ينعقد غدًا الأحد مؤتمرٌ دوليّ، في العاصمة الألمانية برلين، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، لبحث الأزمة الليبية، بحضو طرفي النزاع فيها؛ رئيسُ حكومة الوفاق فايز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ووفق عدّة وكالات أنباء، سيقترح المؤتمر تقسيم عملية تسوية الأزمة إلى ست ملفات، على غرار التسوية السورية، وسيضع آلية دولية لتنفيذ مضمونها. في الوقت الذي ينظر كثيرٌ من المراقبين إلى المؤتمر باعتباره منصّةً لصراع قوىً دولية وإقليمية، أكثر مما هو خشبة خلاصٍ لبلاد أثخنتها الجراح منذ إسقاط نظام الرئيس معمر القذافي في العام 2011، إثر انتفاضة شعبية، وتدخلٍ عسكريّ من عدّة دول.
وحسب مسودة البيان الختامي للمؤتمر، فإن مسارات العمل الستة المقترحة هي: وقف إطلاق النار، وتطبيق حظر توريد الأسلحة، واستئناف العملية السياسية، وحصر السلاح في يد الدولة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واحترام القانون الإنساني.
وتنص الوثيقة على إنشاء آلية تحت رعاية الأمم المتحدة، تنقسم إلى قسمين، أولهما يتمثل في لقاءات يعقدها شهريًا ممثلون رفيعو المستوى عن الدول القائمة بالوساطة في تسوية الأزمة الليبية، مع تقديم تقرير حول نتائج كل لقاء، أما القسم الثاني فسيكون على شكل مجموعات عمل تعقد اجتماعاتها مرتين في الشهر في ليبيا أو تونس.
ومن المفترض أن يُحال البيان الختامي، بعد تبنّيه في مؤتمر برلين، إلى بساط البحث في مجلس الأمن الدولي، وفيما يلي الملفات الستة وتفاصيلها.
وقف إطلاق النار
يحث البيان الأطراف المتحاربة في ليبيا على وقف إطلاق النار، مُرحّبًا بـ "انخفاض حدة القتال في البلاد بعد 12 يناير"، وكذلك "المشاورات التي عقدت في موسكو في 14 يناير لتهيئة الظروف لاتفاق وقف إطلاق نار".
ويدعو البيان إلى "وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف المعنية"، والذي يجب أن يؤدي على المدى الطويل إلى "وقف شامل لجميع الأعمال العدائية، بما في ذلك العمليات التي تنطوي على استخدام الطائرات فوق أراضي ليبيا"، على أن تتولى الأمم المتحدة مراقبة سير تنفيذ الهدنة.
وتدعو الوثيقة أيضًا لوقف كل تنقّلات قوات الأطراف المتحاربة أو نقل قوات "من أجل تقديم دعم مباشر لتلك الأطراف في جميع الأراضي الليبية منذ بدء سريان الهدنة"، في إشارة تشمل على ما يبدو تحرك تركيا لإرسال قوات إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني.
حظر توريد الأسلحة
في مشروع البيان، يتعهد المشاركون في المؤتمر بالامتثال الكامل وغير المشروط لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة، ويناشدون مجلس الأمن فرض عقوبات على البلدان التي تنتهك حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار.
العملية السياسية
تقضي "سلة" العملية السياسية بتشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي في ليبيا، حيث تقول الوثيقة: "ندعم الاتفاق السياسي الليبي كأساس قابل للحياة للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا. كما ندعو لإنشاء مجلس رئاسي فاعل وتشكيل حكومة ليبية واحدة موحدة وشاملة وفعالة، يصادق عليها مجلس النواب".
ويدعو مشروع البيان جميع أطراف النزاع إلى استعادة العملية السياسية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) والمشاركة فيها بشكل بناء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ومستقلة.
كما يطلب البيان من مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية اتخاذ إجراءات ضد الجهات التي تعرقل العملية السياسية، ويؤكد أهمية الدور الذي تلعبه دول الجوار في ضمان الاستقرار في ليبيا.
الإصلاحات الأمنية
يشير مشروع البيان المشترك إلى الحاجة لإصلاح قطاع الأمن في ليبيا. ويقول: "ندعو إلى استعادة احتكار الدولة للاستخدام القانوني للقوة".
كما يعرب المشاركون في القمة عن دعمهم لإنشاء القوات المسلحة الليبية الموحدة وقوات الأمن الوطني والشرطة، الخاضعة للسلطات المدنية المركزية، بناء على المحادثات التي عقدت في القاهرة والوثائق ومخرجاتها.
الاقتصاد
يدعو البيان لإجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد ويقترح تشكيل لجنة خبراء اقتصاديين بشأن ليبيا، تسهيلا لإنجاز هذه العملية.
ومن المفترض في النتيجة وضع آلية من شأنها أن تعيد إعمار الاقتصاد في كافة المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني الجديدة".
المعايير الإنسانية
ويُؤكد هذا الملف على أهمية احترام المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان في ليبيا، ويدعو إلى تحسين أداء المؤسسات القضائية، ووضع حد للاعتقالات التعسفية وإطلاق سراح جميع من اعتقل بصورة غير قانونية.
كما يحث البيان السلطات الليبية على إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء تدريجيًا، مع جعل التشريعات الليبية بشأن الهجرة واللجوء تتوافق مع القانون الدولي".
وتشدد الوثيقة على ضرورة مساءلة جميع المتورطين في انتهاك أحكام القانون الدولي.
ويأتي عقد مؤتمر في غمرة اقتتال يدور رحاه في ليبيا، منذ تسعة شهورٍ، بين قوات الجنرال حفتر المتمركزة في شرق ليبيا وحكومة الوفاق ومقرها طرابلس، وأسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 280 مدنيًا وألفي مقاتل، ونزوح عشرات آلاف الأشخاص، ولم تنه الهدنة المؤقتة التي بدأ سريانها الأحد الماضي، حالة الاقتتال، إذ ما برح طرفا النزاع يتبادلان الاتهامات بانتهاكات بين الحين والآخر.
يُشار إلى أنّ خليفة حفتر كان غادر موسكو، قبل أيام، بدون التوقيع على اتفاقٍ لوقف لإطلاق نار وافقت عليه "حكومة الوفاق"، غير أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أعلن يوم أمس أن حفتر وافق على الالتزام بوقف إطلاق النار وعن استعداده للمشاركة في مؤتمر برلين.