Menu

الرئاسة تهدد أطراف الأزمة: تونس وتجاذبات الحكم

تونس

خاص_ بوابة الهدف

تمر تونس بواحدة من أكثر أزمات نظامها السياسي ما بعد ثورة ٢٠١١ تعقيدا، فمع استقالة رئيس الحكومة المشتبه به بالفساد، وأزمة المطالبات باستبعاد حركة النهضة من المنظومة السياسية، وردود فعل الأخيرة، تبدو التجربة السياسية لتونس أمام أسئلة جديدة وأخرى قديمة تتعلق بالدولة والحكم وشكل العمل السياسي، وكأنها بعضها هو استعادة لأسئلة عن هوية النظام السياسي يفترض أن الثورة وما بعدها من حوار وكباش سياسي قد أنتجت اجابات لها.

تصريح المتحدث باسم حركة النهضة، عماد الخميري، إنه "لا استقرار في تونس إذا استثنت تشكيلة الحكومة المقبلة النهضة"، في مقابل الدعوات لاستبعاد النهضة من النظام السياسي واتهامها بالارهاب، تعكس إلى حد كبير محاور الجدل بين بقايا النظام السابق، وقوى الإسلام السياسي، نقاش وجدل حديه الإقصاء ودعاية فاشية محملة بأدبيات غربية ترى في معظم مكونات مجتمعها إرهاب، وتهديد واستعداد دائم للنكوص عن شروط العمل الديمقراطي والالتزام بسيادة الدولة وهيكلها، تظهره قوى الإسلام السياسي إذا ما استشعرت التهديد.

فمنذ بداية الاشتباك السياسي بين رئيس الحكومة المستقيل الياس الفخاخ وحركة النهضة، برزت قضايا وممارسات تهدد معاني العمل السياسي ومؤسسات الدولة التونسية واستقرارها.

جاءت أزمة حكومة الياس الفخاخ اثر اتهامه بخرق القانون الخاص بقضايا الفساد، فيما يتعلق بتعارض مصالحه وشركاته مع المصلحة العامة التي يمثلها منصبه كرئيس للحكومة، وفي مواجهة سعي النهضة لحجب الثقة البرلمانية عنه لجأ لإقالة وزراء الحركة من حكومته التي أصبحت حكومة تصريف أعمال بعد استقالته.

البرلمان التونسي طالته ايضا دوامة الأزمة، اذ اعتصم  نواب الحزب الدستوري الحر احتجاجا على تأخر تحديد موعد جلسة عامة برلمانية، للتصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وللمطالبة بعدم إدخال من سمتهم الكتلة بـ"ذوي شبهة إرهاب" إلى أروقة المجلس.

وكان مأمور الضابطة العدلية قد دخل إلى مقر مجلس النواب، الاثنين، لمعاينة اعتصام كتلة الدستوري الحر، حسب بيان صادر عن وزارة الداخلية التونسية.

وبحسب المصادر الاعلامية، شهدت جلسة الثلاثاء تشابكا بين نائب من حركة النهضة ونائب عن كتلة الحزب الدستوري الحر، مما أدى إلى كسر رجل أحد النائبين وخلع كتف الآخر، علما بأن جلسة الاثنين شهدت ايضا تدافعا بين نائبتين من النهضة والدستوري، مما أدى لكسر في ساق نائبة من النهضة.

موقف رئاسي وتهديد بإجراءات حازمة:

الرئيس التونسي قيس سعيد اعتبر ما يحدث تهديد لمؤسسات الدولة التونسية، وصرح الاثنين، إن تعطيل عمل مجلس نواب أمر غير مقبول بأي مقياس من المقاييس، ملوحا باتخاذ إجراءات قانونية.

ولوّح سعيد باستعمال ما يتيحه له القانون لمواجهة هذا الوضع، قائلا "الوضع لا يمكن أن يتواصل على النحو المذكور، ولدينا من الإمكانيات القانونية ما يسمح بالحفاظ على الدولة التونسية، ولن أبقى مكتوف الأيدي أمام تهاوي مؤسسات الدولة".

وأضاف أن "الوسائل القانونية المتاحة في الدستور موجودة لديّ اليوم، بل هي كالصواريخ على منصات إطلاقها، ولكن لا أريد اللجوء إليها في هذا الظرف بالذات، ولكن لن أترك الدولة التونسية بهذا الشكل".

تشكيل الحكومة.. تكهنات وتجاذب:

يعطي الدستور التونسي للرئيس مهلة ١٠ أيام لتسمية مكلف جديد بتشكيل ورئاسة الحكومة، ورغم تردد العديد من الأسماء على طاولة الترشيحات، يبدو أنه لا زال من المبكر الحديث عن حسم لشكل الحكومة المقبلة، فلا زالت هذه المعادلة تخضع لعوامل جذب مختلفة، أبرزها رغبة الرئيس في تعيين حكومة مستقرة، بجانب ضرورة حيازة هذه الحكومة على الثقة البرلمانية، و توافق الأحزاب التونسية في غمرة هذا التجاذب الحاد.

لا تخرج الأسماء المتداولة عن تلك الدائرة من رجال الأعمال والتكنوقراط المرتبط بالدوائر المالية الغربية والبنك الدولي، ويعد حكيم بن حمود من بين الأسماء المرشحة لنيل هذا التعيين، وهو  اقتصادي الذي نال درجة الدكتوراه من جامعة غرونوبل الفرنسية، وسبق لبن حمودة أن تولى وزارة في تونس لفترة قصيرة 2014 الى 2015.

أما الشخصية الثانية فهي منجي مرزوق، وهو مهندس وسياسي سبق له أن تولى مهاما وزارية وإدارية، بجانب اسم ثالث هو رجل الأعمال التونسي، فاضل عبد الكافي الذي سبق أن شغل منصب وزير المالية، كما يدور حديث عن امكانية تعيين غازي الجريبي وهو قاض وسياسي تونسي شغل عددا من المناصب الوزارية، وبعضها حساسٌ مثل وزارة الدفاع الوطني ووزارة العدل.

أي كان طبيعة المسمى القادم لرئاسة الحكومة التونسية، فمن الواضح أن البلاد تشهد مخاض سياسي جديد، في ضوء الأزمات المتعاقبة التي لا زالت تعانيها المنظومة السياسية، في ظل استمرار دوران الترشيحات والمعالجات لوضع البلاد في فلك الشخصيات الليبرالية والتكنوقراط، فيما تبدو البلاد بحاجة لحلول جذرية لمسائل الاقتصاد والسياسة والمجتمع