Menu

في الطريق إلى الانتخابات الصهيونية: نظرة على الخريطة السياسية

بوابة الهدف - متابعة خاصة

بعد تمرير قانون حل الكنيست بالقراءة الأولى، وحيث من المتوقع أن يتم الأمر بالقراءتين الثانية والثالثة خلال ساعات (إن لم يكن حدث فعلا خلال كتابة هذا التقرير) يبدو الواقع السياسي الصهيوني في طريقه إلى مزيد من الاضطراب وظهور بوادر انشقاقات عديدة.

ويبدو السؤال الأبرز حاليا هو ما إذا كان بنيامين نتنياهو سيتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة، في ضوء الاضطراب في معسكر اليمين الصهيوني، واحتمال أن تقدم لوائح اتهام ضد نتنياهو خلال شهرين كما وعد المدعي العام الصهيوني أي قبل موعد الانتخابات مما يضع علامة استفهام كبيرة على قدرة نتنياهو على الاستمرار في عمله السياسي أو على الأقل في رغبة الليكود بالإبقاء على زعيم ملاحق قانونيا على قمته.

هذا الموقف يتشارك فيه العديد من الليكوديين مع حزب (البيت اليهودي) الذي يرغب حتما بتقليص نفوذ نتنياهو والحد من سلطته المطلقة في الحكومة، وهو أمر يخشى الحزب إن استمر أن يؤثر على قاعدته الجماهيرية.

عموما نتنياهو ما زال حتى الآن في قمة اليمين الصهيوني، فهو الزعيم الذي يمرر أسوأ قوانين ضد الفلسطينيين، تعزيز الاستيطان بشكل متغول، وقوننة المستوطنات وقانون القومية وقانون طرد عائلات المقاومين وغيرها وخصوصا اعتقادهم أنه يشكل ردعا في الجبهة السورية، وإنه يمثل الخط الأحمر أمام محاولات التوسع الإيراني على حد الزعم.

اقرأ ايضا: الائتلاف الصهيوني: قررنا حل الكنيست

جماهيريا الوضع طبعا غير مريح لنتنياهو، إذ أعرب يوم أمس الثلاثاء 52% من بين المستطلعة آراءهم أنهم يعارضون أن يكون نتنياهو رئيس الحكومة القادم، مقابل 34% فقط، رغم ذلك تشير معظم الاستطلاعات إلى أن نتنياهو سيفوز في الانتخابات، بسبب طريقة الانتخابات الائتلافية، التي تضمن أغلبية لصالح اليمين.‎ ‎

في معسكر اليمين الصهيوني، الليكود أيضا يريد قصقصة أجنحة نتنياهو، بقرار منحه مقعد درع واحد، أي السماح له باختيار عضو كنيست واحد فقط خارج الانتخابات التمهيدية وهو ما من شأنه أيضا أن ينعكس على فرص حلفائه من المستوطنين الذين جاء بهم وغير عبرهم تركيبة الليكود والتخلص من زعمائه التاريخيين. وهذا ما دفع نتنياهو لاستجداء عطف المستوطنين بطريقتين الأولى تمرير موضع الاستيطان وتعزيزه قانونيا وهو ما مر في الكنيست أمس، والثاني اجتماعه مع زعماء المجالس الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة وتحذيرهم من حكومة يسارية ستشكل ضربة كبيرة للاستيطان على حد زعمه.

اقرأ ايضا: استطلاع معاريف: نتنياهو يفوز والمعسكر الصهيوني وغابي يتحطمان

حزب (البيت اليهودي) يعتقد أن الممثل الشرعي لفكرة "أرض إسرائيل الكبرى" والأكثر إخلاصا في التيار الديني الصهيوني، للاستيطان والتوراة والجيش، على حد الزعم، وبالتالي يخشى الحزب من تبعات مشاكل نتنياهو على ناخبيه وأيضا في ذات الوقت يدرك الحزب أن لافرصة لديه للتواجد في الحكومة بدون الليكود، وبالتالي فإنه لايستطيع الدعوة علنا لمنع التصويت لليكود، يتماشى هذا مع ازدياد مشاعر اليمينيين بأن نتنياهو حقيقي لليمين.

