قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بيير كرينبول: إنّ الوكالة ملتزمةٌ بالقيام بمسؤولياتها، رغم كل التحديات السياسية والمالية الراهنة، وستُواصل طريقها في اتجاهين: تقديم الخدمات، والدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف كرينبول، في مؤتمرٍ صحفيّ عقده صباح اليوم الثلاثاء، داخل المقر الرئيسي للأونروا بمدينة غزة، أنّ تجديد التفويض السياسي للوكالة لا زال قيد المشاورات بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة، والتي في غالبيتها تُؤيد منح التفويض. لافتًا إلى أنّ حجم العجز المالي الذي تُعاني منه وكالة الغوث حاليًا يُقدّر بـ150 مليون دولار، ومن إجمالي الموازنة البالغة 1.2 مليار دولار.
ومن المقرر أن ينعقد مؤتمرًا على هامش اجتماعات الدورة 74 للجمعية العامة، في سبتمبر المقبل، لكبار الدول المانحة للأونروا، لمناقشة الجانب المالي لها وتجديد ولايتها.
افتتاح المدارس رغم التحدّيات
وفي المؤتمر، الذي حضرته "الهدف"، قال "إن سبب عودتي وزيارتي ل غزة هذه المرة كان افتتاح العام الدراسي الجديد، الذي يُشكّل حدثًا هامًا وبشكلٍ خاص بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، على وقعِ ما تشهده الوكالة من أزمات وتحدياتٍ سياسية ومالية، هددت- ولا تزال- استمرار خدماتها، وفي القلب منها التعليمُ" وتابع "نحن فخورون بافتتاح العام الدراسي رغم كل هذا، وما يعنيه استمرار العملية التعليمية في 700 مدرسة تابعة للوكالة، وهو الحفاظ على أحد أهمّ حقوق الإنسان لهؤلاء الطلبة، وهو الحق في التعليم".
وقال كرينبول، خلال المؤتمر الصحفي: التقيتُ 3 من طلبة مدارس الأونروا، أحدهم أصيب في مسيرات العودة، وقال لي والده "لا أتمنّى لأحدٍ أن يصحو في يومٍ من الأيام ليجد ابنه مُصابًا كطفلي، ولا يستطيع حمايته، أو تقديم العلاج له". وتساءل هذا الأب قائلًا "هذه ليست معاناة ابني فقط، إنّما نحن مجتمع كاملٌ نعاني من أوضاعٍ صعبة، فمتى سينتهي كل هذا"، وعلّق كرينبول بالقول "إنّها رسالة للمجتمع الدولي، ولكل أب في العالم يُمكنه تقدير مثل هذا الشعور".
ولفت إلى أنّ دور مدارس الأونروا لا يقتصر على تقديم خدمة التعليم، إنّما يمتدّ عملها للاهتمام بشكل أكبر بالطلبة، وحين يتعلق الأمر بطلبة من الجرحى فإنّ مدراسنا تبذل جهودًا كبيرة في العناية بهم واحتوائهم.
وزاد بالقول "قابلتُ كذلك أعضاءً من البرلمان المركزي- من طلبة مدارس الأونروا- كلهم قالوا لي أنّ التعليم الذي نتلقّاه في مدارس وكالة الغوث هو الامل الوحيد المُتبقّي لنا قي غزة". مُجددًا تأكيده على "الوقوف إلى جانب الطلبة كافة، رغم كل التحديات".
وخلال حديثه، قال المفوّض العام لوكالة الغوث إنّ "العالم لا يُقدّر حجم وطبيعة خيبة الأمل التي يعاني منها الناس هنا في قطاع غزة، والمعاناة المستمرة وغير المسبوقة جراء جملة الأزمات التي تسبب بها الحصار والاحتلال، والأوضاع المتدهورة بغزة، من بطالةٍ وانعدام الأمن، والحقوق المسلوبة، منها الحق في السفر للعلاج وغيره، يُضاف إليها مسيرات العودة، وما نجم عنها من خسائر بشرية، فاقمت هذه الأوضاع الصعبة.
استهداف اللاجئين الفلسطينيين لن يتوقف
وخلال حديثه، شكر كرينبول الدول والجهات المانحة، التي تُسهم بشكل كبير في ضمان استمرار خدماتها، وقال "أشكر الدول المانحة كافة، وأخص دول الخليج، التي لولا دعمها المالي الأخير للأونروا لما افتتحنا العام الدراسي الجديد". واصلًا الشكر لموظفي الوكالة على جهودهم.
