، ومنذ أوسلو وفك الارتباط، سقط عشرات الآلاف من القذائف كان رئيس الأركان محقا عندما قال وقت توقيع الاتفاق إنه إدارة للنزاع وليس إنهاء له.

حتى داخل حزب العمل، هناك تأكيد واضح لانهيار أوهام الترتيب، وقال ايتان كابيل أحد زعماء العمل مؤخرا "لو كان رابين يعيش اليوم ويعرف الوضع، لما وقع على اتفاق اوسلو"، حتى داليا رابين، ابنة رئيس الوزراء الراحل، أعربت عن وجهات نظر مماثلة قبل بضع سنوات، كما فعلت الأرملة ليا رابين في ذلك الوقت، كما أن بنيامين نتنياهو، الذي عاد إلى مكتب رئيس الوزراء، ينأى بنفسه عن العملية، ويبذل كل جهد لإضعاف السلطة الفلسطينية سياسياً، كان من المفترض أن يكون سعيداً بمحو اتفاق الخليل وقمة واي من سيرة حياته، فقط لو كان يستطيع.

بشكل عام، من الصعب أن نجد في إسرائيل اليوم أناسًا يحنون إلى ذكريات أوسلو مع عرفات، حتى شلومو بن عامي شبه الاتفاقية بالثلج الذي ذاب وأضاف قبل عام ““سأشعر بالدهشة إذا حتى قرأت الاتفاقية".