من جهة هناك مأزق الأحزاب الحريدية الصغيرة، التي رغم هامشيتها السياسية تبقى مهمة جدا في أي ائتلاف يميني، هذه الأحزاب على شقاق أيدلوجي دائم مع الليكود، وتصادمت معه ومع نتنياهو في محطات كثيرة تم تجاوزها بصعوبة ابتداء من قانون السبت وأخيرا قانون التجندي الذي كان القشة التي قصمت ظهر بعير الائتلاف منذ يومين.

هذه الأحزاب مهددة أيضا بعد أن ضعفت كثيرا على مدى السنوات الأخيرة، بالعجز عن تجاوز العتبة الانتخابية مما يدفعها للبحث عن مخرج من المأزق عبر التحالف فيما بينها، أو على الأقل الاتحاد بين شاس (المتدينين الشرقيين) وديغل هتوراة (المتدينيين الأوربيين) وهو ما يعتبره شاس خيانة لهويته واعتراف تقريبا بفشل المشروع التاريخي الذي أسسه عوفاديا يوسف، لإيجاد هوية مختلفة ومستقلة وتمثيل سياسي مستقل للشرقيين، رغم علامات الاستفهام الكبيرة حول ما إذا بقي شاس أصلا مخلصا لهذه الهوية منذ سنوات طويلة.

وبالتالي يرى أحد المعلقين من هذا التيار أن الانتخابات القادمة تكرحجديا تفكك سلطة الحريديين وأن المجتمع الأرثوذكسي المتطرف سيكون غير قادر على تمرير أي قانون ما سيتسبب حتما بسقوط أي حكومة يمينة تضم هذا التيار.

على اليسار يبدو وضع المعسكر الصهيوني أكثر تشرذما، واحتمالات الانشقاق قائمة بشدة، بعد أن انتقدت تسيبي ليفني طموحات آفي عاباي الذي يطرح نفسه منافسا لنتنياهو على مقعد رئيس الحكومة، واعتبرت ليفني التصريخح أنانيا ومغرورلا، ما دفع أعضاء اعمل لمطالبتها بالذهاب لحزب آخر، رغم أن فرص غاباي لايعتد بها إذ نال العمل برئاسته ما لايزيد عن عشر مقاعد في معظم الاستطلاعات، ما يعني نهاية العمل فعليا وانحداره إلى مستوى الأحزاب الصغيرة وحتى فرصه بقيادة المعارضة تبدو غير مبشرة.

وفي خلفية النقاش العام بين رؤساء المعسكر الصهيوني ، يبحث خمسة من أعضاء الكنيست في الانفصال عن الحزب ويفكرون بالانضمام إلى ميرتس والخمسة هم: ايتان كابيل ، ايليت نحمياس ورابين ، يوسي يونا ، ناشمان شاي ، ميكي روزنتال، رغم أن الانشقاق رسميا يتطلب ثمانية مقاع كنيست و من الواضح بعد ما إذا كان العدد المطلوب لبدء التحرك سيتحقق.

وهذا الوضع أيضا يتهدده أمرين، حزب موشيه يعلون الجديد الذي يريد أيضا كتلة معارضة لنتنياهو بغض النظر عن كونها يسارية، وتبدو هذه محكومة بطموحات يعلون السياسية من جهة وخصامه الشخصي مع نتنياهو من جهة أخرى.

يضاف إلى ذلك ما أعلن عن نية رئيس هيئة الأركان الاسبق بيني غانتس دخول الانتخابات بقائمة منفصلة، وهو يحظى بشعبية معتبرة، وصلت في الاستطلاعات إلى 16 مقعدا، رغم أنه لم يصرح بعد عن خططه.

من جهة أخرى تحظى أورلي ليفي أبو كسيس، ابنة دافيد ليفي، من حزب الليكود، ووزير الخارجية سابقا، بشعبية كبيرة. فقد أعلنت أمس اسم حزبها وهو “غيشر” (جسر) وهو اسم القائمة التي سبق لوالدها أن خاض الانتخابات بها، معلنة عن برنامجها الاجتماعي الذي يستقطب جيل الشباب من سككان الضواحي، وأصحاب الدخل المنخفض، ويتوقع أن تحصل على خمسة مقاعد تقريبا.‎ ‎

للإجمال، يبدو أنه حتى اقتراب موعد الانتخابات سوف تطرأ تغييرات دراماتيكية على الخارطة السياسية الصهيونية وفي إطار التعاون بين الأحزاب والتحالفات التي ستنعقد.