وأضاف أنّه اجتمع خلال الأيام الماضية مع عددٍ من الجهات الممثلة عن الفلسطينيين، وتم بحث عدّة قضايا متعلقة بما تُواجهه الوكالة من تحديات سياسية ومالية.
وفي معرض إجابته على سؤالٍ وجهّته "الهدف" إلى المفوض العام للأونروا، حول الجهود التي تبذلها إدارته والتي من شأنها التوصل إلى آليّات يُمكن أن تكون مُلزمة للمجتمع الدولي من أجل استمرار دعمه للوكالة سياسيًا وماليًا، بدلًا من استمرار استجداء هذا الدعم طوال الوقت، خاصةً في ظلّ الهجوم الواضح ضدّها، والمُوجّه من الأروقة الصهيونية والأمريكية، قال كرينبول "إن هذه نقطة هامة جدًا، ففي كل زياراتي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق عمليات الأونروا، كان هناك مطلبًا ثابتًا ومُلحًا غالبية اللاجئين، إذ كانوا في كل مرة يقولون لي (لا تتسول حقوقَنا)، لكن أنا أؤكد لكم أنا ما نبذله من جهودٍ وما نقوم به من جولات ومُناشدات، وما نبيّنه للمانحين، إنّما هو توضيحٌ لما تقوم به الوكالة، وتأكيدٌ على أهمية دورها وخدماتها ووجودها، وبالتالي تحشيد الدعم المالي والسياسي لها.
وأضاف في ذات السياق أنّ قرار إنشاء الوكالة برمّتها، لم يصدر بالعام 1950 عن مجموعة أشخاص عاديين على اعتبار أنّه قرارٌ (جيّد ومفيد) إنّما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتُبر أحد أهم القرارات السياسية التي تم اتخاذها في تلك الفترة، لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، إلى حين إيجاد حلول عادلة لقضيتهم".
وأكّد على أنّ محاولات نزع الشرعية عن اللاجئين الفلسطينيين لن تتوقف ولن تنتهي طالما القضية الفلسطينية مستمرة بدون حلول، وقال "إنّ الأمور تُصبح مُسيّسة تمامًا إذا تعلّقت باللاجئين الفلسطينيين"، لكن رغم هذا كلّه، جهودنا وعملنا متواصل لضمان استمرار الوكالة وخدماتها للاجئين.
وأطلق كرينبول تساؤلًا، قال إنّ على المجتمع الدولي تقديم الإجابات عليه، وهو ما الذي سيكون عليه الحال إذا تم إنهاء دور الوكالة، وما الذي ستكون عليه أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في غزة، وسائر المناطق الخمس، بدون الوكالة وخدماتها؟!
التحقيقات مع إدارة الوكالة
وتطرّق كرينبول، في إجابته على أحد الأسئلة التي وُجهت له خلال المؤتمر إلى التحقيقات الجارية والمتعلقة بشبهات فساد مُتهمةٌ بها إدارة الأونروا، وقال المفوض العام للوكالة "نحن نتعاون بشكل جيد مع هذه التحقيقات، ولكن يجب انتظار نتائجها وعدم الالتفات إلى ما يُشاع من أخبار غير صحيحة"، وشدّد على التنويه بأنّه يجب الانتباه جيًدا إلى طبيعية البيئة السياسية التي يتم فيها إطلاق هذه الأخبار والمعلومات المغلوطة بشأن مُجريات ونتائج التحقيقات وخلفياتها، والطريقة السياسية التي تُصاغ وتُعمم فيها تلك الشائعات والادّعاءات، معربًا عن رفضه الشديد لما يُوجَّه له شخصيًا من اتهامات.
وفي إطار إجابته على تساؤلٍ حول جهوزية الوكالة في حال اندلاع مواجهة في قطاع غزة، أو شن عملية عسكرية "إسرائيلية" على القطاع، ردّ كرينبول بالقول "هذا هو الوضع الذي لا نريد أن نكون مستعدين له، وكل شخص يعلم مدى وحجم الخسائر والتكلفة البشرية لمثل هذه المواجهة، لكننا نقول إن لدينا واجبٌ بالمساعدة في كل الظروف، وفي حال اندلاع الحرب سنقوم بمسؤولياتنا وفق كل ما لدينا من إمكانيات".