Menu

أنظمة سايكس -بيكو تُطبّع نفسها من بوابة عدوها: عن المطلوب

بوابة الهدف الإخبارية

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

نقطة البدء التي حددت مصير المنطقة، وفي القلب منها الوطن العربي وظهور المسألة/القضية الفلسطينية، وحكمت مصيرها ومسار المشروع الصهيوني الإمبريالي، هي اتفاقية سايكس بيكو التي قامت على ركيزتين؛ الأولى: تفتيت المنطقة وتأسيس نظام عربي تابع وخاضع للهيمنة الاستعمارية الإمبريالية؛ والثانية: تنفيذ وعد بلفور الذي صدر بعد عام من هذه الاتفاقية، وإقامة "إسرائيل" في فلسطين. وعليه، من يريد أن يقف على حقيقة تسارع خطوات التطبيع، لا يكفيه أن يقرأ نتائج اللحظة السياسية القائمة، فعليه أن يعود ليفتش في خرائط سايكس بيكو التي أسست لوعد بلفور وهزيمتي ٤٨ - ١٩٦٧، مرورًا بكامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وصولًا لصفقة القرن ومسلسل استكمال تطبيع العديد من النظم العربية لذاتها من بوابة العدو التاريخي للأمة العربية والمُجزئ لوطنها والناهب لثرواتها وخيراتها.. فالتاريخ لا يُقرأ من نتائجه فحسب، بل بمقدماته وسياقاته ومساراته.

المهم أن نعرف بأن القراءة الموضوعية للتاريخ، هدفها بالأساس حماية القضية العربية ومنها الفلسطينية (أمة وتاريخًا وحقوقًا ووجودًا وثرواتًا) من مشروع تصفية بالكامل؛ يقوده النظام الصهيوني الإمبريالي، وأحد أدواته الصهاينة العرب؛ من أنظمة وكتاب ومثقفين وإعلاميين وفنانين وغيرهم.

لقد دللت التجربة الحسية المعاشة على أن الدولة القطرية، والتي هي نتاج سايكس بيكو، مُلزمة أن تدفع ضريبة مزدوجة على مستويين؛ المستوى الأول: مادي هو حصيلة علاقة التبعية والإخضاع والنهب الإمبريالي، حيث تدفع الدولة القطرية هذه الضريبة من ثروة شعوبها؛ إما بشكل مباشر كما هو حاصل بضخ مئات مليارات الدولارات في خزينة المركز الإمبريالي، أو بدفعها في الحروب البينية والعدوان ضد دول المنطقة، كما هو حاصل في سوريا واليمن والعراق وليبيا و السودان وصولًا إلى إيران. أما المستوى الثاني: سياسي، وهذا متعدد الأوجه والأبعاد، ولكن أحد أبعاده الثابتة؛ الموقف من الصراع العربي – الصهيوني الذي بدأ فعليًا بعد أن انحسر "المشروع" القومي العربي، بعد هزيمة 1967، وخُتم على أهم فصوله بوفاة الزعيم العربي جمال عبد الناصر، وتولي "خليفته" أنور السادات مقاليد الحكم في مصر، ليصبح بعد سنوات معدودة "بطل" الحرب والسلام (المقصود حرب أكتوبر وسلام كامب ديفيد)، ليغدو اليوم الرضوخ والاستسلام لمشيئة وإملاءات الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها الحركة الصهيونية وإسرائيل سيد المشهد، وعليه لا نغالي لو قلنا أن النسبة الكبيرة من الضريبة السياسية التي يدفعها نظام سايكس بيكو العربي، هي من وعلى حساب قضية فلسطين وشعبها، كما من رصيد الأمة وثرواتها ومقدراتها ومصالحها.

السؤال الجوهري دائمًا عن ما هو المطلوب؟ والذي يعادل سؤال ما العمل؟

إن أول من يجب أن يُبادر إلى الإجابة على هذا السؤال: نحن الفلسطينيون، لأنه موجه لنا بالأساس، لناحية علاقتنا ببعدنا العربي- الذي اُختزل بالرسمي – منها، والتي أفضت في جزءٍ منها إلى إعادة إنتاج ذهنية وممارسة رسمية فلسطينية، لا تخرج عن سيرورة هذا النظام الرسمي العربي، بل تناغمت وتحالفت معه إلى أبعد حدود في نهج التسوية الذي انشق مساره في مدريد - أوسلو.. بحيث تبدأ الإجابة الصحيحة من هنا، بإعادة الاعتبار للمشروع الوطني: مشروع التحرير الذي وُجدت الحركة الوطنية الفلسطينية من أجل تحقيقه، وعدم الاستمرار في لعبة تقطيع الزمن/الفعل الفلسطيني، في الوقت الذي تُقتطع فيه الأرض كما الحاضنة الشعبية العربية منا، والذهاب مباشرة إلى حيث يجب أن نكون في صف قضيتنا وحقوقنا الوطنية الثابتة والتاريخية التي تتعرض للتصفية الفعليّة، وإلى حيث عمقنا وحاضنتنا العربية من خلال التواصل الفعَّال والمثمرمع القوى والأحزاب العربية التي لا تزال تقف مع قضيتها المركزية الفلسطينية، فهذه الحاضنة هي الجدار المنيع في وجه المشروع والمخطط الصهيوني الإمبريالي.