قرار البرلمان الألماني ضد حركة المقاطعة "بي دي أس"، ما هو إلا حلقة جديدة في مسلسل طويل جدًا من الأدوار الرسمية الألمانية الداعمة للمشروع الصهيوني. فإزاء السمعة المخيفة لألمانيا النازية في "اضطهاد اليهود"، تبذل الدولة الألمانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كل جهودها لدعم الكيان الصهيوني، وذلك لم يبدأ بإقرار نمط الصرف الخاص بتعويضات ضحايا المحرقة النازية التي أقرت الدولة الألمانية صرفها للكيان الصهيوني، مرورًا بنمط الدعم المالي السخي الذي قدمته ألمانيا للكيان الصهيوني.
تورطت الحكومة الألمانية مرات عدة في دعم الكيان الصهيوني تسليحيًا، فيما يعتبر تاريخ استخباراتها حافل بأشكال المساعدة النوعية التي قدمتها للاستخبارات الصهيونية، هذا هو التاريخ الحقيقي لألمانيا، سواء كان ذلك مرتبط بإرث ألمانيا الغربية، أو ألمانيا الموحدة بعد انهيار جدار برلين.
الغريب في هذا الانحياز الألماني للكيان الصهيوني، هو ما يحمله من جبن وعنصرية تتماثل تمامًا مع صفات الفاشية النازية التي تدعي الحكومة الألمانية تنصلًا منها، فالحكومات الألمانية المتعاقبة حاولت باستمرار تأكيد انحيازها لمشروع يدعي تمثيل اليهود هو الكيان الصهيوني، حتى تتبرأ من تاريخ النازية، متناسية أن هذا المشروع هو شكل مماثل للنازية، في سلوكها وجرائمها واستقوائها المسلح على الشعوب؛ ألمانيا لم تتخذ سلوكها المعادي لحقوق الشعب الفلسطيني لأسباب ديموقراطية، أو رغبة منها بإنصاف اليهود الذين نكلت بهم في الحقبة النازية إلى جانب ملايين البشر من جنسيات مختلفة، بل بالأساس انحياز لرغبة طبقتها الحاكمة ونخبها في الحفاظ على علاقة مميزة مع الكيان الصهيوني، وفي هذا الاتجاه يتكرر ذات السلوك الذي يستخف بالضحايا أي كان لونهم أو دينهم.
ضحايا المشروع الصهيوني ليس أقل قيمة أو إنسانية من ضحايا المشروع النازي، خصوصًا أن لا تضاد بين كلا المشروعين النازي والصهيوني، ولا يمكننا استبعاد السلوك الرسمي من الحكومات الألمانية عن هذا التصنيف.
إن حق شعبنا في النضال لفرض المقاطعة على الكيان الصهيوني ونظام الفصل العنصري الذي يمثله، لا يخضع لرغبات الحكومة الألمانية ومشرعيها من حلفاء الكيان الصهيوني، ولكن بالأساس لإرثنا الحضاري وإيماننا الراسخ بالعدل والحق، ومن شبكة التضامن الهائلة مع القضية الفلسطينية، أولئك الورثة الحقيقيين لمن قاتلوا دومًا ضد الاستعمار والفاشية والنازية، في كل بقعة من هذا العالم.