Menu

عندما تتنمّر إسرائيل على أميركا!

هاني حبيب

غضب في إسرائيل جراء تصريحات الرئيس الأميركي ترامب التي اعتقد أنها من مصلحتها، فقد صرّح أكثر من مرّة خلال الأسابيع الأخيرة من أن موقفه من السعودية الرافض لإدانة ولي عهد المملكة في ملف قتل الصحفي جمال خاشقجي، لقوله أنّ إسرائيل ستكون في مشاكل عويصة بدون السعودية، وزاد على ذلك بالقول، أن الولايات المتحدة ليس لها سببًا في البقاء بالشرق الأوسط، كوناه لم تعد بحاجة للنفط العربي، فإنها قررت المنطقة بالبقاء في المنطقة بسبب إلتزامها إزاء إسرائيل، ومن الواضح أن ترامب كان يؤكد من خلال هذه التصريحات أن هناك رئيسًا أميركيا في البيت الأبيض يسهر على دولة إسرائيل ومصالحها، غير أن هذه التصريحات كان من شأنها إثارة غضب العديد من المسؤولين وأصحاب الرأي في وسائل الإعلام الأميركية، رغم معرفة هؤلاء بصدق نوايا ترامب من وراء هذه التصريحات.

يقول هؤلاء أنه إذا كان صحيحًا أن الجمهوريون والديمقراطيون في الولايات المتحدة تفانوا في خدمة إسرائيل وإغراقها بالمساعدات والسلاح، إلا أن أحد أهم أسباب ذلك يعود إلى أن الدولة العبرية كانت الحارسة على المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، وشكّلت حلفًا أمنيًا لصالح الولايات المتحدة بعدما أصبحت قادرة على الدفاع عن نفسها وتفوّقت على كل العرب في كلّ المجالات، ولم تعد بحاجةٍ إلى أحد كي يدافع عنها.

وينتقد هؤلاء تصريحات الرئيس الأميركي بحجّة القول أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل وأن القوات الأميركية في المنطقة لخدمة الأمن الإسرائيلي، من شأنه أن يوجّه النار الداخلية الأميركية تجاه إسرائيل، خاصةّ دافعي الضرائب، باعتبار أن الولايات المتحدة تبذّر أموالها على قواتها في المنطقة، ليس خدمةً للمصالح الأميركية ولكن خدمةً للمصالح الإسرائيلية، يُضاف إلى ذلك أن كلّ جندي أميركي يُقتل في هذه المنطقة سيكون سببه إسرائيل التي عليها أن تتحمّل تبعات ذلك، السياسية والأخلاقية، وهذا غير منصف بالنسبة للدولة العبرية.

نسي هؤلاء أنه لولا الدعم الأميركي غير المحدود، أمولًا وسلاحًا وإسنادًا سياسيًا، لما كانت إسرائيل على ما هي عليه اليوم، ولولا إسناد الولايات المتحدة للدول العربية الرجعية طوال العقود السابقة، لما أمكن توقيع اتفاقات سلامٍ عربية مع الدولة العبرية، ولولا ذلك كله لما نجحت إسرائيل في اختراق هذه الأنظمة التي باتت أكثر قربًا للاعتراف بها بعد مسارات التطبيع المتدرجة معها، وإذا كان ذلك جزءًا من التاريخ القريب، فقبل أيام وكي تبدأ القوات الإسرائيلية فيما يُسمى بعملية "درع الشمال" على الحدود مع لبنان اضطّر رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى لقاء وزير الخارجية الأميركي بومبيو في بروكسل للحصول على موافقة أميركا وتأييدها. من خلال كلّ هذه التصريحات الأميركية وردود الأفعال الإسرائيلية، يتبيّن أنّ أميركا تتنمّر على العالم بينما إسرائيل تتنمّر على أميركا وكلّ العالم!