كما كان متوقعًا، انتهت دراما السياسة الصهيونية، بفشل مدو لبنيامين نتنياهو، لم يكن له سابقة في تاريخ الكيان القصير، بعد أن عجز طوال الفترة القانونية والتمديد عن تشكيل حكومة تعتمد على التحالف اليميني.
وبذهاب الكيان إلى انتخابات جديدة في أيلول كما تقرر، ترتسم معالم اللوحة السياسية بشكل يدعو أكثر إلى تشاؤم أطراف العملية السياسية أو على الأقل الائتلاف اليميني الذي أعلن نتنياهو رسميا أنه تم اختراقه بتصريحه بأن "ليبرمان أصبح جزءا من اليسار".
الدراما في الساعات الأخيرة لم تقتصر على صراع الديكة بين نتنياهو ووزيره السابق، بل امتدت لتكشف عمق الصراع السياسي والأيدلوجي في الكيان، وكشفت عن نتنياهو كسياسي انتهازي رخيص لديه كل الاستعداد لبيع حلفائه في سبيل السلطة، وكذلك سيكون لما حدث تأثيرات تتجاوز الكيان الصهيوني، لتسمع أصداؤها في البيت الأبيض و البحرين أيضا.
في الوضع الداخلي الصهيوني، فشل نتنياهو إذا فشلا محققا، وهذا الفشل أخذ صفة مزدوجة، شقها الأول فشله في حشد اليمين لتشكيل ائتلاف، حيث وكما لم يكن متوقعا كان ليبرمان قادرا على الإمساك بعنق الائتلاف وقتله مبكرا، وأيضا أثبت ليبرمان قدرته على حماية قاعدته الانتخابية وقدرته على الصمود الأيدلوجي وعدم بيع نفسه لنتنياهو أو منصب وزاري بدون شروط، مراهنا على أن موقفه هذا سيعزز قاعدته الانتخابية كمكافأة له على مقفه وتشبثه بقانون التجنيد.
الدراما استمرت، بإقدام نتيناهو على محاولة استقطاب حزب العمل، في خطوة تعتبر نوعا من المراهقة السياسية، بمحاولة شراء الحزب بوعود يعلم نتنياهو أن اليمين سيرفضها، ولكن حزب العمل اختار رفض العرض متشبثا بتحالفه مع بيني غانتز.
خطوة نتنياهو أشعلت الموقف في تحالفه مع الأرثوذكسي المتشدد، الذي اعتبر أن اقتراح نتنياهو بقبول خطة ليبرمان من جهة، واتصاله بحزب العمل من جهة أخرى يعتبر بيعا لهم وطعنة في الظهر، وهذا بالتأكيد أمر سيطرح نفسه في الحملة الانتخابية القادمة، ويؤثر على التحالف وشروطه وممكنات الابتزاز السياسي أيضا.
من جانب آخر، إن السؤال المطروح هو هل سيراقب ليبرمان نتائج الكنيست القادمة على التلفزيون كما توعده سموتريتش، أم أنه سيتمكن من تعزيز قوته ليدخل بشكل أكبر وأقوى في المنافسة السياسية؟
إذا حدث هذا السيناريو وهو المرجح، فإن احتمال أن تدخل السياسة الصهيونية ازمة مماثلة هو احتمال مرجح إلا إذا حدث ما يجعل نتنياهو يتخلى عن ليبرمان أو المتشددين وهو أمر يبدو محالا.
ثمة احتمال ضعيف آخر أن يقرر منافس نتنياهو الأبرز الوزير جدعون ساعر منافسته على زعامة الليكود أو أن يطعن في الاتفاق مع كحلون والذي أراد منه نتنياهو تجنب الانتخابات الداخلية، في هذه الحالة سيلقى جدعون أو غيره دعما من أبيض – أزرق وحلفائه الذين صرحوا إنهم مستعدون لحكومة واسعة مع الليكود بدون نتنياهو.
الجانب الخر للأزمة هو خارج الكيان الصهيوني، خصوصا ما يتعلق بمؤتمر البحرين وصفقة القرن، التي تأخرت حتى أصبحت تكاد تفقد زخمها، فالعرس البحريني سيعقد إن عقد بدون العروس "الإسرائيلية" وبدون حكومة صهيونية قادرة على التقرير ولا شك أن هذا يشكل صدمة للعرب المتراكضين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وللبيت الأبيض الذي يسابق الوقت، ويبدو أنه سيكون مضطرا مرة أخرى لتأجيل الصفقة إلى أجل غير مسمى، حيث لن تحلف أي حكومة صهيونية جديدة اليمين قبل تشرين ثاني/ نوفمبر في أقصى توقيت أو أواسط تشرين أول/أكتوبر على الأقل، وفي هذا الوقت يدخل ترامب سنته النهائية وهي سنة انتخابات يستعد خلالها لانتخابه من جديد، وعادة لايقوم الرؤساء الأمريكيون بأي نشاط خارجي مهم في سنة إعادة الانتخاب.