Menu

لنعمل معًا

من مسيرات العودة

التقرير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أشار بوضوح لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها جيش العدو بحق أبناء شعبنا في أحداث مسيرات العودة، ومع ذلك قابله الكيان الصهيوني وحلفائه بالتكذيب والاعتراض، ولعل تصريحات جيسون جرينبلات، المنسق الأمريكي لـ "عملية السلام" في الشرق الأوسط المُعادية للتقرير توضح طبيعة فكرة الولايات المتحدة عن السلام، هذه الفكرة التي جوهرها أن يقتل الفلسطينيين بصمت، وأن يواصل الكيان الصهيوني جرائمه بلا أي عقاب أو انتقاد.

هذا كله يقودنا لما هو واجب فلسطينيًا تجاه التعامل مع هذا التقرير، فالمنظومات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية يقع على عاتقها سلسلة طويلة من المهمات لمنع دفن هذا التقرير، والعمل على تحويله لأداة لمحاسبة الكيان الصهيوني، وتعزيز إمكانيات إلحاق العقوبات به، وعزله دوليًا، وهي مهمات تتطلب في الحد الأدنى كشرط لتحقيقها تضافر الفلسطينيين، ومناصري قضيتهم، وطي صفحات التراشق الاعلامي والصراع المستمر في خانة الانقسام، بإختصار المطلوب أن يستعيد الكل الفلسطيني ذاكرته كشعب واقع تحت الاحتلال، ويعمل على مواجهة هذا الاحتلال في كل محفل، وصولاً لهزيمة المشروع الصهيوني.

المذكور أعلاه ليس مهمة مستحيلة، أو أن افتراضها ضرب من التنظير الفج، ولكن بالأساس محاولة للتذكير بالعنوان الأساسي للمواجهة، وبكيفية عمل الكل الوطني والنجاحات التي طالما حققها الشعب الفلسطيني في مواجهة المحتل على مختلف الصعد، والتي بدأت تتآكل بسبب التيه الكبير في البوصلة السياسية لدى العديد من الأطراف الفاعلة في المشهد الفلسطيني، والذي قاد لاتفاقية أوسلو، ومن بعدها الانقسام، والسقوط الكارثي في وحل التنسيق الأمني.

لا يمكن مُغادرة هذا المستنقع الذي يجري إغراق شعبنا وقضيته فيه، دون عمل حقيقي على تجاوز حالة التفرد القائمة في قيادة الشأن الوطني، وإعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية، وفي المقدمة منها منظمة التحرير الفلسطينية التي افقدها التفرد وزنها وقيد دورها، وحصرها في خانة استخدامها كأداة وغطاء من قبل المتفردين بالقرار الفلسطيني.

قد يكون هذا كله مُتعذرًا الآن، ولكن الاعتراف الدولي المنقوص، بمشاهدة الجريمة الصهيونية بحق أبناء شعبنا، قد يكون هذا الاعتراف الذي عبر عنه التقرير، مدخلاً لبناء نموذج للشراكة، والعمل الوطني الموحد لإدانة الاحتلال، نموذج يمنحنا الثقة، ويفتح الباب لتجاوز عقبات الانقسام، وفلسفة عمل المنقسمين القائمة على الإلغاء والمعادلات الصفرية.