Menu

تطويع التمرد: عن أزمة التسلّط مع الجبهة

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

بالنظر للمسار الطويل لسياسات السلطة الفلسطينية وقيادة "م. ت. ف" تجاه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، لا يمكن النظر لما يجري بوصفه أزمة جزئية أو عابرة، أو الاستسلام لتوصيفات تُسطّح الأمر باعتباره أزمة استحقاقات مالية لفصيل وطني. فما يحدث هو جزء من سياسات متقادمة حاولت وتحاول اخضاع الجبهة وغيرها من القوى وتطويعها لمصلحة من يقود الشأن السياسي الفلسطيني بهذا التفرّد والاقصائية؛ استخدمت الاعتقال السياسي وشراء الذمم والابتزاز المالي وكيل الاتهامات وغيرها من المحاولات المكشوفة لتشويه حتى صورة الخلاف السياسي وإغراقه في مستنقع الامتيازات السلطويّة.

 ولا يمكن فصل ذلك عن سلوك بات اليوم أكثر وضوحًا، يتعامل مع الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه، كمجتمعٍ متمرد تعمل هذه القوى السلطوية على اخضاعه وتأديبه، في امتداد جديد لعقيدة التنسيق الأمني التي ترى في كل فعل وموقف وطني فلسطيني سلوك متمرد. وهنا الأمر؛ أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضت وترفض الخضوع لمنطق ومقتضيات التنسيق الأمني، بل وقفت ضده وحاربته ولا زالت ترفع الصوت والفعل ضده، وما يعزّز هذه الصورة هو ذلك التزامن بين التصعيد الممنهج للهجمة الاحتلالية على الجبهة الشعبية، وهذا الإمعان في الاستهداف لها من قبل سلطات الابتزاز السياسي ومن يمثلها، وذلك إثر تصعيد الجبهة لفعلها الكفاحي والوطني في الضفة الغربية المحتلة، وما سطره رفاقها ورفيقاتها من بطولات عبرت عن إرادة جماهير الشعب الفلسطيني.

من جانب آخر، فيما يجري منذ بداية هذه الأزمة، يمكن ابصار معركة الجناح الأكثر تطرفًا في سلطويته لاستبعاد كل البنى التاريخيّة للحركة الوطنيّة الفلسطينيّة من داخل المؤسسات الوطنيّة الفلسطينيّة، عبر ممارسة الإقصاء والاستفزازات والابتزاز السياسي، وغيرها من العمليات، وذلك باتجاه واحد وواضح ومكشوف، وهو إلحاق وتتبيع كل هذه المؤسسات لمراكز التسلّط وأقطاب حقبة التنسيق الأمني ودوائره الأساسية.

أخيرًا، إن محاولة تصوير الحدث، أو تسخينه باعتباره صراع بين فصيلين، هو مخزاة حقيقية لأصحابه، فهذا صراع حقًا، لكنه بين سعي فصيل وطني لتمثيل تطلعات شعبه في المقاومة لأجل الحرية وتقرير المصير، وبين أداة سلطوية تسعى لقهر وتطويع الإرادة الوطنية لدى عموم الفلسطينيين، وفي المقدمة منهم فصائل العمل الوطني كافة وبلا استثناء.

إن استمرار هذه السياسات، يعني انحياز مدمر لمصلحة تقويض أي مقومات لوحدة شعبنا، وإصرار على تعطيل طاقات شعبنا وفرصته في مواجهة الهجمة الاحتلالية والتصفوية.